الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل - يمكن لهذه التجربة أن تكون مميّزة وعالمية -؟

نزار فجر بعريني

2023 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


" كان يمكن لهذه التجربة أن تكون مميزة وعالمية؛ كما قال نعوم تشومسكي،بما معناه أنّ" روجافا "معجزة لمنطقة تعيش بين الأعداء"!
كان يمكن لروجافا أن تكون مثل كمونة باريس الشرق: حراك علماني ديمقراطي محاط بالديكتاتور في السلطة والإرهاب الإسلاموي معا..(!!).
لكن العقلية القديمة، عقلية الجبال وحكم العسكر، نحّوا الجهود الحديثة والاستفادة من الخبرات الفكرية والثقافية والمعرفية... وظاهرة الفساد كذلك.. كل هذا جعل هذه التجربة حلما آيلا للزوال...")١).
بخلاف المسحة الرومانسية الثورية التي تدغدغ المشاعر القومية لشعوب المنطقة، والتي ارتدت في " ا لمشروع النخبوي الكردي" الثوب" العلماني الديمقراطي " ، المزركش بألوان آمال الكرد الزاهية ، وأحلام ثوار الجبال المستحيلة ، يمكن لقراءة العوامل الموضعية الحاكمة لتجربة "الكمونة الديمقراطية " في سياقات التأسيس والصيرورة أن تكشف لنا الأسباب الحقيقية التي حوّلت الأمل لدى شريحة واسعة من السوريين الكرد، نخبا وعامّة ، إلى خيبة ، و"التجربة الديمقراطية"، إلى حلم آيل للزوال!!
شخصيا أعتقد أن ما بدا من" إنحسار لمشروع " روج آفا " لم يكن فشلا لمشروع "كردي خاص " ، على نموذج إقليم كردستان العراق مثلا ،( ليس فقط لأنّه لم يكن في القيادة والأهداف والسياق مرتبطا بحقوق الكرد القومية وآمالهم المشروعة بقدر ما شكّل " استخداما " جيوسياسيا لها، على طريقة " المشاريع القومية العربية - ولا لأن جميع أسباب الفشل الذاتية الكردية ، والموضوعية السورية غير متوفّرة )، بقدر ما كان تحوّلا في طبيعة المشروع، فرضته طبيعة مصالح وسياسات وموازين قوى الدول التي تصارعت على تقاسم حصص السيطرة ومناطق النفوذ السوريّة بين منتصف ٢٠١٤ ، ونهاية ٢٠١٩ ، وقد شكّلت عواملاً مركزية ، بالمقارنة مع الأسباب الثانوية التي تفضّلت بها الروائية ، المرتبطة ب" عقلية الجبال وحكم العسكر..... وظاهرة الفساد كذلك؛ وهو ما يعني أنّ المشروع لم يفشل ، بل خضع لتحوّل وظيفي ،ويؤكّد استحالة أن يكون ، بفعل عوامل التأسيس والصيرورة، " تجربة مميّزة ، وعالمية "، و مثل "كمونة باريس "؛ كما يرغب طيف واسع من النخب السياسية والثقافية" العلمانية " المعارضة !
في محاولة لفرز الدعاية عن الحقيقة الموضوعية فيما يرتبط بظروف تأسيس وصيرورة " مشروع الكمونة "، أتناول في عدّة أجزاء حيثيات وسياقات ما طرأ على وظيفة " روج آفا" من تغيّر نوعيّ، وطبيعة المشروع البديل – الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"-على أمل المساهمة في بناء وعي سياسي موضوعي، ورأي عام سوري أقرب إلى وقائع الصراع ، وحقائقه الرئيسية!
الجزء الأوّل:
في تقديري، في أساس تلك الأسباب الثانوية،ثمّة عوامل رئيسيّة ، ترتبط جوهريا بظروف وعوامل " التأسيس " و السياق ، وطبيعة القوى" ، وتكشف طبيعة الدور الوظيفي لقيادة " حزب الاتحاد الديمقراطي " ( PYD ) وشركائه خلال المرحلة الأولى من المشروع بين ٢٠١١ ٢٠١٤ ، وطبيعة دور " قسد " ، و واجهتها السياسية "مسد" ، في مشروع التحوّل اللاحق، الذي تجسّد في سلطة " الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا " ؛ وهي من الأهميّة ّ بمكان تجعل من مصلحة السوريين ، جميع السوريين، وفي مقدمتهم الكرد إدراكها ،اذا كانوا حريصين على معرفة الوقائع الجديدة، وما تحمله من عواقب على مصالحهم المشتركة ، وتجنّبهم خيبات أمل أخرى ، قد تكون أشدّ مرارة !!
أوّلا ،
في طبيعة التحوّل ، وسياقاته !
١ – تقاطعت المصالح، وتساوقت في مرحلة التأسيس خلال ٢٠١١ ٢٠١٤ ، جهود قيادة " حزب الاتحاد الديمقراطي " لبناء قاعدة مشروع" خاص "، يجيير حقوق ومشاعر الكرد ، مع مصالح السلطة السورية وشريكها الإيراني، من أجل مواجهة حراك السوريين السلمي، وقطع مسارات تحوّله إلى ثورة ديمقراطية، وعبر خلق إنقسام داخل الصف الوطني الثائر ، يدّق أسفيناً في وحدة الصف الوطني الديمقراطي ، ويخلق صراعاً بين" مشروعين" متواجهين ، كردي قومي -لايملك الحدّ الأدنى من شروط التحقق الموضوعية أو الذاتية- وسوري ديمقراطي ، بات بفعل ما قدّمه السوريون ،وفي مقدمتهم الكرد، من تضحيات وإصرار على التغيير، إمكانية واقعية!
في خطط وسياسات قيادة PYD ، أتت جهود تأسيس " مؤسسات " روج آفا" الإدارية والأمنية والعسكرية في أعقاب حراك شعبي وتمرّد ثوري ،وفي إطار جهود سلطوية مضادّة لقطع مسار صيرورته ثورة ديمقراطية ،وقد تكاملت فيها أسباب ودوافع وإجراءات النظام السوري ،وروسيا وإيران، مع مصالح وآمال قيادة PYD ، في حكم المنطقة التي باتت تحت سيطرة ميليشيات " حماية الشعب " و المرأة ،" وبالتنسيق مع قيادات " قنديل .
٢ مرحلة التمدّد ،والتحوّل إلى سلطة أمر واقع في مناطق السيطرة الداعشية ؛ وقد انطلقت صيرورتها بعد تدخّل جيوش الولايات المتّحدة وروسيا، و تساوقت مع إطلاق الدولتين بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠ لسياسات وجهود إعادة تقاسم الحصص ومناطق النفوذ التي كانت قد سيطرت عليها فصائل المعارضة بين ٢٠١٢ ٢٠١٤ ،وما تضمّنته من تصدّي الولايات المتّحدة ّلمهمّة " تحييد" المليشيات الداعشية ، وتفكيك مرتكزات سيطرتها؛ وقد وضع الدور الكبير الذي لعبته ميليشيات" حزب الاتحاد الديمقراطي" في معركة كوباني ، وتحريرها في ربيع ٢٠١٥ ،الأساس لتنسيق وتعاون عسكري وامني مشترك ،تحوّل لاحقا ،بين ٢٠١٥ ٢٠١٩ - في سياق تحرير كامل مناطق السيطرة الداعشية، وما تتطلّبه من تمكين المليشيات عسكريا ولوجستيا ، وتحوّلها إلى" جيش نظامي " باسم " قوات سورية الديمقراطية " وتطوير أدوات الحكم المحلية ، الإدارية والسياسية ، إلى مؤسسات "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"- إلى شراكة سيطرة ونهب، وتحالف مصالح وأهداف ، يحمل طابع الديمومة ؛ عزّزه نجاح الولايات المتّحدة في إخفاء حقيقة أهداف تدخّلها العسكري المباشر خلال صيف ٢٠١٤ ، وترويج مشروعية أهدافها المُعلنة ؛ كما نجاح قيادة " قسد " وواجهاتها السياسية في الإستثمار ببطولات وتضحيات عشرات ألوف السوريين المنضوين في مؤسسات " قسد "، الذين أنتصروا في دحر العصابات الداعشية !
وهكذا ، تكاملت عدّة عوامل، (في مقدمتها، تقاطع المصالح والسياسات بين الولايات المتّحدة وقيادات " روج آفا" العسكرية ،وانتصار تضحيات السوريين ، وعدم وجود جسم سياسي وطني ديمقراطي سوري ، يمثّل مصالح جميع السوريين، وفي مقدمتهم الكرد ، وحرص الولايات المتّحدة وروسيا على منع حدوث أنتقال سياسي مركزي في دمشق ) ،في توفير شروط أرضية مشتركة لقيام مشروع تحالف استراتيجي بين سياسات الولايات المتّحدة، الساعية إلى إقامة قاعدة ارتكاز دائمة في سوريا "المُفشّلة " ،وقيادة " قسد ،" الباحثة دائما عن فرص إقامة كانتون سيطرة خاص؛ وقد شكّل مشروع إقليم " الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية" ، والحرص على تأهيله ، في سياق تأهيل سلطات الأمر الواقع وسلطة دمشق " الشرعية ، وإعطائه الشرعية السورية والدولية؛ إنجازاً تاريخا أمريكيّا ، يُضاف إلى ما حققته السياسات الأمريكية لتعزيز أدوات ومرتكزات سيطرتها التشاركية الإقليمية في أعقاب ما حصل من تحوّلات عالمية لصالح هيمنتها القطبية الأحادية !
المشروع الأوّل – روج آفا- ، بأدواته وعلاقاته التشاركية ، وطبيعة سلطته و يافطته الكردية ، كان كافيا فقط لتحقيق أهداف السيطرة التشاريكية لقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي وسلطة النظام السوري/ الإيراني في سياق تحقيق أهداف الثورة المضادة للتغييرالديمقراطي، لكنّه كان أقل من أن يلبّي شروط السيطرة الأمريكية ، وهدفاً أمريكياً استراتيجياً لإقامة قاعدة إرتكاز دائمة ،تتطلّب حمايتها وديمومتها سلطة تشاركية ، لاتوفّرها قاعدة روج آفا الجغرافية والديمغرافية المحدودة ، وقد باتت تشمل مناطق واسعة في الرقة ودير الزور وحلب !!
مع سيطرة قسد بدعم" أمريكي/ حليف" شامل على كامل مساحة السيطرة الداعشية في نهاية ٢٠١٩، تحققت أهمّ شروط قيام الكانتون" الأمريكي / القسدي" ، المرتبطة بالسيطرة الجيوسياسية، وباتت جميع الأبواب مفتوحة لإطلاق صيرورة " تأهيل شامل" لمؤسسات السلطة الجديدة" في سياق تحقيق شروط التسوية السياسية الشاملة ، على جميع الصُعد والمستويات؛ السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية ، بما يوفّر للكانتون عوامل الشرعية السورية والإقليمية والدولية ، وأسباب البقاء والديمومة !!
من الطبيعي أن تتجاهل جميع مواقع صناعة الرأي العام السوري التي لايمثّل أصحابها مصالح السوريين المشتركة تلك الحقائق ، كما تغيّب وقائع تكامل جهود واشنطن لتثبيت سلطة قسد على الحصّة الأمريكية مع جهود تثبيت سلطة النظام السوري على الحصّة الإيرانية، بما يجعل من تقاطع المصالح والسياسات بين جبهات " نظرية المؤامرة " الإيرانية / الأمريكية أبرز حقائق المشهد السياسي، سوريّا وعلى الصعيد الإقليمي!!

■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
(١)- مما كتبته الأستاذة " Maha Hassan" على صفحتها في ذكرى تأسيس " الإدارة الذاتية "؛ وهي قاصّة وروائية سورية كردية من مدينة حلب مقيمة في باريس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة