الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيتنام والعراق - جرائم الطرف الواحد و جرائم الطرفين

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 11 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


أججت الحرب الإمبريالية على العراق الإرهاب العالمي وغذته ، وأدت إلى ظهور أجيال جديدة من المتطرفين الإسلاميين والقوميين في أرجاء مختلفة من العالم، كما غذت النزعات العنصرية والطائفية وقوت من عضد القوى الرجعية والمتخلفة في كل العالم، ما اعترف ويعترف به المسؤولون في الإدارة الأمريكية قبل معارضي الحرب وسياسات العولمة.

كما أفرزت هذه الحرب القذرة ظاهرتى عولمة الإرهاب وإرهاب الدولة وكذا الإرهاب المزدوج الذى تمارسه وتحاربه أمريكا والغرب فى آن واحد. كما أشاعت تلك الحرب الفوضى والإضطرابات حول العالم وكشفت أيضا إزدواجية المعايير الدولية والأمريكية فى التعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط وقضايا ما يسمى بالعالم الثالث ، كما فضحت النوايا الإستعمارية الأمريكية لتقسيم المنطقة فى إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد والمقترح أمريكيا ، وفضحت أكاذيب نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان و الإتيان بالرفاهية والحرية للشعوب المحرومة .

لقد باتت الحرب في العراق مستنقعا عصيّا للولايات المتحدة الأمركية وحليفتها بريطانيا، مستنقعا لا تبدو له نهاية ولا مهرب سهلا منه . فاصبحت الإمبريالية الأمريكية وحليفتها في مأزق صعب للغاية ، لا يمكن الخروج منه بسهولة ، ولا أمل في تحقيق أي نجاح أو تقدم . فهذا الواقع خلق حتى خلافات ومشاحنات بين المسؤولين في الدولتين ونخبتهما السياسية.

و أصبحت مقارنة الأوضاع في العراق بفيتنام الحديث الرئيس في وسائل الإعلام والميديا وتصريحات المسؤولين ألأمريكيين و في مقدمتهم بوش ، في وقت تتصاعد فيه موجات الإعتراض والإحتجاج من الرأي العام على الحرب والعدوان الإمبريالي . وقد بينت استطلاعات الرأي 61% غارديان أجرتها جريدة الجارديان البريطانية أن 61% من البريطانيين يريدون من القوات البريطانية الخروج من العراق.
أما الأوضاع في إدارة بوش فتتفاقم وخامة ، و هناك احتجاجات كبيرة من قبل الرأي العام والميديا والناس على حكومته باعتبارها المسبب الأصلي للحرب والمجازر الجارية في العراق.
وتشتد المعارضة للحرب الأمريكية على العراق بسرعة كبيرة في أمريكا ، ويشتدّ الإنتقاد لسياسات بوش من قبل سياسيي الولايات المتحدة .
ويجري كل هذا في ظروف تكون الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة على الأبواب، وأمست قضية الحرب في العراق الموضوع الأساسي للمنافسة الإنتخابية. ففي الوقت الذي يعتبر بوش ورامسفيلد وديك جيني و آخرون من سياسيي البيت الأبيض أن النجاح ممكن في هذه الحرب، انتقد البرتو فرناندز رئيس قسم شؤون السياسة الأمريكية في الشرق الأدنى في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية بشدة سياسة حكومته ووصفها بالحماقة والغرور .
و البحث الساخن في الميديا وبين الناس هذه الأيام هو مقارنة حرب فيتنام وحرب العراق. حرب فيتنام خرجت منها أمريكا تجر أذيال الخيبة والهزيمة المخزية بعد أن أصبحت مدانة من قبل العالم لجرائم القوات الأمريكية بحق الفيتناميين ، وأثارت احتجاجات عارمة واسعة في العالم.

و الحقيقة إن كانت المشكلة تتعلق بحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما ، أن الوضع في العراق فيمكن مقارنته بالوضع في فيتنام. فالخسائر في صفوف القوات المحتلة أصبحت كبيرة بحيث يمكن مقارنتها بخسائرها في فيتنام، ولا يمكن لإدارة بوش وحلفائها إلا أن يروا هذا التشابه، أما ما يتعلق بالجماهير في العراق، أي ضحايا الحرب فتكون المسألة معقدة للغاية. فكلا جبهتي الحرب الإمبريالية في العراق لا يريدان الإعتراف بأن في فيتنام كان طرف واحد من أطراف الحرب كان يقتل الناس بدون رحمة مستخدما آخر ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا ، أي القوات الأمريكية المحتلة ، لكن في العراق يقوم كلا الطرفين في هذه الحرب القذرة بذبح بنات وأبناء العراق ، وقد رموا بجماهير العراق المظلومة في أتون صراعهما اللا شريف على السلطة والنفوذ والحصص.
ولا توجد أية وثيقة لحد اليوم تدل على أن الفيتكونج قد أرهبوا الناس أو قتلوهم ، لكن في العراق نشهد يوميا أن طرفي الحرب ، طرف أمريكا وحلفاؤها وصنائعها، وطرف المقاومة البعثية والقومية والإسلامية والوطنية البرجوازية ، يتبارون في ارهاب أبناء وبنات العراق، وذبح الأطفال و اغتصاب البنات والولدان في سابقة ندر أن حدث في العصر الحديث.
وهذا هو الفارق الأساس الذي لا يروق لكلا طرفي الصراع المعاديين لجماهير العراق أن يعترفوا بوجوده. ومما يؤسف له أن قوى اليسار القومي الأوروبي تعلن دعمها ومساندتها للقوى الرجعية والإرهابية القومية- الإسلامية والطائفية" على عناد أمريكا" كما عودتنا على ترديده في الماضي أبواق البعث والقوى اليسارية القومية والوطنية البرجوازية. فقوى اليسار القومي ا|لأوروبي بمساندتها القوى الإرهابية البعثية والقومو-اسلامية وبالتالي تقويتها وتأهيلها لإستلام السلطة بعد خروج المحتلين من العراق، تلحق بسياستها تلك ، سواء كانت تدري أو لا تدري، أفدح الأضرار بنضال القوى الشيوعية العلمية والإشتراكية والإنسانية في العراق.
فكل مساعي السياسيين الأمريكان والبريطانيين تتركز على البحث عن سبل الخروج من ورطة الحرب التي أشعلوا نيرانها. لكن المسألة تختلف عند البشرية المتمدنة . إنها تكمن في كيفية التمكن من وضع نهاية للإرهاب والحرب و المذابح اليومية الرهيبة. يجب خروج القوات المحتلة من العراق ، وبالتأكيد أن خروجها لن يكون نهاية المأساة التي خلقتها الإمبريالية ، فالمنافسة الدموية و التناحر بين القوى الطائفية والقومية والمذهبية في الأسواق والأزقة وفي البيوت ستستمر ، وتضفي على التشتت والتقسيم أبعادا جديدة قانونية وشرعية واسعة.
هذه المسألة الخطيرة يجري اهمالها في وسائل الإعلام الغربية فيما يتعلق بالعراق. وإنها مهمة القوى التقدمية والشريفة والإنسانية في العراق وكل العالم أن تتبنى قضية أهل العراق. هذه القضية تتلخص في انهاء الحرب والارهاب والدمار والقتل.
الجرح عميق في العراق، ونيران الجحيم حامية، ولا يبدو في الأفق القريب بصيص أمل في نهاية هذا النفق المظلم. لكن ثمة مخرج ! ألا هو خروج قوات الإحتلال ، وتجريد المليشيات الأرهابية من أسلحتها وحلها، وايجاد أجواء يقرر الناس في ظلها مصيرهم ومستقبلهم.
وعلينا الإعتراف بحقيقة مرّة أيضا ، ألا هي أن المأساة لن تنتهي مباشرة بعد خروج المحتلين ، وأن على القوى اليسارية الشيوعية والأشتراكية أخذ استعداداتها عسكريا و نفسيا وتنظيميا لمواجهة الأوضاع التي ستستجد آنذاك ، وسحب البساط من تحت أقدام القوى الرجعية التي ست حظى بدعم الإمبريالية التي تتصارع معها اليوم لتقسيم الحصص بما يرضيها.
وهذا أيضا فارق كبير بين حالتي فيتنام والعراق ، ففي الأولى كان الفيتكونج هم المنتصرين و شكلوا حكومة التحرر، بينما الخطر أكبر من خطر الإحتلال فيما لو انتصرت القوى الإرهابية المقاومة للاحتلال وبالإتفاق مع القوى الإمبريالية .

فهذه المهمة الكبيرة والصعبة للغاية تقع على كاهل شعب العراق الجريح ، والجماهير المليونية الشريفة والإنسانية في كل أرجاء المعمورة. هذه مهمة الجبهة الثالثة الإنسانية التي اليوم في حالة تشكل وتبلور ، بعيدا عن ضيق الأفق القومي والديني، وبدون القوى البعثية والقومية والإسلامية السياسية الإرهابية ، خارجة إلى الميدان بقدرات كبيرة للتحدي والكفاح في مواجهة إرهاب النظام العالمي الجديد والإرهاب الإسلامي السياسي والقومي السياسي. وستجبر الجبهة الثالثة الدول الإمبريالية والقوى الظلامية على التراجع ، وستساعد شعب العراق على استعادة حقوقه الإنسانية والعيش في أمن وسلام.

‏04‏/11‏/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟