الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوب أفاكيان : كلّ ما نقوم به هدفه الثورة - مقتطف من الجزء الثاني من كتاب - الحزب الشيوعي الثوريّ – مقتطفات من أقوال ماركس وإنجلز ولينين وستالين وماو تسى تونغ؛ و نصوص لبوب أفاكيان -

شادي الشماوي

2023 / 7 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بوب أفاكيان : كلّ ما نقوم به هدفه الثورة -
مقتطف من الجزء الثاني من كتاب " الحزب الشيوعي الثوريّ – مقتطفات من أقوال ماركس وإنجلز ولينين وستالين وماو تسى تونغ؛ و نصوص لبوب أفاكيان "
---------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 43 / ديسمبر 2022
شادي الشماوي
الحزب الشيوعي الثوريّ – مقتطفات من أقوال ماركس وإنجلز ولينين وستالين وماو تسى تونغ؛ و نصوص لبوب أفاكيان
-------------------------------------------------------

مقدّمة الكتاب 43
الحزب الشيوعي الثوريّ – مقتطفات من أقوال ماركس وإنجلز ولينين وستالين وماو تسى تونغ ؛ و نصوص لبوب أفاكيان

حينما صدر أوّل ما صدر سنة 2002 بالمكسيك ( Editorial La Chispa México, D.F., 2002 ) ، كان هذا الكتاب يحمل من العناوين عنوان " الحزب الشيوعي " لا غير . وقد أدخلنا تعديلات على العنوان مضيفين بداية نعت " الثوريّ " لتمييزه عن الأحزاب و المنظّمات التي لا تزال تطلق على نفسها صفة " الشيوعي زورا و بهتانا وهي في الواقع أحزاب و منظّمات تسعى إلى مناهضة الشيوعيّة الثوريّة على طول الخطّ فيما تتجلبب بجلباب " الشيوعيّة " ما يذكّرنا بعبارة إستخدمت كثيرا إبّان الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى في الصين الماويّة 1966 و 1976 حيث كان أعداء الماويّة ينشرون خطّا إيديوزلوجيّا و سياسيّا رجعيّا يهدف إلى إعادة تركيز الرأسماليّة بينما كانوا يقدّمونه على أنّه ماويّة و شيوعيّة إلخ فصحّ عليهم تعبير رفع الراية الحمراء من أجل إسقاطها . فاليوم حيثما وجّهنا نظرنا نلفى أحزابا و منظّمات تمثّل دولا رأسماليّة إمبرياليّة مثل الصين الراهنة أو تشارك في السلطة كما هو الحال في الهند أين يشارك الحزب الشيوعي الهندي و منظّمات و أحزاب إصلاحيّة أخرى في سلطة دولة الإستعمار الجديد هناك ، أو أحزابا و منظّمات في كافة القارات تزعم تبنّى الشيوعيّة و الشيوعيّة منها براء . و علاوة على ذلك يحيلنا نعت " الثوري "على السمة التي وسم بها فردريك أنجلز ، أحد مؤسّسي الماركسية / الشيوعيّة ، كارل ماركس في خطابه الذى ألقاه على قبر ماركس منبّها إلى أنّ ماركس أوّلا و قبل كلّ شيء و فوق كلّ شيء " ثوريّ" و من هنا من يحوّل الماركسيّة إلى فكر إصلاحيّ لا يمكن أن يكون ماركسيّا / شيوعيّا حقّا.
و إلى ذلك ، في العنوان عرضنا بإختصار مضمون الكتاب أي مقتطفات من أقوال ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ و ربطا لتلك المقتطفات ببعض الدروس الإضافيّة المستخلصة من العقود الأخيرة من النضال الشيوعيّ و الصراع صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة و منظّماتها و أحزابها ، ألحقنا بهذا الكتاب نصوصا لبوب أفاكيان تنقد أمراضا معاصرة تنخر جسم الأحزاب الشيوعيّة و نقصد الشوفينيّة و الإقتصاديّة / الإقتصادويّة و تشرح أهمّية القيادة الشيوعيّة و تأسيس الحزب الشيوعي الثوري الحقيقيّ و بنائه كأداة لا بدّ منها متى أردنا القيام بالثورة الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة .
و نلفت عناية القارئ و القارئة إلى كوننا سعينا جهدنا إلى إعتماد الترجمة العربيّة لكتب صادرة عن عدّة دور نشر ، لنصوص رموز الشيوعيّة الثوريّة كلّما كانت متوفّرة و أملى علينا غياب نصوص لم نعثر عليها باللغة العربيّة رغم قصارى الجهد المبذول في البحث عنها هنا و هناك ، إلى تعريبها بأنفسنا و ينسحب هذا بوجه خاص على بعض خطابات ماو تسى تونغ و كتاباته التي لم ترد ضمن الأربعة مجلّدات الأولى من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " باللغة العربيّة لدار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين .
و فضلا عن هذه المقدّمة المقتضبة ، محتويات هذا الكتاب 43 أو العدد 43 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " هي الآتي ذكرها :
الجزء الأوّل : الحزب الشيوعيّ
1- للقيام بالثورة البروليتاريّة ، لا بدّ من حزب شيوعي

2- الحزب الشيوعي هو الحزب السياسي ّ للطبقة العاملة . و الطبقة العاملة هي القوّة القياديّة و الفلاّحون هم حلفاؤها الأصلب
3- الغاية الوحيدة من وجود الحزب الشيوعي هي تحرير الإنسانيّة عن طريق الثورة البروليتاريّة ، الإشتراكية و الشيوعيّة
4- يجب على الحزب أن يمارس الأمميّة البروليتاريّة و يجب أن يُبنى كجزء من حركة البروليتاريّا العالميّة
5- المهمّة المركزيّة للحزب الشيوعي هي إطلاق حرب الشعب و قيادتها
6- يجب أن يقود الحزب كلّ شيء
7- وحده حزب يستوعب النظريّة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة بوسعه أن ينهض بمهمّة الطليعة المناضلة
8- دمج النظريّة و الممارسة . دمج الحقيقة العالميّة للماركسيّة و الممارسة الملموسة للثورة في بلد معيّن
9- هناك حاجة إلى حزب طليعي يعرف كيف يرفع وعي الجماهير إلى مستوى فهم مصالح الطبقة البروليتاريّة
10- الجماهير تصنع التاريخ و من واجب الحزب أن ينصهر فيها و يتعلّم منها
11- النضال الثوريّ من أجل إفتكاك السلطة هو الرئيسيّ و النضال المطلبيّ متمّم ضروريّ
12- عندما لا يوجد حزب شيوعيّ ، المهمّة الأكثر إلحاحا على كاهل الشيوعيّين و الشيوعيّات هي تشكيله
13- صحّة أو عدم صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي يحدّد كلّ شيء . و الحلقة المفتاح في تشكيل الحزب البروليتاري هي صياغة خطّ و برنامج صحيحين
14- يتطوّر الصحيح في نضاله مع الخاطئ عبر الجدال و صراع الخطّين
15- قبل أن نتوحّد و من أجل أن نتوحّد ، لا بدّ من تحديد الإختلافات تحديدا صارما و دقيقا
16- النضال ضد الإمبرياليّة خدعة دون النضال ضد الإنتهازيّة
17- لا بدّ من و يمكن تكوين قادة و ثوريّين محترفين
18- ممارسة النقد و النقد الذاتيّ
19- المركزيّة الديمقراطيّة هي المبدأ التنظيمي للبروليتاريا
20- ينبغي مواصلة الثورة في ظلّ الإشتراكيّة للإطاحة بالقادة السامين للحزب أتباع الطريق الرأسمالي
21- يضع الشيوعيّون و الشيوعيّات في المقام الأوّل مصالح الشعب و الثورة
الجزء الثاني : نصوص لبوب أفاكيان
(1)
بوب أفاكيان : لا بدّ من حزب ثوريّ إذا أردنا القيام بالثورة – الفصل الثاني : هل يمكن أن نستغني عن القيادة ؟
الديمقراطية التشاركيّة :
الفوضويّون :
مسألة فلسفيّة :
" الماويّون " :
الضرورة و الحرّية و الحزب :
الخيار الحقيقيّ الوحيد :

(2)
الأهمّية الحيويّة للقيادة ، القيادة مكثّفة كخطّ
الخطوط و القاعدة الإجتماعيّة – علاقة جدليّة :
ما هي القيادة الشيوعيّة ؟
(3)
خطّ ثوريّ فى تعارض مع " الإقتصاديّة " / الإقتصادويّة و الشوفينيّة
+ ملحق من إقتراح المترجم : الحركة رائعة ... لكنّها ليست كلّ شيء ... الشعب يحتاج إلى الثورة
(4)
كلّ ما نقوم به هدفه الثورة
" إثراء فكر ما العمل ؟ "
- التسريع بينما ننتظر – عدم الركوع للضرورة :
- الدور الثوري المحوري للجريدة الشيوعيّة :
- مقاومة " النزوع العفوى إلى كنف البرجوازية " :
عمل ثوري ذو مغزى
- نشر الثورة و الشيوعية بجرأة :
- ثقافة تقدير و ترويج و نشر شعبي :
- مقاومة السلطة و تغيير الناس ، من أجل الثورة :
- بناء الحزب :

ملحق الكتاب : فهارس كتب شادي الشماوي
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(4)
كلّ ما نقوم به هدفه الثورة
مقتطف من الجزء الثاني من خطاب : القيام بالثورة و تحرير الإنسانية
بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة
جريدة " الثورة " عدد 110 ، 25 نوفمبر 2007
https://revcom.us/avakian/makingrevolution2/

ملاحظة الناشر : فى ما يلى الجزء الثاني من المقتطفات من خطاب لبوب أفاكيان رئيس الحزب الشيوعي الثوري ألقاه سنة 2007 . و قد أُعدّ للنشر و أضيفت إليه هوامش . ( الجزء الأوّل هو : " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " ).
--------------
" إثراء فكر ما العمل ؟ "

التسريع بينما ننتظر – عدم الركوع للضرورة :
وتاليا أودّ أن أتناول بالحديث " إثراء فكر ما العمل " و دوره فى بناء حركة ثوريّة وشيوعيّة . و أريد أن أنطلق من مراجعة سريعة لبعض النقاط الهامة المتّصلة بكامل التوجّه و المقاربة الإستراتيجيين ل" التسريع بينما ننتظر " تطوّر وضع ثوري فى بل كالولايات المتّحدة الأمريكيّة .
لقد تحدّثت قبلا عن النظرة و المقاربة التحريفيّة ل" الواقعيّة الحتميّة " (16) التى ، ضمن أشياء أخرى ، تعنى مقاربة سلبيّة للواقع الموضوعي ( أو الضرورة ) ، فهي ترى العامل الموضوعي على أنّه موضوعي بحت – و " خارجي " بحت ، إن أردتم – و لا تستوعب العلاقة الجدليّة الحيويّة بين العوامل الموضوعيّة و الذاتيّة و قدرة هذه الأخيرة ( العوامل الذاتية – النشاطات الواعية للناس ) على التأثير فى الولى و تغييرها ( العامل الموضوعي – الظروف الموضوعيّة ). بكلمات أخرى، لا تستوعب هذه " الواقعيّة الحتميّة " التوجّه و الإمكانيّة الأساسيين لتحويل الضرورة إلى حرّية . إنّها لا تستوعب حقّا أو تماما الطابع المتناقض لكافة الواقع بما فيه الضرورة التى يواجهها المرء فى أي زمن معطى . لذا ، من أهمّ مظاهر " الواقعيّة الحتميّة " هو أنّها تستبعد ك " إراديّة " أي إستيعاب جدلي للعلاقة بين العوامل الذاتيّة و العوامل الموضوعيّة ، تنظر للأشياء نظرة خطّية جدّا و غير مختلفة ، على أنّها أساسا متجانسة و دون تناقضات ، عوض أن تنظر إليها بطريقة حيويّة و ديناميكيّة و متحرّكة و متغيّرة .
طبعا ، من الضروري عدم السقوط فى الإراديّة . وهناك عدّة طرق يمكن أن تعبّر بها الإراديّة عن نفسها مؤدّية إلى أنواع متباية من الأخطاء ( عادة " اليساريّة المتطرّفة " ) و الإنحرافات ، إن شئتم و منها ريقة السقوط فى الإندفاع الصبياني أو المغامراتي – و هذا جميعه كذلك فى منتهى الضرر . لكن – خاصّة فى وضع طويل الأمد أو ممتدّ زمنيّا لم تظهر فيه بعدُ الظروف الموضوعيّة للثورة ( أي ، ظروف الصراع الشامل من أجل إفتكاك السلطة ) – إلى حدّ بعيد جدّا الخطر الأكبر، و خطر يعزّزه الوضع الموضوعي ، هو هذا النوع من الواقعيّة الحتميّة التى لا تستوعب إستيعابا صحيحا العلاقة الجدليّة بين العوامل الموضوعيّة و العوامل الذاتيّة وتنظر إليها على انّها قارة و غير جدليّة و غير متغيّرة .
صحيح أنّه ليس بوسعنا بمجرّد إرادتنا ، أو حتّى بمجرّد تحرّكاتنا ذاتها ، أن نغيّر الظروف الموضوعيّة تغييرا نوعيّا – إلى وضع ثوري . لا يمكن القيام بهذا بمجرّد الفعل أو التأثي فى الظروف الموضوعيّة من خلال مبادراتنا الواعية . هذا من جهة لكن من الجهة الأخرى ، مرّة أخرى تكتسي جملة للينين أهمّية عمليّة هامة هنا . فى ما يتّصل بالأرستقراطية العمّاليّة – فئات من الطبقة العاملة فى البلدان الإمبريالية تقتات و ليس إلى حدّ بسيط ، من غنائم لإستغلال و النهب الإمبرياليين عبر العالم ، وخاصّة فى المستعمرات . لقد أشار لينين إلى نقطة أن لا أحد بإمكانه أن يقول قولا يقينا أين ستقف هذه الفئات " المتبرجزة " فى حال وقوع الثورة – أية أجزاء منها ستصطفّ إلى جانب الثورة عندما يأتى وقت المواجهات الكبرى و أيّة أجزاء ستمضى مع الثورة المضادة – لا أحد بإمكانه أن يقول بالضبط كيف سيجرى الأمر ، هذا ما شدّد عليه لينين . و مطبّقين هذا المبدأ عينه ، يمكن أن نقول إنّه ليس بمقدور أي كان أن يقول على وجه الضبط ما الذى ستستطيع المبادرة الواعية للثوريّين أن تفرزه ، فى تأثيرها على الوضع الموضوعي فى أيّ زمن معى – جزئيّا لأنّ لا أحد يمكن أن يتنبّأ بكافة الأشياء الأخرى التى تكون مختلف القوى الأخرى فى العالم بصدد القيام بها . ليس بمستطاع فهم أي شخص أن يشمل كلّ ذلك فى زمن معيّن . بوسعنا أن نشخّص تيّارات و نزعات غير أنّ هناك دور الصدفة و كذلك دور السببيّة . و هناك واقع أنّه ، بالرغم من أنّ التغيّرات فى ما هو موضوعي بالنسبة إلينا لن تأتي مرّة واحدة أو ربّما ليس حتّى أساسا ، عبر " إشتغالنا على " الظروف الموضوعيّة ( بشكل مباشر نوعا ما ، بمعنى واحد – لواحد ) ، و مع ذلك فإنّ " إشتغالنا " عليها قد يحدث بعض التبدّلات ضمن إطار معيّن فى الظروف الموضوعيّة و – فى ظرف و كجزء من " خليط " من العناصر و منها قوى أخرى تفعل فى الوضع الموضوعي من وجهة نظرها الخاصّة - و بوسع هذا ، فى ظلّ ظروف معيّنة، أن يكون جزءا من إلتقاء عوامل تفرز تغيّرا نوعيّا . و مرّة أخرى ، من المهمّ التشديد على أنّ لا أحد بإمكانه أن يعرف بالضبط كيف يسير الأمر .
لا تصنع الثورة ب " الصيغ " أو بالعمل وفق مفاهيم و أفكار مسبّقة و قوالب جاهزة – إنّها سيرورة أكثر حيويّة و ثراء و تعقيدا من ذلك . لكن من المظاهر الأساسيّة للتحريفيّة ( الشيوعيّة الزائفة التى عوّضت توجّها ثوريّا بتوجّه تدريجي و فى النهاية إصلاحي ) أن يقرّر أو يقع الإصرار على أنّه إلى أن يتدخّل نوع من القوّة الخارقة – عامل خارجي شبيه بإلاه – لن يوجد أيّ تغيير أساسي فى الظروف الموضوعيّة و أقصى ما نستطيع القيام به ، فى أيّة لحظة هو القبول بالإطار المعطى و العمل ضمنه ، عوض ( مثلما صغنا ذلك بشكل صحيح جدّا ) الإجتهاد بإستمرار ضد حدود الإطار الموضوعي والبحث عن تغيير الظروف الموضوعيّة إلى أقصى درجة ممكنة فى أي وقت معطى ، و أن نكون دائما على إستعداد إلى إمكانيّة إلتقاء أشياء مختلفة تحدث ( أو تجعل من الممكن أن تحدث ) قطيعة و قفزة نوعيّة فعليّة فى الوضع الموضوعي .
لذا ، هذه نقطة توجّه إستراتيجي بمعنى تطبيق الماديّة و الجدلية على التسريع بينما ننتظر ظهور وضع ثوري . ليس الأمر مجرّدا أي أخلاقيّا مجرّد أنّه من الأفضل التسريع من مجرّد الإنتظار – رغم أنّه بالطبع أفضل – و إنّما لهذا صلة بفهم ديناميكي لحركة الواقع المادي و تطوّره و تأويل مختلف التناقضات ، و حقيقة أنّه مثلما شدّد على ذلك لينين ، كلّ الحدود فى الطبيعة و المجتمع ، بينما هي واقعيّة ، هي مشروطة و نسبيّة و ما هي بالمطلقة . ( و قد شدّد كذلك ماو تسى تونغ على هذا المبدأ الأساسي نفسه عند الإشارة إلى أنّه نظرا لكون أصناف الأشياء كثيرة و أنّ الأشياء مترابطة ، ما هو عام فى إطار ما يصبح خاصا فى إطار آخر ). و تطبيق هذا المبدأ على ما يقع نقاشه هنا يؤكّد على أنّه نسبيّ فقط و ليس مطلقا أنّ الظروف الموضوعيّة هي " موضوعيّة " بالنسبة لنا – هي موضوعيّة و لكن ليس بالمعنى الملطق . و إلى جانب هذا ، ما هو خارجي فى وضع معيّن يمكن أن يصبح داخليّا نتيجة حركة – و التغيّرات التى تحدث نتيجة حركة – التناقضات . و إذن إن كنتم تنظرون إلى الأشياء فقط بطريقة خطّية ، عندئذ لا ترون سوى الإمكانيّات التى تقف أمامكم مباشرة – لديكم نوع من الغمامات . و من ناحية أخرى ، إن كانت لديكم مقاربة ماديّة جدليّة صحيحة ، تعترفون بأنّ عديد الأشياء يمكن أن تحصل وهي غير متوقّعة و يجب أن يكونوا على الدوام على إستعداد لهذه الإمكانيّة بينما تثابرون على العمل على تغيير الضرورة إلى حرّية . و مجدّدا هذه نقطة توجّه أساسيّة .
فى هذا السياق ، أودّ أن أتحدّث عن مسائل : كيف نسرّع أو ما هي بعض العناصر المفاتيح فى التسريع بينما ننتظر ؛ و كيف أنّ " إثراء فكر ما العمل " ينسحب على هذا ؟ أوّلا ، ماذا نعنى بإثراء فكر ما العمل " – إلى ماذا نحيل عندما نتكلّم عن " فكر ما العمل " و ماذا نعنى غندما نتكلّم عن " إثراء " ؟ فكر ما العمل يحيل على التوجّه الجوهري الذى صاغه لينين فى مؤلّفه الشهير الذى يحمل ذلك العنوان ( " ما العمل ؟ " ) أين شدّد على أنّ الدور الأساسي للشيوعي هو أن يكون ليس " سكرتير نقابة " ( بكلمات أخرى ، ليس قائدا للنضالات من أجل الإصلاحات و التحسينات فى وضع الطبقةالعاملة ضمن إطار النظام الرأسمالي ) بل " خطيبا فى الشعب " : شخص يلقى ضوءا ثاقبا على الفظائع و التجاوزات التى يقترفها النظام الرأسمالي ، و الطرق التى يؤثّر بها كلّ هذا على مختلف الفئات فى صفوف الشعب و كيف تتفاعل مختلف الفئات مع أمّ الأحداث فى المجتمع و العالم ، شخص يسلّط الضوء ، بطرق جذّابة على الأسباب و العلاقات الكامنة وراء كلّ هذه الفظائع و كلّ هذا الظلم – مشيرا من خلال كلّ هذا إلى الحاجة إلى الثورة وتركيز مجتمع جديد ، إشتراكي و فى النهاية شيوعي ، و الدور الحاسم للطبقة المستغَلّة فى المجتمع الحالى ( الرأسمالي ) ، البروليتاريا ، فى إنجاز مثل هذا التغيير الثوري كجزء من الثورة البروليتاريّة العالميّة ككلّ . و فى إرتباط بهذا ، التالى من عمل آخر للينين يوفّر موقفا آخر عظيم الأهمّية – فى عالم اليوم بوجه خاص – و قليلون هم من يعرفون أو فهموا هذه الرؤية الثاقبة للنظريّة الشيوعية العلمية :
" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "
( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " ، التشديد فى النصّ الأصلي – ذكره بوب أفاكيان فى كتابه " ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة " ، الطبعة الثانية ، شيكاغو؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 2004 ، ص 122 ).
و بطبيعة الحال ، نقطة مركزيّة و محوريّة فى كتاب لينين " ما العمل؟ " هي تحليله للماذا و كيف أنّ الوعي الشيوعي – الذى يعنى نظرة و مقاربة علميين – لا يمكن أن يتطوّر " عفويّا " بل يجب أن يجلب إلى البروليتاريا و الجماهير الشعبيّة من خارج إطار تجربتها الخاصة الأكثر مباشرة ؛ و أنّ لهذا السبب و لأسباب أخرى ، يجب أن تكون للثورة قيادة حزب طليعي منظّم يتشكّل من أناس ينحدرون من كافة فئات المجتمع ، يكونون قد تبنّوا النظرة الشيوعيّة .
و يحيل الحديث عن " إثراء " " فكر ما العمل " على ما وقع تعلّمه أكثر منذ زمن لينين – بما فى ذلك العلاقة الجدليّة بين الوعي و تغيير الواقع الماديّ ، أو بين العوامل الذاتيّة و العوامل الموضوعيّة – و حتّى تشديد أكبر ليس على تمكين أعداد متزايدة من الجماهير من الإنخراط فى ما يحدث فى شتّى مجالات المجتمع و كيف أنّ ذلك يرتبط بالطبيعة الجوهريّة للمجتمع و السؤال الجوهري لتغيير المجتمع و العالم و حسب ، بل أيضا التشديد على أن نوسّع إلى أقصى درجة ممكنة فى أي زمن معطى حدود إنخراطها فى مجال " الإشتغال على الأفكار "و النضال و الصراع فى مجال الأفكار ( فى مجالات الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة و ما إلى ذلك ) و كذلك أن نضع أمام الجماهير مشكل الثورة – جالبينها ، باكبر قدر ممكن ، فى كلّ لحظة ، إلى معالجة المسائل الحيويّة المتّصلة بالحاجة إلى الثورة الشيوعية و وسائل القيام بتلك الثورة . و نقطة كلّ هذا ليست مجرّد خلق وضع تكون فيه أعداد متزايدة من الجماهير " تشعر بالإنخراط فى السيرورة الثوريّة ، بل المساعدة العمليّة على إيجاد الحلول لهذه المشاكل و تمكين الحزب و كذلك الجماهير من التعلّم بهذه الطريقة .
الدور الثوريّ المحوريّ للجريدة الشيوعيّة :
و فى موضع القلب من " فكر ما العمل " – و فى موقع القلب من النقاش الأصلي للينين فى كتاب " ما العمل ؟ " – يوجد دور الجريدة الشيوعية بإعتبارها " داعية جماعي " و " منظّم جماعي " للحركة الثوريّة . يتساءل عديد الناس " كيف يمكن أن تقوموا بثورة ، كيف يمكنكم أن تبنوا حركة ثوريّة بجريدة كسلاح أساسي ؟ " و عادة تبعات أسئلة من هذا الصنف هي أنّ العمل على هذا النحو، بجريدة كسلاح أساسي فى بناء الحركة الثوريّة ، سيؤدّى حتما إلى تعزيز مفاهيم " التربية السلبيّة" أو نوع ما من مقاربة " كلّ واحد يعلّم واحد " و التى من خلالها ، من المفترض ، أنّ كلّ شخص بشكل ما سيتعلّم ما يحتاج إلى معرفته و من ثمّة سيكون كلّ شخص مستعدّا إلى التحرّك بريقة ثوريّة فى نقطة ما فى المستقبل البعيد ، غير المحدّد . لكن طبعا ، لن يحدث ذلك ، و لا يمكن أن يؤدّي إلى ثورة . الحياة - و بوجه خاص المجتمع الإنساني و تغييره – ديناميكيّة و متناقضة للغاية و إن تمّت مقاربتها على هذا النحو لن تنجح أبدا فى قيادة ثورة ( إذا كان فعلا هدف الثورة يمكن أبدا تحقيقه بإعتماد هذه المقاربة ) .
لكن هناك واقع و حقيقة أساسيين فى نقطة لينين حينما شدّد على أنّ إستخدام جريدة ببراعة هو أفضل جزء فى الإعداد – إيديولوجيّا و سياسيّا و تنظيميّا – للصراع النهائي من أجل أفتكاك السلطة . كيف يمكن لإستخدام جريدة ببراعة أن يكون أفضل جزء من مثل هذا الإعداد ؟ لهذا صلة بدور الوعي و العلاقة بين الوعي و الناس الذين يبادرون بهذا النضال . نقطة لينين فى " ما العمل ؟ " ليست أنّ الشيوعيين لا يحتاجون إلى تنظيم الجماهير فى أشكال متنوّعة من النضال لمقاومة تجاوزات و فظائع النظام ؛ و ليست أنّه لا يجب البتّة أن نصدر " نداءات من أجل التحرّك لتمكين الجماهير من خوض مثل هذا الصراع السياسي و مثل هذه المقاومة . لكن لينين قد شدّد عن حقّ على أنّ أهمّ شيء نحتاج القيام به هو أن نسلّط الضوء و أن نقدّم بحيويّة للناس المضطهَدين و المستغَلين و الذين هم غير راضين عن هذا النظام بأشكال متباينة – و أن نسلّط الضوء على الطبيعة الحقيقيّة لهذا النظام ، و كيف أنّ الأشياء التى تتساقط عليهم ، أو التى تتسبّب لهم فى فظائع ، تتداخل مع بعضها البعض ، و كيف أنّها جميعا متجذّرة فى ذات طبيعة و سير النظام الرأسمالي – الإمبريالي ؛ و كيف يفهم فهما صحيحا و علميّا و ليس فقط ما يُفضح بهذه الطريقة بل أيضا كيف أنّ مختلف القوى الطبقيّة فى المجتمع ( والعالم بأكمله ) توجد فى هذا المشهد الكبير لسير النظام ، و ( دون السقوط فى الماديّة الميكانيكيّة ) كيف و لماذا طبقات و فئات مختلفة تنزع نحو التفاعل مع أحداث مختلفة فى المجتمع و العالم تفاعلا مختلفا .
و مثلما وضع ذلك لينين ، إذا تمّ ذلك حقّا بطريقة قويّة ، بطريقة تجلب الدم – مستعملين إستعارة – و تدخل بدقّة تحت سطح الأشياء و تبلغ لبّ الأمور و جوهرها ، فإنّ ذلك سياسيا سيملؤ الناس ( حسب جملة لينين ) ب " حاجة ملحّة للتحرّك " . إنّه سيدعو إلى التقدّم بشكل أقوى من كلّ النداءات المباشرة للتحرّك التى يمكن أن نصدرها – على أنّ ذلك مهمّ فى عديد المناسبات – و بشكل أكبر من تنظيمنا المباشر لجماهير الشعب لتخوض أشكالا متنوّعة من النضال و المقاومة السياسيين، على أهمّية ذلك كذلك . و إمتداد مهمّ لهذه النقطة الجوهريّة للينين هو أنّ ما يعتبره الناس مقبولا أو غير مقبول مرتبط إرتباطا جدليّا بما بعتبرونه ممكنا أو غير ممكن ( أو ، من جهة أخرى ، ما يتوصّلون إلى إعتباره غير ضروري – أو لم يعد ضروريّا بعدُ – لم يعد شيئا عليهم مجرّد التأقلم معه و تحمّله ).
غالبا فى خطاباتى و كتاباتى ، أشرت إلى أنّ جماهير الشعب تعانى على نحو غير ضروري . ما أقصده بذلك هو أنّه عندما يتوصّل الناس إلى رؤية أنّ ما يمرّون به – فى الواقع ما يجبرهم هذا النظام على المرور به – ليس " مفروضا من إلاه " أو ليس " ببساطة الواقع الذى يجب أن تكون عليه الأمور " أو هو نتيجة عمل قوّة خارقة لا يمكن فهمها – إجتماعيّة كانت أم ما وراء طبيعيّة – و إنّما ينبع من ذات سير النظام و أكثر من ذلك أنّ الأشياء يمكن أن تتغيّر راديكاليّا لمّا يتمّ كنس هذا النظام ، حالئذ يمسى الإعتراف بإمكانيّة العمل على تغيير الأشياء – و الإندفاع إلى العمل بهذه الطريقة – أقوى بكثير . و أحد أهمّ الأشياء التى تقع على كاهل الجماهير إعتقادها فى أنّ لا تغيير راديكالي ممكن لأنّ القوى التى هي ضدّها فى غاية القوّة . و كذلك يحطّ بثقله على كاهلها – و فى إرتباط وثيق بمعنى أنّ تغييرا حقيقيّا و راديكاليّا غير ممكن – مفهوم أنّه لا وجود لبديل حقيقيّ لواقع الأشياء ، لذا أقصى ما يمكن فعله فى هذا الوضع هو الحصول على أفضل ما أمكن – أو مجرّد المعاناة بصمت و البحث عن ملجأ و تعزية فى الدين أو شيء آخر يمثّل موضوعيّا " ملاذا " وهميّا . إلاّ أنّه بقدر ما يقع فضح الطبيعة و السير الفعلين لهذا النظام و تسليط الضوء عليها بعدّة سبُل متباينة – على نحو ينبض بالحياة و جذاب – بقدر ما يستوعب أكثر الناس أنّ هذا ليس الطريقة التى يجب على الأشياء أن تكون عليها و إنّما فقط الأشياء كما هي بسبب سير النظام - نظام يزخر بالتناقضات – بقدر ما يشعرون و سيشعرون بالإندفاع إلى التحرّك . و فى غياب هذا ، حتّى أفضل جهودنا فى تعبئتهم للتحرّك ستبلغ حدودها و توضع جانبا أو تتحوّل إلى ضدّها ، غلى شيء يعزّز عمليّا النظام الحالي و معنى أنّ لآ شيء يمكن القيام به من أجل تغيير راديكالي للأشياء .
معالجة كلّ هذا عبر تطبيق التوجّه والمقاربة الأساسيّين اللذين حاجج من أجلهما لينين فى" ما العمل؟ "- و كما وقع " إثراء" هذا بالطرق التى أشرت إليها هنا – هو دور الجريدة الشيوعية فى بناء الحركة الثوريّة . يجب على جريدتنا الحزبيّة " الثورة " أن تواصل شحذ قدرتها على لعب هذا الدور و فى نفس الوقت ينبغى على الرفاق و الرفيقات فى الحزب – و أعداد متنامية من الناس فى وقت معيّن لا يكونون بعدُ فى صفوف الجزب لكنّهم ، بالمعنى الأساسي ، مساندين أو متعاطفين مع أهداف الحزب و تحرّكاته – أن نستخدم الجريدة ببراعة بهذا النوع من التوجّه . و يتعيّن أن يتمّ هذا بفهم متعمّق بإستمرار لكون هذا الإعداد إعداد عملي للأرضيّة – و بالمعنى العام هو الجزء الوحيد الأهمّ فى إعداد الأرضيّة – سياسيّا و إيديولوجيّا و تنظيميّا ، للنضال المستقبلي من أجل السلة لمّا يوجد تغّر كبير و نوعي فى الوضع الموضوعي و يظهر شعب ثوري بالملايين و الملايين بفعل توّر تناقضات النظام نفسه و – فى علاقة جدليّة بذلك – العمل الواعى للقوى الثوريّة ، و الحزب محورها . هذا ( لنعيد من جديد جملة لينين ) " أفضل جزء من الإعداد " – حتى و إن كان بمعنى ما إعدادا غير مباشر – للنضال المستقبلي من أجل السلطة . و من البديهي أنّ هذا ليس نشاطا فى مجال الكفاح العسكري . إلاّ أنه أفضل جزء فى الإعداد إلى ساعة يعرف الوضع الموضوعي تغيّرا نوعيّا باطريقة وعلى الأساس اللذين وقع الحديث عنهما هنا . إستخدام الجريدة ببراعة على هذا النحو فى ظروف بلدان كالولايات المتّحدة هو أهمّ وسيلة للتسريع بينما ننتظر .
و لهذا صلة – و يركّز إطارا عاما ل – دور الجريدة ك " داعية جماعي و منظّم جماعي " للحزب و كذلك للحركة الثوريّة الأوسع و للبّ النامى ضمن هذه الحركة الموالى للحزب و أهدافه الإستراتيجيّة. و توفّر الجريدة وسيلة مركّزة ل " عرض خطوط عريضة لتمكين الناس من التحرّك بشكل موحّد حول المسائل و الأحداث السياسيّة الكبرى فى المجتمع و فى العالم – ليس بمعنى أنّ الناس " كالآليّين " جميعهم يسيرون معا فاقدي الصواب ، و إنّا بمعنى أنّ فهمهم الأكثر وعيا لكيفيّة التفاعل مع أحداث العالم – التفاعل بطريقة تمثّل نشاا له دلالته بإتجاه هدف يمكنهم أكثر فأكثر تشخيصه بوضوح كبديل راديكالي هو فى الواقع ممكن و كذلك مرغوب فيه ، و يجب أن يولد و يمكن أن يولد بواسطة مبادرتهم و نضالهم الواعيين .
مقاومة " النزوع العفوىّ إلى كنف البرجوازية " :
تلعب الجريدة كذلك دورا مفتاحا فى ما وصفه لينين بحرف الجماهير و حركات المعارضة الجماهيريّة عن ميلها العفوي إلى كنف البرجوازية . و عليّ أن أقول إنّ فهمى هو أنّ ما كان لينين يعنيه بهذا عادة ما كان أكثر من نزوع عفوي فى هذه النضالات و فى صفوف الجماهير المنخرطة فيها إلى كنف فئة أو أخرى من البرجوازية ( كما شخّصت ليس فحسب فى الممثّلين المباشرين و الحرفيين للطبقة الحاكمة بل عادة فى أناس تكون مواقفهم و نظراتهم تمثّل فى نهاية المطاف مصالح الطبقة الحاكمة حتّى و إن كان الأشخاص ليسوا هو ذاتهم من الطبقة الحاكمة ). لكن ، بالعودة إلى " ما العمل ؟ " فى المدّة الأخيرة ، أذهلنى أنّ لينين يُحيل عمليّا على النزوع العفوي إلى كنف البرجوازيّة . ( صيغته الدقيقة ، متحدّثا خاصة عن حركات الطبقة العاملة هي : " نزوع التريديونية العفوي إلى كنف البرجوازية " ).
نرى هذا على الدوام ضمن فئات شعبية متنوّعة . و على سبيل المثال ، فى المدّة الأخيرة قال لى بعضهم إنّهم مرّوا بسيّارة تحمل ملصقين كبيرين أحدهما كتب عليه " إنّ لم تكونوا غاضبين فإنّكم لم تكونوا منتبهين " و كان الآخر يساند أوباما فى الإنتخابات الرئاسيّة . و فكّرت إنّه إن كنت مررت بهذا بالكاد كنت سأقاوم إغراء إلصاق ورقة على هذه السيّارة و عليها رسالة : " إن كنتم تساندون أوباما فإنّكم بعدُ لم تنتبهوا " [ ضحك ] . هنا مثال آخر من " النزوع العفوي إلى كنف البرجوازيّة " : صاحب هذه السيّارة من خلال الملصق الكبير يضع إحساسا جيّدا جدّا : " إن لم تكونوا غاضبين فإنّكم لم تكونوا منتبهين ". لكن من الناحية الأخرى ، عفويّا إلى أين يريد هذا الشخص الذهاب بهذا ؟ إلى معسكر – تحت جناح – البرجوازية فى شخص أوباما ، بمقتطف سخيف له حولكيف أنّه " لا وجود لأمريكا ليبراليّة ، لا وجود لأمريكا محافظة ، هناك فقط الولايات المتحدة الأمريكية " . كم هو عميق و كم هو محرّر !
و إلى جانب هذا – و كجزء من – هذا النزوع العفوي إلى كنف البرجوازية " هناك الظاهرة المتكرّرة لأناس يؤكّدون على أنّهم لا يستطيعون تحمّل عبادة الفرد و مع ذلك يعيدون خلق " منقذين " من ضمن ممثّلى الطبقة الحاكمة ، " ألغور ، رجاء تقدّم للإنتخابات الرئاسيّة " . و يقوم هذا على موقف نوعا ما " معارض " يتبنّاه ألغور ليس حول البيئة و التغيّر الشامل للمناخ بل إلى درجة معيّنة على الأقلّ ، حول أشياء كالحرب فى العراق . إلاّ أنّ هذا يعكس نقصا فى فهم أنّ ( كما أشرت إلى ذلك قبلا فى إطار إنتخابات 2004 ) (17) السبب وراء قول ألغور و فعل تلك الأشياء على محدوديّتها – و على بقائها تماما ضمن الإطار السياسي المهيمن للطبقة الحاكمة – هو أنّ ألغور ليس مشاركا فى سباق الإنتخابات الرئاسيّة ، على الأقلّ ليس وقتها – و لو كان مشاركا لكان بصفة متزايدة يقول أنواعا مختلفة من الأشياء – مثلما فعل فى 2000- من أجل أن يبيّن للذين يصوغون عمليّا و يسيطرون فعلا على سيرورة إتّخاذ القرار أنّه قادر على قيادة سفينة دولة الإمبريالية الأمريكيّة عبر المياه الخطيرة جدّا التى أوصلت نفسها إليها .
و هذه الأمثلة – و غيرها كثير يمكن ذكره – تثبت الصراع الكبير الذى يجب خوضه من أجل تمكين الناس من القطيعة مع هذا التوجّه نحو " النزوع العفوي إلى كنف البرجوازيّة " ، لتمكينهم من القطيعة فى تفكيرهم وتوجّههم و تجاوز الحدود الضيّقة التى تصنعها الطبقة الحاكمة و التى تهيمن على الحياة السياسيّة، إلى جانب كلّ المظاهر الأخرى للمجتمع ؛ لإستيعاب ما قد بيّنه الواقع بصفة متكرّرة – انّ التغيير السياسي الذى له ممغزى ( حتّى أقلّ من ثورة ، فما بالك بالتغيير الراديكالي للمجتمع الممكن عبر الثورة وحدها ) لا يمكن أن يحصل إلاّ من خلال تنظيم حركة سياسيّة مستقلّة عن ، و بطريقة جوهريّة، معارضة للإطار المسيطر كلّه .
عندما تنظرون إلى مختلف الحركات الجماهيريّة التى وقعت حتّى فى السنوات الأخيرة سواء تعلّق الأمر بالمظاهرات العارمة للمهاجرين أم بالحركات المناهضة للحرب التى تطوّرت أم بمسيرات أخرى ذات طابع سياسي معارض و مقاوم – من الواضح أنّ هناك المرّة تلو المرّة ، ليس فقط " إنجذاب " بل " نزوع " لإيجاد قطاع من البرجوازية تحت جناحه يمكن البحث عن الدعم و الحماية – و مثلما يرى ذلك الكثيرون ، يمكن أن يصبح " فعّالا " فى القيام بذلك ( بينما توضع جنبا مسألة " فعّال " بأي معنى و فى أيّ سياق و بإتّجاه أيّة أهداف ) . هذه ظاهرة متكرّرة الوقوع . و لإستيعادة ملاحظة صاغها لينين فى إطار آخر ( إطار كان يتحدّث فيه عن إعادة إنتاج البرجوازيّة من الإنتاج الصغير و التجارة ، فى ظلّ الإشتراكية ) هذا " النزوع العفوي إلى كنف البرجوازيّة " يعاد إنتاجه كلّ يوم وكلّ ساعة و بإستمرار ، عفويّا و على نطاق واسع : " أعرف، أعرف أنّهم ليسوا جيّدين بالمرّة ، جميعهم سيّئون يقول عديد الناس ، متحدّثين عن السياسيّين البرجوازيين، بيد أنّه بعد ذلك يديرون ظهرهم و يشدّدون على أنّ هناك مع ذلك ضرورة الوقوف وراء أحدهم لأجل" القيام بشيء واقعي". حسنا ، إجابتى على ذلك هي : نعم لنقم بشيء واقعي – لكن علينا أن لا نقوم بشيء سيّء . والوقوع تحت جناح فئة من البرجوازيّة و الديمقراطيين على وجه الخصوص شيء بالفعل سيّء جدّا – سيؤدّى و ليس بوسعه إلاّ أن يؤدّى إلى الشلل السياسي و أسوأ ، فى وجه الجرائم المستمرّة فى التفاقم و الإحتداد التى يقترفها هذا النظام و الطبقة الحاكمة التى يمثّلها هؤلاء الديمقراطيّون ليس أقلّ من الجمهوريين . و كما أشرت إلى ذلك أعلاه : إن حاولتم أن تجعلوا من الديمقراطيين ما ليسوا عليه و لن يكونوه ، ستنتهون إلى أن تكونوا أشبه بما عليه الديمقراطيون فعلا .
خوض نضال محدّد ضد هذا " النزوع العفوي إلى كنف البرجوازيّة " جزء حيوي من العمل الشامل ، و للجريدة دور خاص و دور محوري فى النضال من أجل حرف الجماهير و حركات المعارضة الجماهيريّة عن هذا الطريق ، بإتجاه طريق نشاط سياسي ذو مغزى حقيقة .
-----------------
عمل ثوري ذو مغزى
نشر الثورة و الشيوعيّة بجُرأة :
بناءا على ما قيل إلى الآن ، أودّ أن أعود إلى مسألة : ما معنى العمل الثوري ذو المغزى – خاصة و ليس فق بالنسبة إلى الجماهير الأساسيّة التى تغدو جزءا من الحركة الثوريّة فى هذه الفترة التى لا يكون فيها الوضع بعدُ وضعا ثوريّا ؟ مثلما يمكن مشاهدة ذلك فى خطاباتى و كتاباتى الأخرى خلال عدّة سنوات ، لقد عدت بصورة متكرّرة و خضت فى هذه المسألة – إنّها مسألة حيويّة للغاية و مستعصية للغاية . كيف نجد عمليّا وسائل جعل الجماهير تنخرط فى عمل ثوري ذى مغزى – مع التركيز الخاص و لكن ليس الحصري على الشباب ضمن الجماهير الساسيّة ، و على آخرين أيضا – كيف يمكن لنا عمليّا القيام بهذا دون السقوط فى الطريق الخاطئ ؟ كيف تعطون التعبير الصحيح فى ظروف اليوم لرغبة الشباب فى التغيير الراديكالي و لنضاليتهم ؟
فى إرتباط بهذا ، أودّ أن أروي قصّة قرأتها فى تقرير حول العمل مع إنسان يدرّس التربية الخاصّة . كان يتحدّث عن كيف أن بعض هؤلاء الشباب لا يمتلكون أي حسّ بإمكانيّة أي شيء أكبر من ما هم واقعون فى أسره كلّ يوم . حسنا ، فى يوم ما دخل الفصل و وجد هناك تلميذة من تلامذته و كانت تضع على أذنيها سماعتين وهي تصغى إلى شيء من موسيقى " راب أعضاء العصابات " مع كلّ ما يحيل عليه من معاداة للنساء و ما إلى ذلك فـإتّجه إليها و سألها فى الأساس : " لماذا تستميعين إلى هذه الحماقات ؟ " فأجابت " حسنا لا يهمّهم شيء ، يعجبنى غضبهم " . و ردّا على ذلك طرح عليها سؤال : " إن كنت تستطيعين توجيه الغضب الذى تشعرين به و الذى تتماهين معهم فيه إلى شيء أكثر فئدة ، شيء من أجل التغيير الأكثر إيجابيّة ، هل ستفعلين ذلك ؟ " و أتت إجابتها فى غاية الوضوح : " دقيقة . لكن ذلك لن يحصل أبدا " . و أعادت وضع السمّاعات على أذنيها .
هذا هو التحدّى الذى نواجهه . الكثير من الناس لا يستطيعون حتّى التعرّف على المظهر الإيجابي فى هذا الإغتراب و الغضب لأنّ التعبير عنه – و الشكل الذى يتّخذه – غالبا ما يكون سلبيّا بمعناه المباشر . هناك خزّان من الغضب يمكن أن نراه يظهر بشكل متكرّر و يتّخذ أشكالا متنوّعة و نعم عادة أشكالا لا مخرج منها و حتّى ضارة . لكن كيف نوفّر تعبيرا عن هذا بشكل ثوري ، ومع ذلك نحافظ على الإنتباه إلى عدم الإندفاع إلى السبيل الخاطئ و لا نقع فى أن نعبّر عن الإندفاعات الخاطئة و لا نحاول القيام بالأمور قبل الأوان ، قبل تطوّر وضع ثوريّ يمكن لشعب ثوري أن يتقدّم جماهيريّا بالملايين ؟ هذا مشكل نحتاج مواصلة الخوض فيه . و هذه إحدى مسؤوليّاتنا الكبرى – إختراق هذا – ليس فقط أن نحرّك رؤوسنا و نتأوّه جراء صعوبة التعاطى مع هذا التناقض بل من خلال المدّ و الجزر مع الجماهير لندرك عمليّا و لا نتخلّى عن مسؤوليتنا فى أن نكون أولئك الذين يطبّقون العلم لمعالجة المشكل .
و هنا أودّ الحديث عن هذا – و ما قلت إلى ألان بصدد الدور المحوري للجريدة كعنصر مركزي و حيوي فى هذا – لكن نحتاج إلى أن نواصل الخوض فيه ، بشكل مستمرّ لأنّه يتعيّن علينا إنجاز إختراقات فى هذا . لن نحصل على نوع الحركة الثوريّة التى نحتاج إليها – و فى نهاية المطاف لن تنجز الثورة – طالما لم نحقّق ، ضمن الشباب خاصة و أيضا على نحو واسع ، إختراقا و لم نوجد عددا متزايدا من الجماهير التى تضطلع بالعمل الثوري ذى المغزى فى هذه الفترة حيث لم يوجد بعدُ وضع ثوري تتوفّر فيه إمكانيّة و أساس خوض صراع شامل من أجل السلطة .
و الآن و فى صلة بهذا ، ثمّة أهمّية العلاقة بين العوامل الإيديولوجية – محدّدة تحديدا واسعا لتشمل ليس فضح جرائم هذا النظام و طبيعته فحسب و إنّما كما وضع ذلك لينين ، نعرض أمامها قناعاتنا و أهدافنا الشيوعيّة و ندفع جماهير كافة الفئات بما فيها الجماهير القاعديّة إلى الخوض فى مسائل العلم و الفلسفة و الثقافة و ما إلى ذلك و أيضا فى الأحداث السياسيّة و الإجتماعيّة – العلاقة بين بين كلّ ذلك من جهة ، والعوامل السياسيّة و منها رغبة الجماهير و قدرتها على مقاومة و الظلم و القيام بذلك على نحو يساهم فى بناء حركة ثوريّة و شيوعيّة و ليس بطريقة لا هدف لها و/ أو مرّة أخرى تنزع إلى كنف قسم من البرجوازية .
و مظهر مفتاح فى توفير وسيلة و ريقة لكي تشارك أعداد متنامية من الجماهير – لا سيما الشباب و الجماهير القاعديّة عموما و أيضا أناس من فئات أخرى – فى العمل الثوري ذى المغزى ، هو توجّه نشر الثورة فى كلّ مكان – بجرأة و بالمعنى الصحيح على نحو هجومي للغاية . و بالمعنى الصحيح ، بالضبط فى وجه كلّ هذه الإصلاحيّة و كلّ هذا الإستبعاد للثورة و الهجمات على الثورة و الشيوعية . نحتاج إلى أن نطلق العنان إلى هذا و إلى أن نقود هذا فى كلّ مكان بجرأة و بروح إنتصاريّة . و مرّة أخرى ، جريدتنا ، الثورة ، حيويّة و محوريّة فى هذا بيد انّه هناك حاجة لفعل المزيد على أساس هذا الدور الحيوي و المحوري .
كنت تحدّثت مع بعض الناس عن هذا فى المدّة الأخيرة : كلّ يوم إن كنتم منتبهين لما يرى عبر العالم ، و تنظرون إلى الأشياء نظرة علميّة و شيوعيّة ، تجدون أنّ الحياة تصرخ بإستمرار من أجل الثورة و دكتاتوريّة البروليتاريا . عند الإطّلاع على تقارير عن أحداث شتّى و نقاشات مسائل شتّى فى الفكر السائد فى وسائل الإعلام البرجوازيّة ، تجدون أنفسكم بصفة مستمرّة فى موقع إرادة الصراخ : دكتاتوريّة البروليتريا . تقرأون المقالات أو تشاهدون الأنباء على الشاشة الصغيرة ، عن جينا بلويزيانا – الفظائع هناك و إضطهاد شباب السود ، جينا 6 و التناقضات المتفجّرة – و ما يأتى إلى الذهن إن كنتم تقاربون هذا كشيوعيين هو دكتاتوريّة البروليتاريا : هذا ما نحتاج إليه للتعاطى مع هذا الواقع و للتخلّص من الظلم العميق مثل ذلك و كلّ ما يمثّله . بدكتاتورية البروليتاريا ، بثورة تقود إلى حكم البروليتاريا و غايتها الشيوعية ، سيغدو ممكنا التعاطى مع هذه الأشياء على نحو لا يمكن للنظام القائم و طبقته الحاكمة الرأسمالية التعاطى معها به . هذا النظام و طبقته الحاكمة لا يمكن أن يتعاطيا أبدا مع كلّ هذا – عدا بوسائل تضرّ بالجماهير .
و إنظروا إلى كامل الجدال و النقاش حول الهجرة و كلّ الكلام عن " تأمين الحدود " و مختلف البرامج التى تتقدّم بها قاعات متنوّعة من البرجوازيّة ، و النزاع الرجعي الذى يولّده ذلك . و إلى جانب هذا ، هناك تناقضات السود / اللاتينيين التى يقع تحريكها و تغذيتها ، مع ظاهرة من جانب عديد المهاجرين هي أنّهم لا يفهمون كامل تاريخ شعب السود و هم ينحون نحو القبول بالخّ البرجوازي ، بأكاذيبه و تشويهاته حول من هم السود ، فى حين فى نفس الوقت يشعر الكثيرون من شعب السود بالإمتعاض إزاء المهاجرين مدفوعين إلى ذلك بمفهوم أنّ هؤلاء المهاجرين " يسرقون منّا شغلنا و المهاجرون هم نوعا ما مسؤولون عن تهميشنا " . إن كنتم تقاربون هذا كشيوعيين ، فى الحال ما يأتى إلى ذهنكم هو : دكتاتورية البروليتاريا . فمع دكتاتورية البروليتاريا ، يمكن أن نعالج هذه التناقضات – ليس فى لمح البصر و إنّما عبر الصراع على نحو يكون مصلحة كلّ هذه الفئات المختلفة من الجماهير . أجل ، سيشمل ذلك تناقضات و تعقيدات – لكن لن يكون بتلك الصعوبة . و من غير الممكن فى ظلّ هذا النظام و فى إطاره أن تعالج هذه التناقضات فى مصلحة الجماهير الشعبيّة – وهو مع ذلك شيء آخر يشير إلى الحاجة الجوهريّة لكنس هذا النظام بواسطة الثورة .
و أنظروا كيف أنّ النزاعات تظهر بين الحفاظ على البيئة من ناحية و من ناحية ثانية الحاجة إلى تطوير الإقتصاد - و نعم، إنشغال الجماهير الشعبيّة لمواطن الشغل و المعيشة – عندما تشاهدون كيف تتصادم هذه الأمور بحدّة فى ظلّ هذا النظام و لا وجود لحلّ جيّد ... دكتاتوريّة البروليتاريا .
و لنتناول بعدٌ مفتاح آخر لهذا : فى المدّة الأخيرة ، نُشر مقال جريدة " الثورة " يفضح قمع الشباب فى المعاهد – وكان متّصلا بمدبنة نيويورك على أنّه ظاهرة عامة فى البلاد – (189 و وُجد ردّ على مقال جريدة " الثورة " كتبه أحد هؤلاء الأساتذة المحبين و الناقمين قال فيه بالفعل : " تحاول تعلّم هؤلاء الشباب و برأسك كلّ الأفكار الرومنسيّة عنهم إلاّ أنّه لا فكرة لديك عن مدى عدم إنضباهم " . حسنا ، ما هو الجواب على ذلك – ليس فقط على الرؤية المشوّهة لهذا الشخص وإنّما أيضا على التناقضات الحقيقيّة التى تلمح إليها – كيف يمكن التطرّق إلى هذا و حلّه بالطريقة المثلى ؟ دكتاتورية البروليتاريا. هذا ما نحتاج إليه للتعاطى مع كافة هذه الأنواع من التناقضات . والمظاهر الإيجابيّة الموجودة هناك – ليس فحسب فى صفوف الشباب بل حتّى رغبة أناس مثل الأستاذ فى القيام بشيء مفيد تخنقها و تُفسدها العلاقات المهيمنة و الأفكارالمناسبة لها المسيطرة فى ظلّ هذا النظام – هذا يمكن أن تُعاد صياغته و يُعاد تلخيصه بطريقة إيجابيّة مع حكم البروليتاريا .
أو لننظر إلى التناقضات المتّصلة بالإختلافات بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، و بين مختلف الفئات التى تنجز فى المجتمع هذا النوع أو ذاك من العمل ( ما نسمّيه التناقض فكرى/ يدوي بصفة مختصرة ): بالمعنى الجوهري ، من غير الممكن التعاطى مع هذا التناقض تعاطيا إيجابيّا فى المجتمع الراهن . يمكن معالجة هذا التناقض و يمكن معالجته فحسب على نحو إيجابي مع دكالبروليتاريا و التقدّم صوب الشيوعية . و فى إرتباط بهذا ، هناك مثال ذكرته فى خطاب ألقيته قبل بضعة سنوات عن دكتاتوريّة البروليتاريا ( " الدكتاتوريّة و الديمقراطيّة ، و الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية " ) بشأن الدين محيلا على الشريط السينمائي " إتصال " [ كونتكت ] أين تجدون هذا التناقض البارز بين الجماهير الشعبيّة التى لها مصلحة كبرى فى الثورة الشيوعية ، أسيرة ، إلى درجة كبيرة جدّا ، الدين و الأغلال الذهنية الأخرى المنجرّة عن ذلك ، بينما هناك فئة صغيرة نسبيّا من الناس فى العالم زمنها يفهمون المسائل من هذا الطراز ( بصدد الدين و عدم وجود إلاه ) بصورة أوضح بكثير إلاّ أنّهم إلى درجة كبيرة مغتربون و ليس لديهم فهم حقيق للجماهير القاعديّة . و ما الإجابة ؟ دكتاتورية البروليتاريا . الثورة .
و الحاجة إلى هذا تشير إليها حتى بعض التناقضات التى تظهر فى مسار بناء النضال . فمثلا ، فى معركة الدفاع عن المعارضين و الفكر النقدي فى الجامعات ( وفى نهاية المطاف ى المجتمع ككلّ ) ، رأينا كيف أنّ بعض الأشخاص الذين هو هدف لهجوم القوى الرجعيّة و الدولة يمكن أن يكون لديهم موقف " متحفّظ " إزاء أناس آخرين فى الجامعات الذين هو فى الأساس فى الموقف عينه . و بالمعنى المباشر ، يشدّد هذا على الحاجة إلى أن نناقش و نصارع الناس ليستوعبوا المشهد الأوسع الذى يتنزّل فيه كلّ هذا ، و ليعترفوا بأهمّية الوحدة فى النضال ضد كلّ هذه المحاولات لقمع المعارضة و التفكير النقدي ؛ و فى نفس الوقت ، و الأكثر جوهريّة ، يبرز واقع أنّه لمعالجة التناقضات المتّصلة بكلّ هذا ، نحتاج حقّا إلى ثورة – نحتاج إلى دكتاتورية البروليتاريا .
نعم ، صحيح – و من الهام جدّا و الحقيقة العميقة هي - أنّ الهدف الأشمل و هدف دكتاتورية البروليتاريا نفسه فى النهاية بلوغ الشيوعية على الصعيد العالمي حيث الحاجة إلى و أساس أي شكل فيه جزء من المجتمع يتحكّم فى الآخرين – أي شكل من الدكتاتورية الطبقيّة – سيكون قد أُلغي و وقع تجاوزه . إلاّ أنّ الواقع هو أنّه دون دكتاتورية البروليتاريا ، دون الثورة الشيوعية ، لن نستطيع أبدا التقدّم بإتجاه و فى النهاية بلوغ ذلك الهدف الأشمل .
و كلّ هذا طريقة أخرى للتعبير عن نقة لينين بأنّ الشيوعية تنبع من كافة مسام المجتمع . حقّا الحاجة إلى الثورة الشيوعية تنبع بإستمرار من كلّ حدث فى المجتمع و فى العالم .عندما يتبنّى المرء النظرة والمنهج العلميين للماديّة الجدليّة ، بإمكانه أن يرى هذا بوضوح كبير . و من هذا المنطلق ، يجب أن نقود و نوجد أعدادا متزايدة من الجماهير لتكون جريئة جدّا – بروح إنتصاريّة و بالمعنى الصحيح ، هجوميّة جدّا – فى المضيّ بهذا إلى كلّ مكان ، ضمن كافة الفئات من الشعب . و مثلما شدّدنا على ذلك فى عدّة مناسبات ليس هناك ما هو أكثر لاواقعية من فكرة إصلاح هذا النظام لجعله نظاما يقترب فى أي مجال من خدمة مصالح الغالبيّة العظمى من الناس و فى النهاية مصالح الإنسانية ككلّ . و على قاعدة فهمنا و منهجنا العلميين ، ينبغى أن نتحلّى بروح إنتصاريّة – و ينبغى أن نلهم آخرين ليتحلّوا بذلك . وهذا أمر فى منتهى الأهمّية : نشر الثورة على نطاق واسع جدّا و بجرأة و بالمعنى الصحيح بشكل هجومي .
و لنعد الآن إلى كتاب " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " : " نحتاج إلى ثورة . أي شيء آخر هراء ، فى آخر التحليل . و هذا لا يعنى أنّنا لا نتحد مع الناس فى كلّ أصناف النضالات الأقلّ من الثورة . قطعا نحتاج إلى القيام بذلك لكن تقديم أي حلّ آخر لهذه المشاكل و الفظائع الهائلة و الفاحشة ، صراحة سخيف . و نحتاج إلى أن نتخذ موقفا هجوميّا و تعبئة أعداد متنامية من الجماهير لشقّ الطريق عبر هذا القرف و لتقديم ما هو الحلّ حقّا، و للإجابة على المسائل و نعم ، التهم التى يواجهنا بها هذا ، بينما نعمّق قاعدتنا العلمية لنكون قادرين على القيام بهذا . و المسألة هي : لدينا حاجة إلى القيام بهذا و حسب ، بل نحتاج إلى التقدّم ، مطلقين و قائدين و ممكّنين أعدادا متنامية من الجماهير للقيام بهذا . و تحتاج الجماهير إلى من يلهمها ، ليس فقط بفكرة عامة عن الثورة و إنّما بفهم متعمّق و خلفيّة علمية ، فى ما يتصل بلماذا و كيف أنّ الثورة هي حقّا الإجابة على كلّ هذا .
ثقافة تقدير و ترويج و نشر شعبيّ :
و مظهر هام من النشر الجريئ للثورة و الشيوعية فى كلّ مكان هو العمل على بناء ما وصفناه بثقافة تقدير وترويج و نشر شعبي بشأن القيادة و مجمل أعمال بوب أفاكيان و منو مقاربته . أقرّ بأن بعض الناس ( خاصة فى صفوف الطبقات الوسطى ، صراحة 9 يمكن أن يجدوا ذلك " غير متواضع " ( و ربّما بالنسبة للبعض ، باعث على الإضطراب بشكل غريب ) أن أتحدّث بنفسعن هذا ( و أن أحيل على نفسي مستعملا ضمير الغائب : هو ! ) بيد أنّه و قبل كلّ شيء و جوهريّا " التواضع" ( أو " عدم التواضع " ) ليس لبّ الموضوع . فهذا مثل أي شيء آخر مسألة مقاربة علميّة – موضوعيّا تقييم ما يمثّله شخص معيّن و دوره و مجمل أعماله و منهجه و مقاربته – و ينبغى أن ينإلى ذلك و يُقيّم من طرفى أو من طرف أي شخص آخر ، بهذه الطريقة و وفق هذه المعايير ( و لنكن نزهاء ، هل أنّ الذين يعارضون إحالتى على نفسى بإستعمال ضمير الغائب : هو هنا سيكونون أقلّ " ذهولا " إن كنت سأتحدّث عن " ثقافة وترويج و نشر شعبي بشأن القيادة و مجمل الأعمال و المنهج و المقاربة المتعلّقين بى " ؟ ). لا، جوهر المسألة هو ما الذى تمثّله موضوعيّا هذه القيادة و مجمل الأعمال هذه و هذا المنهج و هذه المقاربة و ما صلة هذا بالمسألة الأشمل لتغيير العالم ؟
و مثلما شدّد على ذلك لينين فى كتابه " ما العمل ؟ " أحد أبرز مهام الشيوعيين هي أن يعرضوا أمام الجميع قناعاتهم و أهدافهم الشيوعية . و يعنى هذا تقديم ما هو فى أي زمن معطى ، التجسيد الأكثر تقدّما لهذه القناعات و هذه الأهداف . و بمعنى أساسي ، المبادئ المعنيّة هي ذاتها فى كلّ مجالات البحث المعتمد على العلم ( الفيزياء والبيولوجيا و الطبّ و ما إلى ذلك ) : عادة ما ترتبط الإختراقات بشخص و للحديث عن الفهم الأتقدّما فى وقت معيّن دون الإحالة على و نعم بعض التركيز على ذلك الشخص سيكون مستحيلا – و سيكون محاولة تجنّب مثل هذه الإحالة و هذا التركيز مصطنعة و خاطئة إلى أقصى الحدود و لن تساعد أبدا فى تحقيق المهمّة . لذا، مرّة أخرى ، بينما طبعا هناك خصوصيّات لمجال القيادة السياسيّة ( و الإيديولوجيّة ) و بالأخصّ القيادة الشيوعية (19) بشأن أي شخص له دور مؤثّر ذى دلالة ( أو يقدّم كشيء يجب أن يكون له تأثير ذو دلالة )، المسألة الأساسيّة تتلخّص فى الآتى ذكره : ما هو مضمون هذا الدور و خاصة مضمون مجمل أعمال ومنهج و مقاربة هذا الشخص و ما ستكون إنعكاسات ذلك بشكل أو آخر إن كان سيكون لذلك تأثير كبير أو صغير ؟
لماذا أنا مهمّ – لماذا مجمل أعمالي ومنهجي و مقاربتى هامين ؟ لأنّهم يعرضون فهما متقدّما ، فهما أدقّ لما تعنيه الثورة و الشيوعيّة و كيفيّة التحرّك إلى الأمام بإتجاه هدف الثورة و الشيوعية ؛ وكذلك للخوض فى التناقضات التى سنواجه حتما فى هذه السيرورة . ( بعضها هو حتمي – و فى حين أنّ بلوغ الشيوعيّة ليس حتميّا ، من الحتمي فى النضال من أجل بلوغ الشيوعية أنّنا سنواجه عديد التناقضات المعقّدة و الصعبة . يمكن أن نضمن ذلك ) .
هذا هو جوهر المسألة – هذه هي الغاية . عندما نعرض هذا على آخرين و نعمل على بناء تقدير و ترويج و نشر شعبيّ ، لا نقوم بذلك قصد بناء عبادة الفرد بالمعنى الديني . نقوم بذلك من أجل تمكين الناس من الخوض فى الفهم الأكثر تقدّما لدينا، إلى أين يحتاج المجتمع وتحتاج الإنسانيّة أن يمضيا ، و يمكن أنيمضيا ، و ما علاقة مجمل الأعمال و المنهج و المقاربة بذلك ، و لماذا هذا مهمّ فى علاقة بذلك - لماذا فى الواقع ، من الضروري بالنسبة إلى الجماهير الشعبيّة أن تخوض فى هذا فى علاقة ب – و خدمة ل و أن تتقدّم صوب – ذلك و ليس صوب أي شيء آخر . و حتّى المظهر الثانوي و إن ليس غير ذات أهمّية – مظهر شخص بوب أفاكيان – هام فقط فى إطار و على أساس أنّه قائد شيوعي قثوري ، قائد حزب شيوعي طليعي على قيادة الشعب نحو هدف الثورة وفى آخر المطاف الشيوعية – الذى عليه أن يواصل تطوير قدراته للقيام بذلك لكن لديه أرضيّة أساسيّة للقيادة العمليّة للشعب بإتجاه ذلك الهدف . هذا مدار الأمر برمّته .
و على هذا الأساس وفى هذا الإطار، من المهمّ بناء ثقافة التقدير والترويج و النشر الشعبي ، و بالفعل القيام بخطوات قويّة و تجديديّة لإطلاع الجماهير الشعبيّة من شتّى الفئات ، بشكل أفضل ، على هذه ما تقدّمه القيادة و مجمل الأعمال و المنهج و المقاربة . إن كنّا بالفعل نسترشد علمي لكون المجتمع الإنساني يحتاج إلى و يمكن أن يتقدّم نحو الشيوعيّة ، فإنّ هذا النضال لبلوغ هذا الهدف يجب أن يكون عملا واعيا للجماهير الشعبيّة ، من جهة ، فى حين وفى نفس الوقت ، يجب أن تكون له قيادة ، و لا أفق لتحقّقه دون قيادة - قيادة تجسّد فى علاقة بهذا الهدف الفهم والمنهج الأكثر تقدّما- هذا يتركّز فى شخص ، نعم ، لكن الأكثر جوهريّة فى مجمل أعمال بوب أفاكيان و منهجه ومقاربته الذين يمثّلون هذه القيادة ؛ و من ثمّة ما يُستخلص بصفة طبيعيّة من هذا هو الإقرار بان هذا شيء يجب أن تعيه الجماهير الشعبيّة و تطّلع عليه ويجب أن تتبنّاه، مع إدراك مدى حيويّته فما يتّصل بمصالحها الجوهريّة الخاصة و فى نهاية المطاف بالمصالح العليا للإنسانيّة بأسرها. و كما تؤكّد على ذلك وثيقة حول مسألة القيادة الثوريّة :
" إنّ ظهور بعض الثوريين كتعبير مركّز لهذه السيرورة ، و تحوّلهم إلى تعبير مركّز لأفضل ميزات القيادة الثوريّة - بما فى ذلك بذل النفس بلا أنانية من أجل القضيّة الثوريّة و الحبّ العميق للجماهير ، و كذلك إستيعاب قويّ للمنهج العلميّ لإطلاق العنان للجماهير و رسم طريق الثورة فى تناغم مع مصالحها الموضوعية - بالتالى لا يكون وجود هكذا قائد أو قادة مصدر إزعاج و إنّما شيئا يرحّب به و يحتفى ! إنّه جزء من قوّة الشعب ." (20)
غاية فى الأهمّية إستيعاب الجدليّة و كذلك الماديّة المعنيين هنا . بهذا المضمار هناك دلالة حقيقيّة للطريقة التى بها وللأساس الذى عليه عديد الفنّانين و المثقّفين السود ، و للعديد منهم خلافات مع ما أتقدّم به ، قد ساعدوا بطرق متباينة ( و منها إمضاء تصريح " تفاعل ! " (21 ) ) فى خلق جوّ حيث ما لدي لأقوله يمكن أن يتفاعل معه قرّاء ومستمعون على نطاق أوسع وحيث جهود قمع صوتي و قمعى ستلاقى مقاومة أقوى . ما نلاحظه هو أنّه بينما لديهم درجات متنوّعة من الإختلافات مع وجهات نظري و قناعاتى الشيوعية الكثير منهم ، بمن فيهم عدد من الذين إطّلعوا على مذكّراتى ( " من إيكى إلى ماو و بعده : رحلتى من السائد الأمريكي إلى شيوعي ثوري " ) ، مهتمّين بى ومنجذبين إلىّ على المستوى الشخصي أكثر – أو ربّما من الأفضل قول " تاريخي الشخصي " ، لا سيما الطرق الجليّة لكونى قد تأثّرت بعمق بالعلاقات الشخصيّة مع أناس سود و كذلك بالصراع السياسي و الثوري الأشمل لأناس سود . لكن فى نفس الوقت ، بينما نحترم من أين يأتون و نثمّن تثمينا كبيرا الدعم الذى قدّموه إنطلاقا من وجهات نظرهم الخاصة و بالرغم من إختلافات معيّنة مع نظرتى السياسيّة و الإيديولوجيّة ، ما نبحث عن القيام به ، فى إنسجام مع وجهة نظرنا الخاصة ، هو الإجتهاد لجعل كلّ هذا يساهم بالمعنى العالم ، فى أهدافنا الإستراتيجية الجوهريّة للثورة و فى نهاية المطاف بلوغ عالم شيوعي . من وجهة نظرنا ، هذا و لا شيء غيره هو مركز كلّ ما نقوم به و نهدف إليه .
لماذا نسعى إلى جعل كلّ هذا يساهم فى الشيوعية ؟ لأنّ هذا " شغلنا الشاغل " ؟ لا . لأنّ إلى هناك تحتاج الأمور أن تمضي لأجل أن يوجد عالم مختلف و أفضل بكثير . و المفاهخيم المفاتيح التى نتحدّث عنها – ربّما بشكل متكرّر عادة و " مختزل " جداّ – مثل " الخلاصة الجديدة " (22) إلى جانب مبادئ الأبستيمولوجيا و الفلسفة ، و كذلك السياسة التى تتركّز فى مجمل الأعمال والمنهج والمقاربة الذين طوّرتهم – و الذين ، أجل ، يتركّزوا إلى درجة معيّنة فى الشخص الذى يتقدّم بمجمل هذه الأعمال و المنهج و المقاربة – كلّ هذا متعلّق بالثورة : أساسه و هدفه هو خدمة الجماهير الشعبيّة فى القيام بالثورة و التقدّم صوب الشيوعية .
ما نحن بصدده و ما نعتمد عليه ، ليس قطعا دينا . فى نظرته الفلسفيّة و فى منهجه و كذلك فى فهمه و أهدافه السياسيّين ، يقوم على و يسترشد بفهم و مقاربة علميّين . و كامل النقاش ، فى ما سبق من هذا الخطاب ، حول الماركسيّة كعلم ينبغى أن يجعل ذلك واضحا . (23)
لسنا طائفة دينيّة بل مجموعة علماء ( مجموعة تهدف إلى التوسّع بإستمرار ) ، باذلة قصارى الجهد لمعالجة مشاكل مستعصية – نخطئ ، نعم ، و نجتهد طاقتنا للتعلّم من أخطائنا ، و نجتهد طاقتنا للتعلّم من الآخرين ، بمن فيهم أولئك الذين لديهم نظرات و أهداف مختلفة عن نظرتنا و أهدافنا – مقاربين كلّ هذا بطريقة منهجيّة و شاملة . لم نحاجج أبدا ، و لم نعتقد قط ، بأنّ الحزب جماعيّا أو قائد الحزب – أو أي شخص أو مجموعة أشخاص – يتمتّع بميزات أو قوى ما وراء الطبيعة أو أنّ الحزب أو قيادته " معصومة من الخطإ " أو يجب أن " تقدّس" أو تُتّبع عن عمى . كافة هذا النوع من المفاهيم غريب تماما ومعارض فى الأساس لما نعتقده ونعمل على وضعه موضع التطبيق – تحديدا أنّه من الممكن و الضروري تكريس نظرة و منهج علميين تقدّميين وثوريّين لمواصلة مزيد فهم الواقع و فى علاقة جدليّة بذلك ، خوض لتغيير الواقع تغييرا راديكاليّا ، بإتّجاه الشيوعيّة .
نعتقد فعلا – و نحن على ثقة أنّ هذا الإعتقاد قائم على العلم – أنّ جماعيّة الحزب ، و بشكل مركّز ، قائد حزبنا ، بوب أفاكيان ، قد كسب طوّر فهما و منهجا ومقاربة متقدّمين بمعنى سيرورة الفهم العلمي و التغيير الثوري للواقع : مقاربة علميّة ترفض أيّة مفاهيم ل" العصمة من الخطإ " أو نوع من المعرفة النهائيّة والكاملة ، بل تعترف و تشدّد على أنّ ما نحن بصدد الخوض فيه و يجب أن نخوض فيه هو سيرورة متّصلة من تعميق فهمنا و قدرتنا على تطبيق فهمنا فى الممارسة الثوريّة من خلال العلاقة الجدليّة – التأثير و التأثّر – بين الممارسة و النظريّة و بين تبيق أفضل فهم لنا لما هو صحيح فى أي وقت معطى على الواقع و مواصلة تعميق فهم الواقع – بما فى ذلك ما يتبيّن أنّه غير صحيح حول ما سبق و أن إعتقدناه – متعلّمين ( و ممكّنين غيرنا منالتعلّم ) من أخطائنا و كذلك ممّا حقّقناه بفضل تطبيق فهمنا ؛ متعلّمين من عديد الآخرين فى مروحة عريضة من المجالات و من وجهات نظر متنوّعة جدّا ، فى نفس الوقت الذى نواصل فيه التعلّم من تجربتنا العمليّة الخاصّة و جهودنا و نضالاتنا الخاصّة فى مجال النظريّة و " الإشتغال على الأفكار " .
و تطوّر ما أشرنا إليه ك " خلاصة جديدة " مثال واضح و بارز لهذا . لقد وقع تطوير هذه الخلاصة الجديدة – المتعلّقة بالتجربة التاريخيّة للحركة الشيوعية العالميّة و المجتمعات الإشتراكيّة التى قادها الشيوعيّون و بأهداف وكذلك نظرة الشيوعيين و منهجهم – ( و بالفعل لا تزال بصدد مزيد التطوّر ) بداية و أساسا من طرف بوب أفاكيان كقائد لحزبنا و فى الإطار العام لجماعيّة حزبنا ( وكجزء من الحركة الشيوعية العالمية الأشمل ) أثناء فترة تناهز الثلاثين سنة ، و من خلال سيرورة عمل و صراع عميقين و شاملين فى المجال النظري فى علاقة جدليّة بتطوير السياسات المتّصلة بالصراع العملي المسترشد بالهدف الجوهري للثورة و الهدف الأسمى الشيوعي ، و ملخّصا النتائج ( الإيجابيّة و السلبيّة ) للجهود المكرّسة لهذه السياسات طوال كلّ هذه الفترة التى تناهز الثلاثين سنة . و لا ينهض هذا و لا يستند على فقط مفاهيم أو مقاربات دينيّة و إنّما مرّة أخرى مثل هذه المفاهيم و المقاربات اللعينة هي جوهريّا فى تناقض عدائي معه ؛ ونقد النزعات الدينيّة و النضال ضدّها ، مهما كان نوعها – ضمن صفوف الشيوعيين و كذلك على نحو أشمل ف المجتمع – هو تحديدا أحد أهمّ مبادئ مجمل أعمال بوب أفاكيان و منهجه و مقاربته .
و فى ما يتّصل بمسألة القادة الأفراد – وكذلك جماعيّة القيادة – مقاربتنا هي تطبيق النظرة و المنهج العلميّين للماديّة الجدليّة و التاريخية على هذا أيضا . هدفنا الأسمى هو فى النهاية بلوغ الشيوعية على الصعيد العالمي . و نعم ، صحيح أنّه عندما نبلغ هذا الهدف ، لن توجد بعدُ حاجة أو أساس لطلائع أو لقادة بالمعنى الذى نفكّر به الآن ، حاجة كبرى و أهمّية كبرى للقادة . و هذا تعبير و نتيجة للتناقضات الكامنة و الإنقسامات العميقة فى المجتمع ( الإنقسام بين العمل الفكري و العمل اليدوي خاصة ، و أكثر جوهريّة التناقضات بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ؛ و بين القاعدة الإقتصادية و البنية الفوقيّة – و الترابط و التداخل بين هذه التناقضات – مثلما يتخذ هذا شكلا فى هذا العصر حيث لا يزال العالم واقعا تحت سيطرة النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ). و طالما أنّ هذا صحيح ، تبقى المسائل الأساسيّة التالية : ما هو مضمون و تأثير هذه القيادة – إلى أين ستقود الناس و كيف ؟ هل تساهم فى تمكينهم عمليّا من فهم الواقع و العمل بوعي من أجل تغييره وفق المصالح الأساسيّة للإنسانيّة – أم تتداخل مع ذلك و تقوّضه ؟
هذه النقطة ناقشناها قبلا لكن خاصة متى وُجد الكثير من الخلط و عدم الفهم بشأنها – الكثير منه عن وعي و قد نشرته عن قصد الطبقة الحاكمة و كتلة أتباعها من المثقّفين و كذلك بعض الآخرين – من الضروري التشديد مجدّدا على أنّه نظرا لطبيعة المجتمع و العالم الذى نحيا فيه ؛ و نظرا إلى أنّ هذا المجتمع و هذا العالم لا يزالان تحت سيطرة الطبقات المستغِلّة و تشكيلها فى الأساس لديناميكيّة نظام إستغلالي هوالرأسمالية – الإمبريالية ، و نظرا للإنقسامات الإجتماعية الظالمة والإضطهاديّة بعمق المرتبطة بذلك – نظرا لكلّ هذا ، سيقع المجتمع و الناس الذين يشكّلونه بشكل غير مناسب تحت تأثير مجموعة أو أخرى من الأفكار – ومجموعة من القادة – أو أخرى ، سواء أقرّوا بذلك أم لم يقرّوا به . و مجدّدا المسألة الأساسيّة هي أيّة أفكار و أيّة قيادة و ما هي أهدافها و مراميها ، و بإتّجاه أية غايات تمضى و ما هي المناهج و الوسائل المستعملة ؟
على أساس هذا الفهم ، بنشاط و حماس و إبداع يتمّ بناء ثقافة تقدير و ترويج و نشر شعبي حول بوب أفاكيان ، فى صفوف أعداد متزايدة من الناس و تمكينهم من إستيعاب الأهمّية الحيويّة للتفاعل مع جملة أعماله و منهجه و مقاربته ، بينما يتمّ رفع تحدّى حماية الشخص الذى يتقدّم بهذا أو يقدّم القيادة و الدفاع عنه – و هذا جزء مفتاح من إيصال الثورة و الشيوعية إلى كلّ مكان . إنّه وسيلة من الوسائل ، طريقة من أهمّ الطرق التى لدينا للقيام بذلك . لكن ذلك هو ما نقوم به عند بناء هذه الثقافة للتقدير و الترويج و النشر الشعبي . و لهذا خصوصيّاته غير أنّه فى النهاية و جوهريّا متّصل ب – و فى خدمة – لا شيء آخر سوى نشر الثورة و الشيوعية وتشييد حركة جماهيريّة ثوريّة وعن وعي إنتهاج هذا التوجّه لأن نكون محرّري الإنسانيّة.
مقاومة السلطة و تغيير الناس ، من أجل الثورة :
و فى علاقة جدليّة بنشر الثورة فى كلّ مكان – و جوهريّا خدمة نفس الأهداف ثوريّة – هناك حاجة إلى تعبئة أعداد متنامية من الناس من شرائح متنوّعة فى " مقاومة سياسيّة جماهيريّة للطرق الأساسيّة التى بها فى أي وقت معيّن تتركّز الطبيعة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة لهذا النظام فى سياسات الطبقة الحاكمة و أعمالها و مؤسّساتها و وكالاتها ( مثلما وُضع ذلك فى نصّ " بعض النقاط الحيويّة للتوجّه الثوري - فى معارضة الموقف الفولي و تشويهات الثورة ". أنظروا جريدة " الثورة" عدد 102 ، 23 سبتمبر 2007 ).
لماذا لأكثر من عقد يتمّ إستنهاض الجماهير الشعبيّة لا سيما من الأحياء الشعبيّة ( ولكن أيضا من أقسام أخرى من المجتمع) كلّ سنة فى 22 أكتوبر ، اليوم الوطني للإحتجاج لإيقاف عنف الشرطة ، و القمع و تجريم جيل ؟ لأنّ فى هذا تتركّز تناقضات إجتماعيّة كبرى – فيه تتكثّف تناقضات المجتمع و طبيعة النظام و الطبقة الحاكمة و أشكال أخرى من النضال الجماهيري . و من الهام جدّا أن نستوعب العلاقة الجدليّة – التفاعل و التأثير و التأثّر المتبادلين – بين بناء هذا النوع من المقاومة و نشر الحاجة إلى الثورة بجرأة و على نطاق واسع ، فى كلّ ركن من أركان المجتمع .
لماذا أشدّد على هذا ؟ لأنّه هام كنقطة توجّه أساسيّة و كذلك و بالأخصّ لأنّه فى مقاومة و معارضة النزعات نحو الخط التحريفي ل " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " ، من الضروري و الحيوي عدم العودة إلى فكرة نشر الثورة و الشيوعية كمجرّد تمرين " أكاديمي " آخر – شكل آخر من السكولستيكيّة أو الدوغما العقيمة غير الملهم . نشر الثورة و بناء المقاومة مرتبطين جدليّا و يجب أن يوجد " تآزر إيجابي " بينهما – و كلّ هذا يساهم فى المضيّ بإتجاه هدفنا الإستراتيجي ألا وهو بلوغ نقطة حيث يمكن أن نعبر نحو إفتكاك السلطة الشامل لمّا تكون الظروف الموضوعيّة على نحو – بما فيها مزاج ملايين أفراد الشعب و ميولاتهم و مشاعرهم – يجعل ذلك مكنا .
علينا أن نطوّر بإستمرار و نوطّد بإستمرار قدرتنا على تشخيص و معالجة العلاقات الحيويّة الفعليّة بين الشيئين : نشر الثورة و الشيوعية فى كلّ مكان – بجرأة و ثقة إستراتيجيّة و بروح إنتصاريّة خوض النقاش مع الجميع " الذين يريدون تقديم بدائل أخرى و نقدنا ، و التقدّم عبر المدّ و الجزر بين الدراسة و الخوض الجماعي فى كيفيّة القيام بذلك ، و عمليّا إنجاز ذلك و فى نفس الوقت نبنى مقاومة بطريقة متصاعدة القوّة ، بما فى ذلك عبر تشخيص النقا المفصليّة الكبرى للتناقضات الإجتماعيّة فى أي زمن معطى .
متحدّثا عن بُعد هام من هذا ، أقترح رفيق آخر من قيادة حزبنا صيغة أعتقد أنّها تعبّر عن بعض المظاهر الأساسيّة لبناء الحركة الثوريّة : " مقاومة السلطة ، و تغيير الناس ، من أجل الثورة " .
صحيح أنّنا لسنا نبحث ببساطة عن تغيير الناس بغضّ الطرف و فى غياب إستنهاضهم لمقاومة فظائع هذا النظام و ظلمه ؛ لكن فى الواقع تغيير الناس جزء كبير من ما نحتاج إلى فعله – و الجماهير الشعبيّة تعلم ذلك . أحد أهمّ الأشياء التى تعرب عنها الجماهير الشعبيّة عندما تُطرح مسألة الثورة – إضافة إلى " إنّهم أقوياء جدّا و هناك الكثير من الناس ضدّنا " – هو " إننّا فى وضع مزرى للغاية " ( و العديد سيعبّر عن " كلّ شخص آخر فى وضع مزرى للغاية " ) [ ضحك ] تفهم الجماهير أنّ علينا أن نغيّر الناس . لكن علينا كذلك أن نقاوم النظام . علينا القيام بكلّ هذا مع ذلك من أجل الثورة – و ليس من أجل أي شيء آخر ، أي شيء أقلّ من ذلك . علينا أن نعالج معالجة صحيحة العلاقة الجدليّة المعنيّة هنا و نبعث الحياة فى هذا التوجّه بأسره بصورة أقوى فأقوى ، من خلال " التآزر الإيجابي " لهذين المظهرين – مقاومة السلطة و تغيير الناس – من أجل الثورة .
نحتاج أن نجعل هذا مهمّة الشباب – و مهمّة الجماهير الشعبيّة بصفة أعمّ . الأشكال التنظيميّة التى نلتقى بها مع الجماهير الشعبيّة تحتاج إلى أن تكون تعبيرا عن ما يكثّفه هذا الشعار . مثلا ، " نوادى الثورة " لا ينبغى أن تكون مجرّد أماكن لمشاهدة أشرطة الدى فى دى ( لخطاب " الثورة : لماذا هي ضروريّة ، لماذا هي ممكنة ، ما الذى تعنيه " ) . القيام بذلك هام – إنّه جزء من ما يجب أن تفعله نوادى الثورة هذه – لكن إن كان هذا كلّ ما نقوم به ، عندئذ ستفقد هدفها . ينبغى على نوادى الثورة أن تكون مكانا و وسيلة بواسطتها يمكن للجماهير أن تلتقي لتنشر الثورة و لتبني المقاومة – لمقاومة السلطة و كذلك لتغيير الناس بهدف الثورة ماثلا على الدوام فى الأذهان . و نعم ، سيتعلّم الناس أكثر عن ما يعنيه ذلك - ما تعنيه هذه الثورة ، لماذا هي ثورة هدفها الشيوعية ، و ما تعنيه الشيوعية ، و ما يعنيه الإنتقال إلى الشيوعية – ستتعلّم المزيد بلا هوادة حول كلّ هذا . غير أنّ ما يكثّفه شعار " مقاومة السلطة ، و تغيير الناس ، من أجل الثورة " – إلى جانب ما يوحّد نوادى الثورة : الإنسانيّة تحتاج إلى الثورة و الشيوعية – يجب أن يكون الحدّ القائد و جوهر تشخيص ما نحن بصدده ، و ما هدف الأشكال الجماهيريّة ك نوادى الثورة . و يرتبط هذا بالنقطة التى ناقشتها آنفا ، و التشديد على ، حرف الجماهير والحركات الجماهيريّة المعارضة عن " النزوع العفوي إلى كنف البرجوازية " .
الشيوعيّون و الناس الذين يتقدّمون من أجل الثورة و الشيوعيّة ، يجب أن يكونوا فى الشوارع بروح هجوميّة و بجرأة عارضين الحاجة إلى الثورة و هدفها . و ينبع هذا من الواقع العميق لكون الإنسانيّة فى حاجة فعلا إلى الثورة والشيوعية . و هذا سيتطلّب و ينبغى أن يعني قدرا هائلا من الصراع مع الناس – نخوضه بشكل جيّد ، بشكل حيويّ و جذّاب – لإبراز حيويّة واقع الثورة و واقع أنّها ليست فقط مجرّد فكرة غير متّصلة بما يجرى فى العالم حاليّا . لنكون واضحين ، المسألة ليست أنّ الثورة واقع مباشر فى هذه البلاد ، بمعنى أنّ النضال من أجل إفتكاك السلة إمكانيّة فى ظلّ الظروف الراهنة – مرّة أخرى ، إمكانيّة خوض هذا الصراع من أجل السلطة يمكن أن تظهر فحسب مع تغيّر نوعي كبير فى الوضع الموضوعي – لكنّى أشدّد على واقع الثورة الآن أي البناء من أجلها الآن و بالملموس ، طوال الفترة السابقة لوجود وضع ثوري و شعب ثوري يعدّ الملايين و الملايين .
ما يقبض عليه شعار " مقاومة السلطة ، و تغيير الناس ، من أجل الثورة " جزء كبير ليس فى بناء الحركة الثوريّة عامة فحسب بل كذلك جزء كبير من حرف الجماهير و الحركات الجماهيريّة المعارضة عنأن تصبح فى تبعيّة للبرجوازيّة و ممثّليها . يجب على قوّة ثوريّة نامية ، متجمّعة و مستنهضة حول توجّه ثوري و شيوعي أن تكون بصفة متصاعدة ك " مغناطيس " ، كقطب لإجتذاب الناس الذين مهما كان إنحدارهم الإجتماعي و مهما يعنى من تناقض – يبحثون عن و يرغبون فى عالم مختلف عن الذى نعيش فيه ، والذين لديهم حسّ بأنّ هذا العالم فى وضع مزري و يريدون معرفة إن كان هناك درب آخر ممكن حقّا ، و كذلك آخرون قد تخلّوا مؤقّتا عن فكرة أنّ هذا ممكن – أن هناك إمكانيّة درب آخر – و أنّ هذا هو الدرب .
على العمل الثوري ذو المغزى أن يتمحور حول الأشياء التى تعطى حياة وتعبّر عن معنى يتمحور حول الأشياء التى تعطى حياة و تعبّر عن معنى ما قبض عليه شعار " مقاومة السلطة ، و تغيير الناس ، من أجل الثورة " . هذا عمليّا يجب أن يكون عمليّا العمل الثوري ذو المغزى – يجب أن يشعر الذين يتقدّمون و يتبنّونه أنّه عمل ثوري ذو مغزى . و لنكن واضحين جدّا هنا : لن يكون هذا جميعه جليّا ومنظّما ، إنّه لن يكون كلّه كما لو أنّ الجميع يسيرون فى صفّ واحد و نحن نتحكّم تماما فى كلّ شيء – وهو شيء ما ينبغى أن نقوم به على أيّة حال . لا ينبغى أن نحاول أن نبقي كلّ شيء بعيدا عن أن يكون " غير منضبط " و عن أن يتجنّب أيّة مخاطرة . لن تبنوا أبدا حركة ثوريّة ، لن تمكّنوا أبدا الجماهير من الإضطلاع بالعمل الثوري ذو المغزى ، إن حاولتم مقاربتها على هذا النحو .
و نعم ، يفيد هذا السير على حافة سكّين آخر ، ذلك أنّ هناك عدوّ متربّص – هناك دولة قمعيّة – سيستغلّ كلّ تهوّر و كلّ حركة صبيانيّة يأتيها المنضمّون الجدد إلى النضال والذين يفتقرون إلى التجربة. لذا ، خلال هذه السيرورة ، سيكون من الضروري الصراع مع الناس – و الصراع الحاد أحيانا – حول ما الذى يخدم و ما الذى لا يخدم الثورة التى نحن بصددها و وسائل الإنجاز العملي لهذه الثورة . ونعم دون السماح بسقوط فى جنون الشكّ [ البرانويا ] – التى ستقوّض فعلا بصفة جدّية الحركة الثوريّة كذلك – سيكون من الضروري الإنتباه و ليس أن نكون سُذّج بشأن الناس الذين يجرى إرسالهم إلى صفوف الحركة من أجل محاولة حرفها – ليس فقط نحو جناح البرجوازيّة بل أيضا نحو أشكال ستيسّر أكثر لى البرجوازيّة أن تسحقها و هو ما ستحاول القيام به على كلّ حال .
و هذا تعبير آخر عن نقطة " السحب و الشدّ حدّ التمزيق " المطبّقة على هذه المسألة ، مسألة العمل و النشاط الثوريين اللذين لهما المغزى . لكن إن لم تلهموا الجماهير الشعبيّة بمعنى و روح الخروج إلى الشوارع و تحدّى الناس بالثورة ، و بمعنى أن نوصل إلى الناس " إن أردتم مقاومة السلطة ، إنضمّوا إلينا " ، لن يوجد عمل ثوري ذو مغزى ، و لا حركة ثوريّة .
و أحيانا سيوجد صراع حاد مع الجماهير حول هذه المسائل : ما هو و ما ليس هو أفضل طريق لبناء حركة ثوريّة ، ما الذى سيساهم و ما الذى لن يساهم فى الثورة ، ما الذى يمثّل إندفاعات طفوليّة – من جهة و من الجهة الأخرى ، ما الذى يمثّل مجرّد الإنزلاق إلى طرق إصلاحيّة مسدودة ، كنقيض للبقاء على طريق الثورة ؟ ستوجد و ينبغى أن توجد كافة أنواع الصراع حول هذه المسائل . إلاّ أنّه ينبغى أن يحصل الناس عن معنى : إن أردتم معرفة عالم مختلف و العمل من أجله - و إن أردتم الوقوف و الردّ على ما يتعرّض له الناس – إلى هذا تذهبون . تذهبون إلى هذا الحزب و تمسكون بجريدته و تتعمّقون فى ما يقدّمه قائد الحزب و تأتون إلى نوادى الثورة و تلتحقون بالناس الذين ينظّمون النشاط السياسي الذى يجسّد ذلك – نشر الثورة و بناء المقاومة و " التآزر الإيجابي " بين الإثنين – و كلّ هذا من أجل الثورة .
الآن ، بطبيعة الحال ، سننخرط فى عديد أشكال " الجبهة المتّحدة " من التنظيمات الجماهيريّة ، إن شئتم إستخدام ذلك المصطلح - منظّمات تتكوّن من أناس و قوى متنوّعة أهدافها و أساس وحدتها ليست الثورة. لكن فى نفس الوقت ، و ذو أهمّية كبرى ، يتعيّن أن توجد بعض أشكال التنظيم الجماهيري أرضيّة وحدتها و هدفها هو الثورة – أشكال إلى جانب الحزب ، يمكن للجماهير أن تلتحق بها ، مثل نوادى الثورة . و ضمن حركات و منظّمات " جبهة متّحدة " أوسع ، ينبغى أن يكون هناك عنصر الحزب و الموالين لوجهة نظر الحزب ، مقدّمين نظرته و أهدافه ، بشكل مناسب – بصيغة تعترف و تحترم كلّية و أساس وحدة الحركة / المنظّمة الجماهيريّة العريضة و لا تخلط أو تمزج ذلك مع ما يقف الحزب و يناضل من أجله .
و من جديد ، كجزء من التقدّم بالثورة و الشيوعية ، بطريقة حيويّة و جذّابة ، يجب أن " نخوض النقاش مع الجميع " ، نخوض نقاشا صحّيا و صراعا إيديولوجيّا . ترغبون فى الحديث عن هانا آرندت ؟ لنتحدّث عن هنا آرندت . إنّها شخص مخبول ، هنا آرندت هذه . [ضحك ] . إنّها شخص غير علمي ، تنشر كافة ألوان التشويهات و المفاهيم غير العلميّة حول الشيوعيّة و " الشموليّة " / " اللكليانيّة " و ما إلى ذلك . لنتحدّث عن هنا آرندت . يجب أن نكون متلهّفين للدخول فى مثل هذه الأنواع من النقاشات و الصراعات . و مثلما قال ماو تسى تونغ ، ما لا نعرفه يمكننا تعلّمه . لهذا لدينا النظريّة و لهذا لدينا جماعيّة الحزب . لهذا لدينا رؤية و منهج علميّين لتمكيننا من القيام بهذه الأشياء .
كما كنت أشدّد على ذلك ، نوادى الثورة شكل و وسيلة مفتاح عبرها نشرّك الجماهير بما فيها الجماهير التى تستفيق حديثا على الحياة و الصراع السياسيين ، فى الحركة الثوريّة . من المهمّ جداّ أن نعالج معالجة سليمة التناقضات المعنيّة بتمكين الجماهير نفسها من أن تقوم بمبادرات متنامية فى بناء الحركة الثوريّة و فى نفس الوقت ، توفير القيادة التى تحتاجها من أجل القيام بذلك . وفى خضمّ العمل على بناء الحركة الثوريّة ، سيواجه أناس جدد – كما أناس أقدم منهم نوعا ما بالحركة – كافة التناقضات التى تعترضهم حينما تشرعون فى نشر ذلك . كيف ننشر الثورة ؟ ماذا تقولون عندما يأتى الناس إليكم و يقولون كذا و كذا ، و أنتم تعرضون الثورة و الشيوعيّة ؟ كيف نبنى مقاومة ؟ ما هي الطريقة الصحيحة للردّ على هذا الهجوم أو هذه الفظيعة الخاصة ؟ و هذا يستدعى قيادة – قيادة تساعد على توفير الأجوبة على هذه الأسئلة و تطلق العنان إلى المزيد من المبادرة ضمن الجماهير – لا تخنق و تقمع تلك المبادرة بل بصورة متصاعدة عبر الزمن ، تمكّن الجماهير ذاتها من القيام بمبادرات أكبر لتمسك الأمور بأيديها الخاصة و أن تقود آخرين . و مفهوم أنّ الجماهير لا تحتاج إلى قيادة – و العمل إنطلاقا من هذا المفهوم – لن يؤدّى إلاّ إلى خنق مبادرة الجماهير و إلى إحباطها . لا تأخذ أناسا لم يتعلّموا أبدا السباحة وترمى بهم فى نهاية المسبح العميق و تقول لهم " لا نريد أن نخنق مبادرتكم " . شكرا جزيلا ! بينما يغرقون بإمكانكم قراءة تعاويذ عن كيف أنّ الجماهير يمكن أن تقود بذلك نفسها و ليست فى حاجة إلى قيادة . لا . من واجبنا أن نعمل اليد فى اليد مع الجماهير و أن نقودها دون أن نكون متغطرسين – دون أن نخنق و نطفئ نار مبادرتها ، بل نعطيها تعبيرا أتمّ فأتمّ .
بناء الحزب :
فى علاقة بكلّ هذا ، و كعنصر حيوي فى بناء الحركة الثوريّة ككلّ ، يترتّب علينا أن نولي التشديد الضروري على الأهمّية الحيويّة لبناء الحزب ذاته . علينا أن ندرك جيّدا النقطة الأساسيّة و مفادها أنّ منوجهة نظر الضرورة و الهدف الإستراتيجي، أي الثورة ، أهمّ شكل لتنظيم الجماهير هو الحزب نفسه كطلية لأوسع الجماهير الثوريّة . بناء الحزب حيويّ و محوريّ بمعنى القدرة على التسريع بينما ننتظر ظهور وضع ثوري ، و أن نكون فى موقع يخوّل لنا قيادة ثورة حينما تظهر الظروف الثوريّة و الشعب الثوري . نحتاج أن نقارب مقاربة منهجيّة بناء الحزب كمّيا – و هذا يعنى أنّنا نحتاج إلى إنتداب عدد أكبر من العناصر الجديدة ، و نحتاج إلى أن ننتدب بجرأة و أن ننتدب على نطاق واسع ضمن الجماهير القاعديّة و ضمن كافة الطبقات .
فى الماضى ، زمن الإتحاد الثوري ( المنظّمة التى ستشكّل الحزب الشيوعي الثوري ) كان لبعض الأفراد منهج الإنتداب على أرضيّة قديمة ، إن عبّر شخص عن أيّ نوع من الإتفاق حتّى بضبابيّة ، مع فكرة الشيوعية . لذا كان علينا أن نصارع ضد ذلك و نؤكّد : لا ، يجب أن يكون هناك بعض المضمون لهذا . و قد إستخدم أحد المدافعين عن هذا النوع من الإنتداب " الفضفاض " صياغة أنّنا نحتاج إلى " الإنتداب على نطاق واسع و بجرأة " . و كان ردّنا : نعم ، لكن ليس بهمجيّة و بشكل سيّئ . و هذا تمييز هام . [ ضحك ] و لا نزال فى حاجة إلى تطبيق هذا التمييز . نحتاج إلى أن نبني بإستمرار الحزب كمّيا – نحتاج فعلا إلى أفنتداب بجرأة و نعم على نطاق واسع ، ضمن الجماهير القاعديّة و ضمن كافة الطبقات – بيد أنّنا نحتاج لأن نقوم بذلك بشكل صحيح و على أساس أنّنا ننتدب إلى الحزب أناسا قد أنجزوا قفزة ليكونوا ثوريّين و شيوعيّين فى نظرتهم وتوجّههم الأساسيين ، يكونوا قد إستوعبوا و تبنّوا المبادئ و الأهداف الأساسيّة – الخطّ الساسي – للحزب .
يحتاج الحزب إلى أن يمدّ جذوره على نحو أوسع و أعمق فى صفوف الجماهير الشعبيّة لمختلف الطبقات ، لكن على وجه الخصوص فى صفوف البروليتاريين و جماهير قاعديّة أخرى لها أكبر مصلحة فى التغيير الثوري للمجتمع و العالم . علينا أن نكسب الناس ليكونوا شيوعيّين ثمّ عمليّا نجرى سيرورة مركّزة لإنتدابهم . نحتاج إلى أن ننتدب شيوعيين ، أناسا مستعدّين و مصمّمين على تكريس حياتهم للثورة و الهدف الأسمى عالم شيوعي – إلى أن يكونوا محرّرى الإنسانيّة – إلى المساهمة قدر الإمكان فى تلك القضيّة على نحو منظّم ومنضبط .
ومن المهمّ عدم الإستهانة بإمكانيّة كسب أعداد هامّة من الناس الآن – و مع تطوّر الأحداث ، أعداد أكبر – للثورة و الشيوعيّة . نعم ، صحيح أنّنا نسير ضد الكثير من العفويّة و واقع أنّ الإشتراكيّة قد وقع الإنقلاب عليها و أُعيد تركيز الرأسماليّة ، أوّلا فى الإتحاد السوفياتي ثمّ فى الصين ؛ هناك إنعكاسات لهذه التطوّرات الموضوعيّة ، إلى جانب الطرق التى تحرّك بها الإمبرياليّون و كتلتهم من المثقّفين لإستغلال هذه التراجعات التاريخيّة . و كجزء من هذا هناك مفارقة أنّ الإشتراكيّة فى الواقع قد تمّت الإطاحة بها و أنّه قد وقعت إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي قبل حوالي خمسين سنة من الآن لكن لمعظم ذلك الوقت ظلّ حكّام الإتحاد السوفياتي يحافظون على قناع مبتذل متنامى من " الإشتراكيّة " و" الشيوعيّة " إلى أن نزعوا فى النهاية ، فى بداية تسعينات القرن العشرين ، الأقنعة جميعها ، و الإتحاد السوفياتي و الدول التى تلته حينما وقع فى النهاية تفكيكه ، صاروا دولا رأسماليّة بشكل مفضوح . قد أطلق إنهيار الإتحاد السوفياتي و المعانقة المفتوحة للرأسمالية فى الكتلة السوفياتيّة السابقة المزيد من حزمة غضب مسعور للإيديولوجيّين البرجوازيّين الذين إستعملوا القذائف و حاولوا تقطيع أوصال ما تبقّى من إحترام للإشتراكية و الشيوعيّة فى أذهان الجماهير . و من هنا ، نعم ، نسير ضد كلّ هذا – و الإمبرياليّون و الرجعيّون ( و معادون للشيوعيّة أكثر " ليبراليّة " أو " تقدّميّة " ) كل ذلك إلى جانبهم – إلاّ أنّ ما ليس إلى جانبهم هو واقع ما يفرزه عمليّا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ( و أنظمة أخرى عفا عليها الزمن و علاقاتها الإجتماعيّة و الأفكار المتناسبة معها ) و ما يعنونه عمليّا بالنسبة إلى الجماهير الشعبيّة و من جهة أخرى ، واقع ما وقفت فعلا الشيوعية من أجله و ما كانت فعلا – و رئيسيّا إيجابيّة جدّا – تجربة الحركة الشيوعية و الدول الإشتراكية التى قادها الشيوعيّون . هناك فى الواقع – و هذا يعبّر عن نفسه أحيانا بشكل مفتوح ، عادة ليس بعيدا عن السطح ، أو أحيانا حتّى أعمق تحت السطح لكن لا يزال ينبض حياة – هو الإمكانيّة الكبرى لكسب الناس إلى الثورة و الشيوعيّة و إنتداب الناس إلى الحزب و مواصلة بناء الحزب كمّيا .
و فى نفس الوقت ، هناك الحاجة إلى مزيد بناء الحزب نوعيّا ، إلى مواصلة مزيد تغيير الحزب لتوطيد طابعه الثوريّ و الشيوعيّ – إيديولوجيّا و سياسيّا و تظيميّا . بيد أنّه من المهمّ التشديد على أنّ هذا يجب أن يتمّ فى إطار – و من أجل الهدف الجوهري – تغيير العالم الموضوعي الأوسع . يجب علينا أن نخوض الصراع لأجل مزيد تثوير الحزب ذاته فى هذا المسار ، و يجب أن ندفع الناس إلى الأمام لإنجاز القفزة و الإلتحاق بالحزب فى ذلك الإطار و بذلك الهدف الجوهريّ.
بجميع هذه الأساليب و منها إيلاء الإنتباه المنهجي لبناء الحزب كمّيا و أيضا نوعيّا على حدّ السواء ، نبغى أن يكون توجّهنا و هدفنا هو القيام بالثورة و الشيوعية . توجّه و تحدّى أن نكون محرّرى الإنسانيّة – قطبا جذّابا متصاعد القوّة : بالنسبة للجماهير القاعديّة ، و بالنسبة للشباب ضمن الجماهير القاعديّة و الشباب عموما و آخرون عبر المجتمع ...
-------
فى الختام ، دعونى أعود إلى عنوان هذا الخطاب – ما الذى نتطلّع إلى أن نكونه – ما الذى نتطلّع إلى إيجاده – بأعداد متزايدة و بمبادرة واعية متصاعدة ؟ نتطلّع إلى أن نكون و إلى أن نوجد صنّاع الثورة . محرّرو الإنسانيّة .
-------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش :
16- موضوع " الواقعيّة الحتميّة " تناولته بالحديث فى الجزء الأوّل المعنون " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " – متوفّر على موقع :
www.revcom.us
و تعثرون عليه ضمن سلسلة المقالات التى نشرتها جريدة " الثورة " ، و تحديدا فى العدد 109 ، 18 نوفمبر 2007 ، تحت عنوان " الماركسية كعلم – فى تعارض مع الماديّة الميكانيكيّة ، و المثاليّة و الفكر الديني " .
17- يحيل هذا على خطاب لبوب أفاكيان سنة 2004، " الإنتخابات ، الديمقراطية و الدكتاتوريّة ، و المقاومة و الثورة "، متوفّر على موقع :
www.bobavakian.net
18- هذا المقال " المعاهد العموميّة لمدينة نيويورك و تجريم الطلبة : أي نوع من النظام يفعل هذا لشبابه ؟ " ، صدر فى جريدة " الثورة " عدد 93 ، 24 جوان 2007 .
19- هامش أضافه الكاتب : فى ما يتعلّق بالقيادة الشيوعية بوجه خاص ، قد ناقشت التناقضات الإجتماعيّة و كذلك التجربة التاريخيّة ذات الصلة بالموضوع فى عدد من كتاباتى و خطاباتى و حوراتى الصحفيّة . أنظروا مثلا ، " سلسلة الحوارات مع مايكل سلايت " و خاصة قسم " حول القيادة " و هو متوفّر على الأنترنت على موقع :
https://www.bobavakian.net
20- من " بعض النقاط حول مسألة القيادة الثوريّة و القادة الأفراد" ، الجزء الثاني من " مقرّرات القيادة التى صدرت بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس الحزب . و قد نُشرت هذه المقرّرات فى الأصل فى جريدة " العامل الثوري " ( الآن " الثورة " ) ،1 أكتوبر 1995 وهي متوفّرة على موقع :
www.revcom.us
و يحمل الجزء الأوّل عنوان " لا يوجد الحزب إلاّ بهدف خدمة الجماهير ، القيام بالثورة " . و من أجل المزيد من نقاش هذه المسائل ، أنظروا أيضا " مفترق الطرق الذى نواجه و القيادة التى نحتاج " ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007 و هو متوفّر على نفس الموقع المذكور أعلاه .
21- بيان " الأزمنة الخطيرة تحتاج أصوات شجاعة . و بوب أفاكيان صوت من هذا الطراز " يمكن العثور عليه على موقع أنترنت تفاعل ! لجنة لبثّ صوت بوب أفاكيان و حمايته ، على :
www.engagewithbobavakian.org
22- نقاش هذه " الخلاصة الجديدة " متوفّر فى " القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة " ، الجزء 1 : " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " و خاصة القسم الأخير من الجزء 1 ، " التجربة التاريخيّة و الخلاصة الجديدة " . و الجزء 1 متوفّر على الأنترنت كوثيقة ، على :
www.revcom.us
و قد نشر فى شكل سلسلة مقالات فى جريدة " الثورة " . و " التجربة التاريخية و الخلاصة الجديدة " هو المقتطف الأخير من تلك السلسلة (" الثورة " عدد 113 ، 23 ديسمبر 2007 ).
و التالى هو القسم المحوري لذلك النقاش للخلاصة الجديدة :
" لمحاولة التكثيف - أو تقديم خلاصة أساسيّة - لما تمثّله هذه الخلاصة الجديدة ، يمكن أن نقول :
تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي .
بمعنى معيّن ، يمكن قول إنّ الخلاصة الجديدة هي خلاصة التجربة السابقة للمجتمعات الإشتراكية و للحركة الشيوعية العالميّة بصفة أشمل ، من جهة ، و نقد مختلف أنواع و من وجهات نظر متباينة ، لتلك التجربة ،من الجهة الأخرى . و هذا لا ييعنى أنّ هذه الخلاصة الجديدة تمثّل مجرّد " خليط " لهذه التجربة من ناحية و النقد من ناحية أخرى . ليست خليطا إنتقائيّا لهذه الأشياء و إنّما هي توغّل فيها و إعادة صياغة و إعادة تشكيل على أساس نظرة و منهج علميين و ماديّين و جدليّين ، و للحاجة إلى مواصلة التقدّم بإتجاه الشيوعية ، حاجة و هدف تواصل هذه النظرة و يواصل هذا المنهج الإشارة إليهما و بقدر ما يمسك بهما و يطبّقان بشمولية و عمق ، بقدر ما يشيران بصلابة إلى ه الحاجة و هذا الهدف ."
23- هذا النقاش للماركسيّة كعلم موجود فى الجزء 1 ( " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " ) وهو متوفّر كوثيقة واحدة على :
www.revcom.us
و فى سلسلة المقالات من الجزء 1 ، فى جريدة " الثورة " ، هذا النقاش مضمّن فى المقتطفات المعنونة " الماركسيّة كعلم – فى تعارض مع الماديّة الميكانيكيّة و المثاليّة و الفكر الديني " و " الماركسية كعلم – دحض كارل بوبر " اللذان نشرا فى العددين 109 ، 8 نوفمبر 2007 ؛ و 110 ، 25 نوفمبر 2007.
24- نقطة " الشدّ و السحب حدّ التمزّق " وقع نقاشها فى الجزء 1 من هذا الخطاب : " تجاوز الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي " المتوفّر على : https://www.revcom.us
و خاصة فى القسم الأخير من الجزء1 ، " التجربة التاريخية و الخلاصة الجديدة " الذى نُشر فى جريدة " الثورة " عدد 113 ، 23 ديسمبر 2007 .
======================================================
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني