الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/ 10

عبدالامير الركابي

2023 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لم يسبق ولا حتى في الاحلام، ان جرت مجرد محاولة مقارنه بين صدام حسين واي من " ملوك " آل سعود، القبيله قاتله القبيله والعقيدة، فافتراض المقارنه فضلا عن المقاربة هنا من باب الخيال وعالم الستحيلات، لسبب بسيط، راجع الى غياب الذاتيه البنيويه والياتها ومحركاتها التاريخيه، صانعه مكانها في التاريخ وطابعها، هذا عدا الظاهر من اختلافات في التكوين الاساس، ومايعطي ويشكل الانطباع العام لما يفرق بين الموضعين من تباين واختلاف، من غير الوارد العبور عليه او وضعه جانبا.
في السياقات التشابهيه على مستوى الوسيلة التدخلية في البنيتين، الامر مختلف هو الاخر بما يبعد احتمال المقارنه، فالسعودية "الحديثة" الحالية الريعية مابعد الوهابية، اقدم من الريعية العراقية التي اجتازت وهي في غمرة الدولة المفبركه مسارا مختلفا كليا، حيث الزراعة هي المرتكز والقاعدة التي يستند لها الاقتصاد، الامر الذي يظل مستمرا من بداية العشرينات الى مابعد ثورة 14 تموز بعشر سنوات، عندما تركز الحكم الريعي مؤطرا على خلاف الحال في الجزيرة العربية، بالايديلوجيا الحداثية مكان القبلية المقلوبة النافية للقبلية والمصفية لها باستخدام العقيده المنتهية.
وتبدا الجزيرة العربية الحديثة منذ القرن الثامن عشر في حال استعادة مستحيله، محركها الاساس نكوص دون ادراك دلالة "الختاميه" النبوية، مايجعل شخصا من نوع محمد بن عبدالوهاب يعتقد ان تكرار التجربة المحمدية ممكن بالعودة الى صفاء العقيدة الاولى، مع الجهل المطلق بحقيقة ان ماحصل وقتها في القرن التاسع، هو حدث "تاريخي" تغييري فاصل مرتهن لاشتراطات وضرورات واغراض تاريخيه من طبيعته، تحققت في حينه وانتهت ضرورتها بنشوء واقع تولد عنه انتقال الشرق الواصل الى الصين الى الابراهيمه، وتحوله الى دائرة ابراهيمية ثانيه من يومها، الامر الذي من غير الوارد تكراره لانتفاء ضرورته، ولكون ماتحقق في حينه قد اوجد من الاشتراطات مامن شانه تجاوزه بسبب المنجز نفسه، ومراحليته البديهية، مابعد النبوية، ولا بمحاولة التكرارية النبوية، وان اتخذت صيغة الاحيائية التي هي استرجاعية تفترض توقف التاريخ اللاارضوي وعقمه، ولاتمرحلات تاريخ الابراهيمه واشكال تجليها بحسب الظروف والمتغيرات، فكأن هؤلاء يقولون بان الله عاجز عن تدبر اشكال التعبيرية المتناسبه مع كل ظرف، بما في ذلك مابعد النبوية، ومن ذلك على سبيل المثال القراءة السماوية العليّة السببية بدون وحي.
عليه فان طريق شخص مثل محمد بن عبدالوهاب لن يكون باية حال الا ماقد ختمه الله وقرر ايقافه، لان الكائن البشري منذ اخر الانبياء، ماعاد بحاجة للوحي، وهو قد صار فعليا محكوما بالارتفاع الى المستوى السماوي، بناء على ماراكمه من طاقة اعقالية وحجم مااكتسبه من خبرات، بحيث يعي اليوم بان استعادة النبوة المحمدية الصحابيه مستحيلة، وانها صارت حدثا ومرحلة من التاريخ اللاارضوي، التي هي منه، ومحطة من محطاته الهامة الكبرى، حفزتها اشتراطات تذكر بما قد حفزها بناء للانصبابية المزدوجة الشرقة الغربيه الاولى، واثارقطع طريق التجارة النازل جنوبا على مدى عدة قرون.
ويعني هذا من ناحية التحقيب، وبما خص علاقة المنطقة بالحدث الغربي وانعكاساته، ان المعروف توهما ب "الحداثة" والنهضة، ماكان بالاحرى مصريا مقرونا بظاهرة محمد علي لوحدها، فالمنطقة عرفت حالة استعادية نبوية ذاتية جزيرية مزامنه لظاهرة محمد علي والطهطاوي، والافغاني، وعبده، حركها كاساس التغلغل الغربي في الخليج العربي على طريق الهند، واقامه الغربيين تتابعا حتى الانكليز، المراكز والقلاع الضخمه، ماقد اثار في الجزيرة العربيه بعض الحافز والمحرك الذي يذكر بذلك الذي تولد تاريخيا عن هيمنه فارس على الخليج السومري.
وبالمقابله فان اول ماقد استنتج ـ للتاريخ ـ من دون ان يستنتج من قبل الفاعلين، ان اساس الدعوة المحمدية الاولى، وعامل تحققها وانتشارها لم يكن العقيدة، ولا عودة الايمانيه الصافية اليوم، بل العنصر والخاصية القبلية الاحترابيه الاستثنائية، تلك التي كانت هي الصاروخ والدبابة والطائرة المقاتلة في زمن السيف والرمح، فاما وان هذه قد هزمت على يد محمد علي لصالح الترك، فان عنصر الحسم الاساس قد سقط اليوم، وخرج من المعادلة الاحيائية، ليحولها لاستحالة ووهم، سببه تغير الاشتراطات الاحترابيه، ونمط الجيوش والاقتتالية العسكرية، وماطرا عليها من تنظيم وتحوير اقتضاه الزمن، وهو ماينطبق بصورة واضحه على الدولة الوهابية الاولى، ناهيك عن الثانيه التي قتلت بفعل اصطراعها الذاتي الذي هو بالاحرى نتيجة لماقد وقع للدولة الاولى وماقد آلت اليه.
تحدثنا عن العنصر او الاداة العملية الفاصلة وتغير مكانها وقدرتها على الفعل، مع ان هذا ليس الجانب المفرد والوحيد الذي حال دون تكرار النهوض الجزيري الاستثنائي الختامي، فالذي حدث ابان الثورة المحمدية مباين كليا تاريخيا وواقعا، وهو مظهر انقلابيه كينونه واختراقية ازدواجية تقف خلفها اليات تاريخيه، وهو ماتحقق بنتيجة الانصباب الفارسي وماانتهى اليه من تحول فارس وماوراءها وصولا الى الصين من تحولية، من الارضوية الاحادية الى الازدواج، مع غلبة نسبيه للاارضوية حلت على فارس التاريخيه الامبراطورية العبودية، وحولتها هي والكيانات القابعه خلفها شرقا، هذا ولم يحن في ساعتها مع صعود الغرب وقت تجدد مثل هذه الانقلابية النوعيه، او تكرارها الذي لالزوم له، ومن الصعب واقعا وعمليا بما لايقاس تخيل تجددها، مع ان المنطقة الابراهيميه كانت وقتها وفي العصر المعروف بالحديث اليوم، قد دخلت بالاحرى زمن بداية"الانصباب الغربي الثاني"، ذلك الذي يعود بصيغته الشرقية ابتداء، الى دخول هولاكو الى بغداد عاصمة الدورة الثانيه، وصولا لانبثاق الآله في العالم الاوربي.
كل هذا من شانه، لابل هو من موجبات اعادة النظر الكلية في السردية الحداثية المعتمدة زورا واعتباطا، معزولا عن الحقيقة التاريخيه وماهي موكولة اليه افتراضا، بناء لنمط وحجم الخاصيات التاريخيه الازدواجية الناظمه للتاريخ البشري، وتاريخ هذا الجزء من الكوكب الارضي، فردة الفعل الحديثة لم تكن مقتصرة على الانتباه للنموذج الغربي الصاعد" مصريا شاميا"،بل وجد بالتزامن مع تحسس بوطاة الحضور الغربي التجاري العسكري في الخليج العربي، وماولده من حالة ومحاولة استعادة للرد الجاهز،محبطة لانتفاء الاسباب، وغياب فعل الاليات التاريخيه، لتنتج لاسباب فوق طبيعيه/ انبجاس النفط/، نمطا من الكيانيه / الفريدة/ المقابلة، للالة المنبجسه في الغرب وبسببها. ماقد احال هنا مسالة الكينونة الاساس لمجتمعية اللادولة الاحادية الاحترابيه التاريخية الجزيرية، وحورها كليا لتغدو "دولة ريع احادية تلغي القبلية" ودورها البنيوي التاريخي الذي انتهى مفعوله، بما يخرجها من عالم الفعالية اللارضوية، ويكرس الختامية النبوية التي وقعت على ارضها كانتهاء لطور من اللارضوية انقضى.
هذا الوضع سيؤدي لاخضاع المنطقة لوجهتين في الاعقال، اسقاطية غربوية تاتي بالقانون المجتمعي السببي مرفقا بنمطيته المجتمعية التي انتجته، يقابلها منظور استعادي نبوي لما قد صار من المستحيل استعادته بصفته ماض وختام، بغض النظر عن تحريف مفهوم "الختام" ووضعه خارج مدلوله كانقضاء ونهاية، ماقد جعل من هذا الجزء من العالم، بما هو بدئية ومركز للازدواج، امام مهمه ضرورة كبرى، جوهرها احالة القانون السببي العليّ الى الذاتيه لتطبيقها عليها كما هي، ماقد تطلب ويتطلب اليوم بالاساس، اكتشاف والتعرف على الذاتيه المحجوبة المتجاوزة حتى الساعة للطاقة المتاحة للكائن البشري على الادراك.
تقفل الاستعادية النبوية الختامية الحديثة وتموت في ارضها، بينما تصير الاسقاطية التوهمية مصدرا للرؤية المزيفة التي تتلبس الجاهز،مادام العقل الشرق متوسطي المعروف بالعربي خارج الديناميات والسيرورة التار يخيه للمكان، بما هو كيانيه كتابية ليست موقوفه ولامقتصرة على رؤية وتعبيرية وحيده لا عقب لها، هي النبوية الحدسية الالهامية، فما قد اقتضى التعبير النبوي في حينه، مع مراحله واشكال تجليه المتتابع من ارضه الى الخروج منها، وتتابع القراءات من التوراتية، الى الانجيليه، الى القران، هي سيرورة تطور واكتمال محكومه لاشتراطات ولتبدل الظروف، ومقتضيات التشكل، قبل اداء المهمة الرئيسية الاخترافية الاحترابية الختامية، وهو ماليس واردا، ولامن المنطقي تصور توقفه الابدي وانتفاء تفاعليته الحيوية مع المتغيرات والمستجدات السارية على الحياة والمجتمعات، وبالذات منها تلك التي من نوع الانقلاب الالي، واثاره الهائله الشاملة بعد ما يقارب الالف عام على القراءة الالهامية الاخيرة، والختام.
ماكان واردا لا بالنسبه للمنطقة ضمن ظروفها في حينه، ولا للغرب وقتها ولاحقا، التعرف على المظهر الثالث، المنطلق والاساس السابق حتى على الظاهرة الغربية، كما تجلى في الارض الاولى، ارض سومر التاريخيه البدئية، وقت ظهرت مع القرن السادس عشر علامات انبعاث الدورة الازدواجية الرافدينيه الثالثة، الراهنه الذاهبة الى النطقية المؤجلة، والى التعبيرية اللاارضوية العليّة السببيه، والى الكتابية السماوية بلا وحي، تلك المتوافقه مع حقيقة المسارات اللاارضوية ومالها التاريخي التحولي، الراهن، والمتطابق مع الاشتراطات الكونية وسيرورتها التفاعلية، وصولا الى الانقلابيه النوعية المتمثلة في الثورة الاليه الاوربية، وماتولد عنها وواكبها من متغيرات شامله، وبالذات على مستوى الادراكية والوعي الاعقالي.
ومع محدودية وحصرية المنجز الغربي الحديث، وسعية لقصر ماتخقق فيه على ذاته باعتباره الغاية من المنقلب الكوني الالي، وما قد توفر له ابتداء من غلبة على مستوى المعمورة، الا ان مسار التاريخ الراهن لن يلبث ان يعود ليظهر بان السبية العليّة، او مايعرف بالمنظور "العلمي" العقلاني الحديث، له تجليان، اول ارضوي اوربي ابتدائي، يستمر لقرابة الثلاثة قرون قبل ان يقارب اللاارضوية الاولى، ويمنحها ماهي بحاجة له من انتقال صار واجبا وضرورة لامعدى عنها منذ الختام النبوي في القرن السابع، وهنا تكون الاستعادية الجزيرية والاسقاطية المتماهية المصرية الشامية، طورا لايستغرب ظهورة في مواضع ملحقة ببؤرة الازدواج، فالجزيرة العربية وساحل الشام حيث القراءات الثلاث الابراهيمه النبوية الموحى بها، ليست هي منتج المنظور اللاارضوي، وهي بالاحرى متلقية، ليس من المتوقع ان تعرف ماستعرفه في نهاية المطاف ارض الرؤية اللاارضوية الاولى الحدسية النبوية، وصولا الى الثانيه العليّة السببيه التي ظلت ارض مابين النهرين بانتظارها على مر القرون، كتعبيرية نهائية في ارضها، لاخارجها، كما كانت للضرورة.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام