الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيلون ومارك كالحلوى بمذاق مر

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 7 / 18
الصحافة والاعلام


يبدو أن علينا أن نكمل الجملة عن اتقاء شرور مواقع التواصل الاجتماعي وإضافة معها شرور الأثرياء التي يحكمونها في إمبراطورية إعلامية ومالية يسكنها أكثر من خمسة مليارات مستخدم، دع عنك الأموال هنا، فهي أكثر من مجرد عدّها!
عندما أدرك تريستان هاريس، المصمم السابق في شركة غوغل، أنه يريد تحذير العالم من المخاطر التي تشكلها وسائل التواصل الاجتماعي مرعوبا مما تفعله ثقافة التطبيقات بأدمغتنا، أنشأ “مركز التكنولوجيا الإنسانية”. لكن عن أي نوع من المراكز يمكن أن نتحدث في اتقاء شرور إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، وهما يعرضان طرق التحدي إلى درجة وصلت إلى المنازلة في حلبة صغيرة.
الأمر لم يبدأ من إنشاء شركة ميتا لمنصة ثريدز في انتهازية تجارية وعاطفية للاستياء العام من سلوك ماسك الغريب على تويتر، الذي تسبب في كثير من الأحيان في إفساد نظرة المستخدمين تجاهه. بل إن التوعد بالنزال سبق ذلك.
فقد تبادل الثريان الدعوة إلى المبارزة جسديا في قفص بأسلوب معارك فنون الدفاع عن النفس. ووصلت الأمور إلى الذروة عندما نشر ماسك رسالة عبّر فيها عن جاهزيته للقتال في صراع الأنا التكنولوجي.
تجدد هذا النوع من النزاع بعد إطلاق ميتا، الشركة الأم لخدمتي إنستغرام وفيسبوك، لمنصة ثريدز، بين رجلين يديران إمبراطوريتين رقميتين لا تكتفيان بربط العالم بقدر السعي إلى حكمه، رغما عن كل القوانين والحكومات والجيوش والأسلحة.
فزوكربيرغ عبر عن اعتقاده على ثريدز بالحاجة إلى تطبيق معني بالمحادثات العامة به أكثر من مليار شخص. قائلا “لقد حظي تويتر بفرصة للقيام بذلك، ولكنه لم ينجح. آمل أن ننجح نحن”. فرد ماسك متحديا “من الأفضل بدون حدود أن يهاجمك الغرباء على تويتر، بدلا من الانغماس في سعادة زائفة على إنستغرام الذي يخبئ الألم”.
حسنا، إذا كان العالم يترقب نزالا بين الرجلين، فإن ذلك سيظهر السخافة المطلقة للثروة الفاحشة، وفق تعبير زوي ويليام الكاتبة في صحيفة الغارديان البريطانية.
من الواضح أن لا أحد سيموت منهما، لكن إذا حدث النزال فموت من نوع آخر سيحدث يحكمه كسر الغرور لدى كليهما.
بالنسبة للمستخدمين لا يترقبون موت أحدهما، ففي مثل هذه النزالات تتدخل الأموال باسترخاء لتحمي المتصارعين!
مع ذلك يبقى هؤلاء المليارديرات موضع إثارة للاهتمام، وعندما أقول مثيرين للاهتمام، أعني ذلك بالطريقة التي يكون فيها الذئب مثيرا للاهتمام لأنه يندفع نحوك. هل يجب أن تتجمد أو تهرب؟ هل لديك المقدرة لربطه وتقييده؟
فنزاع من هذا النوع بين ماسك وزوكربيرغ يريدان فيه أن نتحدث عنهما، ولكن ليس عن تأثيرهما الحقيقي على العالم. يطلبان من مليارات المستخدمين إعلان المنتصر، فهذا نوع من ديمقراطية الشركات التكنولوجية التي تحكم العالم اليوم، بيد أنه من الخطر الذي يتطلب استيقاظ المجتمع المدني وتوحيد جهوده، فماسك وزوكربيرغ يعتقدان أنهما رجلان خارقان بالمال وعدد السكان الرقميين المنضوين تحت رحمة قوانين تويتر وفيسبوك، وقد اشتريا طريقهما للخروج من أي مجتمع متوازن يخبرهما أنهما ليسا كذلك.
لا يمكن أن نتوقع الكثير من ثريدز، لأنها في النهاية لا أكثر من رقم يضاف للمنصات المتعددة، صحيح أن هناك ما يشبه الاتفاق على أنه لا يمكن لأي شبكة جديدة أن تنجح بمجرد نسخ ما قبلها. لكن هذه المنصة الجديدة هي في حقيقة الأمر تكشف عن الصراع بين ثريين لا يكفان عن التحكم بمصائر العالم، في صراع سخيف.
كان مارك زوكربيرغ قد باع من قبل معلوماتنا الشخصية على فيسبوك، واليوم يعاملنا إيلون ماسك في تويتر وكأننا مجرد مؤجري غرفة صغيرة ملحقة بمطبخه المالي! إنهما، إيلون ومارك، كالحلوى التي تترك طعما مرا في اللسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس