الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/ 8

عبدالامير الركابي

2023 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


17 ـ كان الانتقال الى الصيغة "العملية" ضمن منظور "التغييرية"، مقابل، او كبديل عن الفنائية الكيانيه، قد استغرقت وقتا اقتضته ضرورة البلورة وسط مناخ وادوات مفروضه، من نوع النظام المصري، والاخ ابو عمار، مااستدعى ذهابه هو الى القاهرة لعدة مرات، والتقائه بعمر موسى مدير المخابرات، كان يلمح خلالها ويسعى لتوجيه النظر نحو مشروع قابل للتبني دوليا، وبالذات مع الولايات المتحدة الامركيه، وهو ماكان يعده من ناحيته قمة ومبتغى الاحتمالية التغييرية التي يعتقد بامكانية تحققها، تحت طائلة المتغير الناشيء عن الصدام مع الولايات المتحدة، والذي قد يحمل مقومات او احتمالات تجنب للفنائية الكيانيه، وبدء فصل تاريخي جديد له اشتراطاته ومعطياته التي تلائمه، الى ان جاء الاخ "ابو عمار" في زيارة له الى باريس، وتم بينهما اللقاء الذي وجه "ابو عمار" له فيه سوالا اختزاليا يقول: ماهي بالضبط الصيغة المقصودة والتي يمكن حملها والدفاع عنها دوليا، وكيف يمكن تحقيقها؟.
سال هو "ابو عمار" الى متى انت موجود في باريس؟ فرد قائلا الى يوم غد مساء وكان الوقت ضحى، فقال وهو ينهض من كرسيه: ساكون هنا اليوم مساء على ابعد تقدير، ومعي اللازم الذي نوهت به حضرتك. وعادر الى بيته ليبدا وضع النص الذي هو بالاحرى احد الوثائق الكبرى المطوية، الغائبة من المشهد، والتي اليها والى فعلها تعود الكثير من الظواهر البرانيه الظاهرية غير المفسرة، والتي ظلت بلا تعليق من اصحاب العلاقة، وقد جاءت اللحظة اليوم لكي يعلم العراقيون مالذي كان مطروحا كبديل عن عملية الافنائية الابادية التي وقعت لاحقا في 2003.
تقوم مرتكزات المشروع على :
1 ـ يحل "مجلس قيادة الثورة".
2 ـ تقوم محله هيئة باسم "مجلس الشورى العراقي" من 25 شخصية من خارج النظام وداخله.
3 ـ يكون صدام حسين "رئيسا لمجلس الشورى العراقي".
4 ـ تقوم حكومة مشتركة من شخصيات من خارج النظام، وحزب البعث، بالاضافة لشخصيات من النظام، والحزب الحاكم، تكون مهمتها الاضطلاع بنقل البلاد من الحال الاستثنائي، بالغاء القوانين التي من هذا النوع، تطبيعا للاوضاع في البلاد خلال مدة لاتتجاوز السنتين، بعلم واطلاع "مجلس الشورى".
5 ـ بسبب طبيعة الظرف الراهن ونوع التراكمات، يمنح النظام مهلة ثلاثة اشهر للبدء بالتنفيذ، على ان يسبق ذلك اعلان بالتغيير المزمع اعتماده، صادر عن "مجلس قيادة الثورة" ورئيس الجمهورية.
" هو ده الكلام"، قالها المرحوم "ابو عمار" وهو مستغرق في القراءة، بينما بانت على ملامحه فرحة لم يكن هو قد راها تغمر محيى القائد الفسطيني من قبل، حتى انه قام وصافحه قائلا: "انت ابن مخلص لشعبك وامتك حباك الله كل مايلزم كي تخدمهما" وقبل ان يفترقا، همس " ابو عمار" له قائلا : كل اللي تحتاجه وانا قادر عليه لاتتردد ابدا في طلبه. فشكره وتمنى له الموفقية في قيادة شعبه وخدمته، وتفارقا وهو موقن من ان الامر سياخذ مجراه، وان الرئيس الفلطسني لن يكل او يمل، قبل ان يوصل المشروع الى مقصده ليصير واقعا.
وكما علم لاحقا فان "ابو عمار" صور المشروع كما هو بنقاطه، وارسله الى /عزام الاحمد/ سفير فلسطين في بغداد، العريق وجودا هناك من ايام الدراسة، والوثيق الصله بالقيادة العراقية، بينما ذهب ليضع النقاط المذكورة كما هي امام القيادة المصرية عبر عمر سليمان الذي عرضها على حسني مبارك، الذي تحمس للمشروع، وغدت المهمه مركزة على "جس نبض" السفارة الامريكية، والذهاب الى بغداد لعرض الموضوع على القيادة العراقية، ولم يستغرق الامر وقتا طويلا حتى تلقى المصريون "الضوء الاخضر" من الامريكيين، ماجعل المهمه تتركز في اقناع القيادة العراقية، وهو ماحصل، فارسل نائب مدير المخابرات المصرية، وهو شخص يضطلع بما يمكن اعتباره مهام "فكرية"، ويكتب في الصحف، يمتاز بطول البال والهدوء، تعرف عليه هو لاحقا، بعدما صار المذكور ميالا من جهته للتعرف عليه.
18 ـ الى هنا ويصبح من الصعب معرفة التداعيات وردود الافعال، واشكال الفعل الخفي والمعلن الذي استثاره المشروع مدار البحث، مع انه لم يظهر بصيغته الفعلية، ولا احد عرف محتواه ومايتضمنه، بالمقابل اطلق بالون يقول بان فلان سياتي "رئيسا لوزراء العراق"، والخبر المذكور اصبح عالميا بعدما نشرته وكالة الانباء الفرنسية، الا انه تردد قبلها بخجل في بعض وسائل الاعلام، منها اردنيه وعراقية، ماقد ماترافق مع قرار القيادة العراقية وصدام حسين، الموافقة على المشروع، ومما يثير الانتباه لهذه الجهة، السفرة التي قيل بان طارق عزيز قام بها سرا الى عمان، ليلتقي بمبعوث مصري يبدو انه اتفق معه على اللقاء في العاصمة الاردنيه، وهناك ابلغه الموافقة على المشروع، لتنطلق بعدها الضجه بخصوص " رئاسة وزارة العراق" وما استدهته من اللقاءات التي اجريت معه بهذا الخصوص، وصولا الى جريدة " بابل" التابعه لعدي صدام حسين، والتي نشرت من جهتهاالخبر لاكثر من مرة حسب بعض المتابعين.
ومن قبيل المستحيلات بظل التشابك في الاغراض والمصالح، التعرف على الخلفية التي اليها يستند الخبر الملفق المذكور، أومن اطلقه ابتداء، وماغرضه، سواء اكان من المعارضة الملتحقة بالامريكيين، او جهات على صلة بالامريكيين من غير المعارضة، او طرف مصري مرتبط بجهات غير مصرية، او حتى النظام نفسه، فليس هنالك مايمنع النظام من ان يتصرف وقتها وتحت طائلة الظروف التي هو محاط بها، الى اعطاء الموافقه على المشروع المقدم بالشكل، مع السعي الى التشويش عليه وتخريبه عمليا بحسب ماهو قادر، ومايعتقد انه وسيلة صالحة لاداء الغرض التخريبي الضمني، هذا عدا عن الاحتمالات غير المحسوبة والصدف، علما بان الامر او المشروع وقتها قد خرج من دائرة السرية التامه، وان هو اتخذ منحى مختلفا وجزئيا ربما لاغراض الاثارة الاعلامية، ماقد دفع به هو بالذات الى كتابة مقال حول الموضوع نشر وقتها في جريدة "السفير" اللبنانيه، نفى فيه من حيث الجوهر اي رغبة او اهتمام بالمنصب المشار اليه.
في مثل هذه الاجواء غادر ابن الرئيس المصري "جمال مبارك" القاهرة حاملا المشروع كما جرى الاتفاق عليه الى الولايات المتحدة الامريكيه لمقابله "جورج بوش" الابن، وللبحث في مسالة ايقاف النوايا الاحترابية العدوانيه الجاري التحضير لها ضد العراق، ليفاجأ هناك بعدم رغبة الرئيس الامريكي باستقباله، ناهيك عن البحث في المشروع الذي جاء هو يحمله بعد تشاور ابتدائي تحضيري مع السفارة الامريكيه في القاهرة، فلم يتسن له ان يحظى سوى بلقاء عابر مختصر، لم يتجاوز الدقائق الخمس مع نائب رئيس الجمهورية ديك تشيني، لم يبحث فيه اي شيء.
هل لعبت اسرائيل من جهتها وعبر ماتملكه من وسائل تاثير وضغط غير عادي داخل امريكا، في اسقاط المشروع ومنع بحثه بالطريقة التي جرت بها قطعيا، وحتى من دون ترك الباب مواربا، او خاضعا للاحتمالية. ليس من الصعب كليا وقوع الكيان الصهيوني على مايلزم من المعلومات الضرورية بهذا الخصوص، حتى من السفارة الامريكيه في القاهرة نفسها ومباشرة، الامر الذي لم يكن ليمر من دون ردة فعل اسرائيلية مستنفرة، قد تكون هي التي ادت الى ماادت اليه.
في لقاء على التلفون له مع اذاعة " مونت كارلو" قال: "العراق مضروب ولو تعلق باستار الكعبه"، بمعنى انه قد صار مقنعا بغلبة اتجاه التدمير مكان "التغيير" بصورة نهائية وحاسمه، ولنتصور لو ان العراق بالفعل قد دخل طورا او حال تغييرية، بدايتها تلك التي وضعها هو واقترحها في المشروع السابق الحديث عنه، مع كل مترتباته الاقليمه والعالمية، ووجهة ومسارات الوضع على المنقلبين، مع كل الاحتمالية ومامتوقع حصوله بمقابل الحال، او النتائج التدميرية المعاشة اليوم.
فهل كان التغيير مقبولا او ممكنا باي شكل كان؟ لو نظرنا فيما قد اثاره وقتها العدوان الامريكي عالميا وعلى مستوى المنطقة والاقليم، لادركنا بان الولايات المتحدة الامريكيه وقتها كانت بصدد نوع من المعركة التي يستحيل التسليم فيها من دون تدمير العراق، فمستوى التظاهرات التي سارت وقتها في كل مكان، وخروج مايقرب من 13 مليون انسان يعارضون الغزو الامريكي على مستوى المعمورة، وتركز حركة مثل "حركة مناهضة العولمة" على ايقاع مناهضة الحرب والعدوان، ماكان ممكنا معها باي شكل، تصور حالة عراقية كالتي اقترحت، لانها بالاحرى كانت ستنطوي حتما على انقلابية كونية مضادة، العراق محورها ومحطتها، مع احتماليات تحوله الى بؤرة من نوع غير مسبوق في التاريخ الاصطراعي التحرري الامبريالي، وهذا جانب لم يؤخذ في كل القراءات التي وضعت للحرب على العراق بالحسبان حتى الساعة.
فالدافع النفطي استراتيجيا غربيا، او موقع اسرائيل الماخوذ بالاعتبار وفي البؤرة، من بين الاسباب التي حفزت على التدمير، وجعلته مهمة لايمكن على الاطلاق التراجع عنها، وهي بالاحرى الجانب الخفي دون تفسير الدوافع الامريكية البريطانيه لشن الحرب على ارض الرافدين، فالعزوف عن الغزو وقتها كان يعني بلا ادنى شك، انتقالا من فعالية كيانوية بعينها الى اخرى تحت طائلة التغييرية، قد تتحول الى بؤرة، والى مثال انقلابي عالمي مضاد غير معروف المالات، ولاالنتائج.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح