الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسارهم ويمينهم وجهان لعملة أمريكية واحدة

محمد حمد

2023 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لا تحزنوا كثيرا إذا فاز حزب يميني في اوروبا. ولا تفرحوا كثيرا إذا حصل العكس. فاليسار واليمين هنا كلاهما وحهان لعملة أمريكية واحدة. ولا يرجى منهما خيرا. خصوصا في العقود الثلاثة الأخيرة. فلا توجد حالة واحدة اظهرت فيها أحزاب أوروبا شيئا من التفرّد والاستقلالية.
ان مفردة "اليسار" لها رنّة خاصة في اسماعنا نحن ابناء الشرق. وبحكم التجارب فأن اليسار يعني يسار واليمين يعني يمين. ومن السهل على المرء أن يفرّق بين يساره ويمينه. اليس كذاك؟ كما اننا في الشرق لدينا شعور راسخ بان كلمة يسار تحتوي في طياتها على شيء من "التهمة" التي تجلب لصاحبها في كثير من الأحيان ما لا تحمد عقباه. وكم استخدمت الأنظمة العربية صفة "يساري" كتهمة جاهزة ضد الخصوم والمعارضين السياسيين. مع العلم اننا في الشرق الأوسط ليس لدينا أحزاب "يمينية" بالمعنى الرسمي المتعارف عليه في عالم السياسة. ومن النادر أن تجد حزبا يمكن القول إنه يميني. لسبب بسيط أن معظم الأحزاب عندنا تكون اما رجعية متخلّفة وأما خليط لمجموعة من الأفكار والمباديء الفضفاضة التي تفتقر إلى صفة محدّدة.
قبل سنوات كان الأمر مختلفا في اوروبا في ما يخص اليسار واليمين خصوصا في زمن الأحزاب الشيوعية ذات القاعدة الجماهيرية العريضة. والصوت المعارض المؤثر ضد حكومات اليمين والوسط. وفي ما مضى كان الواحد منا يفرح ويبتهج كثيرا عندما يفوز حزب "يساري" في هذه الدولة الاوروبية أو تلك. وكان هذا الفوز له تأثير وانعكاسات إيجابية تتجاوز حدود ذلك البلد. الى درجة كانت تبنى فيها آمال عريضة عند فوز حزب يساري في دولة أوروبية كبيرة. فذاك كان زمن التضامن مع الآخرين. اما الآن، وبعد سقوط جدار برلين وتفكّك الاتحاد السوفييتي وتشرذم الدول الاشتراكية سابقا، فقد عمّت الفوضى الهدامة في معظم أو جميع الأحزاب السياسية في الدول الأوروبية. وان حالة من التشظّي حلّت باليمين واليسار والوسط. وظهرت أحزاب جديدة على أنقاض أحزاب قديمة أخرى. وتبدّلت رايات وشعارات، وبغفلة من الزمن طفت على سطح الأحداث وجوه جديدة كانت في يوم ما تعيش على الهامش. ودخل العالم في مرحلة "الزعامات الفردية" وشخصنة السياسة. فلم يعد المواطن الاوروبي يفرّق بين يساره ويمينه. وحصل ما يشبه تبادل الأدوار طالما أن الهدف النهائي لاكثرهم هو الوصول إلى السلطة.
وأثبتت الحرب الروسية الأوكرانية أن جميع أحزاب أوروبا تقريبا فقدت بشكل مفجع صوتها وتأثيرها في السياسة الخارجية واصبحت، مع استثناءات قليلة، بوقا وصدى وضجيجا لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية. وخضعت خضوعا تاما لارادة واملاءات ساكن البيت الأبيض. بشكل لا يمكن الخلاص منه مهما كانت قوة وتأثير الحزب الحاكم في البلد الأوروبي. ولكن المفارقة هي أن الأحزاب الحاكمة والتي توصف على أنها "يمينية" كهنعاريا مثلا، وقفت بقوة ضد العقوبات المفروضة على روسيا، ورفضت تدريب الجنود الاوكرانيين على أراضيها ولم ترسل أسلحة إلى كييف كما فعل "اليساري" المستشار الألماني شولتس الذي أصبح أكثر الأوروبيين عدوانية وتطرفا مع روسيا، ومن دعاة الاستمرار في الحرب.
وفي ايطاليا التي يحكمها حزب يميني له جذور فاشية لم تكن حكومتها متحمّسة كثيرا، لا للعقوبات الاقتصادية ضد روسيا ولا لإمداد كييف بالأسلحة، واتخذت موقفا معتدلا نوعا ما مقارنة بدول أوروبية اخرى. اما اليمين الفرنسي "المتطرف" بقيادة ماري لوبين فهو الآخر وقف صد العقوبات الاقتصادية، وضد الاستمرار في تسليح اوكرانيا على حساب الشعب الفرنسي.
كما أن تجارب العقدين الأخيرين ومنذ غزو واحتلال العراق أثبتت أن لا فرق بين يسار ويمين الأحزاب الأوروبية عندما تتسلم السلطة الا بتفاصيل لا تستحق الذكر. وعندما تقوم امريكا بشن حربا عدوانية في أي منطقة يهرول حكام أوروبا خلفها مطأطيء الرؤوس. ولا ننسى هنا موقف المجرم "اليساري" توني بلير ومشاركته الفعالة والعدوانية في غزو واحتلال وتدمير العراق. ان حكام أوروبا، وبغض النظر عن الانتماء السياسي أو الحزبي، لا يملكون من امرهم شيئا في السياسة الدولية. ولا يسمح لهم بالتدخل الا بموافقة مشروطة من قبل ساكن البيت الابيض في واشنطن. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات