الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاهلية ودولة الاحتلال العميقة

عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)

2023 / 7 / 21
القضية الفلسطينية


دولة لا يوجد ما يشبهها في العالم على الإطلاق فهي الوحيدة في العالم التي تخلط بين الدين والقومية حد التماهي بالمطلق ولكنها في نفس الوقت لم تبنى أبدا على أكتاف المتدينين بل على أكتاف العلمانيين واليساريين ولكونها ومنذ نشأتها تعيش في حالة حرب متواصلة مع كل المحيط فان الجيش والأجهزة الأمنية هي الجهة الأكثر قوة وانضباطا في تركيبة هذه الدولة منذ نشأتها وحتى اللحظة ولا يبدو أن هناك أي احتمال لتغيير الوضع الى حال آخر على الإطلاق في المدى المنظور لسبب بسيط وهو ان المتدينين لا يخدمون في الجيش او يخدمون بشروطهم وبوحدات خاصة لا يوجد بها اختلاط بين الرجال والنساء وهي المعروفة بوحدة الناحل ومن جانب آخر فان الغالبية العظمى من هؤلاء لا يؤمنون بدولة إسرائيل ويرون ان قيامها لم يأت في الوقت الصحيح وهم لا يخضعون لها على الإطلاق ولا يتلقون أوامرهم إلا من القيادات الدينية فقط .
الحالة الفريدة التي نشأت على اثر الانتخابات الاخيرة وتمكن احزاب الحريديم من السيطرة على مقاليد الحكم عبر استخدام حزب الليكود وزعيمه وإخضاعهم لمصلحة تلك الأحزاب وبالتالي لمصلحة جمهور ناخبيهم من المتدينين خلقت حالة من التعارض بين العلمانيين الذين يرون بالمتدينين عالة عليهم لا أكثر ولا اقل وأنهم لا فائدة من وجودهم على الإطلاق كما ان المتدينين يرون في العلمانيين كفرة مجبرون على خدمتهم رغما عنهم.
وجود المتدينين المتطرفين في حكومة هم الجهة الأقوى فيها يدفعهم لمحاولة تغيير الية الحكم للإبقاء على مقاليد الدولة في يدهم عبر ما يسمى بالإصلاح القضائي وهم بهذا يحاولون تحييد العلمانيين ليس الآن وإنما في المستقبل عبر القضاء على أركان الدولة العميقة العلمانية الغربية وهو ما يقلق العلمانيين ويجعلهم ينتفضون ضد مخططات المتدينين المتطرفين لكن ذلك لن يصل حد الاقتتال الحقيقي أو الحرب الاهلية كما ينظر بعض العرب والفلسطينيين حالمين بالتخلص من دولة الاحتلال دون ان تنقط منهم نقطة عرق واحدة لا نقطة دم واحدة.
تقوم دولة الاحتلال على ثلاث قوائم أو زوايا لمثلث وجودها الزاوية الأولى هي الدين الذي قبل به العلمانيون كمظلة قومية وهو بالتالي مبرر وجود المؤسسة الدينية في مكانة مهمة يحتاجها العلماني قبل المتدين والزاوية الثانية هي العمل الذي يمثله العلمانيون وهو أساس قيام دولة الاحتلال وعلى عاتقهم تقع مسئولية الحرب والبناء والتطور في ان معا وهم ما يحتاجه المتدينون للتكسب ومواصلة حياتهم الدينية دون جهد منهم أما الزاوية الثالثة في القوة المؤمنة بهم حد الالتصاق وهي الولايات المتحدة وتحديدا قوام الدولة الأقوى والمؤمن بيهودية دولة الاحتلال لسببين الأول استعماري يعتمد على الدولة اليهودية لتنفيذ أهدافه في الشرق الأوسط وعديد الأماكن الأخرى والثاني ديني تمثله المسيحية الصهيونية وهي الأقوى في الولايات المتحدة إذ تشكل حوالي نصف السكان وينتمي لها الحزبين الأكبر وما قاله بايدن في زيارته لدولة الاحتلال دليل واضح على ذلك حين قال " الان فهمت ما معنى ان تكون صهيونيا دون ان تكون يهوديا " والى ذلك ينضم العديد من دول العالم وبكل المستويات وهو ما يبرر هذا الدعم اللا متناهي من الدول العظمى جميعا لدولة الاحتلال.
هذه الأسباب جميعها الى جانب ان القوة على الأرض بأيدي العلمانيين وحلفائهم في الغرب ستمنح المتطرفين فرصة القيام بما يرغب به العلمانيون ولا يستطيعون تنفيذه وهو التخلص من الشعب الفلسطيني وقضيته بتهويد كل الأرض الفلسطينية وضم ما تبقى من أراضي في الضفة الغربية ومنح المعازل المتبقية سلطات محلية ذاتية منفصلة وهذا لا يمكن تنفيذه إلا عبر امثال المتطرفين بن غفير وسموتريتش برضوخ من الليكود ونتنياهو بمعنى ان ما يسمى باليسار الصهيوني يرغب بوجود هؤلاء لتنفيذ أحلامه دون ان يلطخ نفسه بمثل هذه الخطوات وهو بالتالي لن يستطيع التراجع عنها كحقائق على الأرض وهو ما يبرر عدم أقدام حكومة نتنياهو حتى الان من تنفيذ الإصلاحات القضائية والتي سيتراجع عنها قطعا تحت وطأة الضغوط الداخلية والخارجية لكنه سيكون قد أنجز عديد الانجازات على الارض في مواضيع التهويد والمقدسات والمعازل عبر استخدام أدوات فلسطينية وعربية لذلك منتظرا لحظة الفوضى الداخلية القادمة في حال الشغور السياسي بعد غياب الرئيس عباس اذا لم يتم تسوية الأوضاع الفلسطينية داخليا بما يضمن الانتقال السلمي للسلطة وإلا فان الرئيس محمود عباس أطال الله في عمره سيكون آخر رئيس فلسطيني على الإطلاق.
ان على الفلسطينيين ان يتوقفوا عن الانشغال بحال دولة الاحتلال وحربها الاهلية المنتظرة والالتفات الى حيث لا تريد لهم دولة الاحتلال الالتفات وهي إعادة ترتيب بيتهم بمنع الحرب الاهلية لدينا لا لديهم وإذا لم نفعل نكون كمن يقع في حفرته وهو ينظر لحفرة غيره رافضا الإقرار ان في دربه العديد من الحفر وان الوقوع سيكون من نصيب أعدائه فقط ولذا فان علينا ان ننظر جيدا أمام أقدامنا خشية الحفر لمزروعة في طريقنا لا ان ننظر حيث يريد لنا أعداءنا ان نفعل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك