الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استغاثة في علبة دواء

محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)

2023 / 7 / 17
الادب والفن


أتاني خاطبا من إحدى الدول الأوروبية ، مهندس كهربائي يعمل في شركة لتركيب السيارات ..مقطوع من شجرة ..هذا ما أخبر به وسيطه ابي ..
طويل القامة ،قمحي اللون ، النظر اليه سكينة وراحة نفس ، ، قليل الكلام رقة مع بعض الخجل اذا تكلم، وبصراحة لا يمكن ان تراه أنثى ولا تنفتح عليه وتتمناه زوجا..
لم تكن رخصته تتعدى شهرا فيها تمت الخطبة واقيم زفافنا ..
كنت جذلى يغمرني السنا وانا اتابع تنهيدات صديقاتي وبنات العائلة تتلون شرارات وجوههن بين غبطة وحسد و غير قليل من كراهية ..
كانت أمي لا تسعها ارض بحركة ولا سماء بدعاء فقد تحقق لها ماكانت تتمناه.لا يحزنها غير اني سأكون عنها بعيدة ..
كنت أتلهف شوقا الى لحظة أختلي فيها بزوجي ، أتخيل نفسي وقد تكومت بين أحضانه بكثير مما فركه خيالي وحرك رغبتي الجنسية ، وكثير مما حفظته وفي قلبي انكتم .. أكثر من صورة داعبتني ومن وضع استبد بفكري مما سمعت وقرأت ومارسته سرا مع صديقات الثانوية حيث كنا نتعرى ،نستمتع بالقبل ونستلذ احتكاك الجسد بالجسد ..
كنت أستعجل لحظات أعلن فيها عن خبراتي القليلة بفنون الحب وكيف استطيع أن أسعد رجلا
" لن تتملكه أنثى الا بمأكولات يستلذ بها بطنه وأوضاع جنسية تشده الى زوجته بوفاء "..
هكذا علمتني أمي من خلال تاريخي معها من طفولتي حتى لحظة وداعي الى الفندق الذي ضمني مع زوجي ..
انتبهي ، اياك أن يكون خجلك أقوى من رغباتك ، رجل مثل زوجك حتما يريد امراة زوبعة لا تني ولا ترتاح ، متعيه ثم متعي نفسك ...
قبل ليلة دخلتنا كان زوجي قد حجز غرفة في فندق راق ..
من ليلتي الأولى اعتذر زوجي عن النوم بجانبي لان مغصا يطويه بألم ولا يريد ان يقلق أهلي بخبر .. مددت عنقي عساني أحظى بقبلة على خدي .. لاشيء !!.. لمس صفحة خدي براحة يده ثم تمدد وظهره الى وجهي ..
غلبتني دموعي ، صور صديقات الثانوية تتبدل امام عيني .. كل واحدة منهن الآن ساهرة تتخيلني مع زوجي ..تتنهد ، تتمنى ...ليتهن مكاني !! ..
كانت قفاه شاشة لتخيلاتي ..هو قد ارتاح وغاب في نومة هادئة ، و عفاريت رغبتي ظلت تؤرقني بلارحمة حتى الصباح حيث سرقتني غفوة قصيرة ..
فتحت عيني فلم أجده ، أكتفى بطمأنتي على الهاتف طالبا مني أن اتناول أكل يومي في مطبخ الفندق ..لم يعد الا قبل منتصف الليل بقليل ، متعللا انه كان في شغل قاهر مع مسؤولين من الشركة التي يعمل بها دخلوا البلد ويجب ان ينهوا صفقة تجارية قبل رحيلنا غدا .
كنت أتحرق شوقا اليه ، أمني النفس بين دمعة وبسمة بجسدي يلامس جسده ، وهزة انتشاء أتخيلها ستكتسح ذاتي بمجرد عودته وعلي يرتمي ليفض بكارتي ويطفئ ظمئي ..
عاد ولم يكن باد عليه تعب او اثر لارهاق :
غير ملابسه ودخل الحمام .. كانت السعادة ترفعني بغبطة أتحسس أثرها في كل مناطق جسدي ، نسيت أرق ليلي وقلق يومي ، تعريت ،أعدت زينتي ،و ما أن خرج من الحمام حتى ارتمى على السرير.. كتلة من فرحة ورغبة قد ارتميت عليه ،دفعت ساقي بين فخديه وقدمت اليه شفاهي . فاجأني !!..
ـ سناء أحس تعبا قاهرا، اتوسلك دعيني انام وغدا أرضيك كما تحبين ..
غدا موعد سفرنا صباحا ..فكيف سيرضيني ومتى ؟
رغم الخيبة التي اجتاحت صدري ، مددت يدي وحاولت أن أدسها تحت ثيابه..
بقوة دعَّني بمرفقه حتى أن ثديي قد آلمني كانه قد انسحق ، ثم قام من السرير وهو يشتم ..
ـ أظن أني تزوجت بنت أصول ، قلت لك أحس تعبا وارهاقا ..
ـ وهل بنات الأصول مجردات عن رغبات الشبق ؟
اختلال فكري قد استحوذ علي ، كل ما أبدعته من آمال وما تخيلته من سعادة قد صار يتصاعد أمامي دخانا خانقا يحجب عني كل المرئيات ..
الصدمة عني قد أبعدت سكينة النفس التي أحسستها من نظرتي الأولى اليه ..
"أظن أني قد تزوجت بنت أصول " ماذا يريد أن يقول؟ والى أين سرح به الخيال وجنح اللسان ؟
الحسد الذي توهمت غيري قد تلبسه من حظي الزاهر قد تحول نحسا هو ما يلفني اللحظة كنظام يريد أن يخضعني اليه زوجي قبل أتعرف على طبعه ..
الواقع أمامي يكشر عن انياب حادة وهو اقوى من كل حلم ويتجاوزه الى شريط جديد يخامرني ، يفتق صرة عقلي برعب :
ـ غدا لن أكون هنا ، سأكون بعيدة عن وطني بساعات من الطيران ،والخجل الذي كنت أتوهمه يركب وجه زوجي هو في لحظات غضبه المتجلية أمامي أمس واليوم يصير شرارات من نار تسلطية قد توقعها يد زوجي ضربا مبرحا أو قتلا صامتا ببرودة دم إذا ما استفرد بي في بلاد الغربة ..
حياتي أمامي كومة تراب تساقطت دفعة واحدة في انهيار لم يرحم كل أمنياتي ، فرحات أمي ، سعادة أبي الذي توهم أنه بزواجي قد ازاح عنه دمالة الوجه السرمدية ..
هل زوجي رغم شواهده ومهنته وعيشته في دولة أكثر تمدنا وأرحب ثقافة وأوفر حرية يومن بتراتبية رجل /امرأة وان الشدة الموروثة من نشأته هو القالب المعتمد للمرأة ؟.. !! ..
طيلة ليلي وانا أتقلب في سريري كأنه محشو بشوك وقتاد ، اتسمع سامفونية أنفاس زوجي القوية ، نائم في هدوء نفسي يثير، لا اثر لذرة قلق على وجهه حتى أني تسللت مرتين من السرير الى الحمام دون أن يتحرك في مكانه أو ربما يحس ولا يهتم بقلقي ..
صباحا ونحن على مائدة الافطار في الفندق قال لي :
ـ ما بك سناء ؟ .. أراك قلقة !! .. ألم تنامي جيدا ؟
حملقت في وجهه ثم عنه أشحت البصر ..
ضحكة سخرية علت وجهه كانه لم يهتم بنظرتي ، بل أن شرارة نارية قد لمعت في عينيه تكسر راحتي النفسية ..
إحساس بالخوف قد تملكني ، ضاعف من صفرة أرقي الليلي ،لأول مرة أجد نفسي في لحظة سوء تكيف ، علاقة كراهة هي ما صار يغلي في أعماقي فكل قواي الحسية والعقلية تقول أني في علاقة تنافر مع هذا الرجل الذي صار زوجي وان خطرا ما يتهددني ..
صرت أنتبه وبدقة متناهية الى كل ما يصدرعنه ..حتى لمسة ابهامه لأنفه صارت لا تفوتني وهي تتكرر منه حيث بعدها يأتي بسلوك ما ..
يلزم أن أذوِّب ارهاقي ، أنسى خيبتي ، افتت كدمات رغبتي ..
أثارني أنه كان لا يتوقف عن الالتفات يمينا ويسارا كانه يترقب أحدا أو يخشى شيئا .. رن هاتفه باشارة عبارة عن ذبذبات بإشعاعات ثنائية بلونين أصفر وأزرق ،لأول مرة اراها فقد سبق أن رن هاتفه من قبل اليوم برنات عادية ..
داخلني شك قذف نوعا من التوجسس في نفسي ، انا في قبضة رجل لا كالرجال
حين ابتعد ليجيب على الهاتف أخرجت قلم كحلي الأسود وكتبت على علبة دواء صغيرة :
أحس أني في خطر ،أنقدوني ثم ارجعت العلبة الى محفظتي..
ما لفت انتباهي ان شابا بصدرية أفغانية وسروال قصير الى ركبتيه بمجرد ما ابتعد زوجي حتى صارت عيونه تمسح مكان جلوسي كانه يراقبني ..
حين ظهر زوجي عائدا ، توارى الشاب وخطا قريبا من زوجي واليه بادر بسر..
داخلني شك ، بسرعة أخرجت العلبة التي كتبت فيها عبارة خوفي من محفظتي ووضعتها بين نهدي ..
جلس زوجي في مكانه، هم بأخذ فاكهة لكن عدل عنها و مد يده الى محفظتي وفتحها .. عني لم تغب الحركة ، أدركت الآن أني في قبضة شخص يكون خطرا على حياتي ..
سألته : أتريد شيئا ؟
قال: لا ، فقط ابحث عن علبة مهدئ كانت عندك هنا ..
تعمدت أن ابتسم حتى أطرد اضطرابي وخوفي ثم قلت :
انا نفسي يشق رأسي صداع ربما تركت العلبة في غرفة الفندق ..
صمت قليلا ثم قلت له : ألا ننهض أمامنا فقط ساعة ونصف لموعد رحلتنا ..
زفر وكأنه يتخلص من هواء ملأ شدقيه وقال :
قد نبيت ليلة أخرى فقد أخبروني أن رحلة اليوم قد تم إلغاؤها ..
لم أعقب ولكني استغربت ، فكيف يتم تأخير رحلة جوية بلا سبب ؟
يزداد يقيني أن زوجي يهيء شيئا أوهو خلف أمر ما ..
الرجل ليس طبيعيا .. تشجعت وقلت :
ـ ياريت على الأقل نلحق ما فات ..
وكأنه لم يسمعني، حول راسه عني .. اعتذرت منه بالذهاب الى المراحيض بعد ان تعمدت ترك محفظتي قريبة منه ..
كنت أدرك أنه سيتبعني أو أن صاحب الصدرية الأفغانية سيكون خلفي ..
اختليت بنفسي في مرحاض نسوي وشرعت أدحر بصوت مسموع ،واخرج الريح عن طريق فمي ثم مالبث أن سمعت امرأتين تتحدثان عن أطفالهما.. خرجت بسرعة وبخفة دلفت الى مكتب كانت به شابة، رميت بالعلبة أمامها وهمست
انقديني أنا في خطر ثم خرجت بسرعة ..
كان زوجي يتكلم في الهاتف، قطع المكالمة بمجرد ظهوري أمامه ..
قال بعد أن لمعت إشارة من ساعة يده : هل ننصرف سناء ؟
حركت رأسي بإيجاب ..من تحت مائدة الفطور أخرج محفظة حاسوب محمول كبيرة وسلمها الي ، تفاجأت فسألته :
أين كانت هذه فكل حقائبنا تركناها في غرفة الفندق ؟
لمعة من شرارة نار عينيه تعاودني فتسكن ذاتي رعبا ، تخدرني :
ـ زوجتي ربما قد فقدت البصر الم أكن أحملها في يدي ، أعرف مايشغلك ..
انكتمت وانا اتسلم المحفظة..ثقيلة اقوى مما أحتمل ..
بصبر تجشمت ثقلها ..
تعمد أن نتجنب الطريق العادية للخروج من الفندق فجنح بي عبر ممرات الحديقة ..
هل يتعمد أرهاقي أم يختبر قوة تحملي وصبري ؟
قبل أن نصل الى الباب قال ورنة أمر وحزم في صوته :
اسمعيني سناء !! .. المحفظة التي في يدك لا يجب الغفلة عنها أو تركها من يدك ..ستجدين سيارة أجرة صغيرة بباب الفندق اركبي مقعدها الخلفي وأمري السائق بكلمة واحدة فقط : مرأب الرصيف .
بمجرد وصولك ستأتيك أنثى سمراء بفستان مزركش وعلى جيدها منديل أصفر، تسلمك محفظة مثل التي معك وتسلمينها محفظتك ، تعودين الى السيارة وستجدينني في انتظارك هنا ..
رعب قاتل قد تملكني ، ركبتاي تصطكان كأني نزلت قبوا ثلجيا امتد جليده الى صدري فأوشك أن يتوقف قلبي عن الوجيب ، دموعي أغزر من مطرة في غابة جبلية داهمها دفاق ، أحاول أن أفتح فمي لأتكلم فلا استطيع ..
مد زوجي يده الى عنقي وقال : لا أظنك تفكرين في التبكير بعمرك وأمامنا لازالت بكارة لم تنفتق وليالي حمراء طويلة ..
فكرت في اعلان العصيان وموتة واحدة تلزمني هي ماهددني به ، أرمي البصر كل نبتة خلتها عينا تراقبني ، مسدسا يصوب فوهته نحوي .. بصعوبة بلعت ريقي وقلت وأنا أهتز من فرق :
ـ فقط لا تؤذيني وأنفذ كل ما تأمرني به ..
تقدمت من الباب ..لأول مرة يضع يده على كتفي، يحك رأس الكتف كأنه يريد أن ينفث في ذاتي قوة يعرف جيدا أني لا أملكها ..
حاولت أن أكون ثابثة وأنا أركب سيارة الأجرة وأردد :
مرأب الرصيف من فضلك ..
أكثر من فكرة وظن وردت على خاطري والسيارة تقطع بي شوارع المدينة
ـمادمت أجلس خلف السائق لماذا لا اضربه بحذائي الى راسه فيوقف السيارة وافر منها ؟ لكن ألا تكون سيارات أخرى خلفنا فتعجل بنهايتي ؟
لو افتح الباب واقفز منها !! هل أملك قوة لذلك ؟ ربما اتدحرج تحت اقدام سيارات أخرى فأكون قد خسرت حياتي ..
الا يكون صاحب سيارة الأجرة هو نفسه من جماعة زوجي وفي فلكه يدور ؟
أحس كأني أعيش فلما من الرعب ابعد ما يكون عن إرثي الثقافي والاجتماعي ..يلزم ان اتحمل وأن أعيش التجربة ،فكل تجربة تكسبني وجودا ...
انتبهت إثر رجة حصار السيارة والسائق يتجنب راكب دراجة تعمد أن يعرج الى مرأب الرصيف متجاوزا سيارة الأجرة ..
ما أن خرجت من السيارة والمحفظة في يدي حتى انبعثت أمامي فتاة سمراء اللون من أصول افريقية تبادلني محفظة في يدها بمحفظتي ..
كانت تضحك ببسمة مغرية لا تخلو من سخرية وهي تقول بفرنسية :
أنت جميلة ياعروسة وصدرك شهي ، لو يطول بك العمر وألقاك ثانية ..
نعي قبلي يعلن عن موتي ، معناه عمري ينتهي بتسليم ما في يدي..
ما أن حاولت ركوب السيارة والمحفظة في يدي حتى صارت ساحة المرأب أشبه بثكنة عسكرية جنودها متأهبون للطلق ،وقد لحقت بها سيارات مصفحة ..
المنطقة كلها مطوقة ومن جميع الجهات ..من أين خرج العساكر وهذا الرتل من السيارات ؟ لا أدري .. كل ما أدري أن عسكريا ارتمى علي وقد انبطح على الأرض بعد أن شدني اليه وقد استولى على الحقيبة التي كانت في يدي ،ثم قام وشرع يساعدني على النهوض وقد ترك دمي آثاره على الأرض من يدي وجبهتي ، بعدها أمرني بالصعود الى إحدى السيارات المصفحة ..
لم يكن زوجي رجلا ، كان من جنس ثالث خضع لعملية بتر فاشلة ربت في نفسه حقدا وكراهية للعالم والناس فصار إرهابيا محترفا بنفس انتقامية ،يتنقل عبر الدول بأكثر من جنسية وجواز سفر يتاجر في كل شيء، اتخذني زوجة ولست الأولى كواجهة لتمرير تجارته وحقده ..كان عقلي بالخطرحساس، شعور هداني الى كتابة استغاثة على علبة وكانت فتاة المكتب هي من أنقدتني من الخطر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال