الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة البطالة هدية مبارك و نظامه لشعب مصر

عبد المجيد راشد

2006 / 11 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


" لاشك أن مشكلة البطالة تعد واحدة من أخطر المشكلات التي تواجهها مصر الآن ، إن لم تكن أخطرها على الإطلاق .. والحقيقة ، أن تحدي مشكلة البطالة ، تعد ، أحد المقاييس الهامة ، إن لم تكن الأهم ، لأى برنامج للإصلاح الإقتصادي بمصر خاصة وأن بلدنا يتسم بنمو سكاني مرتفع نسبياً وهو الأمر الذي يترتب عليه تزايد وضخامة عدد من يدخلون سوق العمل سنوياً . ولا يجوز التهوين من شأن هذه المشكلة وغض النظر عنها بالتذرع بأنها نتيجة ثانوية أو عارضة أو مؤقتة لهذا الإصلاح الإقتصادي أو أن العالم كله يعاني من مشكلة البطالة ونحن لا نمثل إستثناء في هذا الخصوص . ذلك أن الواقع يشير إلى أن نمو البطالة في مصر على هذا النحوالمتسارع في السنين الأخيرة خاصة وإن كان له جذوره العميقة في الإقتصاد المصري إلا أن هذا النمو قد تفاقم بسبب الطبيعة الإنكماشية لبرامج التثبيت والتكيف الهيكلي التي تطبقها الحكومة المصرية منذ مايو 1991 .

وترتبط حركة معدل البطالة بشكل عكسي ، لكنه وثيق ، بحركة معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي ، وأيضاً بحركة معدل الإستثمار .
وهناك تناقضات بين البيانات الرسمية بشأن هذه القضية

و بالرغم من أن عهد الرئيس مبارك الذى إمتد حتى الأن لقرابة25 عاما ، هو عهد للإخفاق و الأزمات الإقتصادية المتعاقبة التى إنحدرت بالمكانة الإقتصادية المصرية عاما بعد عام بالمقارنة بدول كنا نفوقها بدهر، إلا أن البطالة الهائلة التى إبتليت بها مصر فى عهده ، هى عنوان الإخفاق الكبير لهذا العهد البغيض، حيث إرتفع معدل البطالة من مجرد 3% من قوة العمل المصرية فى بداية عهده ليصل إلى نحو 30% من قوة العمل فى الوقت الراهن وفقا للتقديرات الموضوعية البعيدة عن البيانات الرسمية التى تتعمد تخفيض معدل البطالة ، حيث تشير إلى أنه قد بلغ نحو 9,9% فى العام المالى 2003/ 2004 ، ووصل فى بداية العام الحالى إلى9,5% .

يتواصل التزييف الرسمى لبيانات العاطلين بالقول بأن قوة العمل المصرية لا تزيد على20,7 مليون نسمة فى منتصف عام 2004 ، فى حين تشير بيانات البنك الدولى فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم (2005)، إلى أن تعدادها بلغ 26,7 مليون نسمة فى عام 2003 ، بما يزيد بمقدار 6 ملايين نسمة على تعدادها الرسمى فى مصر ، و هذه الزيادة يمكن أن تضاف بالكامل إلى الرقم الرسمى للعاطلين البالغ 2 مليون عاطل لتصل بعدد العاطلين فى مصر إلى 8 ملايين عاطل و بمعدل البطالة إلى نحو 30% من قوة العمل المصرية .

و من طرائف تزييف البيانات الرسمية المتعلقة بالبطالة فى مصر أن بيانات البنك المركزى المصرى فى نشرته الإحصائية الشهرية الصادرة فى إبريل عام 2002 ، كانت تشير إلى أن عدد العاطلين فى مصر قد ثبت عند 1,6 مليون عاطل من العام المالى 1992/ 1993 حتى العام المالى 1995/1996 . ثم انخفض بعد ذلك إلى 1,5 مليون عاطل من العام المالى 1996 / 1997 ، و حتى العام المالى 2000 / 2001 ، و بالتالى فإن معدل البطالة قد اتخذ اتجاها تراجعيا مستمرا بلا انقطاع منذ العام المالى 1993 / 1994 عندما سجل 9,8% و حتى العام المالى 2000/ 2001 حينما بلغ 7,6% وفقا للبيانات الحكومية . لكن نفس النشرة تعود فى عدد مايو 2005 لتشير إلى بيانات مختلفة تماما عن السنوات المذكورة آنفا ، حيث تشير إلى أن عدد العاطلين فى العام المالى 1992 / 1993 ، قد بلغ نحو 1,8 مليون عاطل ، إرتفع إلى 1,9 مليون عاطل فى عام 1993 / 1994 ، ثم ثبت عند نفس المستوى فى العام المالى التالى عليه ، قبل أن يبدأ فى التراجع ليصل إلى 1,4 مليون عاطل فى العام المالى 1997/ 1998 ، قبل أن يعاود الإرتفاع مرة أخرى ليصل إلى 2 مليون عاطل فى العام المالى 2002 / 2003 ، ثم يثبت عند نفس المستوى فى عام 2004 /2005 ، و كأنه قد تم توفير فرص عمل لكل الداخلين الجدد إلى سوق العمل فى العام المالى الأخير ( يدخل حوالى 800 ألف شخص جديد إلى سوق العمل سنويا ) ، و هو ما لم يحدث بأى حال من الأحوال . فمعدل البطالة قد تضاعف أكثر من ثلاث مرات فى عهد مبارك ، طبقا للبيانات الرسمية ، و تضاعف نحو عشر مرات طبقا للتقديرات الحقيقية المستقلة عن الحكومة .

و تشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة و الاحصاء فى مصر إلى أن عدد العاطلين من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 ، 40 عاما ، يشكل نحو 99% من عدد العاطلين . و قد تركزت البطالة بشكل أساسى فى الفئة الأكثر شبابا ممن تتراوح أعمارهم بين 15 ، 30 عاما ، حيث يشكل العاطلون منهم وفقا للبيانات الحكومية الرسمية ، نحو 88% من عدد العاطلين فى مصر . كذلك فإن المتعلمين يشكلون نحو 93% من المتعطلين فى مصر ، و هذا يعنى بشكل قاطع أن البطالة فى مصر هى بطالة شباب و متعلمين بالأساس بما يمثله ذلك من إهدار لعنصر العمل و للإنفاق على تعليم المتعطلين .

وفي المقابل فقد إنخفض معدل نمو التوظيف بالحكومة و القطاع العام وقد حدث هذا الإنخفاض نتيجة توقف الحكومة عن سياسة تعيين الخرجين رغم إلتزامها بذلك طبقاً للدستور المصري مما أدى إلى تثبيتها لبند الأجور والمرتبات في الموازنة العامة للدولة عند 60 % تقريباً من الإنفاق العام في التسعينيات ويوضح الجدول الآتي إنخفاض معدل نمو التوظيف للعاملين بالقطاع العام والقطاع والقطاع الحكومي من 4.2 % في بداية تطبيق سياسة الإصلاح الإقتصادي إلى 2.5 % عام 1993 ثم 0.9 % عام 1997 وأخيراً 0.8 % عام 1998 في الوقت الذي يضاف فيه سنوياً حوالي نصف مليون عامل إلى قوة العمل في مصر ومعدل البطالة فى تزايد مستمر .

الخصخصة و البطالة
*******************

تعتبر الخصخصة رافداً جديداً للبطالة ، حيث تؤكد البيانات أن عدد من جري تسريحه من شركات القطاع العام منذ عام 1991 حتى عام 2005 ، سواء بسبب بلوغ السن القانونية للتقاعد أو بسبب نظام المعاش المبكر قد بلغ حوالي 750 ألف عامل وموظف . كما أن إستخدام 19.3% من حصيلة الخصخصة (طبقاً لبيانات توظيف عائد الخصخصة) في تمويل المعاش المبكر يعتبر خطيئة إقتصادية حقيقية ، لأن هذا الأمر يعني بالضبط أنه تم بيع خمس الأصول التي تمت خصخصتها من أجل دفع عدد من العاملين إلى صفوف العاطلين !! . فنظراً لمصاعب الحياة وإنخفاض مستوي الدخل لمن أخرجوا للمعاش المبكر ، فإن الذين خرجوا للمعاش المبكر إستخدموا ما حصلوا عليه فى تمويل إنفاق جاري وبالذات النفقات الإستثنائية مثل نفقات زواج الأبناء ، مما حال دون تحول هذا المعاش المبكر إلى مشروعات صغيرة ، خاصة أن موظفي القطاع العام الذين أخرجوا للمعاش المبكر لم تكن لديهم أي خبرة سابقة بالمشروعات الصغيرة ، ولم يتم تأهيلهم لذلك أو متابعتهم وربطهم بمشروعات كبيرة ، والنتيجة هي تحول الجانب الأكبر منهم لصفوف العاطلين .

وتؤكد الندوة التي أقامتها كلية الحقوق بجامعة المنصورة أن نحو نصف مليون عامل قد فقدوا فرص عملهم بسبب سياسات الخصخصة ولم ينخرط معظمهم حتى الآن في أعمال جديدة تخدم عجلة الإنتاج ، وقد قامت جامعة المنصورة بإعداد دراسة ميدانية حول " الخصخصة والعمالة "، أشارت فيها إلى أن حجم العمالة كان يبلغ مليونا و13 ألف عامل في القطاع العام وأن الخصخصة أدت إلى خفض هذا العدد إلى 625355 بفارق 437640 عاملاً . وكما هو متوقع فقد تعمد الملاك الجدد تسريح شطر كبير من العمالة المصرية الموظفة بشركات القطاع العام ، وزيادة درجة إستغلال عنصر العمل المصري ، وتحللهم من القوانين المحلية التي تحمي حقوق العمال ، والغريب في الأمر ، أنه في الوقت الذي يعلن فيه المسئولون أنه لا مساس بحقوق العمال ، وأنه لن يفصل أي عامل من العمال المشتغلين في المشروعات التي ستباع ، إلا أن دليل الحكومة المسمي " دليل توسيع ملكية القطاع العام " قد أعطي للمشترين الحق كاملاً في تحديد سياسة العمالة والأجور في هذه المشروعات وجاء فيه :" منح مشتري وحدات قطاع الأعمال العام جميع الحقوق والحريات المتاحة لشركات القطاع الخاص والتي تحددها القوانين والتشريعات السائدة . فلن تفرض أي قيود على المشترين الجدد فيما يتعلق بالإنتاج ، بل سوف نترك لهم الحرية لتحديد الحجم الأمثل للعمالة "

ومن ناحية أخرى ، يشترط للحصول على " المعاش المبكر " أن تبلغ مدة الإشتراك في التأمين 240 شهراً (أكثر من 19سنة خدمة) ويحتسب المعاش المبكر بنفس قواعد إحتساب المعاش عند الإحالة عليه في سن الستين ولكن يتم حرمان العامل في ظل نظام المعاش المبكر من عدد من المزايا التي يتمتع بها في حالة الإحالة الطبيعية إلى المعاش ، فتخفض قيمة المعاش المبكر بنسب مختلفة يتم إحتسابها تبعاً لسن المؤمن عليه ، ولا تضاف الزيادات المستحقة بواقع 80% عن العلاوات الخاصة ، وإذا طلب المؤمن عليه الإحالة إلى المعاش المبكر قبل أن يبلغ سن الخمسين فيتم حرمانه من الزيادات التي تضاف لمعاش الأجر الأساسي (25% بحد أقصي 35 جنيه ) ولا يجوز صرف المعاش المستحق عن الأجر المتغير قبل بلوغ سن الخمسين وكذلك فقدان الميزات التأمينية والعلاجية .
وفي معظم الحالات لا تجاوز المكافأة مبلغ 35 ألف جنيه كحد أقصي ، أما الحد الأدنى فيكون عادة في حدود 12 ألف جنيه عند الإحالة " للمعاش المبكر " وهكذا يلاحظ أن حجم هذه التعويضات هزيل و سرعان ما يتبخر .. فلا يبقي من تعويضات المعاش المبكر سوي مرارة البطالة ، خاصة وأن الصندوق الاجتماعي للتنمية قد أكد على أنه لا يمكن الجمع بين الحصول على تعويض المعاش المبكر والحصول على قرض إقامة مشروع صغير .

خلاصة القول هنا ، أن تلك الأعداد الغفيرة التي يتم تسريحها من الخدمة ، وفقاً لنظام المعاش المبكر ورغم الأعباء المالية الكبيرة المترتبة على هذا النظام ، فإن هؤلاء المسّرحين سوف ينضمون إن عاجلاً أو آجلاً إلى مخزون البطالة المتفجر في الإقتصاد المصري .


الصندوق الإجتماعى للتنمية و البطالة
*********************************
يعتبر توليد وخلق فرص العمل من الأغراض الرئيسية لثلاثة من البرامج الأساسية للصندوق الإجتماعي للتنمية ، وهي ( برنامج الأشغال العامة ، وبرنامج تنمية المجتمع ، وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة )، ووفقاً لبيانات الصندوق فقد إستطاع أن يوفر حوالي 847 ألف فرصة عمل دائم و 860 ألف فرصة عمل مؤقتة، وليس من الواضح كيف جمعت هذه البيانات . فمن المفارقة الإحصائية أن الصندوق قد أكد في أحد بياناته أن مجموع فرص العمل (دائمة ومؤقتة) التي يتيحها برنامج تنمية المشروعات فقط بلغت 350.908 فرصة في حين أن عدد المستفيدين من هذا البرنامج في بيان آخر له هو 132.787 !!.وتؤكد بيانات الصندوق أيضاً أنه حتى 31/8/1999 وفر الصندوق نحو 93.814 فرصة عمل دائمة ونحو 31.271 فرصة عمل مؤقتة ، في حين أن التقرير السنوي الصادر عن الصندوق يؤكد أنه تم توفير نحو 449.755 فرصة عمل دائمة ونحو 119.603 فرصة عمل مؤقتة ويثير ذلك التساؤلات حول دقة ومصداقية هذه البيانات . وتؤكد الدراسات الأكاديمية أن نسبة المنتفعين إلى السكان المستحقين المستهدفين أي إلى الفئات المستهدفة (الفقراء والعاطلين) لبرنامج تنمية المشروعات الصغيرة كان 0.21% فقط باستخدام مؤشر الفقر ، بينما كانت تلك النسبة 0.3% فقط باستخدام معدل البطالة .
هذا عن برنامج تنمية المشروعات ، أما تقييم البرنامجين الآخرين – والمفترض أنهما يهدفان لإختزال نسبة الفقر والبطالة - فلا يوجد إختلاف كبير بينهما ، فبرنامج الأشغال العامة ، وصلت نسبة الإنفاق على مشروعاته نحو 486 مليون جنيه ، ووصل عدد فرص العمل الحقيقية الدائمة إلى 3813 والمؤقتة إلى 32002 ، بمتوسط تكلفة 13604 جنيه لكل وظيفة بمفردات إحصائية أكاديمية ، وعلى الجانب الآخر ، وصل العدد الفعلي للمستفيدين وفقاً لإحصائيات الصندوق نحو 14.206 مليون شخص ، وهم يمثلون إجمالي عدد الأفراد في المجتمع الذي نفذ فيه البرنامج وليس المنتفعين بالفعل !! . أما عن برنامج تنمية المجتمع ، فإن عدد الأشخاص غير المحتاجين الذين حصلوا على منافع من برنامج تنمية المجتمع كان 63.176 وهو ما يمثل 35% من إجمالي المنتفعين ، في حين أن نسبة الذين لم يتم تغطيتهم بما فيه الكفاية من السكان المعوزين تصل إلى 97% من المجموع .
وربما يمكننا أن نستنتج من ذلك نقطتين أساسيتين :ـ
الأولي : المبالغة الشديدة في تقدير المستفيدين من مشروعات الصندوق .
والثانية : تتعلق بالتفاوت والخلل الواضح في توزيع عوائد هذه المشروعات على محافظات مصر مع عدم مراعاة نسبة الفقر والبطالة في كل محافظة وتقدير إحتياجاتها الفعلية من مخرجات هذه البرامج. إلى جانب ذلك فإن برامج ومشروعات الصندوق نفسه لا تخلو من بعض المشكلات التي تواجه المستفيدين منه وتعيقهم في طريق إنجاز الهدف منه إقتصادياً ومثال ذلك مشكلات بيروقراطية ، كتعدد وتعقيد الإجراءات المطلوبة للحصول على القرض وعدم مناسبة الضمانات المطلوبة من حيث إرتفاع قيمتها بالنسبة للشباب وتحرير شيكات بدون رصيد على المستفيد وإمكانية تحويل مرتبات الموظفين الضامنين إلى البنوك وعدم وجود مبدأ للمعاملة التفضيلية فى خدمات الكهرباء والمياه والمعاملة الضريبية وعدم توفير أماكن مناسبة بمعرفة السلطات المحلية وتأجيرها للمستثمر الصغير بشروط ميسرة ، ويتمثل النوع الثاني من المشكلات في التسويق ، حيث يفتقد المستفيدون للعناصر الأساسية لمفاهيم الإدارة ووظائفها بالإضافة للقصور في إعداد دراسة الجدوى بعناصرها التسويقية خاصة في ظل المتغيرات الدولية الجديدة كنظام الجات ومواصفات الجودة العالمية وإغراق السوق المحلية بمنتجات دول جنوب شرق أسيا والصين وصعوبة الإشتراك في المعارض التي يقيمها الصندوق لعدم وجود الدعاية الكافية لها أو إقامتها في أوقات مناسبة بالإضافة لتحمل نفقات الإقامة والإنتقالات وفرض رسوم للمشاركة في المعارض0 ويتمثل النوع الثالث من المشكلات في التمويل ، فالقروض التي تمنح من خلال البنوك لا تتم إلا بضمانات عقارية وكذلك طول المدة المستغرقة بين تقديم المستند والحصول على القرض من الصندوق والتي تصل إلى عدة أشهر فضلاً عن أن البنك لا يأخذ بدراسة الجدوى التي يتقدم بها وعندما يحصل المستفيد على القرض يحصل على جزء نقدي وجزء عيني في صورة آلات ومعدات ويقوم بحساب الفائدة على المبلغ الإجمالي .وعلى الرغم من أن الصندوق يحصل على قروض بنسبة فائدة 3% فإنه يقرضها للمستفيد بفائدة تصل إلى 9% ، 11% ، أما عن ضرائب المبيعات والدمغة والإعلان والتأمينات التي تحاصر المستفيدين بجانب إرتفاع أسعار الفائدة فكلها تمثل معوقات للمشروعات الصغيرة للشباب .
ويبدو أن حجم الفساد في الصندوق قد تزايد مع الألفية الجديدة فقد تلقي مجلس الشعب تقريراً مفصلاً من الجهاز المركزي للمحاسبات عن مخالفات الصندوق والتي تضمنت الأرقام المبالغ فيها إلى حد الجنون و الاستهبال المفرط التي أطلقها المسئولون عن الصندوق عن تشغيل 30 مليون عامل في مشروعاته .
كما كشف التقرير عن إرتفاع المخصصات المنصرفة على الإدارة العليا وزيادة عدد المستشارين بالمشروعات والإنفاق ببذخ على مؤتمرات ومعارض خاسرة في الوقت الذي يتم فيه حرمان الأسر المنتجة من القروض التي تحتاجها للمشروعات الإنتاجية الجادة بالمحافظات .
وكشفت التقارير عن وجود جمعيات وهمية وأخرى عائلية حصلت على قروض من الصندوق الإجتماعي بهدف قيامها بتنشيط مشروعات الشباب ، وكذلك عن تجاوز وزارة الشئون الإجتماعية بحصولها على 10% من فوائد قروض الصندوق الإجتماعي ليصبح إجمالي فائدة القرض الذي يحصل عليه الشاب يتراوح من 17% إلى 19% وهي نسبة أعلي حتى من نسبة البنوك التجارية وبالتالي ينتفي دور الصندوق والهدف الذي أنشئ من أجله .
وأخيراً يتضح أن الصندوق الاجتماعي عملياً كان بعيداً عن أهداف إنشائه ، فالسياق المجتمعي السياسي لم يكن ملائماً لحل المعضلات الإقتصادية ، فنسب الفقر لا تزال متسارعة وبشكل مخيف ونجاح المشروعات الصغيرة لا يزال حلماً بعيد المنال ، والهجرة المعاكسة والعائدة للوطن لا تزال تمثل قنبلة موقوتة بعد أن أصبح من الصعب الحصول على فرص عمل في الوقت الذي لا تزال فيه مفردات خطاب العاملين بتلك المؤسسات هي توجيه اللوم للضحايا " الفقراء " وتجاهل تفضيلاتهم ، والقول بأن معاناتهم ناتجة في الأغلب عن تكاسلهم ، وليس بسبب السياسات الفاشلة لنظام حصل على درجة صفر بإمتياز .

عبد المجيد راشد / سلامون القماش _ المنصورة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش