الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث مع ناصرى كبير ..

أحمد فاروق عباس

2023 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


دخلت على واحد من كبار الناصريين ..
فى مدخل المكان صورة كبيرة لجمال عبد الناصر واقفا بشموخ ، وابتسامة جميلة تملأ شفتيه ، وفى مكتبته صفوف من الكتب لقادة الفكر الناصرى مثل محمد حسنين هيكل ومحمد عودة وغيرهم ..
وكتب أخرى من إصدارات مكتبة الأسرة مثل موسوعة قصة الحضارة ، وكتاب دراما الحب والثورة لعبد الله الطوخى ( والد الفنانة صفاء الطوخى وزوج الكاتبة فتحية العسال ) ومجموعة قديمة من أعداد مجلة الهلال القاهرية والعربى الكويتية ..
جلست أمامه ..
كان أمامه على الجانب الأيمن جهاز تلفزيون ، لمحت على الشاشة المذيع محمد ناصر فى قناة مكملين ..
وهى قناة إخوانية ، تم فتحها لهم من سنوات طويلة ، وكانت تبث أولا من تركيا ، كجزء من نصيب الأتراك في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وهو مشروع أمريكى شديد الجموح ، مؤداه خلق شرق أوسط اسلامى تقوده تركيا بإرث الخلافة العثمانية ، وتأخذه إلى تناقض ثم صراع ثم صدام مع روسيا والصين ..
ومع ظهور علامات لفشل ذلك المشروع المجنون تململت تركيا نسبيا ، ومن هنا أختار رعاة المشروع نقل الجهد الاعلامى والدعائي من الوكلاء الإقليمين تركيا وقطر إلى أحد الأطراف الأصيلة في المشروع .. بريطانيا .
قلت للرجل الناصرى الكبير وأصبعى يشير إلى الشاشة أمامه ومن يتحدث فيها :
هل يمكن لناصرى كبير أن يستمع إلى هذا المهرج ؟!
فقال :
إن كثير من كلامه صحيح ، وأنه يأتى بوثائق تدل على صحة كلامه ، وقد تأكدت من قيادات كبار فى الحزب - الناصرى - من صحة هذه الوثائق !!
( واستغربت أن يكون دليل صحة ما يقال أنها وثائق تذيعها قنوات الإخوان قادة فى الحزب الناصرى )
ثم استدرك قائلا :
تذكر أن الناصرية والإخوان كشريطى السكة الحديد .. من المستحيل أن يلتقيان ..
فقلت له :
فماذا إذن ؟!
ان التاريخ القريب شاهد على أن شريطى السكة التقيا وتقاربا مرات عديدة ، قبل ثورة يناير وبعدها ، لدرجة أن مرشحى حزب الكرامة - الناصرى - نزلوا على قوائم حزب الحرية والعدالة - الاخوانى - فى إنتخابات البرلمان عام ٢٠١٢ ونجح بعضهم ودخلوا البرلمان على أجنحة الإخوان ..
ولما ذكرته بموقف عبد الناصر من الإخوان وطبيعة دورهم طول عمرهم في السياسة المصرية .. قال لى :
إن الإخوان زمان غير الإخوان الآن !!
ولما بان علىَّ عدم الفهم وطلبت منه التوضيح قال :
نعم الاخوان الآن غير الإخوان قديما ..
وهنا تدخل بعض الجالسين في الحديث فسكت..
وبعد فترة أعدت عليه نفس السؤال :
فى أى شئ يختلف الإخوان الآن عن الإخوان زمان .. أيام جمال عبد الناصر ؟!
ولم يجب ، ولكنه قال إنه يستمع الى الرأى والرأي الآخر ..
فقلت له أن التاريخ يعيد نفسه ، فبريطانيا وأمريكا أطلقت حوالى عشر إذاعات في الخمسينات والستينات ضد جمال عبد الناصر .. وعندما كان العصر هو عصر الإذاعات الموجهة ، ومنها إذاعة مصر الحرة التى كان يشرف عليها الصحفى أحمد أبو الفتح .. ففى ماذا اختلف الأمر إذن ؟!
نفس القوى الاستعمارية القديمة تستخدم رجالها ، وتفتح لهم وسائل الدعاية والتأثير ..
فقال لي .. أليس الإخوان مصريين ؟!
قلت .. نعم هم مصريون ، ولكنهم اختاروا الخروج عن الجماعة الوطنية ، بعد كل مارسوه من إرهاب وعنف بحق المصريين ، ثم مع ما فعلوه بوضع أنفسهم تحت خدمة قوى أجنبية .. تركيا مرة ، وقطر مرة ، وأمريكا وبريطانيا دائما !!
وإلا لماذا تستضيفهم تلك الدول وتنفق عليهم ، ولماذا تفتح لهم القنوات الفضائية ، التى تستمع إلى واحدة منها الآن ومعجب بحديث أحد مذيعيها ؟!
لماذا الضغط على الحكم في مصر بكل الوسائل لإعادة دمج الإخوان فى الحياة السياسية مرة أخرى ؟!
مقابل ماذا كل ذلك ؟!
ثم أخذ الموضوع إلى ناحية أخرى ظنا منه انها كفيلة بإسكاتى، فوجه إلىَّ مجموعة من الأسئلة المتدافعة كطلقات المدافع :
- هل يرضيك ما يحدث حاليا من غلاء فاحش في الأسعار ؟!
- هل يرضيك إن كيلو البصل وصل إلى ٣٠ جنيه ؟!
يبدو أننا قريبا سنطلب من ربات البيوت أن تطبخ بالتفاح - يقصد التفاح البلدى - لأنه أصبح أرخص من البصل ؟!
- هل يرضيك ما يحدث في الساحل الشمالي ؟!
إن زجاجة المياه هناك وصلت ٢٠٠ جنيه ؟!
هل يرضيك ......
فقلت له بهدوء ..
لا .. لا يرضينى أى شئ من كل ذلك ، وأنا اعانى منه كما يعانى الجميع ..
والأزمات المالية المتتابعة تمسك بخناقى مثلما تمسك بخناق أغلب المصريين ، والغلاء أصبح مشكلة الجميع ، وهناك - مثلا - قائمة بالإصلاحات المطلوبة لسيارتى الخاصة تنتظر الفرج حتى تجد ما يلبيها ..
ولكن ما علاقة كل ذلك بالإعجاب الناصرى - أو بعض الفصائل الناصرية - بالإخوان وقنواتهم ؟!
هل التقارب القديم على وشك أن يتجدد ؟!
هل سيعود شريطى السكة الحديد المتوازيان إلى الالتقاء مرة أخرى ، وضد قوانين الطبيعة ؟!
لم يجب .. ولم أجد مبررا لاستكمال الحوار ..
وفكرت في أن القوى السياسية فى مصر لم تتعلم - ويبدو أنها لن تتعلم - شيئا ..
وأنها على وشك أن تكرر أخطائها للمرة المائة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟