الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الداعشية و الإسلام الأصولي ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


في منتصف القرن العشرين ظهر أول حزب اسلامي يدعو لإعادة تشكيل دولة الخلافة الإسلامية , اطلق هذا الحزب على نفسه " حزب التحرير " .
منذ عشرات السنين و لازال حزب التحرير يعمل على نشر الدعوة لمشروعه السياسي المتمثل بإقامة دولة الخلافة الإسلامية , لم يكن نشاط هذا الحزب نشاطا جهاديا و انما كان نشاطا يعتمد على الدعوة فقط , لذلك بقى هذا الحزب في الظل و لم يستطع تحقيق أي انجاز على طريق انضاج مشروع الخلافة الإسلامية , و لم يتطرق بشكل تفصيلي الى السبل التي يمكن من خلالها الوصول الى دولة الخلافة الإسلامية و كأنه ترك امر تحديد تلك السبل للحركات المتطرفة الجهادية كتنظيم القاعدة و جبهة النصرة و احرار الشام و جيش الإسلام و بوكو حرام و .... و داعش .
لقد مر التطرف الاسلامي بمراحل اساسية هي التالية :
الجيل الأول : ظهر التطرف الإسلامي بشكله الحديث في منتصف القرن العشرين في مصر على شكل جناح جهادي متشدد يقوده سيد قطب ضمن حركة الإخوان المسلمين لذا يمكن اعتبار هذا الجناح المتطرف هو نواة الجيل الأول من التطرف الاسلامي في عصرنا الحالي و هو اول جيل من التطرف الإسلامي الذي يؤمن بضرورة وجود جناح سياسي يتعامل مع النظام القائم بواقعية و بتكتيك مرن و في نفس الوقت ينمي و يقوي الجناح الجهادي المسلح باعتباره الخط الاستراتيجي العام للحركة الذي سيهيئ الإمكانيات للانقضاض على السلطة و الاستيلاء عليها في الوقت المناسب , و لم يعمل هذا الجيل من التطرف الاسلامي على تشكيل دولة الخلافة الإسلامية بل اكتفى بالعمل على تأسيس دول اسلامية غير مرتبطة بقيادة اممية موحدة يرأسها ما يسمى بأمير المؤمنين لدولة الخلافة الإسلامية .
الجيل الثاني : ظهرت في مصر حركة اسلامية متطرفة منفصلة عن الإخوان المسلمين تحت اسم الجهاد الإسلامي , يمكن اعتبار هذه الحركة هي اول ظهور للتنظيمات الجهادية السلفية المسلحة التي ترفض التعامل مع النظام القائم بأي صورة و بأي مستوى و لا تتعامل مع النظام القائم بصيغة تكتيكية و انما اعتمدت هذه الحركة على استراتيجية جهادية مسلحة دون أن يكون لها جناح سياسي , فليس في قاموس هذا الحركة أي شكل من اشكال الحوار السياسي مع النظام القائم السياسي أو مع الحركات السياسية الأخرى في مصر حيث شكل هذا النموذج بداية لظهور الجيل الثاني من التطرف الاسلامي .
الجيل الثالث : تشكل هذا الجيل في مصر مع تصاعد مستوى الفكر التكفيري لقادة الحركات الجهادية المسلحة , فالتكفير لدى مجاهدي هذا الجيل يقوي لديهم الاستعداد لقتل المتعاونين مع النظام السياسي القائم دون رحمة .
اصبح التكفير فكرا ملازما و ضروريا للجهاد الإسلامي لدى هذا الجيل و الأجيال التي ستتشكل بعده .
أخذ تكفير الأخريين الذين لا يتفقون مع نهج هذا الجيل في فهم الفقه و الشريعة الاسلامية يتصاعد بشكل تدريجي حتى وصل مستوى التكفير لديه درجة كبيرة وصلت الى تكفير كل المجتمع المصري عندها تم اطلاق تسمية " التكفير و الهجرة " على تلك الجماعة الجهادية السلفية التكفيرية المسلحة التي كفرت كل الشعب المصري حيث رفعت هذه الجماعة التكفيرية شعار من ليس معنا فهو كافر و اعتبروا انفسهم هم " الفرقة الناجية " و الأخرين جميعهم في النار , هذه كانت البداية لنشوء تنظيم القاعدة .
الجيل الرابع : تشكل الجيل الرابع تحت اسم تنظيم القاعدة الذي اسسه اسامة بن لادن و ايمن الظواهري و اساس نهجه يعتمد على اممية الجهاد الاسلامي و لا يتوقف النشاط المسلح العنيف لهذا الجيل عند الحدود السياسية لأي دولة , فهنالك قيادة دولية " اممية " للتنظيم تشرف على عمل التشكيلات الجهادية في كافة البلدان .
الجيل الخامس : داعش هي الجيل الخامس الذي انبثق من تنظيم القاعدة .
حروف التسمية " د ا ع ش " تدل على " الدولة الإسلامية في العراق و الشام " .
إن الاختلاف الأساسي بين داعش و القاعدة هو ان تنظيم داعش يقيم دولة " إمارة " على الأرض التي يسيطر عليها و ينتهي دوره كتنظيم في هذه الأرض , و تفرض هذه الدولة التي حلت محل التنظيم على كل الذين يعيشون في ارضها مبايعة أمير المؤمنين الذي هو خليفة المسلمين لهذا الزمان على " السمع و الطاعة " و مَنْ لا يبايع يُقْتَلْ لذلك صارت داعش اكثر التنظيمات الإسلامية تطرفا و عنفا و وحشية حيث مارست الإرهاب بكل صنوفه كنهج لتثبيت اركان دولة الخلافة الإسلامية .
لا تسمح داعش بوجود امير للمؤمنين في العالم عدا الذي اختاره مجلس شورى المجاهدين لدولة داعش و أن يكون هذا الأمير عربيا و نسبه يعود الى المهاجرين من قريش .
خطر ارهاب داعش يشمل كل دول العالم , يقول الدواعش ان الإسلام سينتصر و سترتفع راية الإسلام في كل عواصم دول العالم و سيأتي اليوم الذي ترتفع فيه راية دولة الخلافة الإسلامية على البيت الأبيض الأمريكي و على الكرملين الروسي و في كل بقاع العالم .
قبل داعش كان هنالك حركة جهادية اسسها العرب الأفغان في الجزائر و رغم أن الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها هذه الحركة لا تقل عن حجم و بشاعة جرائم داعش إلا انها لم تغطى اعلاميا بالقدر الكافي .
اطْلِقَتْ تسمية العرب الأفغان على المجاهدين العرب العائدين من الجهاد في افغانستان الذي انهى الاحتلال السوفيتي لأفغانستان و تميز النشاط الإرهابي للعرب الأفغان بالتطرف و الوحشية التي لم يسبق لها مثيل , حيث قتلوا اكثر من مئة الف جزائري بتهمة الردة و مناصرة الحكومة الجزائرية المرتدة عن الإسلام و كانت الطريقة المفضلة في الإعدام عند تلك الجماعة التكفيرية هي قطع الرؤوس .
لا شك أن جذور الإرهاب مزروعة في مجتمعاتنا الإسلامية منذ قرون عديدة و لم يزرعها في مجتمعاتنا لا الغرب و لا الشرق , لكن امريكا و بريطانيا عملت خلال فترة الحرب الباردة الأولى على تقديم اشكال متعددة من الدعم للحركات الجهادية الإسلامية لغرض محاربة الاتحاد السوفيتي السابق و لأسقاط بعض الأنظمة الوطنية .
ظهور أي جيل جديد من حركات الإسلام السياسي لا ينهي وجود الأجيال السابقة من هذه الحركات , لذا نجد في زمننا الحالي حركات اسلامية من مختلف الاجيال متواجدة في الساحة الدولية .
داعش عبارة عن تجمع للفكر التكفيري الأكثر خطورة منذ زمن الخوارج و لحد الان و هذا الفكر التكفيري الدموي نما بسرعة اكبر مما كان يتصوره كبار المحللين و الباحثين المختصين في شؤون التنظيمات الإسلامية , قد ينبثق من داعش جيل سادس اكثر خطورة و وحشية منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة