الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم وجدي

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)

2023 / 7 / 18
سيرة ذاتية


18 - 7 - 1945
تاريخ ميلاد أبي . هذا الرجل الذي حاز من التعليم أبسطه، ولكنه لم يقنع ببسيط الفهم كذلك
فقد أعمل ذهنه وقلبه ليفهم كل ما يجري حوله بعقلٍ واعٍ وقلبٍ لم يتلوث بشر الدافع.

كان أبي - يصحو ليقول : صباح الخير يا رب . وقد كان هذا محل استغراب واستهجان واستنكار من حوله.
فكيف يحيي العبد الذليل الرب العالي المتعالي؟ وكيف يفعل هذا ولا مسوغ له في عقيدته الإسلامية التي وُلِد وتربى وشب وشاب فيها ؟

كان في محله الصغير القاطن بحارة محمد سراج من شارع سعد الدين بمدينتي الصغيرة " وقتها " طنطا مهاباً، ولكنه كان عطوفاً.
حتى أن من سُمُوا وقتها ب"أطفال الكُلَة" كانوا إذا سألوه " صدقة " أمرهم بالجلوس وجهز لكل واحد منهم " ساندوتش " وأطعمهم
ثم يصرفهم زاجراً برفق في مزيج لا يخرج إلا من " عم وجدي " : ( اشتغل ياض انت وهو وبطلوا الكُلَة دي ) .

في عام 96، وقبل شهور من اعتقالي في قضية أمن الدولة العليا التي تم توجيهها لي ( لأكون ثاني اثنين إذ هما في السجن - أنا والشيخ حسن شحاتة )
حضر أحد أعضاء حزب العمل " الشيخ سيد دويك " ليناظرني في محل والدي ليبيح دمي بعدها
وكانت أول كلمة منه : " انت تعرف ايه عقوبة المرتد ؟ "، ولكنه عدل كلامه بعدما لمح أبي يرسل إليه نظراته النارية وبيده سكينه متوعداً إن مس ابنه بسوء.

كنت كلما تركت طنطا، وعشت في القاهرة يذهب ليوصلني إلى موقف السيارات، وبجيب " السيالة " سكين كبير ليؤمنني ممن ينوي الاقتراب مني، وكنت أتنقل من سكن إلى سكن ومن مكان إلى مكانٍ
ولم يتوان يوماً عن البحث عني مستدلاً بكلمة من هذا، أو معلومةً من ذاك حتى ينجح في الوصول إلي، ومعه خزين الشهر من كل ما يحتاجه البيت
ويضع في يدي ما يساعدني على الحياة بتلك القروش التي كنت أحصل عليها من بسيط الأعمال التي أشغلها، أو من مساعدات خدام الرب " الضخمة " ( كانت وقتها ثلاثين جنيهاً شهرياً ) .

لما أرقده المرض العضال طلب مني الحضور إلى طنطا لمساعدته، ووقتها كان الأمن يركز مع كل من اختار أن يكون في معية ابن الله، وتبع طريقه. فوجدتها فرصة ومبرراً لترك القاهرة، فاشترط علي أن لا أفتح فاي بالكلام عن معتقدي، وأن أنكر إيماني أمام الناس. فوافقته على جزئية أن لا أتكلم. أما الإنكار فلم أطاوعه فيه، وصرنا صديقين.

كانت الفترة من 2005 إلى 2008 أجمل فترة في حياتي. فقد اكتشفت " وجدي " جديداً.

اكتشفت الصديق الذي لم يفرط يوماً في صداقة صاحبه. كان يصون سري ويجبر كسري وكان ظله بالنسبة لي سنداً، واسمه مهاباً بين الجميع، ولم أعلم ما تعني الكسرة إلا بعد موته.

ساعة احتضاره كنت أبكي . فقال :

" يا صاحبي لا يجب أن يبكي أمثالنا . بل تجلد للشامتين وتقو لتكمل دورك ضاحكاً على مسرح الحياة " .

سلاماً لروحك يا أبي وصديقي .

سلاماً لوجدي ولتغمرك رحمة الله كما رحمتَ فإنه لا يبيت مديناً لأحد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -