الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيع الهويّة في المزاد العلني

عماد حبيب

2006 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل تحتاجون الهوية في شيئ ؟
لو أنّ لأحدكم حاجة بها فليقنعنا بأي شيئ تفيدنا في حياتنا المعاصرة أو تساهم في حل مشاكلنا أو حتى الحدّ منها و سأسحب عرضي هذا و أعتذر، و أقسم سأعتذر و أقول أني كنت حمارا حين دعوت للتخلي عن أهم مقوم من مقومات "أمتنا" و "شعبنا". و لكن إلى الآن لم يجبني أحد، فيما نحتاج هذه الهوية ؟ العروبة و الاسلام تحديدا.

لطالما تربينا على احترام التاريخ، المقدس عادة، و على أن الحفاظ على هويتنا و تقاليدنا و جبّتنا و شاشيّتنا و حمايتهم من الاندثار واجب مقدس، و هذه الأغنية يتم ترديدها الآن بنغمات و مقامات مختلفة، آخرها لجنة "القبائل" التونسية، و قبلها و بعدها طبعا موّال "الدين" و "الأخلاق" و كل هذه الكلمات الجامعة التي لا تعني شيئا محدّدا. و لطالما تسائلت لمذا يجب أن نكون هكذا ؟ ما الفائدة من المحافظة على هذه العادات و التقاليد ؟ بل و الدين بشكله المتخلّف الذي نعرفه ؟ و الاجابة كانت دائما لا تخرج أن المسألة هدف في حد ذاته و ليست وسيلة. و لا ارى فائدة ترجى من هذا الهدف.و قد أكون مخطئا.

هدفي الذي أفخر بالعمل لأجله اسمه اعلان كوني لحقوق الانسان، حرية مطلقة في حدود قوانين ليس لها من ملارمى سوى حماية الحرية و العدالة و المساوات بين المواطنين في دولة قانون و مؤسّسات. المساوات بين الجميع بدون استثناء بما في ذلك مساوات المرأة بالرجل مساوات مطلقة، فلو حلّل له تعدّد زوجات فليحّلل لها تعدد أزواج، أمّا مسألة حفظ الأنساب العزيزة على قلوب سلفيّينا فإنّ تحليل الحمض النووي قد حلّها، ذلك أنّ العلم يا سادة قد تقدّم و نحن في القرن الحادي و العشرين و يمكن بسهولة معرفة من هو أب أي طفل. مساواتها بالأرث و تولي كل المناصب المتاحة بما فيها إمامة الصلاة و رئاسة الدولة. حرية مطلقة في الفكر و الاعتقاد و اعتناق أي دين، أي دين، و تغييره أو التخلي عنه و عدم اتباع دين معين، أو الالحاد، و اشهار ذلك سلميا لو شاء.

هدفي حرية و كرامة المرأة التي هي عندنا و للآن في نظر متأسلمينا عورة يجب أن لا تخرج من بيتها الا للقبر أو "دار جواد"، و ان خرجت يجب تغطيتها لأنهم يستثارون بشعرها، و يقولون، يدّعون، يكذبون ، أن الله أمرها بذلك. و مذا لو لم يأمر الله بذلك فعلا، أو مذا لو كانت هذه قضية فرعية تافهة و جدا.

هدفنا يجب أن يكون مكافحة الجهل و الفقر و المرض و ليس محاربة التحديث و التقدم و التطور، ربما، اقول ربّما، خرجنا من مصير الهنود الحمر الذي ينتظرنا، أو إماراة طالبانية تتربص بنا و تموّلها أموال قذرة بيد شيوخ جهلة.

لا تكفي طبقة رقيقة من عسل الكلام، و صفات كاذبة نطلقها بالوسطية و الاعتدال على فقهاء الارهاب لتغيّر من خطورة الأمر شيئا.

و المهم الآن أني لا أرى شيئا له علاقة بالهوية في كل ما سبق سوى ما يعطّل و يقف حاجزا، بموضوعية أو عن جهل أو سوء نية منا، حاجزا في طريق تلك الأهداف.

الهدم و البناء وجهان لعملة واحدة.



لكي تبني عليك حتما أن تهدّ. لبناء إمارة طالبانية، حتى لو سمّيتها جمهورية إسلامية ديمقراطية، فعليك أن تهدّ كل ما تحقق من وعي و علم و تحديث و تطور و تعود الى الوراء. لتبني دولة ديمقراطية حرة متطورة فلا بد أن تهدّ أو على الأقل تحنّط كل هذا التراث المليئ بالتخلف و العنف و الدم. صحيح البخاري و أحاديث أبو هريرة لا تصلح مصدرا للتشريع في دولة حديثة. و القرآن مطّاط تجد فيه كل ما تريد و تقرأه بالشكل الذي تريد. و تراثنا و تاريخنا لا شيئ سوى فتنة أو محنة أو جهاد كما يقول أركون (بالمناسبة، أركون و من مثله بعلمه و موضوعيته من يستحق لقب عالم و علامة و ليس أصحاب العمائم الأزهرية الذين تنتفخ جيوبهم بأموال الوهابية). و نحن نريد أن نخرج لعصر بناء و حضارة و حوار متمدن، فهذا التاريخ عبئ و ليس حلا.

من أجل ذلك أقترح بيع هذه الهوية في المزاد العلني، بل إعطائها مجانا فلن يتقدم شعب يفهم لشرائها من عندنا.

أما الكتب و عددها بالعشرات و المئات، من صحيح مسلم و البخاري،و كتب "شيخ الاسلام" ابن تيمية التي يقول فيها بقتل من يشتم الرسول و لو كان من غير المسلمين، بل و تكفير الجميع ، و انتهاءا بمؤلفات القرضاوي و أشباهها، حيث المطروح للنقاش طريقة قتل المثليين جنسيا فقط، و هذه رحمة الاسلام، أن نناقش كيف نقتلهم و نريح العالم من شرهم، لا أن نعالجهم أو نفهم لما خلقهم الله هكذا، الله الذي لا يخطئ، فيمكن مثلا أن نستعملها وقودا في المخابز لطهي الخبز. أو نعجنها ثانية و نرسكلها لانتاج ورق رسم يستعمله ابناؤنا للتعبير الفني الذي نحرمهم منه لأن الفن حرام. و كل البدع التي انتجها هذا الفكر و هذه الهوية و التي ليس لها من مهام سوى قتل فطرة الانسان و خنق حريته و كبت مشاعره الطبيعية، بحيث صار لنا باربي اسلامية اسمها فلة، محجبة و لا يمكن نزع ملابسها حتى لا نعود صغارنا على رؤية عورتها، أرأيتم إلى أي مدى هو مدمر هذا الفكر، كل هذه البدع يجب أن تحنط و تترك للأجيال القادمة كعبرة. و إلا سنكون نحن المحنطين في فترينة التاريخ بعد عقود قليلة.

أعلم أنّ ما قلته يعتبر أيضا فكرا مدمّرا و منحرفا بنظر الكثيرين، و يجب بتره، و لكن عادي، فكما قلت الهدم و البناء وجهان لعملة واحدة. و علينا أن نختار، مذا نهدم لنبني مذا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية