الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة البطريرك ساكو وريان الكلداني

صباح ابراهيم

2023 / 7 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


البطريرك لويس روفائيل ساكو هو رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق و العالم، والكاردينال المنتخب لمجلس الفاتيكان ومستشار لاربعة وزارات في حكومة الفاتيكان، حائز على شهادتي دكتوراة باللاهوت المسيحي وماجستير في الفقه الإسلامي . منتخب من قبل عشرين مطران في العراق والعالم ليتراس الكنيسة الكلدانية ويتولى شؤون املاكها وكنائسها، مقره في العراق، وهو الوصي الشرعي والقانوني لأدارة ممتلكات وكنائس واديرة الطائفة الكلدانية في العراق، مركزه الديني هذا مصادق عليه من قبل بابا الفاتيكان المرجع الأعلى لكاثوليك العالم. منذ العهد العباسي والعثماني والعهد الملكي في العراق، وما خلفها من حكومات بعد تحول العراق الى النظام الجمهوري، ومركز البطريرك الكلداني هذا معترف به رسميا من قبل حكومات العراق منذ 1400 عام، كما اوضحنا لكون الكلدان اكبر طائفة مسيحية في العراق. ويمتلكون اكبر عدد من الأديرة القديمة والكنائس في كافة ارجاء ارض العراق .
اوقاف المسيحيين في العراق يتراسها رجل مسيحي ، يديرها تحت اشراف الكنيسة الكلدانية. وفي زمن الفساد والرشوى الذي يعم العراق الحديث ، طمع احد غلمان الفصائل الميليشياوية المسلحة المنضوية تحت ستار الحشد الشعبي والمدعو ريان سالم صادق المكنى (ريان الكلداني) والمعين من قبل الأرهابي الايراني قاسم سليماني زعيما لميلشيا بابليون بعد ان اعلن الولاء والخنوع للحرس الثوري الفارسي مؤيدا من قبل بعض قادة الفصائل الميليشياوية الشيعية في العراق والتابعة ولائيا الى حكومة الفرس في ايران . طمع هذا الغلام المتهور في الإستيلاء على ممتلكات العراقيين ودور المسيحيين المهجرين الى خارج العراق، فاستولى عليها وأخذ يبيعها ويسرق اثمانها بحجة تخليصها من الذين اغتصبوها وسكنوا فيها من غير اصحابها. ثم تصاعد طمعه ليستولى على اوقاف الكنائس وممتلكات الكنيسة الكلدانية ليتصرف بها ويبيع الكنائس القديمة التي آلت ابنيتها القديمة للسقوط والتي لا يوجد من يصلي فيها الآن، اما لأن مواقعها تداخلت مع الاسواق التجارية او لقِدم بنائها وعدم الصلاة فيها لقلة عدد المسيحيين في المناطق الواقعة فيها تلك الكنائس جغرافيا . ولهذا فقد تنابز هذا الغلام (الكلداني) مع البطريرك ساكو وبدا يطلق التصريحات افستفزازية ضده والتي تتهمه بشتى الأتهامات الباطلة لكي يجد من يسنده من الفصائل الميليشياوية الشيعية لأزاحة سلطته الكنسية والقانونية وسحب يده من رئاسة اوقاف المسيحيين في ديوان الوقف المسيحي ، ليتسنى لهذا الغلام الصغير ان يتصرف بممتلكات الكنائس الكلدانية مع اخوانه الذين يستولون على وزارة الهجرة والمهجرين ويسيرونها بمشيئتهم ، وهم من رشحوا وزيرة الهجرة لمنصبها في الوزارة بدعم من الميليشيات الشيعية .
واخيرا وجد غلام الميليشيات (ريان الكلداني) الذي يدين بالولاء لمن قام بتعيينه قائدا لميليشيا بابليون، وجد من يقف بجانب اطماعه من تلك الفصائل المتنفذة بالحكم من الأطار التنسيقي وميليشيات ايران العراقية ، التي سلطت الضغط على رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ليسحب المرسوم الجمهوري الذي اصدره الرئيس السابق جلال الطالباني في زمن رئاسته والخاص باعتراف رئاسة الجمهورية العراقية بمنصب البطريرك لويس ساكو رئيسا لطائفة الكلدان في العراق والمشرف على ديوان اوقاف المسيحيين ومتوليا على املاكها. لقد تحقق مراده وتم اقناع رئيس الجمهورية بعد رفض مستشاريه ما كان ينوي على فعله من الغاء المرسوم الجمهوري السابق . لكن الرئيس تحت ضغط عملاء ايران الميليشياويين اصدر مرسوم جمهوري جديد بسحب او الغاء المرسوم السابق بالمصادقة على منصب البطريرك لويس ساكو المصادق عليه من قبل البابا في روما. معتقدا انه بهذا سيلغي منصب البطريرك الكلداني في العراق .
لقد ارتكب هذا الرئيس الغير منتخب شعبيا والمعين بالأتفاق المحاصصاتي بموافقة ايرانية، خطا دستوريا شنيعا، فهو يعمل ضمن السلطة التنفيذية وليس التشريعية ولا يملك حق اصدار مثل هكذا مرسوم لأن مركز ومنصب البطريرك الكلداني موجود منذ 14 قرنا وموافق عليه في كل الحكومات السابقة التي حكمت العراق ، كما انه موقع ديني لا يتبع رئاسة الجمهورية وحكومة العراق بل يتبع سلطة الفاتيكان الكاثوليكية التي سبق وان صادقت على تعيين البطريرك ساكو بهذا المنصب الديني .
صرح النائب المسيحي السابق جوزيف صليوة معلقا على هذا الحدث : " لم يحصل بتاريخ العراق المعاصر منذ عام 1921 ان قام مسؤول كبير في الدولة بسحب تعيين بطريرك الكلدان او عدم الأعتراف به . هذا استهداف لشخص معين بالذات لأسباب سياسية واستهداف ممتلكات الكنيسة الكلدانية.
ترك البطريرك ساكو مقره الرسمي في بغداد والتجأ الى اربيل في كردستان حيث لاقى الترحيب الكبير من قبل رئيس الأقليم والشعب الكردي والمسيحي هناك . وقد ادلى بتصريح صحفي قال فيه :
" أنا حزين لترك مدينة السلام (بغداد) التي لا تعيش السلام، وأنا مهجّر هنا نوعاً ما، حاملاً حقيبة بسيطة بسبب ظلم رئاسة الجمهورية التي تمثل حامي الدستور، والتي أصدرت بياناً دون أي مسوغ قانوني تسحب فيه من رمز ديني ووطني وعالمي مرسوم الاعتراف بأنه رئيس كنسية وله وصاية على أملاكها، لاسيما أن هذا التقليد موجود منذ زمن العباسيين والعثمانيين و خلال 100 سنة منذ العهد الملكي إلى العهد الجهوري".

الكاردينال لويس ساكو تابع قائلاً: "رئيس الجمهورية تذكر الآن تصحيح الدستور وسحب هذا المرسوم مني فقط، ولا أعرف ما هي المسوغات والأسباب "
نتسائل ما علاقة رئيس الجمهورية صاحب المنصب التشريفي فقط الذي لا يتدخل بأمور ومصالح البلاد التي تعاني من قطع مياه انهاره من دول مجاورة ولا يتدخل، وبلاده تتفشى فيه السرقات ونهب الثروات ويعم الفساد في اعلى مناصب الدولة واصبح سوقا رائجة لتجارة المخدرات وعبورها من الحدود الشرقية ولم يحرك ساكنا، لقد اصبح بطلا الآن على البطريرك الوطني ساكو ليرضي اسياده الذين عينوه رئيسا للجمهورية من خلف الحدود الشرقية وهو لا يعرف يمينه من شماله.
منصب البطريرك ليس بحاجة الى مرسوم جمهوري بتعيينه ، أنه مركز ديني وليس وظيفة حكومية ، انه مرشح الشعب المسيحي الكلداني الممثل بمطارنة العراق والعالم الكلداني ومصادق عليه من قبل بابا الفاتيكان، ولا دخل لرئيس الجمهورية بهذا المنصب الديني ، لكن سحب المرسوم يعني توجيه الإهانة لشخص الكاردينال والبطريرك ساكو، وتهديد مبطن بتهجير من تبقى من مسيحيي العراق بتوجيه من ولاية الفقيه الذي عين رئيس الجمهورية في العراق لأسلمة شعب العراق 100% والغاء اي تواجد غير اسلامي على ارضه .
الإضطهادات والإضطرابات السياسية والدينية التي مرت على العراق منذ سقوط حكومة صدام حسين سببت في نزوح اكثر من مليوني مسيحي من شعب العراق مشتتين في بلدان المهجر ، حتى العائلة الواحدة تشتت ابنائها في بلدان عديدة .

من جانبها قد أعربت يوم 18 تموز الجاري، الولايات المتحدة عن قلقها إزاء "مضايقات" سياسية يتعرّض لها بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق الكاردينال لويس روفائيل ساكو، مناشدة إياه العودة إلى بغداد، بعد قراره التوجه إلى أربيل. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميل: " نحن قلقون لتعرّض موقع الكاردينال بصفته زعيما محترما للكنيسة لمضايقات من جهات عدة. وأضاف نتطلّع لعودته الآمنة. المجتمع المسيحي العراقي جزء حيوي من هوية العراق وركن أساسي من تاريخ العراق الحافل بالتنوع والتسامح".

بعد التصريح الصادر من الولايات المتحدة الأمريكية الذي عبّر عن استيائها ورفضها اجراءات رئيس الجمهورية العراقية تجاه البطريرك ساكو ومنصبه، تراجعت رئاسة الجمهورية عن موقفها قليلا بعد شعورها بالخيبة والاحتجاج العالمي وتداعيات موقفها المشين، فاصدرت التصريح التالي خجلا على فعلها اللا مسؤول لتخفيف التوتر ، علما انها لم تلغ المرسوم الجمهوري الأخير .
" أكدت رئاسة الجمهورية مجدداً، في بيان صادر الخميس (20 تموز 2023)، أن "سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو"، مشيرة إلى أن البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".
ونحن نتسائل ان كان المرسوم الجمهوري لا يخل بمنصب الكاردينال الديني والقانوني باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية ، فما مبرر اصدار المرسوم الجمهوري بسحب الإعتراف به رئيسا للبطريركية الكلدانية ؟
هل حكومة العراق ورئاسة الجمهورية فيها تعمل وفق مبدا الفعل ورد الفعل وبلا عقل ولا تخطيط ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام