الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنائز المغدورين

ساطع هاشم

2023 / 7 / 18
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


تعيد لي هذه الأيام بتعاستها وحروبها الهمجيه، وزلازلها واعاصيرها وارتفاع حرارتها وتلوث مناخها، وبوضوح عجيب خاصية محزنة تتصف بها طبيعتنا البشرية (كما لاحظ ذلك النفسانيون منذ مئة سنة) وهي عزلتها غير القابلة للتبدل او الاختزال، وما عليها الا أن تتحمل تعاستها وحيدة وبلا عزاء, خاصة في مثل هذا العالم المرعب الذي لا يمكن أن ينجو من الحروب, أو صراخ الهستيريا الذي ياتي في أعقابها

فعلى الرغم من علامات الحيوية السطحية، و(التضامن العالمي مع المنكوبين) والانتصار الهائل للعلم وهو يقود الإنسانية في هذا الزمان، إلا أن قوى الحياة في الواقع تتلاشى بسرعة، بينما قوى التدمير تنتشر

فالديمقراطية الليبرالية التي هي أعلى إنجاز للرأسمالية في مجال فن الحكم, توفر الحريات الفردية والانتخابات والدساتير وجميع أنواع الأشياء المصممة لإعطاء مظهر وكان الاغلبية هي التي تسيطر على حياتنا وعلى المجتمع ككل طوال الوقت, لكن في الواقع هناك طبقة ضيقة من الأفراد الأثرياء - الذين يمتلكون البنوك والأراضي والشركات الكبرى ومفاتيح الاقتصاد والسلطة– هم اصحاب القرارات الحاسمة التي تؤثر على حياتنا.

وعندما تتصاعد التوترات بين هذه القوى الرأسمالية (الديموقراطية الليبرالية) على السلطة، ومناطق النفوذ، والأسواق، لدرجة أن المنافسة العادية لم تعد كافية لتحديد من سيهيمن، تصبح الحرب هي الخيار التالي، وعندما تكون مصالحهم الحيوية على المحك، فإنهم سيخوضون الحرب، مباشرة او عبر وكلاء.
لهذا فطالما الرأسمالية موجودة، فإن الحرب أمر لا مفر منه في اية مرحلة ما مستقبلية اخرى، فبمجرد أن تنتهي حرب سيتم الاستعداد لحروب جديدة ربما اكثر اتساعا وهمجية، وهكذا دواليك

ولهذا فمنذ القرن التاسع عشر والى اليوم فان العقلاء بالعالم (الديمقراطي) يصرخون ليلا ونهارًا لايجاد حل لمشكلة الحرب والعداوات القومية وجرائم (الإمبريالية) وذلك من خلال النظر الى الخلل بالرأسمالية نفسها، وإنشاء اتحادات عمالية عالمية ديمقراطية، تفضح النفاق والدعاية الهستيرية للطبقة الرأسمالية ووسائل إعلامها الفاسدة، ومن خلال منظور اممي، فالمعركة الوحيدة ذات المغزى الحقيقي ضد الحروب تكمن في النضال من أجل تغيير المجتمع, فالناس حول العالم يبحثون عن البديل الحقيقي لهذه الانظمة الرأسمالية البالية، ولا يوجد حل وحيد وسهل طبعاً للمعارك العديدة الأخرى التي نواجهها, لذلك فاننا نرى كل يوم تعدد الأساليب وتنوع الأشخاص الذين يتحدون الاضطهاد حول العالم.

لكن المشكلة اليوم كما بالامس:
بدون حزب ثوري يطرح برنامج اشتراكي واضح مقنع ومفهوم, فان كل هذه الانتفاضات ومحاولات التغيير ستخرج عن مسارها في نهاية المطاف وتتلاشى بدون ان تغير شيئا جوهريا بالمجتمع, ويستمر الجحيم على الأرض, كما فعلت الإمبريالية على مدى تاريخها وفي جميع أنحاء الكوكب، بزعيقهم ليلا ونهارا حول (الدفاع عن الديمقراطية) ، واحترام (الحرية والسيادة الوطنية وحقوق الانسان) بينما بالواقع، فإنهم معنيون فقط في النهب والاستغلال واستعمال كل الوسائل الوحشية القذرة التي يمتلكون لتحقيق هذه الأهداف الاستعمارية المتجددة دائماً

وأظن أنه على عكس ما كان مخططاً لهذا القتال العالمي الدامي، فإن موائد الطعام التي تم اعدادها بعد تدمير السلطة السوفياتية لحفلات زفاف المنتصرين تم تقديمها الان في جنائز المغدورين، المخدوعين بالديمقراطية الليبرالية وحروبها حول العالم وهم بالملايين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة