الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


٢٨١ حزباً سياسياً في العراق ! ما شاء الله !

محمد حمد

2023 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لم اسمع لحد هذه اللحظة أن مسؤولي موسوعة غينيس للارفام القياسية انتبهوا لهذه الظاهرة التي لا مثيل لها. ولا أظن أن المستقبل سيأتينا بمثلها. وأقصد ظاهرة نشوء وظهور الأحزاب السياسية بابسط ما يكون ! ففي العراق المُصاب بالتخمة الديمقراطية، من السهل جدا على المرء أن يؤسّس حزبا سياسيا على أن يفتح دكانا لبيع الخضروات في شارع فرعي !
واستنادا إلى التصريحات الأخيرة للمفوضية العليا للانتخابات "المستقلة جدا" فإن عدد الأحزاب المسجلة لديها، والتي ستخوض إنتخابات مجالس المحافظات المقبلة، بلغ 281 حزبا. ويقولون ان "ابوابنا ما زالت مفتوحة" لتسجيل احزاب جديدة. اللهم زِد وبارك !
ان من يلقي نظرة على تركيبة ومضامين وشخصيات هذه الاحزاب سيجد فرقا وحيدا او قاسما مشتركا بينها. الا وهو الرغبة والاصرار الشرس والحماس المنقطع النظير لنهب وسرفة المزيد والمزيد من المال العام. وباية وسيلة ممكنة وغير ممكنة. والسعي المحموم للإثراء مهما كلف الامر. لا تهم الاسماء المطروحة. ولا تهم الشعارات المعلنة. ولا تعني شيئا العناوين والصفات الاخرى. طالما ان الهدف هو الاستحواذ على اكبر حصّة من كعكة العراق الشهيّة !
ان هذا العدد الهائل من الاحزاب "السياسية" يؤكد ان العراقيين اصيبوا بتضخم "ديمقراطي" في العمل السياسي. واصبح الكم, طبعا في كل شيء غير مجدي، سيّد الموقف. اما النوع فلا يخطر على بال احد. وركّز معظم "السياسيين" القدماء والجدد على حد سواء، على خلط الاوراق وبعثرة اصوات الناخبين وتهميش دورهم من خلال انشاء احزاب وتكتلات جديدة قديمة لا تزيد من احوال غالبية الناس الا سوءا. ولا تغيّر من مضمون العملية السياسية الفاشلة اصلا سوى زيادة في التطبيل
والتزمير والتهريج الاعلامي لهذا الحزب أو داك.
ولو سألت اي عراقي في الشارع او في المقهى أو في السوق: "يا عراقي، ما حاجتكم إلى كل هذه الاحزاب؟ " فسوف يرد عليك بطريقته الخاصة المازحة: "هذا من فضل ربي". نعم, هذا من فضل رب البيت الابيض في واشنطن، وليس ربّ السماوات والأرض. فامريكا صاحبة مكر وخبث وخبرة عريقة مشهود لها في تمزيق لحمة المجتمعات وتفكيك اواصر الصلة والتعاضد بين أبناء البلد الواحد مستخدمة المظاهر الزائفة لديمقراطية هجينة تجد في كثرة الأحزاب، التي تبثّ الفرقة والخصومات بين الناس، تعبيرا أسمى لسياستها العدوانية.
ولو نظرنا إلى جميع دول العالم، صغيرها وكبيرها وفي خمس قارات سوف لا نجد مثالا واحدا يشبه العراق. مع العلم أن هناك دولا عظمى وأخرى اقل "عظمة" لا يتجاوز عدد الأحزاب الموجودة فيها عدد أصابع اليد. فهل يوجد سياسي في العراق سأل نفسه عن بازار الأحزاب الذي يزداد انتفاخا وتضخما كلما اقترب موعد الانتخابات. ان الأحزاب السياسية لا تولد في العراق على أساس الأفكار أو المباديء ولا على أساس البرامج ولا على اساس الارتباط بالتاريخ والتقاليد ولا على أساس الضرورة الحتمية. لا شيء من كل هذا ابدا. ان الغالبية العظمى، أن لم نقل جميعها، ولدت من رحم صراعات وخلافات عنصرية اوطائفية او مناطقية. إضافة الى الخصومات والنزاعات الشخصية. لاحظوا ما يحصل في محافظة الانبار بين محمد الحلبوسي (رئيس البرلمان) وخصومه من المكون السنّي" في تلك المناطق
(ملاحظة: اشعر باحراج وبخجل شديد وانا استخدم هذه المفردات: سنّي وشيعي وكردي...الخ) وفي كل الاحوال ان دوافع واسباب ظهور ونشوء هذه الاحزاب لا علاقة له بالسياسة ابدا، الا كقناع ملوّن يراد منه اخفاء اهداف ونوايا غير نزيهة. سبق وان جرت تجربتها، ومن نفس الساسة الحاليين، على البسطاء من ابناء الشعب العراقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع