الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلاديمير لينين بصدد التطور الدياليكتيكي للعلوم الطبيعية

مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)

2023 / 7 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مؤلف المقال: بونيفاتي ميخايلوفيتش كيدروف*

ان مسألة الصلة بين الفلاسفة ومؤرخي العلوم الطبيعية، والتعاون المُتبادل في مجالي عملهم، هي مسألة ذات أهمية استثنائية من الناحيتين النظرية والعملية. هذه المسألة هي حجر زاوية في المهمة الشاملة التي طرحها فلاديمير لينين، لتقوية التحالف بين علماء الطبيعة البارزين والفلاسفة الماركسيين. تظهر هُنا حاجة خاصة الى مُقاربة عملية. كانت تعاليم لينين تسير في اتجاهين. أولاً، يتعلق الأمر بمُعالجة مسائل تاريخ المعرفة من وجهة نظر الفلسفة، وثانياً، ضرورة مُعالجة مسائل الفلسفة الدياليكتيكية على أساس تعميم بيانات تاريخ العلوم الطبيعية. ان كلا الاتجاهين مُترابطين، لكن هناك استقلالية نسبية لكلٍّ منهما أيضاً. ان الأساس الدياليكتيكي لكلا مجموعتي المسائل هو فكرة وحدة وترابط التاريخي والمنطقي. ما هي تعاليم لينين وكيف يتم تطبيقها؟
أنطلق بتلك التي تتعلق بتاريخ العلوم الطبيعية. يُمكن للدياليكتيك المادي، كما يقول لينين، أن يُساعد، وهو يُساعد مؤرخي العلوم الطبيعية في الكشف عن المسار الفعلي لتطور العلوم التي يدرسونها، وحركة الفكر في العلوم الطبيعية. أكّدَ لينين في (الدفاتر الفلسفية) و(المادية ومذهب النقد التجريبي) مراتٍ عديدة أن ما يُهم هو حركة "سياق" أو "مسار" تطور المعرفة، وخطواتها ومراحلها ومُستوياتها ولحظاتها (كان لينين يوظّف عدد من المُصطلحات لكي يطرح المهمة بشكلٍ أوضح). تظهر حركة مقولات الدياليكتيك كتعبيرٍ مفاهيمي عن المسار العام لتحصيل المعرفة في مجالات العلوم الطبيعية. يقول لينين، بقدر ما يُشكّل دياليكتيك هيغل انعكاساً، في شكل منطق، لحركة المعرفة (المفهوم) من الظاهرة الماثلة أمامنا مُباشرةً (الوجود) الى الجوهر، وبالتالي فهي تعميم لتاريخ الفكر. اعتَبَرَ لينين مهمة تتبع هذه الحركة في تاريخ العلوم الفردية بشكلٍ أكثر عيانيةً، أمراً مُمتعاً بشكلٍ استثنائي. يخلُص لينين الى استنتاجه العام بأنه في المنطق، يجب أن يتطابق تاريخ الفكر بشكلٍ عام مع قوانين الفكر.
ان اتخذنا ما قيل، كنقطة انطلاق، فيُمكن للمرء أن يطرَحَ عدداً من الأسئلة الملموسة. سوف أتطرق الى احداها فقط: كيف نطرح ونُعالج مسائل تاريخ العلم؟ يُقدّم تاريخ العلم مثالاً رائعاً لكيفية الدقاع عن الحقيقة من خلال التسوية في سياق الصراع بين مُختلف الآراء ووجهات النظر والنظرات المُختلفة الى العالم في العلم، حيث كان كُل عالِم، يُدافع عنها من موقعه الخاص. لم يكن حل التناقضات يتم بالاتفاق أو التنازلات المُتبادلة أياً كانت، بل من خلال التغلّب على أُحادية جانب كُلٍّ من النظريات المُتصارعة، في سياق عملية الصراع الحاد. النتيجة هي ولادة نظرية جديدة، وليس دمجاً أو تكميلاً مُتبادلاً للنظريات السابقة، بل اعادة دراسة كاملة لها، وانفصال أساسي عنها وتأكيد أفكار جديدة فيها، يُلغي التناقضات السابقة الكامنة فيها. لذلك، فإن النظرية الجديدة، بمعناها الخاص، لها طابع دياليكتيكي عميق. يُقدّم تاريخ الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والأحياء والرياضيات أمثلةً مُثيرةً على هذا الطابع الدياليكتيكي لتطور المعرفة البشرية تحديداً.
لنأخذ تاريخ الموجة ونظريات جُسيمية الضوء. استمر الصراع بين الآراء المُتخاصمة لعقودٍ وحتى قرون بنجاحاتٍ مُتباينة. كان أحد الأطراف يربح، ثم يليه الطرف الآخر في ذلك. نحن نعلم، أنه وُلِدَت في القرن العشرين، نتيجةً لهذا الصراع الطويل، فكرة وحدة الأضداد الدياليكتيكية الكامنة وراء ميكانيكا الكم وعدد من النظريات الأُخرى في الفيزياء الحديثة. ولم يكن لمُنجزات العلم الحديث مثل ميكانيكا الكم أن تحدُثَ أبداً لو اتخذت الأطراف المُتصارعة مواقف التصالح وتسوية الأفكار. تُولَد الحقيقة فقط في خِضَمِّ صراعٍ حاد بين وجهات النظر المُتعارضة، كان هذا هو الحال أبداً.
لنأخذ تاريخ الكيمياء. انه مليء بالتناقضات. هُنا، أيضاً، تم تحصيل المعرفة من خلال تفكك وانحلال التناقضات الحية الى أضدادها. تتعارض المفاهيم التي وُلِدَت في سياق هذا التطور مع بعضها البعض، تشتبك، وتحل محلهما نظرية جديدة موحّدة داخلياً ومُتكاملة، تنشأ عن صراع أساسي بين النظريتين المُتعارضتين كانتا قد سبقتاها.
يُمكن ايجاد نفس الشيء في البيولوجيا. هنا أيضاً، تنعكس دياليكتيكياً مسائل الاستمرارية والانقطاع، القفزات المُفاجئة والتدرّج. ان رفض التسويات في البحث عن الحقيقة، هي سمة مُميزة لتطور العلم. ينطبق هذا على أي مجال من مجالات النشاط البشري، بما في ذلك العلم بالطبع. هنا لا يُمكن أن يكون حلول وسط بين النظريات المُتصارعة. لا يتم التوصل الى الحقيقة بالاتفاق والترتيبات المُشتركة، بل من خلال الاطاحة بـ"الحقائق" Truths الزائفة وسوء الفهم، وتأكيد الحقائق Truths التي تم اثباتها في المُمارسة.
عندما يتحدث المرء عن مفاهيم عانت من الهزيمة في صراع الآراء، من الضروري أن نتذكر الطريق الذي يؤدي الى الحقيقة، الى المفهوم الصحيح. نحن نعلم ان علم الوراثة العلمي هو الذي انتصر في النهاية، بعد معركةٍ استمرت سنوات بين أنصار ذلك العلم وخصومهم. لقد اتضحَ أن آراء مُعارضيها كانت غير علمية وغير قابلة للدفاع عنها. قد يعتقد المرء أن الصورة كانت واضحة، وأنه من الطبيعي أن ما أكّده العلم وتم التحقق منه في المُمارسة هو الذي يجب أن يبقى، وأنه يجب تجاهل ما كان خاطئاً وغير صحيح. هذا ما يفعله العُلماء الحقيقيون. ومع ذلك، هُناك أشخاص، مُتناسين أنهم كانوا مؤخراً يهجمون على علم الوراثة بكُل طريقةٍ مُمكنة، بدأوا الآن يدعون الى "تركيب" ودمج علم الوراثة مع ما كانوا هم انفسهم يقولونه عندما "كانوا" خصومه، وتقديم هذا الموقف على انه "دياليكتيك"، بينما هذا في الواقع ليس سوى أكثر أنواع التلفيقية شيوعاً ووضوحاً. لا يرغب هؤلاء الأشخاص الذين يطرحون هذا النوع من الانتقائية في الاعتماد على ما يُعلمنا اياه تاريخ العلوم الطبيعية، وهو أن الدياليكتيك فقط، هو المُقاربة الوحيدة التي تؤدي الى الحقيقة، وأنه لا يُمكن لأي انتقائيةٍ أياً كان شكلها أن تخدم الخيط الهادي في العلم. لا تتسامح الحقيقة مع التأطير الانتقائي وغير المبدأي للمسائل المطروحة، انها لا تتسامح مع الشعوذة التوفيقية.
ولكن هناك أيضاً اتجاهٌ آخر، يميل الى اعتبار انه لا يُمكن التوفيق بين وجهات النظر في أي مسألة وبأي حالٍ من الأحوال، بزعم أن جميع التناقضات لا يُمكن التوفيق بينها ولا يُمكن تحقيق الانسجام في أي مكان.
يُستَنتَج من هذا المُنطَلَق انه يجب بشكلٍ قاطع رفض مبدأ التوفيق والتصالح. بعبارةٍ أُخرى يتم رفض هذا السلاح النظري الحاد والهام للغاية في العلم والمُجتمع. لكن هذا ينطوي على عدم فهم كافٍ للأُمور. هذا الاستنتاج مُضلل ومبني على القياس المنطقي الشكلي الصرف، بحيث يتم اعتبار أن جميع التناقضات غير قابلة للتوفيق على حدٍّ سواء. ومن هذا يتم استخلاص استنتاج خاطئ يتغاضى عن حقيقة أن هناك تناقضات حلها بوسائل أُخرى غير الصراع المفتوح والحاد. ومع ذلك، تُحَل التناقضات في سياق صراع تيارات مُتناحرة لا يُمكن المُصالحة بينها، وعندما يكون الانطلاق من الحقيقة لا يقبل أي توافق أو تصالح بين وجهات النظر المُتناحرة، فإنه من الضروري للغاية استخدام معيار عدم التوافق هنا. هذا ما يُعلمه ايانا تاريخ العلوم الطبيعية، وهذا ما يتسلّح به عُلمائنا اليوم.
بهذه الطريقة تحديداً استمرت عملية تطور الوعي الانساني حتى الآن، وحتى الوقت الحاضر. يجب على عُلماء الطبيعة والفلاسفة اليوم أن يطرحوا ويحلّوا المسائل التي تظهر أمامهم على أساس خبرة وتجربة تاريخ المعرفة البشرية.
ما هو العلم الذي يمنحنا الفرصة لاكتشاف انتظامات العلم والمعرفة الانسانية؟ انه تاريخ العلوم الطبيعية، تاريخ التكنولوجيا وتاريخ المعرفة الانسانية. فقط ذلك العلم الذي يكتشف الانتظامات التي تُهمنا. ان تجربة التطور السابق للمُجتمع الانساني تجعلنا قادرين على اكتشاف هذه الانتظامات واستشرافها في المُستقبل المنظور. لكن هذا لا يُمكن أن بالمنهجية التجريبية التي يستخدمها العديد من المؤرخين. انهم يصفون العملية وحسب، ولكن المُهم هو تحليل ما هو ضروري في جوهرها الخفي، واكتشاف قوانينها. وهُنا يُمكن للدياليكتيك بصفته أعلى مراحل تطور المعرفة الانسانية، أن يُساعد مؤرخي العلوم لتحقيق هذه المهمة. في هذه الحالة، يبدو حاضر ومُستقبل التطور العملي بمثابة استمرار للاتجاهات التي نشأت سابقاً وتحققت في سياق تاريخ العلم. هذا مُهم لأن الجانب العملي لهذه المسألة، والمُتعلقة بالتنظيم والادارة والتخطيط والتنبؤ، هو أحد أهم جوانب المسألة في يومنا الحاضر. وبالتالي، فإن دراسة تاريخ العلم لا تنطوي على مُجرّد اكتساب المعارف حول الماضي، بل هي المسار الوحيد الذي يُمكن من خلاله الكشف عن الأُسس العلمية لحل المسائل المُتعلقة بتطوير ذلك الفرع الحديث من المعرفة العلمية، والذي صار يُسمّى علم العلم.
ما الذي يُقدمه تاريخ العلوم الطبيعية بدوره للدياليكتيك؟ ان كان الدياليكتيك كأداة وأساس نظري عام للبحث العلمي يلعب دوراً هاماً في تاريخ العلوم، فإن العلوم الطبيعية وتاريخها تلعب دوراً لا يقل أهميةً بالنسبة للدياليكتيك. يُعاني العديد من الفلاسفة من عدم القدرة على طرح مهمة الاشتغال بالدياليكتيك ونظريته بشكلٍ صحيح على أساس تعميم تاريخ العلوم الطبيعية.
ان تاريخ العلوم الطبيعية، كما أوضَحَ لينين، يُمكن فيلسوفنا الدياليكتيكي قبل كل شيء من فهم وتحديد مجال موضوع بحثه، أي المادية الدياليكتيكية. هذا يعني ايجاد مُقاربة لما يجب على الفلاسفة أن يهتموا به. يُعَد تاريخ العلوم الطبيعية مُهماً لأنه يُمكننا من اعتبار الدياليكتيك علماً، وليس مُجرد موضوعٍ يتعين على طلاب مؤسسات التعليم العالي اجتياز الامتحانات فيه. كيف تنبني العلوم؟ لنأخذ العلوم الاستقرائية. انها تحوز، كما هو الحال مع جميع العلوم، أساساً تجريبياً. ماذا عن العلوم الاستنباطية، أي الرياضيات والمباحث المريضنة مثل الهندسة الاقليدية والديناميكيا الحرارية والميكانيك الكلاسيكي؟ جميع هذه العلوم مبنية على مبدأ الصعود من المُجرّد الى العياني. هذه المنهجية العلمية هي انعكاس للتطور من أدنى الأشكال الأولية (الخلية، كما يقول ماركس ولينين) الى الشكل الأكثر تطوراً. لا يُمكن أن يكون هناك علم مبني بطريقةٍ مُختلفة ولم يبدأ تحليله انطلاقاً من نُقطةٍ أوليةٍ ما نحو تحليل أشكالٍ أكثر نُضجاً، ولا يُمكن أن يكون هناك أي علم حقيقي مبني بغير هذه الطريقة. تتجلى هذه المنهجية بطبيعة الحال بشكلٍ مُختلف في مجالات المعرفة المُختلفة. يتخذ كُلٌّ من العلوم الطبيعية "مُكونٍّ" مُعيّن كنقطة انطلاقٍ له بوصفه أبسط شكل من أشكال الكيانات الطبيعية التي يدرسها. الفيزياء الجُزيئية تتخذ من الجُزيء الأولي نقطة انطلاق لها، أما البيولوجيا فنقطة انطلاقها هي الخلية الحية التي تطورت منها جميع الأنواع الحية، والحمض النووي هو نُقطة انطلاق البيولوجيا الجُزيئية، وما الى ذلك. وعليه، العلم الطبيعي مبني على هذا النحو بالذات: يتكشّف مُحتوى العلم تدريجياً عن طريق المرور بالتعقيدات اللاحقة للموضوع الأبسط، والذي يكون بدوره، نُقطة انطلاق العلم المعني. ان العلوم الاستنباطية-الرياضية، التجريدية- مُصممة وفقاً لنفس المنهجية، ولكن بطريقةٍ مُختلفةٍ نوعاً ما. انها تأخذ بعض البديهيات أو المُقدمات أو المبادئ كُنقطة انطلاقٍ لها، والتي تُمكنها من الكشف عن مُحتوى العلم المعني. هكذا هو الحال بالنسبة للهندسة والديناميكيا الحرارية والميكانيك الكلاسيكي. من المُستحيل، في غياب هذه الطريقة، تطوير مُحتوى العلم، وسيكون كل ما يتم التوصل اليه عبارة عن كومةٍ بسيطةٍ من شذرات من الافتراضات والحقائق المعزولة. ولو تناولنا الفلسفة من هذا المنظور، فمن الضروري حينها السير في الطريق الذي رسمه لنا كارل ماركس في كتابه (رأس المال)، أي الصعود من المُجرّد الى العياني، من الخلية الأولية (السلعة في الرأسمال)، باعتبارها الشكل الجنيني لنموذج العلم المُكتمل. أكّدَ لينين أن هذه المنهجية هي التي يجب ان تكون منهجية عرض ودراسة الدياليكتيك.
ان الدياليكتيك، بوصفه علم أكثر قوانين الحركة والتطور عموميةً، هو في ذات الوقت، ووفقاً لذلك، علم الفكر. انه يكشف عن آليات تطور الفكر، وكيف يصل الى الحقيقة ويتملكها. يجب على مُحتوى الدياليكتيك أن يتطور بنفس الطريقة التي يتطور بها مُحتوى أي علمٍ آخر. يتحدث لينين في مقالته (حول الدياليكتيك) بوضوح، حول أنه لا يجوز تحويل الدياليكتيك الى مجموعةٍ من الأمثلة.
لن يكون الدياليكتيك قادراً على جذب العلماء الى جانبه الا عندما يرون أن الدياليكتيك قادرٌ على طرح موضوعه بنفس الطريقة التي تطرح به الفيزياء والكيمياء والعلوم الأُخرى مواضيعها، أي عندما يُوضع الدياليكتيك وفقاً لمبدأ الصعود من المُجرّد الى العياني. ومع ذلك، يطرح بعض الفلاسفة الدياليكتيك على النحو التالي: أولاً، يتم صياغة افتراض، ثم يتم بعدها تقديم أمثلة عليه، ومن ثم يُصاغ افتراض آخر، ويتم تقديم أمثلة عليه مرةً أُخرى. هذا يعني أن الدياليكتيك يَوضَع هنا بطريقةٍ مُعاكسةٍ لما علمنا اياه لينين.
ان تاريخ العلوم الطبيعية قادرٌ اثبات أهمية الدياليكتيك. يشمل تاريخ العلوم الطبيعية، مثل تاريخ أي علمٍ آخر، على مسارٍ كاملٍ من الصعود من المُجرّد الى العياني، بحيث يكفي تعميم ذلك التاريخ حتى يتجلّى لنا الدياليكتيك في مُجمل تطور الفكر الانساني. ولكن من أجل تنفيذ وصية لينين، يجب أن نجتث من الجذور، اختزال الدياليكتيك الى مجموعةٍ من الأمثلة، هذا الاختزال المُتوارث من جيلٍ الى آخر.
يقول لينين، أن مُواصلة أعمال ماركس وهيغل (ونستطيع اليوم أن نُضيف، أعمال لينين)، تعني مُعالجة وتعميم وتلخيص تاريخ الفكر البشري وتاريخ العلوم الطبيعية والتكنولوجيا. تتضمن كلمات لينين هذه برنامج عملٍ حقيقيٍ للفلاسفة ومؤرخي العلوم الطبيعية في بلادنا، وتدلنا في نفس الوقت على الطريق الى حل المسائل الأساسية لكلٍّ من تاريخ العلوم الطبيعية والفلسفة.
لقد مرّ أكثر من 50 عاماً منذ أن كَتَبَ لينين تلك الكلمات. لقد حان الوقت أخيراً للعمل على حل المسائل الكبيرة التي طرحها لينين. لن يكون لكُل كلماتنا حول كيفية قيامنا بعملنا وكُل تعاليم أية أهمية جادة ان لم نُباشر في تنفيذ ما علينا من عملٍ حقاً. يُقال في كثيرٍ من الأحيان أن الذكرى السنوية يجب أن تتميز بالأفعال الملموسة، من خلال مُناقشة ما أُنجِزَ حقاً وما لم يتم انجازه بعد. لذلك، يجب توجيه جهودنا الرئيسية في مجال التنظيم عند نُقطة التقاء الدياليكتيك والعلوم الطبيعية نحو المهام التي طرحها فلاديمير لينين بأسرع ما يُمكن وبجدّية. لدينا قُوىً علمية هائلة وفرص كافية للقيام بذلك. دعونا أيضاً نُشمّر عن سواعدنا ونبدأ العمل.

* بونيفاتي ميخايلوفيتش كيدروف 1903-1985، فيلسوف وعالم منطق وكيميائي ومؤرخ للعلم، وسيكولوجي ومُروّج للعلم ومتخصص في مجال المادية الدياليكتيكية والمسائل الفلسفية للعلوم الطبيعية والالحاد العلمي.
مُرشح في العلوم الكيميائية (1935). وكان مُدرّساً في قسم العلوم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البلشفي لعموم الاتحاد منذ 1935-1937، ومُحاضراً في تاريخ علم الكيمياء لطلاب الدراسات العُليا 1936-1938. عَمِلَ كيميائياً في مصنع اطارات سنة واحدة من 1938-1939. وعَمِلَ في سنواتٍ مُتقطعة في معهد الفلسفة التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية حتى 1962، وصار مديراً له من عام 1973-1974. شارَكَ في الحرب الوطنية العُظمى. ودكتور في العلوم الفلسفية عام 1946، حيث دافَعَ عن اطروحته في الدكتوراة بعنوان (ذرات دالتون وأهميتها الفلسفية). في الأعوام من 1946-1958 ومن الأعوام 1971-1978 أًستاذاً في أكاديمية العلوم الاجتماعية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي. في نهاية الأربعينيات، وبمبادرةٍ نشطةٍ منه، شن نضالاً ايديولوجيا ضد المثالية في فلسفة العلم ومنها الكيمياء، الى جانب النشاط الدعائي العلمي بين السكان.
عَمِلَ في الأعوام 1955-1958 في معهد تاريخ العلوم الطبيعية والتكنولوجيا التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية كباحثٍ أول. وصار منذ عام 1974 مُديراً لقسم تاريخ العلوم والمنطق في الأكاديمية. كان عضواً أجنبياً في أكاديمة العلوم والفنون الصربية (1965) وأكاديمية العلوم البُلغارية (1972) وأكاديمة العلوم الألمانية (جمهورية ألمانيا الديمقراطية) (1972).
أنشأ كيدروف التعاون الدولي في مجال فلسفة العلوم والمنطق، وقدّمَ مُساهمةً هائلةً في تطوير إرث مندلييف، ومُساهمةً كبيرةً جداً في تصنيف العلوم، ووضع تصنيفاً للعلوم تحت مُسمى (مُثلث كيدروف). مؤلف أكثر من 1000 منشور علمي، وأجرى تحضيراً لفيلم وثائقي حول مندلييف (1953).

ترجمة لمقالة:
B. M. Kedrov (1971) V. I. Lenin on the Dialectics of the Development of Natural Science, Soviet Studies in Philosophy, 10:3, 231-239








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاوصاية دينية او ماركسية او فاشية على العلوم
منير كريم ( 2023 / 7 / 27 - 16:41 )
الاستاذ المحترم مالك ابوعليا
مقالكم يقحم الديالكتيك على تطور العلوم باسلوب متعسف
لادخل للديلكتيك بتطور العلوم فالعلوم تتطور بذاتها وعلى نحو مغاير ويتطور العلم في اجواء
الحرية اكثر من اجواء النظم الديكتاتورية
ساذكر امثلة لتطور علوم باسلوب لاعلاقة له بالديالكتيك
في العلوم تتطور المفاهيم حسب مبداين اثنين التجريد والتعميم
علم الجبر تطور كالتالي
الحساب - الجبر الاولي- الجبر المجرد ثم الجبر الشامل
علم الهندسة
الهندسة الاقليدية - الهندسة اللااقليدية -الهندسة على سطح ذي انحناء (هندسة ريمان)
المنطق الارسطي- المنطق اللاارسطي (متعدد القيم والحدسي ومنطق الامكان)
رياضيات عدم اليقين (بعض الحصاء والاحتمال والفزي وغيره )
ميكانيكا نيوتن ثم ميكانيكا الكم اللاحتمي
وكل تطورات العلوم هذه تلغي الديالكتيك
اما الفاشية فهي تسخر علم الجينات للاغراض العنصرية
هذا قليل من كثير
شكرا


2 - عملاء الامبريالية ينصبون أنفسهم أوصياء على العلوم
حسين علوان حسين ( 2023 / 7 / 28 - 00:46 )
الاستاذ مالك أبو عليا المحترم
تحية حارة
الديالكتيك يفرض نفسه على كل العلوم كنشاط بشري لانه يحكم كل نشاط البشر، شاءوا أم أبوا..
ليس هذا فقط، بل انه يفرض نفسه على من يعرض لاشتغاله ضمن وحدة وصراع المتضادات مثل جنابكم الكريم.
مجرد قول آكو كركوكي سابقا و منير لاحقاً :
كل تطورات العلوم هذه تلغي الديالكتيك
يؤكد بالضبط اشتغال الديالكتيك . ليس هذا فقط ، كما و يؤكده أيضا تغيير اكو كركوكي لإسمه الى منير وسفيه وعميل ومتابع ولبيب وصندقجة... الخ. وفوق كل هذا، تؤكد الديالكتيك بعررته نفسها ضد الديالكتيك في هذا الموقع . ثلاثة اشتغالات للديالكتيك في آن واحد تثبت فرض الديالكتيك لنفسه في فعل الناكر له اعتباطاً هنا بالذات. هذه الأدلة المحسوسة تثبت أن الديالكتيك هو أقوى العلوم وأوسعها اشتغالاً .
فائق التقدير .


3 - لا وصاية امبريالية ولا ارهابية على العلوم
حسين علوان حسين ( 2023 / 7 / 28 - 04:54 )
الأستاذ الفاضل مالك أبو عليا المحترم
الامبريالية هي دائما فاشية؛ الاختلاف هو في ما ترتديه من الاقنعة. ومن المعلوم أن الفاشية تشتغل على الارهاب الذي يفضحه علم الديالكتيك، لذا ترى عملاء الارهاب الامبريالي الفاشي المتقنعين باللبرالية وحقوق الانسان والتنوير والتطور يعادون علم الديالكتيك متصورين امكانية ابادة الديالكتيك مثل اباداتهم للشعوب، دون ان يعوا أن حربهم ضد الديالكتيك هي التوكيد على اثبات وجوده واشتغاله في كل مكان رغم انوفهم .
مثلاً: فتش في كل مقالات الحوار المتمدن وتعليقاته، وستكتشف قاسما مشتركا اعظم بين سلح الفاشيين الارهابيين المبيدين للشعوب وبين من يحاول ابادة الديالكتيك: النباح يدل على الكلاب. هؤلاء يرفضون وعي أن الديالكتيك يستحيل الغاؤه مثلما لا يمكن لأسيادهم الامبرياليين الارهابيين المبيدين للشعوب الغاء قانون الجاذبية. قوانين الديالكتيك موجودة مادام العقل موجود. لذا تسعى الامبريالية بمساعدة عملائها المأجورين مثل صاحب السلح في ت-1 الى افناء كل البشرية بغية ابادة الديالكتيك دون أن تعلم ان قوانينه باقية رغم اباداتها الجماعية وحروبها المستديمة وأوبئتها وتدميرها للبيئة.
كل التقدير.


4 - أشكرك
مالك ابوعليا ( 2023 / 11 / 4 - 11:36 )
أشكرك استاذ حسين علوان، كفيت ووفيت

اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام