الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الاسبانية وقضية الصحراء الغربية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لم يحض المغرب والجزائر ، وملف الصحراء الغربية ، بالاهتمام الواسع من قبل جميع الأحزاب السياسية التي خاضت الحملة الانتخابية الاسبانية ، مثلما حظيت هذه الملفات بالاهتمام الواسع في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 23 من الشهر الجاري ، وكرست انتصار اليمين المحافظ خاصة في خطه " الازري " Jose Maria Aznar المتشدد إزاء المغرب ، وحلفاءه الايديولوجيين الذين يتموقعون على يمين هذا التيار الأيديولوجي ، يمين اليمين الذي يستمد افكاره من افكار الكاويديو Francisco Franco ، الذي حكم اسبانية بيد من حديد . لكن دكتاتورية " الكاويديو " ، لم تكن دكتاتورية سلبية على نمط دكتاتوريات الأنظمة السياسية المتخلفة التي تهتم فقط بالنهب ثروات شعوبها المفقرة ، بل كانت دكتاتورية بناءة منتجة Une dictature éclairée ، تبني دولها على ضوء المتغيرات الخارجية ، وعلى ضوء انماط ونماذج التيارات التي تنشط في الداخل الاسباني ، ونوع المشاريع التي تشتغل على بناءها في اسبانية . لذا فبعد موت " الكاويديو " ، انتقلت اسبانية وبالسرعة القصوى الى الديمقراطية الغربية ، وطبعا بمساعدة Le plan Marchal الأوربي الذي اخرج اسبانية وبالسرعة المفرطة من الدكتاتورية الى الديمقراطية ، أي دون ان تكون المرحلة اللاحقة لحكم Franco دكتاتورية كذلك .
لذا وامام هذا التغيير الجيوسياسي والجيواسراتجي الاسباني ، ستصبح الدولة الاسبانية الجزء من اوربة ، تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات السياسية لأوربة الديمقراطية ، بغض النظر عن السيادة الاسبانية التي أعطت حق الأفضلية والالوية للتشريع الأوربي ، بعد بناء الاتحاد الأوربي على حساب القوانين الداخلية الاسبانية ، التي تم تحريرها على نموذج المشروع الديمقراطي ، والمشروع الأيديولوجي الذي ينتصر للديمقراطية ، ولحقوق الانسان ، ولحق الشعوب في تقرير مصيرها ، رغم ان هذا الحق الأخير فيه وجهة نظر اسبانية ، يشجعها الاتحاد الأوربي في المسألة الكتالونية ، وفي قضية الباسك التي لقيت حلها باندماج الحركات السياسية الباسكية ، في المشروع التوحيدي للدولة الاسبانية ، بعد ان خاضت حربا مسلحة ، وحربا أيديولوجية من زمن " الكاويديو " ، بحيث تموقعت الحركات الباسكية ، ضمن تيارات مشروعية الاتحاد الاسباني التي ترفض تقسيم البلد ، وتدعو الى وحدة الاتحاد التي يرعاها ملك اسبانية Felipe 6 ، التي يعطيه الدستور الاسباني سلطات واسعة ، لضمان وحدة الدولة الاسبانية ، مع تمتيع الاتحادات بديمقراطية محلية ، تتساير مع الإرث الوحدوي الذي اصبح شعار جميع المشتغلين بالشأن العام الاسباني ، فكان دور ملك اسبانية ، أساسيا في حسم القضية الكتالونية ، التي انتهت بالبقاء ضمن الاتحاد الاسباني لا خارجه .
وهنا يجب اثارة حقيقة من خلال الدستور الاسباني ، الذي استفتى عليه الشعب ، انّ للملك سلطات خاصة في الاتفاقيات وفي المعاهدات الدولية . وانطلاقا من هذا الوضع الدستوري ، يكون رئيس الحكومة الذي خسر الانتخابات الأخيرة امام الحزب المحافظ الشعبي ، قد سار على خطاه ، وتكون هذه الحقيقة الدستورية هي التي سلكها Pedro Sanchez ، في رسالته التي بعث بها الى الملك محمد السادس ، يعترف فيها بحل الحكم الذاتي ، الذي هو اعتراف بمغربية الصحراء ، دون المرور من مجلس الوزراء الذي استقى الخبر ، من جواب الديوان الملكي المغربي على رسالة Pedro Sanchez . فعدم بث المجلس الوزاري الاسباني خيار الحل الذاتي ، لا يعني ان رسالة Sanchez ، لم تكن دستورية ، او انها خرقت الدستور ، بل الرسالة كانت دستورية ، لأنها حظيت بموافقة ومباركة الملك Felipe 6 ، الذي يعطيه الدستور سلطات خاصة في الدبلوماسية ، وفي السياسة الخارجية .. والحكومة الاسبانية التي ادركت حقيقة تصرف Sanchez ، رغم احتجاجها الخجول ، فهي لم تتصرف ضده ، لأنه ليس من انتاجها ، ومن ثم فهي لا تعطيه اكثر مما يستحق ، كونه صادرا بالتنسيق بين اغلبية الحزب الاشتراكي برئاسة Sanchez ، والملك الاسباني الذي بارك خرجة Sanchez ، لكن دون معرفة النص الذي يكون Sanchez قد عرضه او طرحه على الملك ، الذي بارك خرجة Sanchez .. والسؤال هنا . بما ان نزاع الصحراء الغربية ، هو نزاع استراتيجي بين دول المنطقة ، ويهدد بتغييرات جوهرية لأشكال نظم سياسية ، وسيتحكم في تغيير جغرافية المنطقة التي ستؤثر في العلاقات المستقبلية للدولة الاسبانية .. فماذا قاله Sanchez للملك ، حتى اقنعه بصحة طرحه ؟ . فهل يكون Sanchez قد دلس على الملك حين عرض عليه نصا يعاكس مواقف الدولة الاسبانية من نزاع الصحراء الغربية ، خاصة وان الأمم المتحدة تتولى معالجة المشكل ، وفي طريق حسمه بما يفيد الدولة الاسبانية ، قبل ان يفيد أنظمة سياسية محلية ، تعاكس وعاكست موقف Sanchez ، المؤيد لحل الحكم الذاتي ، رغم ان Sanchez ومن خلال عدة تصريحات ، ومن خلال اشتغالات على الأرض ، يكون قد تملص من رسالته الموجهة الى القصر الملكي المغربي ، ويكون من خلال مناصرته لمواقف الاتحاد الأوربي التي تناهض أطروحة مغربية الصحراء ، وتتشبث بالمشروعية الدولية ، يناصر ومن جديد المشروع الاممي الذي يركز فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير ، ويستبعد حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في ابريل 2007 ؟
اذن ، وانطلاقا من هذه الحقيقة ، ومن بينها اعتراف Sanchez بحل الحكم الذاتي الذي تنصل منه من بعد ، بعد دعوته لمناصرة قرارات الاتحاد الأوربي بخصوص الموقف الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، وهي الدعوة التي أحدثت ارتباكا ، سواء بالنسبة لدول المنطقة المغاربية ، واحدثت ارتباكا داخل الاتحاد الأوربي ، لان اسبانية دولة عضو به ، واحدثت ارتباكا دوليا ، لان اسبانية العضو بالأمم المتحدة ، هي من كان يستعمر الصحراء ، وكان يستعمر الجيوب المغربية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ، رغم ابرامه اتفاقية او معاهدة مدريد في سنة 1975 ، لتقسيم الصحراء كغنيمة وطريدة من قبل النظام المخزني العلوي ، والنظام العسكري الموريتاني ، إضافة الى حقوق معترف بها لإسبانية من معاهدة مدريد ، التي لم يصوت عليها البرلمان السلطاني ، ولا باركها البرلمان الموريتاني ، واسبانية التي وقعت المعاهدة ، باعت حقوقها في خيرات وثروات الصحراء ، ولم تعد ( تهتم ) بنزاع الصحراء ، رغم انها لا تزال والى اليوم هي من يتحكم ويدير المجال الجوي للأراضي المتنازع عليها ، ورفضت والرفض ل Sanchez ، نقل هذه الإدارة الى النظام المخزني رغم دعواته المتكررة في ذلك ..
فهل مشكل وقضية ملف الصحراء الغربية ، يُتحكّم في رسم القرارات والسياسات ، من قبل الدول المعنية بالملف ، وعلى رأسها نظام العسكر الجزائري ، والنظام المخزني البوليسي المغربي ، ويتحكم حتى في رسم القرارات وتخطيط السياسات أوربياً ، بين اسبانية التي تتصرف طبقا لمجال السيادة ، وفرنسا قبل قطع العلاقات بين محمد السادس وبين Emanuel Macron ، التي كانت تقدم الخدمات للنظام المخزني ، وبأشكال مختلفة . فهي من رفض وعارض توسيع صلاحيات " المينورسو " ، " هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، خاصة القرار 690 المعطل ، كما انها كانت تعرقل الخطوات الاممية التي قد تؤثر على وجود النظام المخزني ، لحساب نظام الجيش الجزائري ، وكانت تتصرف على الأرض ، ضد ما صوتت عليه بمجلس الامن الدولي ، لان فرنسا تنظر الى النظام المخزني كوكيل يحافظ على امتيازاتها التجارية والمالية ، رغم انها وكم مرة طعنته ، عندما كانت تتصرف وكأنها تجهل حساسية النظام المخزني من ملف الصحراء الغربية ، عندما كانت تستقبل إبراهيم غالي كرئيس لدولة ، طبعا معترف بها ، في اللقاءات التي كانت تجمع فرنسا بالاتحاد الافريقي ، وفرنسا الأوربية ضمن لقاء الاتحاد الاوربي ب Bruxelles ، والجمهورية الصحراوية التي رفرف علمها الوطني في سماء عاصمة الاتحاد الاوربي ، الى جانب علم النظام المخزني ، واعلام دول الاتحاد الاوربي ، واعلام دول الاتحاد الافريقي ..
فملف نزاع الصحراء الغربية ، اضحى مؤثرا ويؤثر عند رسم السياسات ، وعند اتخاذ القرارات المحلية بالمنطقة المغاربية ، وبالمنطقة الاوربية ضمن الاتحاد الأوربي ، كما انه يؤثر على علاقات الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي . بل ولحساسيته الخطيرة ، فانه يحظى باهتمام مجلس الامن ، من دول الفيتو من دون استثناء ، وهنا نذكر بالقرارات السنوية وغير السنوية التي يخرج بها مجلس الامن عند معالجته للنزاع ، ثم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ضمن لجنة 24 التابعة للأمم المتحدة ، التي تعالج نزاع الصحراء الغربية ، كأراضي محتلة من بين الأقاليم المحتلة في العالم ، تستلزم التحرير بواسطة الاستفتاء وتقرير المصير، وتحت الاشراف المباشر للأمم المتحدة .
فلا عجب ان يحظى نزاع الصحراء الغربية ، كنزاع خطير ، سيسبب صداعا لرأس الأنظمة ، خاصة للنظام المخزني الذي يهدده ملف الصحراء في وجوده ، ويهدد جغرافية المغرب من عدة جوانب ... برعاية خاصة ، وبالاهتمام المباشر في الحملة الانتخابية التشريعية للأحزاب السياسية الاسبانية ، خاصة الصراع بين أحزاب ( اليسار ) بزعامة الحزب الاشتراكي العمالي ، الذي تختلف مواقف قاعدته مع مواقف قيادته التي خسرت طرق معالجة نزاع الصحراء الغربية ، برسالة Sanchez الى الديوان الملكي ، في شخص محمد السادس ، والأحزاب اليسارية التي تقف يسار " الحزب الاشتراكي العمالي Pso " . فالخطاب اليساري الاسباني ، وباستثناء قيادة الحزب الاشتراكي العمالي ، هي ضد مغربية الصحراء ، وزاد موقفها تصلبا عندما قدم Sanchez هدية لشخص الملك محمد السادس ، ولنظامه المهدد بملف الصحراء ( رسالة Sanchez ) .. رغم تخلي Sanchez عن مضمون رسالته الى محمد السادس ، واعلانه التمسك بالحل الاممي لقضية الصحراء . بل سنجد أنّ ليس اليسار الاسباني من يهتم بنزاع الصحراء الغربية ، وانما ينازعه اكثر في ذلك أحزاب اليمين الاسباني ، خاصة الحزب الشعبي Pp المحافظ في خطه " الأزري " Aznar ، الذي يحن كثيرا الى مشروع " الكاويديو " Francisco Franco ، الذي يعطي لسياسته مع دول الجوار ، خاصة مع النظام المخزني البوليسي ، طابع الاستقواء ، وطابع التهديد بالغزوات ، وطابع الحلم اليميني خاصة " الازاري – Aznar " ، المبني على اضعاف دول الجوار الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط ، خاصة وان اليمين الاسباني في خطه " الازري – Aznar " ، ينظر الى الجنوب ، نظرة ثقافية ايديولوجية استعمارية متعالية ، اكثر منها مجرد نظرة سياسية او اقتصادية . اي نوع الثقافة ، ونوع الايديولوجية ، والحضارة السائدة في دول الجوار الجنوبي ، المهددة وحدها للقيم ، وللفلسفة ، وللإيديولوجية الرجعية الاسبانية المحافظة ، خاصة الارث المسيحي في جبه الكاثوليكي وليس البروتستاني ..
فالاهتمام بموضوع النظام المخزني العلوي ، وبنزاع الصحراء الغربية ، سيحظى وبشكل اشد من قبل أحزاب اليمين المتقوقع يمين اليمين " الازري – Aznar " ، وهو اليمين الشوفيني الوطني الذي يمثله حزب Vox ، الذي يدعو الى إجراءات صارمة ضد العدو الحضاري ، الذي يشكله دول حوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط ، وبالضبط ضد نظام المخزن كنظام رجعي ، يشكل اكبر خطر على الحضارة والقيم الاسبانية الاوربية ، ومن ثم تأييد الملفات التي تهدد هذا النظام في قعر داره ، لا خارج هذه الدار ، بإصدار التشريعات اليمينية المتطرفة ، وباتخاذ الخطوات التي من شأنها اضعاف أنظمة الجنوب ، خاصة الحلقة التي يعتبرها الاتحاد الأوربي ، خاصة فرنسا ، بالضعيفة ، في حين سيكون على أساس هذا التحول المرسوم بعناية ، التوجه نحو الجزائر التي ينظرون اليها ، من جهة مصدرا للغاز والطاقة ، ومن جهة سوق رواج قوي للمنتجات الاوربية والاسبانية ، ومن جهة كنظام يهدد لوحده نظام المخزن ، سواء بالاستدراج لحرب سيمولها اليمين الاسباني الموجود في الحكم ، وستنفخ فيها فرنسا ، ودول الاتحاد الأوربي ، وحتى إسرائيل التي تنتظر حصتها من أي تغيير سيحصل جغرافيا بالمنطقة ..
ومن يتابع السياسة الدولية ، ويتابع العلاقات بين الدول ، أعضاء الفيتو بمجلس الامن ، خاصة الاشتغال على الجزء الثاني من مشروع الشرق الاوسط الكبير وشمال افريقيا ، قد يصاب بدوران الرأس عند استنباط ما يحضر ويهيئ من سياسات للتحكم في مصير الشعوب ، ومن سياسات تتصارع السيطرة على المنافد البرية والمائية والجوية ، للاستمتاع بثروات وخيرات الشعوب ، التي افقرتها الانظمة السياسية الحاكمة .
وبما ان موقف Sanchez الميكيافلي من الصحراء ، كان سببا في خسارته الانتخابية ، امام الحزب الشعبي المحافظ ، فان ملف الصحراء الغربية ، وملف نظام المخزن ، كان السبب الرئيسي في فوز اليمين " الازري – Aznar " ، وفي فوز اليمين الوطني الشوفيني حزب Vox ، بالانتخابات . والسؤال الاستراتيجي الذي يتعين طرحه هنا . هل حقا ان ملف نزاع الصحراء الغربية ، اصبح من المكانة التي تعطي للصراع طابعه الخاص ، فيكون الموقف من نزاع الصحراء ، يتسبب في فوز جهة وسقط جهة أخرى ؟ . وهل حقا ان الشعوب الاسبانية من خلال احزابها المختلفة ، هي ضد مغربية الصحراء ، ومع كل المواقف التي تسرع باستقلالها ، ما دام استقلال الصحراء ، سينوب عن الدولة الاسبانية ، أي الأحزاب والطبقات السياسية ، في تحقيق النصر المنتظر ، على نظام المخزن الحامل لإيديولوجية ، وقيم ، وثقافة وحضارة المهددة لإسبانية المسيحية الكاتوليكية ؟
ان ما يختمر وبالعلن ، والواضح ، من خلال الإجراءات المتخذة ، ولو بطرق غير مباشرة ، كلها تنبئ بصعوبة القادم من الأيام ، عند رسم الدولة الاسبانية من خلال الطبقة الجديدة التي تحكم ، وهي اليمين ، أحزاب اليمين المختلفة ، لسياستها التي تتطلب القراءة الدقيقة لما بين السطور . فكما ان نزاع وملف الصحراء ، كان سببا وراء خسارة Sanchez وحزبه للحكم ، وكان وراء ربح وفوز اليمين " الازاري – Aznar " في الانتخابات التشريعية ، فان ملف الصحراء يبدو مهددا للنظام المخزني ، ويبدو فاعلا أساسيا في التحضير لجغرافية جديدة ، ستكون العامل الفاصل في حسم الصراع الأيديولوجي ، والقيمي ، والثقافي ، والحضاري بالمنطقة . فماذا حين ستشرع الدولة الاسبانية من خلال أحزاب اليمين التي تحكمها ، في اتخاذ إجراءات ضد مغربية الصحراء ، وتسهل الاستقطاب الشعبي لحسم الصراع مع النظام المخزني ، بعد تركيعه واضعافه اكثر من اللازم .. ؟ ..
لا يجب انتظار يد ساحر لقلب او للتشطيب عن حقيقة قادمة مع اسبانية الجديدة .. فنشاط الدولة الاسبانية سيتبلور ، من جهة داخل الأمم المتحدة ، باسم المشروعية الدولية ، وباسم الأمم المتحدة التي تتولى لوحدها معالجة النزاع طبقا لما تصدره من قرارات ، سواء من قبل الجمعية العامة ، او من قبل مجلس الامن . فعندما تنشط اسبانية بالدفاع عن المشروعية الدولية ، وباسم الأمم المتحدة ، يكون الموقف الاسباني وبالمكشوف ، يمد يد التحالف للموقف الفرنسي الجديد ، الذي اصبح بدوره يدعو الى قرارات الأمم المتحدة ، وهو نفسه موقف الاتحاد الأوربي التي دأب يتخذ قراراته ضد مغربية الصحراء . وهو نفسه موقف الولايات المتحدة الامريكية حين ابطل الرئيس John Biden ، اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، رغم انه اعتراف مقلب ، لا علاقة له بالآلية القانونية والدستورية ، التي تضفي على ايّ اعتراف ، التقيد بالدستور ، ليكون القرار المتخذ قرار دولة ، وليس مجرد قرار شخص ، هو بدوره لم يكن يؤمن به .
اما دور اسبانية اليمينة " الأزارية – Aznar " ، وداخل الاتحاد الأوربي ، سيكون نصرة لمواقف الاتحاد من ملف الصحراء ، أي الدعوة للتشبث بالمشروعية الدولية لا غير ..
وحين تجتهد الدولة اليمينية الاسبانية ، في اتخاذ قرارات ، او تحديد مواقف ، او دفع عملاء لزيارة أراضي الصحراء المغربية المتنازع عليها ، ويتم طردهم من قبل البوليس المخزني .. فهنا يمكن توقع أي رد من قبل كل الدولة الاسبانية ، التي ستعتبر عملية الطرد خروجا عن حقوق الانسان ، ومسا بحقوق الصحافيين الاسبان ، او من قبل السياسيين باسم التمثيلية لجهة ما في الدولة الاسبانية ، فهنا يجب انتظار ردا اسبانيا حكوميا مغلفا بجلابة اليمين " الازاري – Aznar ، واليمين الوطني الشوفيني Vox " ، وقد يصل الى التلويح بالتهديد ..
كلنا يتذكر عندما كان رئيس الحكومة آنذاك Jose Maria Aznar ، منشغلا بتنظيم أسبوعيا نماذج للاستفتاءات بجميع الاتحادات الاسبانية .. وكلنا يتذكر الصعوبات التي وضعت امام الصادرات المغربية ، خاصة الحوامض والطماطم ، بالموانئ الاسبانية ، حيث كانت تتعرض الصادرات للتلف من قبل الفلاحين الاسبان ، وبفعل التعفن ، بسبب منع الصادرات من المرور خارج الموانئ .. إضافة الى الإجراءات المتشددة ، في سياسة الهجرة ، والأوضاع القانونية والغير القانونية للمغاربة الموجودين داخل الاتحاد الاسباني ... وهنا لنتساءل . ما العمل اذا قامت حكومة اليمين ، بتنظيم استفتاءات في كل الاتحادات الاسبانية لتمكين الصحراويين الموجودين فوق التراب الاسباني ، من التحضير لممارسة حقهم المشروع المعترف به من قبل الام المتحدة ، ومن قبل الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، او قامت السلطات الاسبانية بخلق العراقيل لأسباب واهية للصادرات المغربية المتجهة نحو اوربة ؟
وبما ان أحزاب اليمين المحافظ في خطه " الازري – Aznar " ، واليمين الوطني الشوفيني Vox ، وكل أحزاب اليسار الاسباني ، وبما فيهم " الحزب الاشتراكي الموحد – Pso " ، واليسار الشّبَهُ ماركسي Podemos ، والتيارات اليسارية المتخندقة يسار اليسار Podemos ، من مناصري الجمهورية الصحراوية ، ومن مناصري جبهة البوليسريو ، ويتّحدون صفا واحدا ضد مغربية الصحراء ، وتصرفات الدولة الاسبانية من خلال اليمين ، ويمين اليمين الذي يحكم ، ومن خلال اليسار بكل توجهاته ، ضد مغربية الصحراء التي لا تعترف بها ، وتصرفت او استجابت لدعوة اليمين الحاكم ، واليسار المعارض ، برفض تسليم مراقبة وتدبير تسيير الفضاء الجوي للصحراء الغربية للنظام المخزني ، وقد يحصل شيء يهدد مغربية الصحراء ، بالتصرف ضدها ، وطبعا دائما في المجال الجوي للصحراء الغربية .. ماذا سيكون رد النظام المخزني ( العجز ) ، والاتحاد الأوربي ،ومجلس الامن ، والأمانة العامة للأمم المتحدة ، التي ستزكي التصرف باسم الوضع القانوني الذي لا يعترف بمغربية الصحراء ، أي المنتظم الدولي .
ودائما وفي نفس الاطار . الكل يعلم ان الاتحاد الأوربي ابطل اتفاقية الصيد البحري ، والاتفاقيات من تجارية وفلاحية ، ولم يقم بتجديدها . الى هنا لا مشكلة .. لكن نحن الآن قد نعتبر انفسنا اكثر من مهددين ، ونحن نعلم ان الجميع يبحث عن التأزيم ، خاصة وان امكانية تجديد الاتفاقيات المتخلي عنها ، ليس بالأمر السهل والهين . وهنا . بما ان اسبانية الدولة المعنية اكثر بالاتفاقيات ، لم تجددها خارج الاتحاد الاوربي ، فهل لإسبانية من حلول لتجاوز الوضع الذي خلفه عدم تجديد الاتفاقيات .. فهل اليمين المحافظ الذي يعادي مغربية الصحراء ، سيقبل بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية مع النظام المخزني ، لتعويض ما حصل من نتائج سلبية ، فتبرم اتفاقيات لا يمنعها القانون الدولي ، طالما انها تمر من الشفافية المطلوبة . ؟
اذا كان النظام المخزني يعتقد ذلك ، فاعتقاده خطئ ، لأنه اذا كان اليمين المحافظ الذي يحكم لا يعترف بمغربية الصحراء ، فكيف سيوافق على توقيع اتفاقيات تجعل منه معترفا بمغربية الصحراء .. فالدولة الاسبانية التي يحكمها اليمين المتطرف المعادي لمغربية الصحراء ، لن تقبل ابدا توقيع اتفاقية تجعلها تعترف بمغربية الصحراء . ومن ثم فان الوضع القانوني الذي يحدد نظام الصحراء ، هو الوضع الذي يعكسه الاتحاد الأوربي في قراراته ، ويعكسه مجلس الامن ، وتعكسه الام المتحدة من خلال مجموعة 24 التي تبحث ملف الصحراء ، كاراضي محتلة يجب الإسراع في استقلالها بتنظيم الاستفتاء وتقرير المصير ..
وحتى لا نذهب بعيدا ، نشير ان الغاء الاتحاد الأوربي كاتحاد ، وليس بعض دوله ، لم يكن صدفة ، او كان بسبب استيقاظ ضمير الاوربيين عند احترامهم قرارات محكمة العدل الاوربية ، التي قضت بإبطال الاتفاقيات ، بل ان عدم تجديد الاوربيين لاتفاقية الصيد البحري ، كان مقصودا ، ولعبت فرنسا الدور الأكبر في إخراجه ، انتقاما في شخص محمد السادس ونظامه البوليسي الذي تتهمه بجريمة Pegasus Gate ، ويتهمه الاتحاد الأوربي بجريمة Morocan Gate .. والسؤال . ماذا حل من جديد ، ما دام ان الاتحاد الأوربي ، وبالدور الفرنسي والاسباني ، قد وافقا على تجديد الاتفاقيات سابقا ، رغم ابطالها من محكمة العدل الاوربية . فما الفارق بين الامس واليوم حتى يصدر عن الاتحاد الأوربي موقفين متناقضين ؟
لهذا فالموقف الفرنسي باسم الاتحاد الأوربي ، ليس موقفا عاديا ، بل سياسة من قصر الإليزيه Le palais de l’Elysée ، يخطط لها بإمعان ، ضد شخص محمد السادس ، وضد نظام حكمه . ولنتذكر جيدا كيف صدر تقريع البرلمان الأوربي لمحمد السادس ولنظامه البوليسي ، وكيف ستصدر كتابة الدولة في الخارجية الامريكية قرارها القنبلة في حق النظام المغربي البوليسي ، وفي حق الملك محمد السادس .. كما نفهم دور فرنسا ، ودور حلفاءها في التمسك بالمشروعية الولية ، وبقرارات الأمم المتحدة ، لحل نزاع الصحراء الغربية المستعصي عن الحل منذ سنة 1975 ، وبقدرة قادر اضحى الحل سهلا وسريعا ، لكن على طريقة حل تيمور الشرقية .
ولنا ان نتساءل . وهنا درجة الخطورة . بما ان الاتحاد الأوربي رفض تجديد الاتفاقيات المبرمة مع النظام المغربي ، خاصة اتفاقية الصيد البحري .. وهذا لا يعني ان النظام المخزني اصبح مكبلا لمياه الأراضي المتنازع عليها .. بحيث يمكن ابرام اتفاقيات ثنائية من قبل دول عضو بالاتحاد الأوربي ، كإسبانية ، او خارجة عن الاتحاد ، طبعا هذا لن يحصل لان هدف اليمين شيء اخر ، قد نمزجه بالموقف الفرنسي والامريكي ، وإسرائيل غير معنية هنا لانها ليست دولة اوربية .. ماذا اذا تقدمت الدولة الاسبانية التي يحكمها اليمين المحافظ " الازري – Aznar " ، ويمين اليمين الوطني الشوفيني ، وقررت الدولة الاسبانية الاستجابة لدعوة رئيس الجمهورية الصحراوية ، للدولة الاسبانية ، ولأي دولة ، ولو انها غير أوربية ، لتمنحها جبهة البوليساريو من خلال اتفاقيات تبرم معها ، ممارسة الصيد في الأقاليم المائية المتنازع عليها ؟
فهل مثل هكذا دعوة من قبل الجمهورية الصحراوية ، التي لا يعترف لها القانون الدولي بملكية الصحراء ، وبالضبط الأراضي المتنازع عليها ، ووافقت دولة او اكثر على ابرام تلك الاتفاقيات ، كما حصل بين الاتحاد الأوربي وبين النظام المخزني ؟
ان عرض جبهة البوليساريو ليس بريئا ، وليس من يقف وراءه الجمهورية الصحراوية ، بل ان من يقف وراءه نظام العسكر الجزائري ، ومن يقف وراء الدعوة ، هو اكبر وابعد من نظام الجيش الجزائري نفسه .. ان المحرض على الترويج لمثل هذه الدعوات ، هي قوى كبرى طبعا .. لكن من يعمق النظر، سيكتشف انها فخا مدروسا ، لان في التوقيع او في عدم التوقيع ، يعني فرض الامر الواقع . وبما ان النظام المخزني سيتعرض على هذه الخطوة الفخ ، فانه بدوره سيصبح محرجا عندما ترفض الدول عروضه ، بإبرام اتفاقيات ولو ثنائية ، بدعوى ان النزاع هو من اختصاص الأمم المتحدة ، التي وحدها لها الحق في ابرام الاتفاقيات بالنسبة للأقاليم المتنازع عليها .. وهنا وخاصة موقف النظام الموريتاني الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية ، هل ستصبح " لگويرة " ، نقطة نزاع بحري مسلح .. ؟
ولو طرح النظام المخزني عرضا لابرام اتفاقيات ثنائية ، مع احدى دول الاتحاد الاوربي كاسبانية مثلا . فهذه سترفضها ، كما سترفضها اية دولة اخرى ، والسبب ان القضية بيد الامم المتحدة ، وهذه وحدها لها سلطات الاشراف على مثل هذه الاتفاقيات .اما الاستجابة لدعوة جبهة البوليساريو ، فقد يستجيب اليمين المحافظ الاسباني ، وبتشجيع من باريس ، لكن انّ مثل هذه الاتفاقيات لن تحصل ، لان لا احد يملك الشرعية الدولية القانونية لابرام الاتفاقيات ، سوى الامم المتحدة .. فهو فخ وتوريط للبداية في سحب الملف من النظام المخزني ، وعندما تصبح الامم المتحدة ، وقد تصبح غدا ، يكون حل نزاع الصحراء الغربية قد سار على نهج ملف تيمور الشرقية .. المغرب الى اين .. اين ما وضعت رجلك هناك قنابل مدفونة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد