الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منبر جدة لسلام السودان الشامل الدائم

ايليا أرومي كوكو

2023 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


نعم منبر جدة الذي يدور فيه منذ بدء الحرب حوار الطرشان . مأمل فيه انه سيفضي عن قريب الي تفاوض جاد ملتزم . هذا المنبر مرشح لمناقشة جذور المشكلة السودانية التاريخية بأبعادها العميقة المعقدة . و عشم كل السودانيين فيه انه سينتهي بسلام حقيقي شامل يلبي و يرضي رغبات و طموحات كل أهل السودان .
الحرب في السودان في اسبوعها الاول بعد المئة يوم . اكثر من مئة يوم و الحرب تخطو خطواتها المتسارعة في شهرها الرابع . تتقدم الحرب الي الامام قدماً لا تأبي كثيراً بما خلفته من اثار خراب ودمار في البني التحتية في الناس في الحجر . الحرب لا تعير ادني اهتمام بالقتلي و الموتي من الجانبين و لا بالمدنيين. و لا يهمها العالقين في منازلهم و لا ظروف النازحين بيوتهم تراودهم حنين اشواق العودة اليها . الاطفال الكبار يموتون جوعاً ولا تجد جثامينهم طريقاً أمناً الي المقابر .
حرب السودان هذه المرة تختلف عن سواها و ما عداها من جميع الحروب السودانية السابقة . و السودان وطن الحروب بدأ لم يهنأ بالسلام و كله عمره الطويل المديد كانت حروب في حروب . الشعب السوداني لم يعيش يوماً بسلام و أمان و استقرار . و الخرطوم دائماً و لا تزال هي أم الحروب و هي تفاخر بها . و كلما أطفت حرباً هنا تبجحت بأشعال حرب أخري هنالك . و هكذا دواليك تستمتع الخرطوم بلعبة الحروب تتلذذ بها كما يتللذ الاطفال عند تناول الشوكلا و الايسكريم .
كل العواصم الافريقية العربية و القريبة كما العواصم الغربية البعيدة تشهد انها كانت في يوم ايام الله . تهشد انها كانت مسرحاً للفرقاء السودانيين الباحثين الساعيين عن السلام عندهم . صناع الحروب السودانيين يفجرونها في وطنهم و من ثم يتركون الوطن يتضجر بدمائة ليتوسلوا السلام في اوطان غيرهم . نتمني ان يكون السودان يوماً من الايام وطن سعيداً ينعم بالسلام و الأمان و الاستقرار و التقدم و الازدهار . نتمناه قبلة للأخرين يحجون اليه طلباً لسلام أوطانهم هذا ان وجدت الكون أوطاناً لا زالت ترزح في جاهيلة الحروب . لا اظن بوجد اوطان تكره و تحارب شعوبها كما يحدث دائماً عندنا هنا في السودان. و
من العواصم التي شهدت اجتماعات و لقاءات السودانيين لأجل السلام علي سبيل الذكر لا الحصر . ابوجا ، اديس اباب ، نيروبي ، كمبالا ، دارالسلام او اروشا اسمرا ، انجمينا و جوبا كما العاصمة الجيبوتية و ربما عقدت احداها في مقديشو الصومالية . كما في طرابلس الغرب والقاهرة الافريقيتين العربيتين . عربياً الدوحة ، دبي ، الرياض ..... اروبياً جنيف , اسلو، برلين ، باريس و لندن . الولايات المتحدة الامريكية بكل ثقلها المشهود و كندا و روسيا تركيا و في عواصم النمور الاسيوية كوالالمبور بخرطومها الجديدة. السودانيين لم يتركوا بقعة في أرض الله الواسعة لم يطأها اقدامهم و أرجلهم سعياً حثيثاً بحثاً عن السلام . و السلام في السودان و الباحث عنه يشبه تماماً الباحث عن الماء في صحراء الربع الخالي كلما رأي سراباً ظنه ماء لكنه في حقيقته سراباً و ليس بماء .
كل المنظمات و الهيئات الدولية الاقليمة و كل منظمات الامم المتحدة المفوضية العامة لحقوق الانسان ، اليونيسيف ، الصحة العالميه ، برنامج الغذاء العالمي ، الصليب و الهلال الاحمر اطباء بلا حدود و الفاتيكان . كل رجالات العالم وقاداتها من السياسين الكبار و الرؤساء المخضرمين و كل الامناء العامين للامم المتحدة وقفوا و يقفون قلباً و قالباً مع السودان ، و السودان لا يقوي علي الوقوف و لو مرةً واحدةً مع نفسه لمجابهة ازماته متراكمة و محاولة حلها .
السودانيين مصابون بداء الفِصام ( ألشيزوفرينيا) لذلك تجدهم يكرهون انفسهم يكرهون بعضهم بأمتياز يكرهون حتي وطنهم . فبينما المصريين يقولون أحبك يا مصر تجد السودانيين يقولون الله يلعن ابو السودان . و للسودانيين خاصية تخصهم وحدهم في انبات بذور الكراهية و لهم تجارب و خبرات طويلة يحسدهم عليها امم و شعوب العالم اجمع . حارب السودانيين الشطر او الجزء الجنوبي من بلدهم لأكثر من نصف القرن بعنف و شراشة صابيين عليهم كل جامات غضبهم و نيران اسلحتهم و حقدهم العنصري البغيض . كل اللواءات العسكرية بمسياتها المختلفة حشدت و سيرت باتجاه الجنوب المجاهدين الدبابين سيف العبور المراحيل و الدفاع الشعبي و.. و الخ. حرب ضروس ابتدأت قبيل فجر استقلال السودان لينتهي مع بزوغ فجر استقلال دولة جنوب السودان الوليد كأحدث دولة في العالم . و لحرب الشمال للجنوب وجدت فلسفتات و ايدولوجيات و بيوت خبره كانت لها من المبررات الواهية كماً لا يحصي . و هذا ما برر للجنوبيين اختيار الانفصال بينما كان الشماليين يرشونهم بلا خجل لأختيار خيار الوحدة الجاذبة كما سموها في الايام الاخير و الجنوب قاب قوسين او ادني من الذهاب لحاله الي الابد . كان السودانيين يتندرون في مجالس ونساتهم الخاصة قائلين : الجنوبيين ما بيشبهونا في أي شيئ لا في الدين و العقيدة و لا في العادات و التقاليد او حتي في الهوية و اللغة و السلوك و الاخلاق و لا في البشرة و اللون ... ترك الجنوبيين السودان او البيت الكبير لحاله ليعيش ان امكن مع نفسه المتشابه في سلام . لكن هيهات هيهات ان يهنئ السودان بالسلام و هو لا يزال في حال فصام الشخصية . فالذي لا يشبه نفسه لايمكن ابداً ان يشبه في يوم من الايام غيره .
و بذات السيناريوهات يحارب النخبة السودانية الشعب في جبال النوبة و النيل الازرق لنحو الاربعين عام . في هذه ايضاً لهم مبرراتهم الجاهزة و تفاسيرهم و منطقهم الديني العقائدي تفتي تشرع و تسمح لهم بالجهاد ضد شعب النوبة . و تقوم الحرب بلا هوادة ضد المطالبين بحقوقهم المشروعة كمواطنين سودانيين لهم ما لغير من العيش الكريم في وطن من الحقوق العادلة التي تندرج في أبسط مقومات الحياة الانسانية الكريمة السوية . تلك المتمثلة في العدالة و المساواة في الخدمات من مياه و كهرباء و في التنمية اعماراً مثلهم مثل سائر المدن و الريف السوداني في الولايات و الاقاليم الاخري . و من قال انا داير حقي فقد غلب اليس كذلك . نعم ليس كذلك فمن يقول وين حقي في السودان يحسب صوت نشاز يحب ان يحارب حتي يقهر و يدحر . بس الغريب في حروب تلك المناطق هو ان ابنائها المستلبين المأدجلين هم ادوات الحروب وقودها هم نيرانها المشتعلة كالشموع يفنون ذواتهم بذاتهم . فيفلح و بصيد كل العصافير بدون رمية حجر واحد .
بأستقلال دولة جنوب السودان لم تخمد الحرب نيرانها و لم تضع أوزرها في جبال النوبة و النيل الازرق بل لا تزال . اذ اعتبرت تلك المناطق ديار حرب قصير الاجل يسهل فيه الانقضاض علي الاعداء كلقمة سائخة يمكن ابتلاعها بيسر دون ان تشعر بألم في البطن او سوء في الهضم . لهذا لا تزال هاتين المنطقتين خارج سياقات اجندات المركز التفاوضية بغية تحقيق العدالة و السلام العادل .
الغريب في الامر كله قد سمعمت قبيل ايام خبيرا عسكرياً يتكلم من القاهرة عبر فضائية الحدث . اخرج من جوفه هواء مكيفات القاهرة التي هرب اليها من جهيم نيران الخرطوم الحراقة .. تنفس مهدداً متوعداً انهم عقب و بعد الانتهاء من معركة الخرطوم سيتوجهون فوراً الي ولاية جنوب كردفان اقليم جبال النوبة . وكان الخبير الاستراتيجي يتحدث عن المسيرات نوع الطائرات من طراز البيرقدار التركية التي تبلغ عددها في الخرطوم المئة و خمسين طائرة .
قبيل انفصال الجنوب دخلت دارفور في خط الحروب السودانية منذ العام 2003م و من وقتها لم تعرف هذه البقعة العزيزة من الوطن العزيز طعماً للسلام . كثيرت المنابر التفاوضية و ظلت الحرب تستعر يوماً بعد يوم .. فلا سلام ابوجا كان سلاماً ولا سلام الدوحة و غيرها حققت السلام علي أرض الواقع في ربوع و ارجاء دارفور . اما سلام جوبا فقد كان سلاماً للمحاصصات قسمت فيها الكعكة و الغنائم دون ان يتحقق السلام المنشود في ولايات دارفور الحبيبة . لا سعد شعبها يوماً و احس بالامان بل ظل مكتوياً بالنيرن العدوة و الصديقة معاً و هو جلد مؤمن صابر مثابر .
اخيراً يبقي الأمل الكبير و العشم الباقي لكل السودانيين معقود بنجاح منبر جدة التفاوضي و اختراق اطراف النزاع في السودان . فالبرغم من مراوحة هذا المنبر التفاوضي لمكانه سيظل هو المنبر الوحيد الصالح حتي و الافضل لأخراج السودان من عنق الزجاج . فجدة السعودية هو المكان المناسب الاقرب الي قلوب السودانيين . ذلك لما تمثله المملكه العربية السعودية من الكاريزما القدسية و المكانة الدينية في نفوس السودانيين . هذا بجانب الولايات المتحدة الامريكية بثقلها و بدرايتها و خبرتها و زخم حضورها الكبير دائماً في السودان . الولايات المتحد و هي تمسك بملفات السودان تعرف جيداً كل المداخل و المخارج كما تعرف نقاط الضعف و القوة عند الصقور و الحمائم السودانيين اوجد في السودانيين حمائم .
نأمل قريباً ان يتم الاختراق و الدخل المباشر في المفاوضات . و من قراءة أعلان اتفاق جدة الاطاري الذي نتمني ان يعلن فيه وقفاً شاملاً لكل الحروب في السودان . نعم أعني تماماً كل الحروب في السودان كله و ليس الحرب في الخرطوم فقط . بل كل ولايات دارفور الكبري و كردفان الكبري .. و تلك الحروب الباقية او المؤجلة في جنوب كردفان اقليم جبال النوبة و النيل الازرق كما في شرق السودان ولايات البحر الاحمر كسلا القضارف .
مهم جداً فتح كوي منبر جدة واسعاً لأستيعاب كل الاطياف السودانية المتحاربة المتقاتلة . بما فيهم حركات دارفورالموقعة لأتفاقية سلام جوبا و الغير موقعين لها . فقد جرت مياه كثيرة وعبرت تحت وفوق سلام جوبا الذي لم يحقق سلاماً علي أرض الواقع . و مهم ايضاً ادارج عبدالعزيز ادم الحلو و عبدالواحد محمد نور و أهل شرق السودان ايضاً . و من ثم الدخول في حوار سوداني سوداني كامل الدسم لبحث و حلحلة الازمة السودانية التاريخية من الذور و تحليلها حرف حرف من الالف الي الياء .
كان الله في عون السودانيين جميعاً بسلام حقيقي كامل شامل
• أوقفوا الحرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياحة المفرطة - كابوس يزعج سكان أمستردام | يوروماكس


.. المغرب.. قبلة سائحين بالزي الأمازيغي تتسبب بجدل واسع




.. عامان على وفاة مهسا أميني في إيران.. ما الذي تغير؟


.. توسع دائرة الهجمات بين حزب الله وإسرائيل.. هل يضيق فرص تجنب




.. مراسل الجزيرة: 10 شهداء وعدد من المصابين بغارة إسرائيلية على