الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستثمار في الإرهاب

محمد دلومي

2006 / 11 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


الاستثمار السينمائي والتنافس الفني أمر مشروع من أجل تفعيل الفعل الثقافي والالتزام بالرسالة الفن الحضارية والثقافية , لكن أن يصبح التنافس بين قنواتنا من أجل إنتاج الفشل والضحك على الأذقان فالأمر يدعو إلى الدهشة والشك المريب في كل إنتاج سينمائي أو تلفزيوني ...
في العقود الأخيرة في فترة الثمانينات من القرن الماضي تنافست القنوات وشركات الانتاج الفني على انتاج مسلسلات تاريخية إسلامية مثل مسلسل جمال الدين الأفغاني الذي قام ببطولته محمود ياسين , شيخ الإسلام ابن تيمية وكان دور البطولة للمثل القدير الراحل عبد الله غيث ’ وهارون الرشيد حيث اسندت البطولة فيه لنور الشريف بطل أفلام الغراميات .. ومسلسلات أخرى كثيرة لا تعد ولا تحصى ’ بغض النظر عن نجاح هذه الأعمال أو فشلها فإنها لم تقدم ما كان يصبوا له المشاهد ولم تقدم الأمر حتى كوثيقة تاريخية أما من الناحية الدينية فالرسالة كانت فاشلة على طول الخط . وكي لا نكذب على بعضنا البعض لم يكن منتج واحد من هذه المسلسلات يؤمن برسالة المسلسل الديني والدليل أن جل هذه المسلسلات التي تحكي عن علماء وخلفاء كانت تقدم لنا علاقاتهم الإنسانية مع زوجاتهم وجواريهم على شكل مسلسلات غرامية وليست دينية أكثر من تقديمها لأعمالهم الخالدة التي خلفوها وراءهم , لأن الباعث على إنتاج هذه المسلسلات كان تجاريا بحثا , كانت فترة صحوة إسلامية ووجب استغلال الفترة بأي طريقة من أجل تضخيم الأرصدة ..
لقد كانت مسلسلات شاذة ’ فما معنى أن تركز هذه المسلسلات على قصص الحب بين هارون الرشيد وجواريه والشيخ مسلم وحبيبته التي ستكون زوجته فيما بعد .. ؟ وما رأيي الأزهر الذي سمح بمرور هذه الأمور في المسلسلات .. ؟ سؤال يبق مطروح ولن يجيبنا عليه لا الشيخ الطنطاوي ولا مشايخ آخرين لأن الإسلام صار تجارة مربحة عند الكثير من المشايخ وبعض المعقدين من الحياة .
ورغم أن هذه المسلسلات كان ظاهرها إيصال رسالة سامية إلا أن الذي حدث أن الرسالة ضاعت على هامش الحقيقة وفي شذوذ هذه المسلسلات , فلا يستطيع أن يخرج المشاهد من هذه الأعمال بأي فائدة تذكر سوى أنه سيتعرف على أسماء بعض الجواري وزوجات العلماء ولا يستفيد حتى استفادة تاريخية على الأقل , ولا أقول دينية لأن الأمر هنا لم يكن دينيا بالمرة .
واليوم لم أصبحت هذه المسلسلات سلعة كاسدة ومستهلكة ولا تثير اهتمام أي مشاهد وجب البحث عن استثمار تلفزيوني وسينمائي آخر , ولم يكن الاستثمار الجديد إلا مسلسلات تتكلم عن الوقت الراهن . فكان الإرهاب هو السلعة الجديدة لنرى مسلسلات جديدة في شهر رمضان حتى وان كانت تطل علينا بشكل محتشم لقلتها إلا أنها ستكثر في الأعوام القادمة لتكون موضة الراهن العربي .. ولسنا ضد انتاج هذه المسلسلات .. بل هذا الأمر مشروع ومطلوب لو تقصينا في هذه المسلسلات حقيقة الإرهاب ومنابعه الحقيقية وكيفية ظهور جذوره الأولى , لكن أن نبدأ الأمور من منتصفها لتضليل المشاهد عن حقائق مهمة وأساسية لأي عمل فني حقيقي فهذا الغير مقبول بالمرة .. كأن الإرهاب وقع علينا فجأة كنازلة من السماء . أن نسود صفحة الإرهاب المسودة أصلا وتبيض وجوه بعض رموز الأنظمة ولو بطريقة غير مباشرة فهذا الذي نسميه الكذب والتلفيق والهروب نحو الخطأ ومعالجة الخطأ بالخطأ .
إذا الحقيقة التي يجب أن تتجلي هي أن هذه الشركات المنتجة للمسلسلات شركات تجارية تبحث عن الربح والعائد المادي ولو بأياد ملطخة بالدماء , صراحة لا افهم كيف تستطيع ان تبرز هذه المسلسلات وحشية الإرهاب بتقنيات عالية من تفجير واغتيالات مستعملة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجية "الهوليهودية" ولا تستطيع ان تبرز الدور الخطير الذي لعبه بعض الأفراد والشخصيات في أنظمة معينة بل وحتى دور بعض الأنظمة في نمو ظاهرة الإرهاب .. الم تساهم بعض الأنظمة في إرسال أبناءها للجهاد في أفغانستان
فقط لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تريد تقويض الإتحاد السوفيتي وإنهاك قدراته العسكرية والسياسية ...؟ هذه الأنظمة لم تكن تخدم الإسلام كقضية بل كانت تمشي على أجندة أمريكية وبرنامج مسطر من طرف الإدارة الأمريكية .. صراحة كان من الواجب جمع كل المعطيات كي نبني نظرة حقيقية على ما حدث وما حدث وما سيحدث ولا يمكن التغاضي عن المسببات الحقيقية لما يسمى اليوم بالإرهاب
لقد أعطت هذه الأنظمة ظهرها للعائدين من ساحات القتال بعد انتهاء الحرب وكان باستطاعتها استيعابهم وامتصاصهم لصالح مختلف مصالح الدولة حسب قدرات الأفراد العائدين وإمكانياتهم الفكرية والمهنية وحتى العسكرية لكن الذي حصل أن هذه الأنظمة تخلت عنهم ونظرت غليهم نظرة الريب والشك لتبدأ أول حكايات الصدام بين العائدين من أفغانستان والأنظمة المختلفة ..
من غير المعقول أن نمسك العصا من منتصفها ونغض الطرف على ما لحق الشباب العربي المسلم في أوطانهم جراء التعذيب والتنكيل لمجرد الشك والاشتباه أو وشاية الواشين والمخبرين .. ثم لم لا تتطرق هذه المسلسلات على المشاكل الاجتماعية المختلفة التي جعلت من بعض الشباب قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ..
جملة القول أن العوامل التي خلقت الإرهاب كثيرة ولكن المستثمرون فيه يحاولون طمس الشمس في عز الصيف .
حتى الإرهاب له أفضال على الكثيرين ويدر أموال قارون على المنتجين ولولاه لكسدت بضاعتهم وأغلقوا بوتيكات إنتاجهم التي تسمى استوديوهات وأصبحوا مجرد بقالين وجزارين في الأسواق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي باشتباكات في جباليا | #


.. خيارات أميركا بعد حرب غزة.. قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ




.. محاكمة ترامب تدخل مرحلةً جديدة.. هل تؤثر هذه المحاكمة على حم


.. إسرائيل تدرس مقترحا أميركيا بنقل السلطة في غزة من حماس |#غر




.. لحظة قصف إسرائيلي استهدف مخيم جنين