الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طال الانتظار والحبل على الجرار !

احمد الحاج

2023 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يا من تبنون بكل شهر لكم قصرا، أتعلمون أننا لا نملك في عراقنا شبرا؟!
يا من تنهال عليكم الثروات تترا، أتدرون أن العراقيين يكدون ولا يُدفع لهم أجرا؟!
أتدرونهم أضحوا لا ماء صالح للشرب ولا كهرباء، لا دواء ناجع للمرضى ولا غذاء؟!
يا من تأكلون –القوزي- وتستحمون بـ -الجاكوزي- من أين لكم هذا؟ كيف ..ومتى ..وأنّى ..ولماذا؟ إن كنتم تعلمون فتلك مصيبة، وان كنتم لا تعلمون فالمصيبة أعظم.
في كتابه "الثوريون لا يموتون أبدا"ينقل الصحفي الفرنسي جورج مالبرينو ،عن الدكتور جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ان صديقه اللدود ياسر عرفات ،كان مناورا سياسيا من الطراز الاول حتى ان اليسار الفلسطيني كان يتداول نكتة مفادها (بأن أبا عمار وخلال رمي الجمرات في الحج همس في أذن مرافقه قائلا ينبغي أن لانرمي الشيطان بالحجارة فلربما نحتاجه في يوم ما !)، ولا شك أن بعض السياسيين باتوا ينحون هذا المنحى في تعاملهم مع بعضهم ، ففي عراق الخطوط المنحنية، والطرق الملتوية والأنفاق المسدودة فإن الشيء الوحيد الذي بات يسير بخط مستقيم هو القطار كما يهمس بعضهم، بما يكتنف ذلك المسار من عقبات وعراقيل، فلايكاد العراقيون يتبشرون بإنتهاء أزمة حتى تولد أخرى فبعد الاتفاق على الموازنة الثلاثية التي أعقبت توزيع المناصب السيادية بعد عملية شد وجذب استمرت طويلا وكان مقدرا لها أن تستمر أكثر لولا الضغوط الخارجية ، واذا بالتصريحات المتشنجة تطل برأسها بالتزامن مع أزمة الكهرباء ، وحقل الدرة الغازي ، وملف الجاسوسة الاسرائيلية المختطفة بحسب الرواية الـ " نتن ياهوية" ، وأزمة الغاز الايرانية ،وجفاف نهري دجلة والفرات ، وهدم جامع السراجي التراثي ، واندلاع العديد من النزاعات العشائرية الدامية ، بوجود تحركات نيابية لتدويل وفتح ملف "خور عبد الله "والحقول النفطية وترسيم الحدود المشتركة لمنع التجاوزات الكويتية تجاه العراق” ولم يعد مقبولا كل هذا الانجرار والدخول طرفا في خلافات لاتنتهي مع كل دول الجوار ، ولم يعد مقبولا غض الطرف عن ملفات الفساد المالي والإداري بذريعة أن المفسد الفلاني مرشح عن الكتلة العلانية وبالتالي فإن عملية مقاضاته ومحاسبته تستلزم فتح ملفات أخرى ذات صلة بجهات مناوئة له سياسيا وقوميا ومذهبيا، بل يتحتم محاسبة المفسدين بصرف النظر عن الكتل والاحزاب التي تقف وراءهم، ولم يعد مقبولا التوظيف في دوائر الدولة بالتزكيات الحزبية والمحسوبية والمنسوبية مقابل ضرب الكفاءة والنزاهة والخبرة عرض الحائط، ولم يعد مقبولا أن يسافر أعضاء مجلس النواب وأن يتغيبوا عن الجلسات تارة بذريعة نهاية الفصل التشريعي ، وأخرى بزعم الحج أو السفر للتمتع بالاجازات ،تاركين وراءهم عشرات القضايا العالقة التي تنتظر التصديق عليها لتمريرها بأغلبية الأصوات ليس اولها قانون العفو العام ولا اخرها قانون الاحزاب ، ولم يعد مقبولا انشغال الساسة بمميزاتهم ومرتباتهم وجوازاتهم الدبلوماسية لأن الشعب قد ضاق ذرعا بهذه التصرفات اللامسؤولة، والتي أقل ما يقال عنها بأنها تنتهك حقوق الناخبين ممن أوصلوهم عبر صناديق الاقتراع الى هذا المكان وما كان لهم أن يصلوا إليه لولا ذلك أبدا .
والكلام يصدق على بقية الملفات الاقتصادية والصحية والخدمية والتعليمية.. الخ.
ودعونا نوجز ولا نسهب، نختزل ولا نطنب، فخير الكلام ما قل ودل، وشر الكلام ما طال وخل ، وكلامنا موجه حصراً الى من نظموا في حب اسيادهم أشعارا، وأتخذوا من لبوس الصالحين دثارا والى من لسان حاله يصدق عليه قول قائلهم:
ذريني للغنى أسعى فإني رأيت الناس شرهم الفقير
لا تذلوا الفقراء لفقرهم، لأنهم عيال الله وأحباؤه، ولا المعتقلين بأسرهم، فلطالما ضمت السجون خلف أسوارها العالية وجدرانها المظلمة أبرياء لا ناقة لهم في الجريمة ولا جمل، وحسبنا في ذلك نبي الله يوسف الصديق (عليه السلام)، ولا تعيّروا النازحين والمهجرين بغربتهم، فحسبنا رسول الحق وحبيب الخلق محمد ﷺ، الذي فارق مكة وهجرها وهي أحب البقاع اليه، ولا الأيتام بيتمهم، فإنما هم ضحية وليسوا سببا، ضاقت بهم الأحوال، وعصفت بهم الأهوال، وأنتم لا تعلمون شيئا عن واقع الحال، وحسبنا أن نسوق طرفة فيها ما فيها من العبر والعظات، رواها الدكتور محمد صادق زلزلة ،في كتابه مجمع الأمثال البغدادية وقصصها:
تحكي قصة فتى يافع من منطقة باب الشيخ عاش مع أبيه في عوز وفاقة ردحاً طويلاً من الزمن، ثم دار الزمان وإذا الحظ يبتسم له فيصبح (يوزباشي) في الجيش العثماني، وتشاء الاقدار، أن يصبح صديقه الثري، الذي عاصره منذ نعومة اظافره جنديا تحت امرته، لطالما تمرد على الاوامر العسكرية التي يأمره بها (اليوزباشي) استكباراً عليه، فقال له ذات مرة يعيره بأبيه: اتذكر كيف مات ابوك من الجوع؟!
فرد عليه اليوزباشي بألم وباللهجة العامية البغدادية: (هو حصّل خبز وما اكل)، يضرب هذا المثل على الأغنياء الذين قصرّوا في حق الفقراء .ويضرب للغمز فيمن تولى المسؤولية والأمانة ولم يؤدها كما ينبغي لها أن تؤدى.
ومن يمعن النظر في الفوارق الطبقية الكبيرة التي باتت تمزق النسيج الاجتماعي وتقطع أوصاله، ومَن يقلب الطرف في الهوّة السحيقة التي تتسع يوما بعد آخر بين الاغنياء والفقراء ، بين السعداء والتعساء، يجد أن الإفراط والتفريط ، والإسراف والتقتير ، تأتي في مقدمة الأسباب التي تؤدي في نهاية المطاف الى اختلال الموازين الاخلاقية، وتصدع اللحمة الوطنية، وتكدس الثروات لدى القلة منهم من دون السواد الأعظم ليكتشف بأن الحل الأمثل لهذه الآفات إنما يكمن في الوسطية التي لا تأتي إلا بخير، والوسط كما تعلمون، فضيلة بين رذيلتين وختاماً نقول لا تكن يابساً أيها العراقي حاكما كنت أو محكوماً فتكسر، ولا لينا غنياً كنت أو محروماً فتعصر، وخير الناس أنفعهم للناس، كما قال خير الناس، إنها أرجوزة شعب فقير يعيش في أغنى بقاع الأرض قاطبة يتمنى أن يصل الى شاطئ الأمن والأمان قبل فوات الأوان.أودعناكم اغاتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله