الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغير المناخي والكوارث الطبيعية ( الحرائق نموذجا )

محمد بلمزيان

2023 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


حرائق تشتعل وتحول الغابات الى أثر بعد عين، هذا ما دأبت عليه الفضائيات المختلفة وهي تنقل أخبار النيران والأدخنة وهي تلتهم الأشجار في مختلف بقاع العالم، وهي تشبه الى حد كبير حربا مفتوحة وجهنم قادرة على التهام كل ما تصادفه في طريقها و في اي وقت ومكان، بفعل هذا الخراب الذي يشهده المجال الطبيعي على سطح الأرض وفي باطنها وبحرها وهوائها والأنشطة البشرية المخلة بالتوازن الطبيعي، وقد وقف الإنسان عاجزا على وقف هذا اللهيب الذي يستعر ويشتد أواره كلما توسع نطاقه الجغرافي، ولعل ما يعرفه اليونان وتونس والجزائر وغيرها من الدول من اشتعال النيران وفشل هذه الدول في تطويقها دليل على أن هناك خلل عويص، يتعلق الأمر بالقدرات المحدودة ، وغياب برامج وخطط علمية استباقية قبل اندلاع الحرائق وأخرى تتعلق بالمواكبة أثناء اشتعال النيران،وكيفية تدبير حلقات المخاطر للقضاء أو التحفيف من آثار الحرائق المحتملة. وقبل صياغة بعض الملاحظات كمقترحات هي كفيلة للتخفيف الى حد كبير من مضاعفات الحرائق، يتوجب الإشارة الى أن هذه الحرائق وارتفاع درجة الحرارة أصبحت ظاهرة مستجدة في السنوات القليلة الماضية وهي ازدياد ملحوظ، هي راجعة الى الخلل الكبير الذي هم المنظومة البيئية والخراب الذي يهدد الطبيعة بفعل الأنشطة الإقتصادية الصناعية التي تستبيح الثروات بشكل جهنمي والمخلفات المدمرة بسبب هذا التغير المناخي، والتي تؤدي بالإضافة الى الحرائق ، الى ما يهدد البشريةبشكل جدي خلال السنوات المقبلة منها ارتفاع الحرارة وارتفاع مستويات البحار بسبب ذوبان الأنهار الجليدية والفيضانات الجارفة الناتجة عن الأمطار الطوفانية، وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أنه بين الفترة 2030 و 2050 سيؤدي التغير المناخي الى وفاة ما يناهز 250000 ألف شخص حول العالم، كما أن المنتدى الإقتصادي العالمي والذي خلص من تقييمات ما يزيد عن 750 عاملا وخبيرا في هذا المجال، أشار الى أن أحد أكبر خمسة مخاطر يواجهها العالم بالإضافة الى أسلحة الدمار الشامل، تطفو الى السطح مشكلة التحول التجذري المناخ ، أزمات المياه، كوارث طبيعية كبيرة، وفشل في التخفيف من حدة آثار التغيرات المناخية والتكيف معها.
لكن المفارقة الكبيرة وهي أن الأطراف التي تسبب في هذه التغيرات المناخية هي الدول الرأسمالية الكبرى تأتي في الدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والصين والدول الأوربية وحجم الإنبعاثات من مصانعها وشركاتها المتعددة الأنشطة،في حين أن آثار هذه التغيرات المناخية من حرارة الأرض والفيضانات تتحملها غالبا الدول الفقيرة الضعيفة والتي لا دخل لها في اسباب هذه الكوارث والإستغلال المفرط للموارد الطاقية وتبقى شعوب الدول الفقيرة عاجزة ليس فقط على حماية نفسها من حرارة الأرض لصعوبة اقتناء مكيفات الهواء بل وأيضا لغياب القدرات الإقتصادية للحماية من الفيضانات والحرائق، ويضع مستوى تدخلها ضعيف مقارنة بالدول الصناعية التي تتوفر على إمكانيات هائلة تخفف الى حد كبير من وطأة هذه الكوارث المدمرة، في غياب أية استراتيجية لا في التنسيق ولا في وضع برامج وخطط استباقية بدءا من البرامج التعليمية وانتهاءا بالأطقم ورجال التدخل للإطفاء وتحجيم آثار هذه الكوارث، من خلال وضع برامج انذارية من قبيل الشروع في توعية الناس بمخاطر الحرائق الغابوية ،ووضع المتطوعين في تعبئة دائمة واستعداد للتدخل، لكن قبل هذا وذلك فإن حرائق الغابات قد تكون هناك عوامل بشرية وقد تكون هناك عوامل طبيعية محضة في اندلاع، وأن هذه الأخيرة غالبا ما تندلع النيران في صنف من الأعشاب الصغيرة والرقيقة التي تنمو خلال فصل الربيع وسرعان ما تيبس خلال شهر ماي على أكثر تقدير، لتصير وهي أعشاب قابلة للإشتعال لوحدها أثناء ارتفاع لدرجة الحرارة، وهي التي تسبب الى حد كبير في حرائق ملتهبة، وأن عدم تدخل الجهات المعنية بقطاع الغابات لتنقية وتهيئة الغابات والغطاء النباتي قبل موسم الصيف يؤدي الى فوات الأوان ويستحيل إنجاز عمليات التهيئة والنيران ملتهبة،دون إغفال جوانب أخرى سلوكية لبعض المرتادين والمصطافين الذين قد يكونون طرفا في هذه المعادلة إما بشكل متعمد أو في غياب وعي بمخاطر تلك السلوكات العشوائية، وأن أي تقصير في هذه الجوانب التقنية والتحسيسية رغم بساطتها إلا أنها لها آثار تخريبية هائلة لا يمكن التغلب عليها حينما تتكالب ظروف الطبيعة وتتجانس فيما بينها في غياب التدخل الإستباقي الواعي وانعدام القدرات اللوجستيكية الكفيلة بتحجيم الكوارث الطبيعية كالحرائق على سبيل المثال لا الحصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية