الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


*من تجربتي الإعلامية و الأدبية الشخصية: -شِراك-، وطني، -العراق- .. قلبي يحترق و أنا أنظر هناك !

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2023 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


كتب: لخضر خلفاوي*
****

-شدّدت نِعال المنفى ب - شِراك- .. ما أفظع قوارع الظروف لمّا تجعلك تُشرِكُ -بوطنك - جسدا، أنتَ تراهُ في كل تفاصيل الفقد، في شوارع المنافي القسرية و في تفاصيل غيمها ، و بردها و في وجوه البؤساء و المغمورين بالأمل فتسأل نفسك في لحظة ضياع و يأس -ما إن كان الوطن- أمٌّ تذكَّرت بأنوثة العواطف كلها ، وطنٌ هو شاعرٌ ببؤسك -المجْبون- و النّواصي ليس لها جبين .. و لكنه وطنٌ مازال يُحِبُّكَ .. و إن كان مُحرّم عليك رؤيته فهو فيكَ على دوام الحرمان و من -فيكَ- يراك !..
-عندما جئتهم بغتة و دون سابق إشعار تسوقني أسمالي المتفلّقة المشقوقة، المفلوقة بسبب مسالك الحدود التونسية الجزائرية الوعرة الشّائكة أثناء هروبي من انتعاش الفتن لمّا اسودّت الحياة و العيشة باتجاه أرض الوحشة طمعا في ملكِ عادل لا يُظلمُ عنده وغدُ ثائر مثلي ! هربتُ خلسة دون تصريح ذات ليلة خوفا على حياة حرّيتي من خطر محدق كان يترصّدني بألف وجه و وجه .. ليست الحفلات الماجنة التّنكّرية لدى المجتمعات الإفرنجية وحدها التي تحترف وضع الأقنعة، فعندنا في الجزائر إبّانَ تلك الألفية الغابرة الرُعب و الترهيب المتمتّع بأوجهه المتعددة اللامعلومة و له رقصاته المُنكّرة و المنكّلة .. لقد نكّرت لي عصابة ذلك الزّمان عرشي الخاص الذي حرّضني وجوده لأمشي مرفوع الرأس ، فكلمة ( جزائري ) قبل كل الانقلابات المبيتة كانت تعني للعالمين من الشرق و الغرب ( بطولي ، ملحمي ، جنس فحل ذكرٌ، ذكّار، لا يتكرر، كرّار … )… عرشي كان ( حضن وطني ) .. إرث أجدادي و مسرح استشهاد أبناء عمومتي ، و استشهاد عمّي الذي أحمل أوزار اسمه ! سامحني -بالمناسبة- يا عمّي إن طلبتُ اللجوء من حفيدة اليد التي رمتك بالرصاص في حقل القمح العائلي ! سامح جبني و سامحهم ، فقد خلف من بعدكم خلف اعتقدوا أنّ دمكم المراق دم كذب!.. و -يعقوبُنا- يا رفيق الشهداء مات قبل أن يعيدوا إليه القميص حتى يرتدّ بصيراً و يكتشف ماذا فعلوا بالاستقلال ( السّاطون على الثورة و الثروة هم الذين ضاقوا بنا ذرعا و طردونا بشتى أنواع التغريب و التهجير ، حيث كانت عقولنا لا تحتمل لا أقفاص و لا زناد كلّ مهين قنّاص .. يكفي أذهاننا احتراف قنص الفكرة التي تبدأ باغتيالنا نحن أوّلاً لحظة ولادتها قبل أن يتلقفها قرّاء الحرّية )!
-مذُ البدايات الأولى من عمر شتات الروح و الجسد كلٌّ في وطن مختلف .. حاولت رغم كل شيء أن أصنع شيئا ينتصر للكلمة الحرة ، كنتُ لم أسأل نفسي أو تجاهلت في لاوعيي هذا السؤال الوجيه :( هل يمكن للمهزومين مثلي أن ينتصروا لغيرهم !؟) و مع ذلك كررت المحاولة .. محاول، معاند شرس مثلي يريد أن ينتصر للممنوعين من بلدي و من قارّتي السمراء فأسست رفقة رفقاء الدّرب من مختلف الآفاق ( منظمة صحفية دولية JAFE) غرضها الأساس الدّفاع عن مصلحة و هوية الوافدين من الصحفيين الأفارقة إلى أرض المنفى هنا بباريس .. و كنت سكريتيرها العام ؛ بحيث كنت أناضل لقضية الإعلاميين من القارة المظلومة و أتواصل مع الإدارة و المؤسسات الرسمية للبلد المُضيف لللاجئين من الصحفيين لتسهيل وضعيتهم الاجتماعية و أوّلها ضرورة تسريع منحهم وثائق الإقامة كي يستطيعوا إيجاد حرف و وظائف، أيّ وظيفة تغنيهم من الحاجة في المنفى بعيدا عن أهاليهم و أوطانهم.
كان وقتها جاك شِراك Jacques Chirac/1932/2019 "(1932/2019). رئيسا للجمهورية الفرنسية ".
-يُعتبر جاك شراك من أبرز و أشهر رؤساء الجمهورية الخامسة ينتمي إلى حزب RPR اليمين ، التيار الوارث للفكر الدوغولي..
-كانت مواقفه في آخر الألفية الفارطة مربكة في خصوص الهجرة و الأجانب ، بل حدث و أن قام بتصريحات منزلقة أثارت الكثير من الحبر و الجدل إذ بدت بعض التصريحات جد عنصرية و تقزيمية و تشويهية للمهاجرين الأفارقة ككل . كجملة ( الضجيج و الصخب و الرّائحة الكريهة )/ أو وصفه الأجانب ب (overdose ) أي جرعة زائدة في المشهد الفرنسي …
-مع مرّ الوقت بدأ الرئيس " شراك" ينضج اكثر فاكثر و يتراجع عن مواقف كانت تلصق بجلده تهمة العنصرية المقيتة … و بدأ يكسب قلوب الأغلبية لما واجه زعيم اليمين المتطرف ( Le Pen) في الدور الثاني الحاسم من رئاسيات 2002 و أحدث -إجبارا - حسب السياق الانتخابي وقتها وفاقا وطنيا لقطع الطريق أمام زحف المتطرفين من ذلك الحزب الأكثر عنصرية و عداءًا تاريخيا و إلى يومنا هذا ضد العرب و المسلمين و الأفارقة .
-كانت تلك الانتخابات مفصلية بالنسبة لمسيرة الرئيس جاك شِراك السياسية الذي فهم الدّرس أنه لا خيار له عد العمل على نبذ العنصرية في فرنسا و إبداء مواقف تاريخية توافقية إجماعية شريفة. تزامن فوزه في العهدة الثانية له كرئيس لفرنسا مع أزمة حرب الخليج و تكالب الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة ( جورج بوش الإبن) بنيّة غزو العراق مجددا و جلب الحلفاء معه لفرض الحرب على العراقيين و غزوهم و تدمير البلد بحجة ( القضاء على أسلحة الدمار الشامل و قلب الحكم و حماية المنطقة من كل تهديد للجيش و النظام العراقي برئاسة صدام حسين)..
-فاجأ الرئيس الفرنسي العالم و على رأسهم الولايات المتحدة برفض فرنسا المشاركة في الحرب ضد العراق و اعتبرها حربا غير مبررة و غير أخلاقية و أبدى تفضيله للطرق الديبلوماسية .. هذا الموقف التاريخي أغضب كثيرا الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا التي لم تتوقع هكذا موقف داع للسلام و مندد بتسرّع (بوش) في نيته لتدمير العراق بحجج لم تقنع الكثير من الدول و المراقبين الدوليين .. لكن ( أمريكا ) بقيادة بوش ركبت رأسها و حلفائها و نفّذت أجندتها لفرض أهوال الحرب بعد حرب الحصار لزعزعة العراق و المنطقة . و كان خطاب فرنسا في منبر الأمم المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنذاك Dominique de Villepin "دومينيك دوفيلبان"خطابا تاريخيا أحرج أمريكا و كل من حالفها .
و لم تغفر أمريكا فعلة و موقف شِرَاك التاريخي إزاء هذه الحرب ، فحاولت عزل و تشويه فرنسا إعلاميا و اقتصاديا و كل ما هو فرنسيا كضريبة و كعقاب اصطفافها مع دعاة السلام في العراق و منطقة الخليج .
**
كانت اتصالاتي كسكرتير عام للمنظمة التي أسسناها للدفاع عن الصحفيين الأفارقة و غيرهم من المشرق بوزارات ( داخلية ، خارجية ، و كل الإدارات الرسمية الفرنسية ) لتسهيل اندماج زملاءنا الذين هربوا من بلدان غير مستقرة أو يعانون الأمرّين في مجال ممارساتهم لمهام الصحافة . و عليه نشأت بيني و بين هكذا جهات رسمية علاقة ودية و احترام فنتبادل -من باب اللباقات و التعاملات - التهاني و التمنيات في المناسبات التي تقتضي هكذا لَفْتَات و مبادرات.
-الرسالة أو التهنئة الخاصة المرفقة هنا هي رسالة للمثل لا للحصر أرسلها إلي الرئيس " جاكْ شِراك " في مستهل الألفية الجديدة هذه. و هو أيضا صاحب المقولة الشهيرة :( بيتنا يحترق و نحن ننظر في الاتجاه المُعاكس!)…
‏Notre maison brûle et nous regardons ailleurs

و ذلك خلال خطابه لافتتاح الجمعية العامة لمؤتمر قمة الأرض الرابع في 2 سبتمبر 2002 في
جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا.
**
(إلى السّيد لخضر خلفاوي
‏Lakhdar KHELFAOUI
-الأمين العام للصحفيين الأفارقة في المنفى .
‏51 rue de Mouzaïa-75019 Paris


لقد تلقيّت بشكل مُلفت و خاص أمنياتكم الودية وأشكركم على ذلك. و عليه أُقدم أنا بدوري التمنيات الحارّة و الخالصة لكم و لكل قريب عزيز عليكم بمناسبة هذه السنة الجديدة التي أتمنّاها فاتحة خير من بداية الألفية الجديدة ؛ و عساها أن تكون مجلبة لأفراحكم و سعادتكم و كل ما تتمنوه و تتطلعون إليه.
مع أطيب التحيات .
*"جاك شيراك"
رئيس الجمهورية 🇫🇷 .)
——
*)صورة ( المنحوتة الفنية) على بطاقة المعايدة الرّسمية:
-(نحت هضبة دوغون *Dogonالقرن الرابع عشر).*/سيّد و أستاذ الأمومة الحمراء" - 🇲🇱 مالي .
-قصر الإليزي ( الرئاسة الفرنسية ) 2001.
***

-*ماتت " منظمتنا للأسف بسنوات قبل أن يموت الرئيس جاك شِراك عام 2019.. و تبعثرت ارهاصات و أماني و أحلام و مشاريع الكثير من الصحفيين الأفارقة و العرب الذين وفدوا بعد تلك الحقبة و الذين جاءوا قبلهم في عهدنا و ما بدّلنا تبديلا ! بقيت ظروف الاستقبال للمثقفين و الإعلاميين و الإنسان ككل تؤول من سوء إلى أسوأ كما هو الحال في قارّتنا و لم تكن تلك التحولات إلا أنكى من سابقاتها! و نعيدُ نفس الأسئلة الموجعة ككلّ مرة و التي تتكرر في حيواتنا:"لماذا دائما الجدّ يلقى بالنهاية مصير الإفلاس التام و لماذا الأشياء العابثة تزدهر أكثر فأكثر !."
—-
باريس الكبرى جنوبا
جويلية 2023
*من أجندتي و مفكرتي الإلكترونية .
—-*) كاتب، مترجم، مفكّر، تشكيلي، مصوّر فوتوغرافي و إعلامي مدير تحرير -نشر صحيفة ( الفيصل)-باريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و