الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 6

حسام علي

2023 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كان من أسس السياسة الفرنسية، اعتمادها ما يسمى بسياسة الخط الثالث. وهو مبدأ يسعى لتحقيق مصالح فرنسا العليا، قبل أية مصلحة أخرى، بعيدا عن ظل القوتين الكبريين، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي (قبل تفتيته). فمنذ بداية "الجمهورية الخامسة" قبل ربع قرن وحتى الآن، كانت الدبلوماسية الفرنسية تتبنى هذا "الخط الثالث" والطامح الى تخطي القوتين الدوليتين الكبريين، وإلى رسم سياسة دولية مميزة ومختلفة، وعلى امتداد "الجمهورية الخامسة"، لم يخرج أحد عن هذا الخط العريض، ابتداء من شارل ديغول الى جورج بومبيدوالي فاليري جيسكار ديستان الى فرانسوا ميتران، بالرغم من انتقال فرنسا معه من اليمين الى اليسار.
إن هذا الخط السياسي الفرنسي يرجع بجذوره الى نتائج الحرب العالمية الثانية والخسائر التي لحقت بفرنسا، حيث استطاع الالمان خلال فترة قصيرة جدا وغير متوقعة من أن يجتاحوا فرنسا ويدخلوا باريس، وبذلك انهارت فرنسا الاستكبارية عسكريا ونفسيا، ولم يبق لها إلا بعض المواقع العسكرية البعيدة عن متناول الألمان، مثل شمال افريقيا وبقية مناطق نفوذها في سوريا ولبنان.
وإذا ما تم تحرير فرنسا وإنقاذ شرفها فإنما كان ذلك بجهود الغير: (الفرق الاجنبية والقوات الامريكية والمساعدات الانكليزية). ولهذا، فان العالم قد خرج من هذه الحرب بمعادلات قوى جديدة، فقد ظهرت أمريكا، كقوى كبرى، وبرزت بريطانيا كقوة عظمى عسكريا واقتصاديا واستكباريا، أما فرنسا فأنها قد انهارت عسكريا واقتصاديا وسياسيا، وبذلك فأنها تراجعت خطوات الى الوراء، لهذا فقد سعت فرنسا لتخطي الكثير من العقبات التي عصفت بوجودها الاستكباري في العالم، أو التي عصفت بكيانها داخليا، وذلك بفضل سياساتها هذه، إذ أن ذلك ترك انطباعا ظاهريا لدى الامم والشعوب المستضعفة، بأن فرنسا تميل نحو "الاستقلال" في مواقفها، ما حسّن صورتها عالميا وأفادت منه في النفوذ الاقتصادي والسياسي، وما زالت فرنسا تسير على نفس "الخط الثالث".
والمسألة لم تكن في وجود هذا الخط الثالث لدى القوة العسكرية – السياسية الثالثة في العالم، بل في مدى الاستعداد الى الذهاب بعيدا فيه. وبعد مرور عام كامل ونصف العام على العهد الاشتراكي، يمكن القول ان فرانسوا ميتران، قد قرر الذهاب بعيدا، وربما بعيدا جدا، خصوصا في العلاقات الفرنسية مع مستعمراتها القديمة والتي تعتبرها مناطق نفوذ خاصة، ترغب في ممارسة دورها الاستقلالي، منها بعيدا عن كل من أمريكا وأوروبان خصوصا في أفريقيا الشمالية والجنوبية، أو علاقاتها مع أمريكا اللاتينية.

السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان