الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول المشاركة السودانية في القمة الآفرو-روسية بمدينة سان بطرسبرغ

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2023 / 7 / 25
السياسة والعلاقات الدولية


ملاحظات حول المشاركة السودانية في القمة الآفرو-روسية بمدينة سان بطرسبرغ:


هنالك ترقب ملحوظ، وإهتمام كبير وسط الدوائر السياسية والصحافة، ومؤشرات تفاؤل وآمال تتشكل من داخل وخارج السودان بشأن الأخبار المتداولة عن إقتراب الموعد المُحدد بتاريخ 27 يوليو الجارٍ لعقد القمة الافريقية الروسية الثانية "علي مستوى الرؤسا" وهو الحدث الأبرز إلي جانب عقد المنتدى الإقتصادي الإنساني بمدينة سان بطرسبرغ، وتأخذ هذه القمة زخمها علي المستوى الإعلامي والسياسي والإقتصادي لكونها تأتي في ظل تحولات عالمية وسودانية، وتجمع دول غنية تعمل لرسم ملامح مستقبل جديد قائم علي تبادل المصالح المشتركة، ومن المتوقع أن يراجع الرؤساء المؤتمريين قوائم تنفيذ توصيات القمة الأولى التي عقدت في العام 2019م بمدينة سوتشي، ونتوقع وضع برنامج عملي تشاركي "آفرو-روسي" للإرتقاء بكافة الإتفاقيات التشاركية والتعاونية المبرمة في المجالات الإنسانية والسياسية والإقتصادية، والبحث عن كيفية إيجاد آليات فعالة لإحداث التنمية المستدامة بتعاون افريقيا وروسيا الإتحادية.

بدأ التحضير مبكرًا لمشاركة السودان في هذه القمة المهمة عقب الزيارة التاريخية التي قام بها القائد مالك عقار اير نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي إلي روسيا الإتحادية في 30/6/2023 مع اللحظات الصعبة التي عاشها السودان إثر إندلاع نزاع مسلح فتح باروده شهية الأعداء للإنقضاض الجائر علي الخرطوم وسلبها قرارها وسيادتها الوطنية، ورغم ذلك إمتد العمل التحضيري حتى في الزيارة الأخيرة للقائد مالك عقار إلي دولة جنوب افريقيا في 14/7/2023 حيث ناقش مع الرئيس سيريل رامافوزا أزمة الحرب السودانية والسيناريوهات المطروحة وإيجاد حلول سودانية لمشكلات السودان بمساعدة الأصدقاء وليس عبر تدخلات خارجية، وقد إتفقا علي مواصلة مشاوراتهم خلال زياتهم لروسيا الإتحادية، وتبع تلك الجهود الإجتماع الذي عقده القائد مالك عقار يوم 23/7/2023 بجمهورية مصر وسط حضور لعدد من وزراء الدولة مع رجال الأعمال السودانيين والدبلوماسيين بغية إجراء تنوير شامل وحوار مباشر في إطار تبادل الأفكار لتشكيل الخطة السودانية إستعدادًا للقمة الافريقية الروسية.

عالم اليوم ليس كما في الأمس، ولا يمكن العودة للوراء، وإذا نظرنا لواقع حال الدول "الكبيرة والمتوسطة والصغيرة - حسب عوامل الإقتصاد والجغرافيا والتأثير السياسي في العالم"؛ فمن حيث النفوذ الإقتصادي والسياسي والسيطرة علي الموارد والعلاقات بين الدول والسياسات المعاصرة فان التاريخ قد برهن أن محاولات قطب ما فرض السيطرة علي أجزاء من العالم مسألة غير ممكنة مع نمو الرغبة في التغيير، ويمثّل تعدد الأقطاب العالمية بوابة لصعود مجموعات إقتصادية جديدة كانت تتحكم فيها محاور محددة لا تترك لها مساحة للولوج بحرية إلي الأسواق العالمية أو مواكبة الحداثة وتطوير العلوم والمعارف والصناعات المختلفة بعيدًا عن تلك القوانيين المجحفة التي توضع وتستخدم للسيطرة علي قرار الدول الأضعف والأقل نموًا في عالم الأمس الذي لا يصلح لصياغة الغد المشرق، وها نحن نشهد اليوم تحولات عميقة في الإنتقال إلي عالم جديد أكثر إنفتاحًا و واقعية مما كان في الماضي، وهذه فرصة جيدة جدًا يجب التعامل معها وإستثمارها بشكل جاد من أجل بناء مستقبل افريقيا والسودان.

قارة افريقيا تمتلك موارد هائلة إلا أنها لم تستخدم مواردها في التنمية الإقتصادية والنهوض بشعوبها بل استخدمتها الأنظمة في الحروب، وترجع أزمة القارة الافريقية لعدة أسباب مهمة، ونركز هنا علي سببان أساسيان - الأول هو إنتشار الفساد المالي والإداري والفقر والحروب الداخلية التي تتمدد وتعيد تقسيم الخارطة الافريقية عبر الحكومات الوطنية الغير مسؤلة من جهة ومن جهة آخرى الأنشطة الهدامة لحركات وجماعات إنفصالية مدعومة من قِبل الحكومات ذات التوجهات التوسعية والإستعمارية داخل وخارج افريقيا، أما السبب الثاني فيتركز بشكل عام علي إنعدام تام للبنية التحتية مثّل المنشآت التعليمية والصحية والصناعات المختلفة إضافةً لمسألة الحوكمة الإقتصادية وأهمية التنمية المتوازنة ومعضلة إستلاب الموارد وتهريبها إلي خارج القارة الافريقية، وكذلك تلك القيود التي فرضها واقع الإضطراب الأمني وأطماع القوى العظمى للهيمنة علي حركة التجارة والتوزيع الغير عادل للإستثمارات بين الدول بمنطق "الخبز مقابل الذهب"، رغم وجود مقومات لإنتاج الذهب والزراعة وصناعة الخبز إلا أن السياسات الجديدة في التعاون الدولي لدعم السلام والإستقرار وتبادل المصالح يجب إقامتها علي الإستقلال وليس الإستغلال وعكس هذه النظرية لن يحقق السلام والتطور العالمي، وهذه معادلات كبيرة تحتاج فتح حوار إستراتيجي في كافة منابر السودان وافريقيا بالتركيز علي شعار "حلول افريقية لمشكلات افريقيا"، وينبغي إيجاد رؤية سياسية وإقتصادية وأمنية شاملة وصالحة للتطبيق وتفكيك الخطاب القديم بمخاطبة ومعالجة تحديات القارة الافريقية بالتزامن مع الإنفتاح علي العالم الخارجي.

25 يوليو - 2023م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من