الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقابات، غائبة أم مُغيّبة..؟!! CDT -نموذجا-

حسن أحراث

2023 / 7 / 28
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي 2024: تأثير الحروب والصراعات المسلحة على العمال والكادحين، والحركة النقابية


بدون عناء التفكير أو الاجتهاد، "نقاباتنا" (العتيدة وفخر الانتماء) غائبة ومغيبة في نفس الآن. نقابات غائبة لأن البيروقراطية المتحكمة في زمامها لا يهمها خدمة مصالح الطبقة العاملة وخوض المعارك النضالية من أجلها، حيث يكفيها "التفاعل" المغشوش والانتقائي مع بعض مطالب البورجوازية الصغيرة والبورجوازية المتوسطة (الفئة الدنيا بالخصوص). ونقابات مغيبة بفعل الريع المُخدّر والدعم المالي الدّسم الذي لا تعرف القواعد النقابية ولا حتى المناضلين النقابيين عن حجمه أو صرفه أي شيء.
ومما زاد في درجات الغياب والتغييب تواطؤ القوى السياسية الرجعية بما في ذلك القوى الظلامية والقوى "الإصلاحية" وضعف أداء المناضلين وتشرذمهم كأفراد وتنظيمات وتيارات..
وقد ثبت بالملوس أن غياب الحزب الثوري المنظم والجامع لجهود المناضلين الثوريين قد فسح المجال لعبث البيروقراطية وتسلطها وجعل النظام القائم في وضعية مريحة لتمرير مخططاته الطبقية المُدمّرة، بما في ذلك تعميق الفوارق الطبقية لفائدة البورجوازية الكبيرة ورفع وتيرة الاستغلال والاضطهاد الطبقيين، مما جعل التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي يصل مداه وسط الجماهير الشعبية المضطهدة، حيث استمرار الاعتقال السياسي ونهب خيرات البلد البرية والبحرية والجوية وتدهور الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن وشغل والإجهاز على المكتسبات (الوظيفة العمومية والتقاعد...) وتدمير المدرسة العمومية من خلال فرض التعاقد ودعم التعليم الخصوصي...؛ ولا أدل على ذلك من تنزيله توصيات المؤسسات الامبريالية بدون مقاومة (أقصد المقاومة الشرسة)، بالإضافة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني بقوة الأشياء وفي جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ودون أي اعتبار للتوجه الشعبي العام الرافض للتطبيع والداعم لشعار "القضية الفلسطينية قضية وطنية". وبالمناسبة، فالجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع وبكل مكوناتها لم ترق الى مستوى التصدي لنيران التطبيع وتغلغله السريع والمكشوف..
وعندما نستحضر الآن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، نقصد بالأساس حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بمكوناته السابقة (حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي والمنحدرين من حزب الاشتراكي الموحد). لا ننفي بعض الحضور إلى هذا الحد أو ذاك، مثال مكناس إلى جانب عاملات وعمال شركة سيكوم/سيكوميك بقطاع النسيج، لكن الغياب والتغييب معا واقع مُرّ يكشف مدى البعد عن العمل النقابي الجاد والكفاحي. وإذ نسائل أنفسنا وكافة المناضلين المنخرطين بالكنفدرالية وبالاتحاد المغربي للشغل أيضا عن الوضع النقابي المترهّل حيث الخضوع القسري وعن طيب خاطر للبيروقراطية، نسائل أيضا حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي. فلا قطيعة تامة بين العمل النقابي والعمل السياسي (لا أقول الحزبي بالضرورة). فالشعارات المرفوعة لا تعكس بتاتا واقع الممارسة السياسية.
هناك العديد من المعارك العمالية وفي مختلف القطاعات الإنتاجية وبالعديد من المدن والمناطق، لكن لا متابعة منظمة ومنتظمة سواء نقابية أو سياسية. نجد الإعلام، وخاصة الإلكتروني أكثر حضور وفضح مقارنة مع حضور الفعل النقابي الكفاحي والفعل السياسي الجذري. واللافت للنظر أيضا هو المتابعة الباهتة من طرف الجبهة الاجتماعية المغربية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية، علما أن الجبهة تضم في صفوفها الكنفدرالية والعديد من الإطارات الأخرى النقابية والسياسية والجمعوية. ويظهر من خلال الواقع وبالعين المجردة أن الأحزاب السياسية تختبئ وراء هذه الجبهة وتلك بدل الحضور السياسي في الساحة السياسية وخوض معارك سياسية مباشرة (المدخل السياسي) من أجل إنجاز التغيير الجذري المنشود. فالممارسة السياسية صارت أقرب حتى التماهي مع الممارسة الجمعوية..
ومن بين ما يغذي الغياب والتغييب التّرحال النقابي على غرار التّرحال السياسي، في ضرب موجع لشعار "الوحدة النقابية". إن البيروقراطية عملة واحدة في الكنفدرالية كما في الاتحاد المغربي للشغل (لا ديمقراطية داخلية ولا شفافية مالية ولا هَمّ نضالي...). والمطلوب ليس طلاق العمل النقابي، كما ليس التّرحال أو تفريخ "أقفاص" جديدة لتمزيق أوصال الطبقة العاملة؛ وليس طبعا الخضوع سواء القسري أو عن طيب خاطر؛ المطلوب (السرعة الثانية) خوض معارك منظمة وشرسة ضد البيروقراطية بهذه النقابة أو تلك، مركزية أو قطاعية، وفي مقدمة هذه المعارك فضح مؤامرات البيروقراطية وتورطها في الاختلاسات والريع ورفض تقاسم المقاعد في الأجهزة القيادة وبالتالي الارتباط بالشغيلة ومعاركها وطموحاتها والتشبث بوحدتها والتضحية من أجل انتزاع حقوقها وتلبية مطالبها.
كما أن المطلوب بالموازاة مع ذلك وبحدة (السرعة الأولى) هو الاشتغال على بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة في معمعان الصراع الطبقي، أي تحت نيران العدو. فمهما يسطع نجم العمل النقابي بهذا القطاع أو ذاك سيخفت أو ينهار أمام ضربات النظام والأزلام السياسية للنظام والى جانبهم البيروقراطية (الطابور الخامس). ولنا ما يكفي من التجارب بهذا الصدد..
فما معنى "التّمترُس" في خندق العمل النقابي وإخلاء الساحة السياسية؟!!
إلى متى سنبقى نردد بغباء هذه النقابة أو تلك "فخر الانتماء" أو "عاشت" هذه النقابة أو تلك؟!!
إلى متى سنصمت أمام "الاستخدام" البشِع للطبقة العاملة والشغيلة عموما، حالة النقابات التعليمية (04) الى جانب وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؟!!
إلى متى سنسكت عن جرائم البيروقراطية في الحقل النقابي وتواطؤ القوى السياسية المحسوبة على اليسار؟!! دون أن ننسى أن كشف أو فضح بعض المسكوت عنه اليوم يفضح من سكتوا عنه البارحة، وأن من يستفيد من وضع ما (البرلمان مثلا)، أي يستلِذّه، قد يعجز عن فضحه..
وهذه أسئلة، من منطلق مبدئي وليس من باب المزايدة، إلى من طلقوا الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والتحقوا بالاتحاد المغربي للشغل وإلى من طلقوا الاتحاد والتحقوا بالكنفدرالية:
هل من تقييم للتجربة في صفوف النقابة الأم؟
ما هي الرهانات/الأهداف الكبرى للالتحاق بالاتحاد أو الكنفدرالية؟
هل تم استحضار أثر هذه "الانتقالات" ومضاعفاتها السلبية على القواعد النقابية وعلى واقع ومستقبل ومصداقية العمل النقابي؟
ما هي الخلفية السياسية التي أطرت هذا التّرحال الجماعي؟ بمعنى آخر، هل هناك تأطير نظري وسياسي لهذه "الانزياحات"؟
ومن باب المنطق فقط، لماذا لم تنسحب الجامعة الوطنية للفلاحة الآن من صفوف الاتحاد المغربي للشغل؟ هل في هذه الحالة، "مهندس" الاتحاد "الأعظم" موخاريق ريق؟!!
وقبل ذلك لماذا لم تنسحب "جامعتي" الفلاحة والجماعات عند تأسيس (انسحاب) الجامعة الوطنية للتعليم FNE؟ هل كان الاتحاد "جنة" حينه؟ هل كان حينذاك احترام للديمقراطية الداخلية؟ وهل كانت الشفافية المالية؟ هل كانت مناصرةُ المعارك العمالية متواصلة؟
الخلاصة، بدون عناء التفكير أو الاجتهاد، "نقاباتنا" (العتيدة وفخر الانتماء) غائبة ومغيبة في نفس الآن، وهي نفس حال القوى السياسية من داخل الجبهات والائتلافات ومن خارجها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام