الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداهمات عن الكتب

وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)

2023 / 7 / 22
حقوق الانسان


لا زلتُ مع كتاب " جدار بين ظلمتين " الذي كتبه معتقل الامن المهندس "رفعة الجادرجي" وزوجته " بلقيس شراره " و اشرتُ في مقالي السابق الى مقطع من مشاهدات المهندس الراحل داخل السجن ، وأشير في هذا المقال الى مقطع تنقله لنا زوجته فيه من الطرافة ما يضحك و يبكي ، وربما مرّ به جميع من تعرض للمداهمات والاعتقالات وكان في بيته مكتبة !
لنطالع ما ذكرته ست بلقيس قبل ان اذكر لكم حالة مرّت بي شخصيا تدلُّ دلالة واضحة على ان الطغاة و الظلاميين متحدين على مرّ التاريخ ، فتقول بلقيس اذن : " اعتدت أن أكتب قائمتين بالكتب التي أجلبها له ( اي لزوجها المعتقل ) واحدة داخل الرزمة والأخرى أخفيها بين الملابس النظيفة و كانت القائمة التي أخفيها بين الملابس مهمة جداً، حيث تمكنه من معرفة الكتب التي لم يتسلمها من مديرية أمن السجن. و لو أن جميع الكتب كانت تُسلَّم إليه عادة لأن معظمها عن تاريخ العمارة أو عن الأستطيقية و فلسفة الجمال. كان يطلب في بعض الأحيان كتباً لا علاقة لها بالعمارة أو الفن طلب مني مثلاً أن أجلب له كتاباً عن الصحة، أصدرته جريدة صنداي تايمز Sunday Times البريطانية، و كان من بين الصور في الكتاب صورة فتاة ذات ثديين عاريين لها علاقة بفحص مرض سرطان الثدي. سألني عن الكتاب مرات عديدة و استغربت من عدم ،تسلمه و لكن بعد مرور شهر تقريباً أعيد الكتاب مكتوبا عليه لا يسمح به المسؤول عن امن السجن لأنه مضر بالأخلاق ! أطلت التفكير عندما قرأت هذه الملاحظة كيف أستطيع إدخال هذا الكتاب ثانية وتسليمه إلى رفعة . فهو كتاب يتعلق بالصحة وبعيد عن الجنس وجدت طريقة أخرى خدعت بها الموظف المسؤول في السجن عن الكتب . أتلفت الغلاف و الصفحة الأولى التي عليها إشارة المنع، ثم لصقت معاً الصفحتين الكتب الأخرى. أعدت تغليفه بغلاف وردي اللون ، وبهذه الطريقة تسلّم الكتاب نفسه ثانية"
هذا ما حصل مع عائلة السياسي الكبير كامل الجادرجي في ظل النظام الجمهوري قبل عام ٢٠٠٣ ! اما ما حصل مع عائلتي شخصيا بعد ٢٠٠٣ فيشبهه كثيرا ، إذ في بداية عام ٢٠٠٣ انتمى احد اشقائي الى احدى الحركات التي تنتهج مقاومة الوجود الامريكي ، وتعرض دارنا بسبب ذلك الى مداهمات قوة مشتركة من الجنود الامريكان والعراقيين ، ولعله مما يحزّ في النفس ان الجنود الامريكان كانوا اكثر لياقة ومهنية من ابناء جلدتنا ولم يقوموا بسرقة موجودات المنزل او تخريب الاثاث الذي فيه او اتلاف كتاب او اي شيء اخر ، غير ان من كان معهم من ابناء جلدتنا بل ومن ابناء مدينتي فقد ضربوا مثالا حياً بالأخلاق والوطنية !!!
في كل مداهمة تُسرق اجهزة الهاتف و اي مبلغ مالي يجدوه واي حاجات ثمينة وتُكّسر الاثاث و نُعامل على ان جميعنا مطلوبين ! وقدمنا الاخبار للجهات المختصة عن هذه الانتهاكات وابلغونا بان الدولة ستعوضنا عن هذه الاضرار ولكن الظاهر اننا لا نستحق تعويض ومباحة اموالنا لأفراد القوة المشتركة حفظها الله !
المهم في احد المداهمات كنتُ طالبا في كلية القانون و وضعت كتابي قانون العقوبات واصول المحاكمات بالقرب من المكتبة في البيت وكان بالقرب منهما كتاب ( عراق بلا قيادة ) للكاتب عادل رؤوف الذي كتبه قبل عام ٢٠٠٣ اصلا ويتحدث فيه عن الفرص المضيعة من قبل المعارضة العراقية آنذاك، واخذ احد الجنود يسحب بكتب المكتبة ويرميها ارضا وحينما لاح له هذا الكتاب مع الكتب القانونية قال لآمر المفرزة سيدي انظر يقرأون كتب ضد الدولة ثم ما علاقتهم بالقانون ، فشمخر هذا الامر المهني جدا واخذ الكتب مؤيد جنديه الامين وغادرونا ومعهم الكتب وبعض المسروقات !
فيا بلقيس هكذا هم الظلاميين في كل زمان ومكان لا يعرفون من الكتاب الا صورته واسمه فحسناً فعلتِ حينما غيرتي عنوان وغلاف الكتاب ولو كنتُ اعرف بطريقتكِ لجعلت غلاف كتاب عادل رؤوف ديوان نزار قباني وجعلت قانون العقوبات ديوان محمود درويش وقانون اصول المحاكمات ديوان السياب حتى احافظ عليهم من سرقة المداهمين !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين