الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاغنية العربية الدارجة

زياد ملكوش
كاتب

(Ziyad Malkosh)

2023 / 7 / 18
الادب والفن


لا كلمات ولا لحن ولا أداء ما نسمعه اليوم من اغنيات وخاصة التقليد الأعمى الفاشل لأغنيات الراب بالعربية ، ولو قارناها بأغنيات الأمس لوجدنا فارقا مذهلا وهبوطا فنيا مفزعا ، فلو أخذنا أغنية ذكريات مثلا وجردناها من اللحن ثم جردناها من أداء أم كلثوم الرائع لاكتفينا بالكلام الجميل العميق ثم لو جردناها من الأداء لوجدنا لحنا ساحرا ثم ماذا عن أداء كوكب الشرق … وبعد ذلك يستنكرون الماضي الجميل .

بهذا المعنى كتب صديق اتفق معه في الكثير من الآراء منشورا قصيرا على الفيسبوك يتحدث فيه عن الفارق والهبوط الفني بين اغنيات اليوم واغنيات الامس من حيث الكلمات واللحن والاداء . وطبعا هو يقصد بالامس الستينات وما قبلها وبعدها بقليل ويسميها كما يفعل الكثيرون الماضي الجميل .

بالنسبة لذوقي في الاغنية العربية الدارجة اتفق معه في ذلك فالاغاني العربية في غالبيتها اليوم سخيفة الى ابعد الحدود ولايكاد يوجد من بينها اصحاب اصوات جيدة او مميزة ، والاداء فيها متكرر بليد والحانها هي مزيج من صخب الآلات الموسيقية ، اما الكلمات فهي بلا معنى و لا يوجد فيها سوى قافية مشتركة تربطها . قد يكون بعضها صالحا لحفل راقص صاخب لكنها بالتاكيد ليست سماعية . لا شك ان لها جمهورا واسعا والا لما انتشرت والسبب هو الاذاعات والقنوات التي تبثها والفيديو كليب المرافق والاعلانات غير المباشرة والتكرار ، كل ذلك يفسد ذوق الجمهور الذي يتجاوب معها فيقوم العاملون في هذا الحقل بعمل المزيد على شاكلتها فيتقبلها الجمهور وهكذا يستمر تفريخ مئات المغنيين والمغنيات يرددون نفس النمط ، اي ان الاعلام والاذاعات وقنوات التلفزيون ووسائل التواصل العربية تؤثر سلبيا على الجمهور الذي بفساد ذوقه يؤثر ايضا سلبا على الوسائل المذكورة التي تستمر في نشر المزيد من الاغاني الهابطة . تناسب طردي مستمر .

الاغنية الجيدة هي مزيج من كلمات جميلة ذات معنى او مضمون بدون ان تتضمن رسالة بالضرورة وبدون ان تكون شعرا مع ان بعض الشعر يصلح لذلك، اشعار نزار قباني مثلا والتي قدمت في الستينات “ ايظن “ وهي واحدة من افضل الاغاني العربية بالحان عبد الوهاب وغناء نجاة ، وغني عن الذكر ان شعرا جميلا جدا كانشودة المطر للسياب لا يصلح لاغنية جيدة بالرغم من اللحن والصوت فهذه القصيدة اجمل بكثير من الاغنية التي غنتها اميمة الخليل ذات الصوت العذب ولحنها موسيقى متمرس هو عبدالله المصري كما باءت بالفشل الذريع عندما لحنها ايضا وغناها من يسموه مطرب العرب محمد عبده . العنصر الثاني للاغنية هو اللحن الجيد والمناسب للكلمات ثم بالطبع العنصر الاهم وهو المغني واداءه ثم التوزيع واختيار الجوقة إن كان ذلك ضروريا .

قبل ان اتكلم باختصار عن الاغنية العربية الدارجة وعن اغاني “الامس” او “الزمن الجميل” اود ان اذكر انه بين طوفان الاغاني التافهة اليوم يوجد بعض الذين لديهم بعض الاغاني الجيدة وبعض الذين يحاولون تقديم شئ جديد اصيل كما ان بعض اغاني الراب او الهيب هوب / خاصة في المغرب العربي وفلسطين/ وإن كانت متأثرة بموسيقى الراب الامريكية ألا انها جيدة وتحمل طابعا شرقيا . كامثلة على القليل الجيد والمحاولات الجدية والتي حالف البعض منهم نجاحا جيدا او مقبولا مع انهم لم يصلوا الى شهرة التافهين والتافهات والذين لن اذكر اي منهم فهم كثر ، الامثلة هي للذكر لا الحصر : مارسيل خليفة وشربل روحانا ومايا شاماميان ومحمد منير / في بداياته وامال المثلوثي ورجا الزيان وشادية منصور وفرج سليمان .

لا بد من التطرق الى ( الزمن الجميل ) وهو بالنسبة للكثيرين من جيلي / وانا مسن/ هو نهاية الخمسينات والستينات اي زمن تفجر موجات القومية العربية وصعود نجم عبد الناصر وشهرة ام كلثوم الطاغية وبروز عبد الحليم حافظ وما رافق ذلك / من ناحية ادبية وفنية ظهور الشعر الحديث بثورة في الشكل وحتى في المضمون الى حد ما مع شعراء مثل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وادونيس و البياتي وصلاح عبد الصبور وانسي الحاج وغيرهم وفي الرواية اعمال نجيب محفوظ ويوسف ادريس وقيام بيروت كعاصمة للنشر وحرية التعبير وظهور مجلة الاداب ومجلة شعر ومسرح الجيب ومفاجاة فيلم المومياء لشادي عبد السلام ، بالطبع يمكن اضافة العشرات الى المذكورين في كافة المجالات او الذين اشتهروا لاسباب ليست الموهبة اهمها .الزمن الجميل بالنسبة للاغلبية خاصة المروجين لذلك من الصحفيين هو وقت عبد الناصر وام كلثوم وفاتن حمامة وغيرهم .

الصحيح بانه لا يوجد زمن جميل وزمن قبيح او سئ ، في كل زمن توجد اشياء جميلة واخرى قبيحة وآباءنا كانوا يصفون زمنهم بالجميل وابناءنا ربما سيقولون عن هذا الزمن بانه جميل . هذه ظاهرة موجودة عند كل الاجيال ومعظم الشعوب واذكر بما يقوله الغربيون منذ زمن بعيد The Good Old Times والصحيح ايضا ان ازمان الامة العربية منذ زمن طويل هي سيئة .

اغاني ((الزمن الجميل )) الشهيرة بنجومها الكبار ليس انها لم تكن جيدة فحسب بل ان القليل منها جيد ، فمثلا وعلى الرغم من صوت ام كلثوم الرائع الا ان معظم اغانيها هي على نفس النمط ومملة ، والتكرار في حفلاتها يسيء للاغنية ، اما الكلمات فهي في الغالب سخيفة ، فلو اردنا ان نكون موضوعيين فينبغي الاعتراف بذلك ويستطيع اي شخص يقرأ الكلمات بدون غناء ان يدرك ذلك . وهذا يندرج على معظم اغاني المشهورين في تلك الفترة مع وجود بعض الاستثناءات . على ان البعض الذي لم يحالفه الحظ بالشهرة لطغيان من اسموهم بالاساطين وهم كانوا اذكياء وفي الغالب وصوليون يعرفوا كيف يتعاملوا مع اصحاب القرار والصحافة فام كلثوم وعبد الوهاب غنوا للملك فاروق ثم لعبد الناصر ، ومعهم الذكي جدا عبد الحليم حافظ . البعض الجيد فعلا والذي كان بامكانه فعل المزيد لم يستطع مثل كارم محمود الذي انكفأ والاهم والافضل منه احمد منيب ، كذلك الى حد ما محمد فوزي .طبعا كان هناك اصوات اخرى جيدة منها اسمهان وليلى مراد وشادية التي بالفعل كانت اغانيها جيدة جدا مع ان توزيع بعضها لم يكن بمستوى الصوت والكلمات واللحن ولكن تنميط اغانيها ضمن ما اطلق عليه عبد الوهاب بالطقاطيق جعلها تسير مع التيار الكلثومي وكما فعل ايضا عبد الحليم الذي كانت بداياته جيدة .

ولكن في ذاك الزمن برزت الظاهرة الفنية الاجمل والاهم منذ العبقري والموسيقي الفذ سيد درويش الا وهي فيروز والاخوين رحباني ، ولا يوجد داعي للحديث عنهم فقد كُتب عنهم الكثير ويعترف الجميع بريادتهم وتفردهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل