الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد عتمان أيقونة الحياة

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2023 / 7 / 29
الادب والفن


أيقونة الحياة أحمد عتمان

في عمل يتميز بكثرة الفوضى المرسومة بنمط مريح من التنظيم لا يستطيع المرء فيه أن يصل إلى نقطة التصالح مع الحياة، إذ أن قطار العمر يسير فيه على قضبان ملتهبة تلتهمه. غير أن التملص من الدقائق عسيرة المخاض أمر واجب لولادة أكثر سهولة في القليل من الدقائق المتبقية.
كان ذلك قبل بضعة أيام حيث قررت أن أفر في تفكيري لبعد أكثر تحرراً من أنسانيتنا المصطنعة، وأقنعتنا الملوثة بكافة صنوف الزيف والخداع، في لحظات لا يتستطيع الواحد فينا أن يبقي على ما تبقى من حبوب الشجاعة والصدق والتي لم يعد يباع منها الكثير في واجهات محلات النبلاء.
الصدق مفردة لا يمكن الجزم بوجودها، إذ أنه مدخرة من مدخرات المدينة الفاضلة التي يدعي كل المارين في قطيع النفاق بأنهم يملكونها...الشخوص الذين يتسلقون السلالم هم سارقون، سارقون لكد وتعب البسطاء، من الذين يدافعون عن الخط الأخير من إنسانيتهم...سارقوا حبات العرق ومدخروها في قداحات سجائرهم الفاخرة لم تعد أيديهم تؤتمن والملح الذي يشقق شفاههم بدا أكثر وضوحاً من ذي قبل...
كانت تلك العبارة التي استهوتني والتي كانت عنواناً لإحدى لوحاته "لا تلمس تعبي فما عادت يداك تؤتمن" لقد اختزل كل الحقيقة، بأن العهر لم يعد فقط بالسرقة المادية لكدنا كبسطاء بل تمتع أولئك باللمس، والنظر، والتمتع بحبات عرقنا ...نعم لم تعد يداك تؤتمن.
كم عميق أنت يا أحمد...وكم من كم الحزن منحتني لتغرورق عيناي بالحقيقة المرة بأني أقف وإياك والكثير منا على الخط الفاصل بين البقاء والوداع. لم يعد هناك الكثير لندافع عنه، الروح فينا ملت نفسها وحتى القليل من البصاق على واجهة الواقع نضب فلم يعد يعنينا فعلاً مفردة اسمها فلتبقى أو فلتبقي...
أيها المارون على دفاترنا لم تعد ذكراكم تؤلمنا...
بعيداً كل البعد هذه المرة عما أبحر في خضمه ليل نهار، ربما لأني منشغلة بالفوتوشوب من مدرب عابر، ربما أرقته معرفته فيه فأبقى على السوار يحيط بإبداعه فلا هو تحرر ولا هو أبدع...فصرت مجبرة لكي لا أبقي على معاناتي في عنوان معترض اسمه الخسارة، أجول بين صفحات الكثيرين...لعلي أعزي نفسي بأني لست تلك التي ترضى بالخسارة من الذي لا يمكن أن يكون حتى خصمي أو قبيلاً لي...ربما بعض النرجسية في حياتنا هو ما يجعلنا نبقي على روح التصميم فينا متقدة ولا تخبو نارها أمام زوبعة من الرماد.
وحيناً من الزمن وقفت عند صفحته (أحمد عتمان) عشريني فنان يمزج بين الإبداع بكومة هائلة من الجنون والغرابة والدقة في تعريف الإنسان...(https://web.facebook.com/ahmed.etman15)
لأصدقك القول يا أحمد لقد أستوقفتني تلك الجمل التي خطتها يمينك وكأن كلانا يتحدث عما تبقى فينا وعما نريد الخلاص منه.
"لطالما تمنيت أن أكون شخصا ينسى أن أضع على رأسي الوسادة دون أن أتذكر ما حدث الشهر الماضي، الأسبوع، أو اليوم الفائت دون أن يبتلعني عقلي" دعني أكمله دون أن أسوق فتات الزجاج المطحون وأرصف به طرقات أحلامي...فما عادت لي أحلام فقد بت أحلق فوق الأفق ألملم ما أحب كيفما أحب، وأخلط معجون الروح بإكسير الحياة وأصنع أحلامي المتمردة...
نعم، يا أحمد كنت أبحث عن الغرابة، عن الجديد، عن علم آخر يمزج بين الواقع والخيال بين الجنون والعقل بين المرح والترح بين القبض على الجمر والسير تحت المطر بين الأنا والغير بين كل المتناقضات التي تجعلني قادرة على أن أفرغ كل ما في جعبتي حين ابتلعني الصمت وابتلعته بجدلية لا تتوقف.
كنت يا أحمد الذي وقفت عنده واستهوتني صفحته على الفيسبوك، الكثير من الجنون، الغموض، الرغبة في أن ينساه الكثيرون فيما يجسد بريشته كل دواخلهم بجنون.
شاب في العشرين من العمر يحكي عن مدى تعاسة الدنيا، وفرحها، عن بحثه عن الحب المفقود، الإخلاص في متاهة الخيانة، البساطة في زمن الوجوه الملونة وعن صكوك الغفران للكثير من الخطايا.
ذكرني أحمد عوض عثمان بأن العشريني الذي لم يشهد الكثير من الحروب ولا التحرير لكنه شهد الكثير من الرغبة في أن يمضي بقارب صغير من ورق ليبحربعيداً. غير أن قدره قدر له أن يجدف بيديه في بحر مالح مائل للصفرة يختلط فيه الكثير من اللاشيء، وتطفو حوله الكثير من كتل من التبغ المنفوش.
كم الإبداع الذي رسمه أحمد لا يوصف وكما يقال: دق عالخشب. وخمسة وخميسه في عين العدوين . نعم هي كذلك.
أقف على استحياء أمام عشريني يحاول بصمت أن يتحرر من كل خطايا البشر بتجسيدها بلوحات مبهرة. ليجد نفسه محاطاً بالكثيرين الذين استهوتهم قصص لوحاته...لقد شعروا بالصدق يدغدغ شغاف القلب...ببساطة لقد جعلهم عراة أمام أنفسهم لكن بدرجة عالية من الذكاء...هو بحق يتميز بدرجة عالية من الذكاء والفطنة وله من الموهبة الربانية ما له ليمرر بلمسته الأخيرة الرسالة التي يريدها بكل ثقة. أنت كذلك يا أحمد: "أرشيف لبعض مخلفات عقلي ونتائج هلاوس وشخبطة منظمة"
لكنك لست كأي أرشيف، فأنت تحتفظ بههويتنا، بدواخلنا...ببساطة فنحن لا نستطيع أن نقف أمامك أكثر من عشر دقائق إذ أنك بتلك العشر أستطعت أن تكتشف الواقف أمامك، الماثل بكل غطرسة فيه بلوحة تعريه بها...
كم أنت إنسان يا ابن قرى مركز شبراخيت في محافظة البحيرة في مصر الولادة...لم يولد أحمد فناناً وحسب بل ولد ليكون التعويذة الأخيرة لبقاء الإنسانية، والتحذير الأخير من الانسلاخ عن الذات.
كان لا بد أن يحصل على درع في الإبداع في الابتدائية لكنه صبر ليتحرر من تكرار الأخرين ليحصل في الثانوية على شهادة تقدير من قناة صوت مصر. أكاد أتيقن أنك ستصبح من المهرة العارفين بعلمهم والقادرين على الإبداع فيه، فانضمامك للمعهد الفني الصحي عام 2018 كان اختياراً موفقاً...فأيقونة الإبداع هي أنت...فأنت لا تستطيع أن تخفي نفسك وإن حاولت، إبداعك وصدقك يفضحان مخبأ صمتك.
لم يكن من الغريب أن تحصل على المراكز المتقدمة في الرسم بأول مسابقات له والتي أقيمت في المعهد الفني الصحي، كما أنه ليس من الغريب أن تحصل على المستوى الأول على مستوى المعاهد الفنية الصحية في جمهورية مصر العربية...
ودعني أخمن أن لقبك يا فنان...وأن الكثيرات يطفن حولك كالفراش المبثوث، ولكنك تبقي على نقاءك فما عدت تطيق الألوان رغم أنك تغتسل بها كل يوم.
ليت لي شغفاً في الرسم كالشغف لديك...ربما نلتقي في إحدى القصص التي نحرر فيها عقولنا وأرواحنا من تيه يعيش فيه البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في