الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ما يحدث فى السودان حرب أهلية؟

عبير سويكت

2023 / 7 / 17
دراسات وابحاث قانونية


عبير المجمر(سويكت)

ضجت وسائل التواصل الاجتماعية السودانية بمنشورات لبعض منسوبي قحت المركزية يروجون فيها بأن رئيس البعثة الأممية بالسودان يصف الحرب الحالية فى السودان بالحرب الأهلية ، فى محاولة لتعبئة الشارع و شيطنته ضد خصمهم المتمثل فى المؤسسة العسكرية السودانية ، إلا انه من حيث المراقبة المهنية لأحداث السودان فان تصريحات رئيس البعثة الأممية لم تك على النحو الذى روجوا له، بل كان يُشير فى حديثه إلى ان الصراع في السودان "قد" يتحول إلى حرب أهلية عرقية وقبلية.

و عليه السؤال الذى يطرح نفسه لحسم الفوضى هو : ما هو تعريف الحرب الآهلية؟ و متى يمكن الحديث عن حرب أهلية بناءًا على اى معطيات و معايير و مقاييس ؟ و هل ما يحدث فى السودان حاليًا هو حرب أهلية؟.

و بعد البحث المهنى الدقيق ، و ما جمعناه من معلومات يمكن تلخيصها فى الآتي للرد على هذا السؤال الفنى :

- بدءًا حالة الاشتباك المسلح الحاصلة حاليًا فى السودان بين القوات الحكومية و الدعم السريع، داخليًا وصفتها دولة السودان رسميًا على أنها تمرد، و أعلنت على أن الدعم السريع فصيل متمرد من الجيش ضد المؤسسة العسكرية بدوافع سياسية للسيطرة و الاستيلاء على السلطة، إذ كان الدعم السريع منضوياً تحت مظلة القوات المسلحة السودانية بقيادة القائد الأعلى الفريق أول عبدالفتاح البرهان، و بعد رفض قوات الدعم السريع الاستجابة لقرار مجلس القوات المسلحة بترك السلاح أرضًا و تلبية دعوة العفو العام، تم إعلانهم رسميًا فصيل متمرد و فصل قائد الدعم السريع الأعلى محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتى و لم تعد هذه القوات تتمتع بشرعية سودانية، و بما ان الحديث داخليًا عن تمرد فصيل من الجيش ضد المؤسسة العسكرية بدوافع سياسية. عليه إذا كان هناك اعترافاً دوليًا ‎من الجهات الفاعلة بأن ما يحدث في السودان هو ‎تمرد جزء من الجيش ضد مؤسسة الجيش فى هذه الحالة كان يمكن الحديث على أنه صراع داخلي اقل محدودية.

- و لكن بما ان الموقف الدولى مختلف عن السياقات و التفسيرات الداخلية الوطنية السودانية لوصف ما تقوم به قوات الدعم السريع، و يرفض تصنيف ما يحدث بتمرد فصيل من الجيش، عليه لآبد ان نجتهد فى البحث عن مصطلحات دولية أخرى يمكن ان تقترب من الوضع الحالي و هذا لا يعنى باى حال من الأحوال صحة أجتهاداتنا البحثية، و هنا نجد نفسنا بين تفسيرين هل هل يمكن تسمية النزاع و الصراع الداخلي فى السودان بنزاع مسلح غير دولى ام نسميه حرباً؟
و يترتب ذلك على مدى تحليلنا لأشكال العنف الحالية هل يمكن ان نصفها مثلًا بالاضطرابات، بالتوترات الداخلية، بأعمال الشغب أو أعمال اللصوصية.
و بما أن الأعمال العدائية التى تقوم الاطراف المتسلحة بها تصل الى حد من الشدة، كما ان الأعمال العدائية ذات طبيعة جماعية مما اضطر الحكومة إلى استخدام القوة العسكرية ضدهم بدلاً من مجرد الاستعانة بقوات الشرطة، إضافة الى ان الجماعات المسلحة لديها قوات مسلحة منظمة. اى بمعنى أنها تخضع لهيكل قيادة معين و لديها القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية مستدامة.
علاوة على ذلك هى منظمة بشكل كافٍ وقادرة على ان تمارس بعض السيطرة على الأراضي آو على إقليم، و المسلحين قادرين على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق بهدف الاستيلاء على السلطة.

وفقًا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية ، يمكن تصنيف نزاع مسلح داخلي في بلد ما على أنه حرب عند استيفاء الشروط التالية:

‏‎1. وجود نزاع مسلح: يجب أن تكون هناك اشتباكات مسلحة بين القوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة من غير الدول. يجب أن تكون هذه الاشتباكات ذات طبيعة عسكرية وأن تتضمن استخدام بعض القوة المميتة.

‏‎2. الطبيعة المطولة للنزاع: يجب أن يكون الصراع طويل الأمد ، ولا يقتصر على أعمال الشغب أو التمرد قصير الأمد.

‏‎3. السيطرة الإقليمية من قبل الجماعات المسلحة بحيث تسيطر على جزء من الإقليم ، لتكون قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق وممارسة سلطة فعالة.

‏‎4. تنظيم الجماعات المسلحة : يجب أن تمتلك تنظيمًا كافيًا للقيام بأعمال عسكرية منسقة….الخ.

و لكن هذه معايير و مقاييس الحرب الداخلية او النزاع المسلح غير الدولى اى داخل دولة واحدة، فماذا عن الحرب الأهلية؟ و متى يمكن الحديث عن حرب أهلية؟.
و الجدير بالذكر انه ‎وفقًا للمبادئ الدولية ، لا يوجد تعريف قانوني دقيق للحرب الأهلية. ومع ذلك ، فإن المصطلحات المستخدمة من قبل المنظمات الدولية ، مثل الأمم المتحدة ، تستند بشكل عام إلى مفهوم النزاع المسلح غير الدولي.
فمن ناحية ‎قانونية ، لا توجد معايير محددة لوصف نزاع مسلح بأنه حرب أهلية، فبموجب القانون الدولي ، لا يوجد تمييز واضح بين مصطلحي "الحرب الداخلية" و "الحرب الأهلية". و مع ذلك عادة ما يعتمد توصيف النزاع على أنه حرب أهلية على تقييم الحقائق والظروف المحيطة بالنزاع. حيث يتم أخذ بعض الخصائص في الاعتبار لتحديد ما إذا كانت الحرب أهلية، و يعتمد ذلك على طبيعة الصراع وحجمه.
و بعد البحث فى الموضوع يتضح انه يمكن أعتماد بعد الخصائص منها على سبيل المثال لا الحصر :

‏‎1. نطاق النزاع: النزاعات المسلحة الداخلية يمكن ان تكون ذات شدة مختلفة ، تتراوح من مناوشات صغيرة إلى اشتباكات أكبر ، ولكنها لا تتطلب بالضرورة مشاركة واسعة من السكان أو القوات المسلحة. في المقابل ، تتميز الحرب الأهلية عادة بنزاع واسع النطاق يتضمن تعبئة أكبر للسكان والقوات المسلحة والموارد.

2-تدخل الحكومة او السكان: في النزاع المسلح الداخلي ، عادة ما تنخرط القوات المسلحة الحكومية ضد الجماعات المسلحة . في المقابل ، في الحرب الأهلية ، قد تكون هناك انقسامات داخل الحكومة نفسها ، حيث تتصارع الفصائل المتنافسة على السلطة.
و عادة فى النزاع الداخلى قد يتأثر السكان بشكل غير مباشر بالنزاع ، لكنهم ليسوا بالضرورة جزءًا من القتال. على النقيض من ذلك ، في الحرب الأهلية ، غالبًا ما ينقسم السكان وقد يكونون متورطين بشكل مباشر في النزاع أو يحملون السلاح أو يدعمون فصائل مختلفة بنشاط.

3- الأهداف : غالبًا ما تتميز الحرب الأهلية بالصراع حول مطالب عرقية أو دينية أو إقليمية أو اقتصادية أو سياسية(‎المطالبة بالحكم الذاتي أو الانفصال أو الصراع على السلطة أو الدفاع عن حقوق الفئات المهمشة…الخ).

4- الاعتراف الدولي: يمكن أن يعترف المجتمع الدولي بالحروب الأهلية على أنها صراعات بين مجموعات مختلفة داخل نفس الدولة ، في حين يمكن اعتبار النزاعات المسلحة الداخلية على أنها اشتباكات داخلية محدودة لا تتطلب بالضرورة تدخلاً دوليًا أو وساطة.

و ختامًا قد يتباين و يختلف الوصف بناءًا على خاصية النزاع و حجمه ، ‎و تقييم الحقائق والظروف المحيطة بالنزاع. إضافة لطبيعة الدولة و مكوناتها المجتمعية، و عيله يختلف تصنيفها وفقًا للتفسيرات والسياقات المختلفة .

نتابع للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج