الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَاذَا لَوْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ .. ؟؟ ..

عبد الله خطوري

2023 / 7 / 24
الادب والفن


إليكَ أنْتَ الذي لا تَعْرٍفُنِي .. !! .. هل تَتَذَكَّرُنِي ؟؟ بآلأمسِ رأيتُكَ قبلَ اليوم .. في خَيالي كان كلُّ شيء يَحُفُّكَ يحتفلُ بلحظتنا معًا .. حديقتُنا الآن وحيدة تبكي .. لا ضياءَ في أفنانِها لا عصافيرَ لا فَرَاش لا حلازين تدب بين آلأحراش .. وحده الضَّبابُ يَرفلُ في جَبَرُوته الداكنِ يعْشي ما تَبقّى في عَيْنَيَّ من رُواء شموس غابرة .. أينكَ يا تُرى ؟؟ أريكَتُنَا آلثكلى لازالَتْ هنا تَرْنُو تَنتظرُ .. وأنتَ .. يا مُقلةً ضَرّجَ سُوَيْداءَها الخَفَرُ .. وجنتاكَ في ذاك الصباح الساطع سَطَعَتَا بألوان طيف قَشيب في يوم صَيْفِيٍّ قائض .. وبصرُكَ الذي حَلّ في مَفَازاتِ شغافاتِيَ آلوَلْهَى، اجتاحَني جَثَمَ كالنصل في نبضاته آمِنًا مُطمئنًا .. إني هنا أتَسَمّرُ .. يا أيها آلطفلُ آلسّنِيُّ آلمُتَنَمِّرُ .. هذه آلشُّجَيْـرَاتُ مازالتْ هنا تتذكّرُ آنتشاءَنا بحسيس همسِنا آلمتردد وآعْتِصَارَنا اللّحظاتِ آلآبِقَة في غفلة عن زمن هاذي بالمُحَرّمات .. كان آنتشاؤُكَ فكْرًا لي .. فَرَحُكَ، زهـوُكَ آغْـتَالا بِدَايَتِي لِيغُوصَ كُلُّ شيء في صَدْرِي، فلا أنْبسُ لا أتحرّكُ .. أتَذْكُرُ البهاء كله كان ذات يوم هناك هنا .. خُطواتكَ السريعة المُتحفِّزَة والجَبينُ الذابلُ والنظرات الشاردةُ وَوجهُكَ الذي يتضرجُ حَياءً .. و .. آهَـات تَتْرَى تتناسلُ تتكاثرُ .. ما أفعلُ بكل هذا ؟؟ أَ أَنْساهُ يا مطَرُ يا مطيريَ آلغابر ؟؟ أيها الزمن الجائرُ .. رُوَيْدَكَ مهلا .. !! .. أ أنسى أننا كُنّا صامتَيْن يتكلمُ التوقُ بلسانِ هَمْسِنَا ؟؟ أَ أنْسَى أنني كنتُ أفكـرُ فيكَ مدمنةً تفاصيلكَ دون أقدرَ على إيقاظ الخلائق الجميلة التي كنتُ أعلمُ جيدًا أنها كانتْ تسكنُ روحكَ .. ؟؟ .. الحب .. العطف .. العاطفة .. ولعبة الصمت الدائم .. كُنا نُحَدِّقُ في ذواتنا في الفَراشاتِ الزاهيات تَعيشُ لُحَيْظَتَهَا القصيرةَ في سُطوع تنصرفُ في صَدَى كركرات الأطفال إِذْ تُعَانِقُ زنابقَ الجُلنارِ في الوجوه التي نعرفها والتي لا نعرفها في كل الوجوه في كل الاتجاهات .. كُنا نبحثُ عن شيء يعكس مشاعرَنا الدفينةَ .. كل ذلك كان في صمْتٍ في حُبور في آختلاس في خفر في خُيلاء في جنون .. فهل أنسى ذلكَ الصمت ؟؟ تلك اللحظات الخرساء وأكتفي الآنَ بسطوة الزمن المُمْطِرِ حجارةً وجليدا .. أغْرَقُ في لُجَجِ الفُتور هنا في مَهامهي وحيدة شريدة ؟؟ أليس لي الحق في الذكرى أم تراني عصارة وَيْنٍ مَخْمُورٍ يَزْدَرِدُهُ زَمَنٌ خَاسرُ ؟؟ قُلْ لي يا مَطَرُ .. يا صخرُ يا حجرُ .. أَ أنصرفُ أم أظلُّ خسيفةً أتَحَسَّـرُ .. آهٍ .. هنا أنا الآن بأسياخ حَمراءَ أُخَضَّبُ أُدَثَّرُ .. أهفُو أتَعَـثَرُ .. وإني لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكَ الصيفية هزةٌ يا أحلا هزاتي يا أعذبَ أطياف ذاكرتي .. هزاتٌ عنيفةٌ يشرئِبُّ لها القلبُ ينتفضُ يتزلزلُ يتمرمرُ .. تَـااللهِ ما أبشعَ حُـبَّكَ .. !! .. ما أقساه .. !! .. ما أصمتَهُ .. !! .. يَقولُ لي قلبي وأنا أَرْنُو إلى بقايا أطياف حُبِّي في حديقتنا الساكنة هذا المساء، في جنتنا الحائرة .. أجملُ الكتابات تلكَ التي لَمْ نكتبْها بعدُ .. أجملُ الترانيم تلكَ التي لَمْ نُغَنها بعدُ .. أجملُ اللقاءات تلكَ التي لَمْ نتواعدْ فيها قطُّ .. و .. أوْفَى حُب ذاك الذي لمْ يُعْلَنْ بعدُ للعلن .. لم يلكه العشاقُ بين ألسنتهم .. لَمْ تُحَبِّرْهُ رسائلُهم .. لَمْ يُدَبِّجْ بلاغَتَه يَراعُهُم آلأَرْعَنُ .. هاته الحديقة الطفولية وتلك الوُرَيْقَاتُ الخريفية الحائلة وهذا الضباب السادرُ المُتَجَبِّرُ يشهدُ أنّا كُنَّا ذات يوم هنا غارِقَيْن وحيدَيْن في لُجَج من وَجَلٍ ترسمُ آلخَيالاتُ أفياءَنا المُنتظَرَة .. و .. نَنتظِرُ ... حُبُّكَ يا طِفليَّ آلشقيَّ آلبهيَّ كان منذ البدء آنتظارا .. كان صمتًا جُؤارًا يتحرك دون كلام دون جَلَبَةٍ دون ضوضاء .. سكون هيام سكون مَنام .. صدى خطواتكَ في حديقة آلبَيْلسان لها حَريقٌ في آلحَشا في آلحنايا وأنتَ ترفلُ في أرجائها تتمهلُ صامتا ساهما دائما في مَدارج الأحلام كَحَمامٍ تائقة هَدَائِلُهُ إلى البوح الى الانعتاق .. والوجهُ الحَزينُ الضّامرُ الحادرُ تبتسمُ شفتاه وعيناه لا تبتسمان، والجَبينُ المُتَغَضِّنُ أيها الطفل الحَائرُ كمُوَيْجَاتِ بحر عجوز أنهكَه السفرُ آلأغبرُ والرأس المائل العاثرُ .. كالحسرات لا يستقيم لا ينتصبُ .. و .. ألفُ خاطرة وعَناء .. كل ذلك .. مثل أطياف الأحلام .. مثل بقايا حَباب بهاء أراها وحدي ليس معي إلا هذا الرذاذ الْيُعَـفِّرُ ذُؤاباتيَ التالفة فوق جبيني التائق إلى مُحياكَ يا حبيبي .. خَمَّنْتُ وأنا أمْسِكُ مظلتي آلمَطَريةَ العَجْفاءَ بين أناملي رَانيةً إلى صُور الفراغ تخدشُ مُقلتيّ الكَسيفتيْنِ .. ماذا لَوْ كُنْتُ قتلتُ الوهنَ في حَنايَايَ وأنتَ أمامي وأزلتُ التردُّدَ عن خطواتي المُنْتَكِسَة وآتجهتُ في ذاكَ الصباح الصيفي مُباشرةً إليكَ مُخْتَصِرَةً كلّ مَسافات المنع والحصار والمراقبة والطوق السميك وضربتُ عُرْضَ الزوال كل تاريخ الحَريم وأخذتُ ذاك الرأسَ المُتمايلَ حذْوَ تلك الشُّجَيْرَاتِ وأغمضتُ هُدْبَيّ وأزحتُ تلك الخصلةَ المُتمردةَ من شعركَ الهائج وأطبقتُ على الجبهة المُتَغَضِّنَةِ قُبلةً غَائِرَةً تُلَخِّصُ كُلَّ الآهاتِ والانتكاساتِ في زمّة واحدة لا نهاية لامتداداتها وأسافرُ في التيهِ في الولهِ لا أبالي لا أعاني ثم أُغْرِقُ في لَهفة في نشوةٍ رأسيَ المُتَرَدِّدَ في صدرِكَ الرّحيبِ عَسَايَ أجدُ بعضا من أفياءِ الفرح .. و أُذْهِبُ عن حُشاشَتي ضغائنَها المقيتة يا فؤادي .. ماذا لَوْ كُنْتُ فعلتُ ذلك ؟؟ قُلْ لي بالله عليكَ .. أَ أبوحُ أمْ أصمتُ يا مطرُ ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا