الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة التاريخ : حرب الفلوجة الاولى

محمد رضا عباس

2023 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ذهب ضحية هذا الحرب اكثر من 600 قتيل واكثر من 1000 جريح . الحرب كانت متوقعة , حيث ان أبناء هذه المدينة رفعوا لواء رفض التغيير, ولم يمضي عليه شهر من الزمن . ففي يوم 28 نيسان 2003 خرجت تظاهرة من امام تجمع للقوات الامريكية في احد المدارس الابتدائية في وسط المدينة قتل منهم 13 مواطن على يد القوات الامريكية . تضاربت الاخبار حول مقتلهم , البعض يقول ان التظاهرة كانت سلمية وكلما طلب به متظاهرون انتقال القوات الامريكية الى مكان اخر , حتى يسمح لأولادهم المباشرة في الدراسة , الا ان القوات الامريكية فاجئتهم بأطلاق نار عليهم . المتحدث باسم القوات الأمريكية ذكر بان القوات قد ردت على اطلاق النار التي اطلقها متظاهرون مشاركون نحوهم وهم يحملون الكلاشينكوف .
الا ان هذه الحادث مثلت بداية الكره الأمريكي – الفلوجي , ومنذ ذلك اليوم أصبحت مدينة الفلوجة ملتقى لكل من يرفض التغيير من بعثيين وسلفيين وطائفيين و جهاديين عرب .
وبين نيسان 2003 و اذار 2004, قام المسلحون المتواجدون في المدينة بهجمات نوعية على القوات الامريكية , اسقاط على الأقل ثلاث من الطائرات المروحية , تفجيرات ذهب ضحيتها عدد من القوات الامريكية . الا ان الهجمات لم تقتصر على القوات الامريكية وانما شملت هجمات على تجمعات مدنية بواسطة الاحزمة الناسفة و السيارات المفخخة ذهب ضحيتها الالاف من العراقيين الأبرياء . لهذا السبب نظر معظم العراقيون الى هذه " المقاومة" نظرة الريبة منها , لأنه من يريد طرد الاحتلال , يحتاج الى دعم شعبي لا ان يقتلهم بأفظع طرق الموت.
المواطن العراقي اصبح ينظر الى هذه " المقاومة " منظمة إرهابية هدفها ارجاع النظام السابق الى الحكم او استبدال صدام بصدام اخر والقضاء على العملية السياسية برمتها. حيث خرجت اخبار تقول ان صدام حسين كان يعرف بان جيشه ليس له الطاقة للقتال ووقف الاحتلال الأمريكي وان الهدف الأمريكي كان احتلال منابع النفط في الجنوب العراق , ولهذا السبب لم يسمح لأنصاره بمقاومة " الغزاة " وانما الانتظار حتى خروج جيش الاحتلال من العراق وبعدها اسقاط النظام الجديد و عودته للسلطة.
استمرت المقاومة في عموم المنطقة الغربية من البلاد بما فيها مدينة الفلوجة , حيث أصبحت هذه المدينة خارج سلطة الدولة ومنطلقا للعمليات الإرهابية ضد الأبرياء في المدن المحيطة بها . الا ان الحدث الذي دعا الى الحرب الأولى في هذه المدينة , هو قتل وسحل واحراق وتعليق جثث أربعة من المقاولين الامريكان يوم 31 اذار 2004 وهم في طريقهم من التاجي الى الفلوجة ومنها الى بغداد والتي لا تبعد عنها اكثر من 60 كيلومتر.
العملية ادانتها حكومة التحالف و معظم أبناء العراق , ونظروا الى هذه الجريمة على انها امتداد ما كان يعمل انصار النظام الساقط ضد المناهضين لحكومة البعث. وبدون شك , ازعجت الإدارة الامريكية ومورس ضغطا كبيرا على قوات الامريكية في العراق الاقتصاص من القاتلين . قيادة القوات الامريكية طلبت من أهالي الفلوجة بتسليم القتلة الى الحكومة العراقية لينالوا جزائهم , الا ان زعماء المدينة رفضوا الطلب على الرغم من تهديد المتحدث باسم القوات الامريكية بدخول المدينة عنوة والقاء القبض عليهم.
طوق الجيش الأمريكي المدينة اول الامر , وفي يوم نيسان 2004 دخلت القوات الامريكية المدينة . لم تبقى القوات طويلا فيها بعد الضغط السياسي من قوى فاعلة في العملية السياسية ومنهم التيار الصدري, جماعة الدكتور اياد علاوي , والحزب الإسلامي العراقي. وهكذا , اعلن الجيش الأمريكي وقف اطلاق النار من جانب واحد , وجرت مفاوضات بين افراد من اهل المدينة وسياسيون من بغداد ,تم الاتفاق بترك المقاتلين بدون محاكمة ,و ان تترك القوات الامريكية المدينة و الاكتفاء السيطرة على مداخلها الخارجية , وبموجب الاتفاق أيضا تشكيل قوة عسكرية سميت " لواء الفلوجة" هدف هذا الواء هو منع حمل السلاح داخل المدينة و إدارة شؤون المدينة .
الاتفاق سمح لأهل المدينة دفن موتاهم واخذ جرحاهم الى المستشفيات في داخل الفلوجة و خارجها , التبضع و ,واعادة بناء ما خربته المعارك .
الا ان المدينة لم تستقر. الواء الذي شكل لحفظ المدينة كان من البعثيين و المتشددين , فاختلفوا ما بينهم , وفي الأخير اصبح شبه ميت , وحل محله " مجلس شورى المجاهدين " براسة عبد الله الجنابي , وخرجت المدينة مرة أخرى من سيطرة الحكومة العراقية . سيطر المتشددون وأعضاء حزب البعث المنحل وارهابيون على المدينة يقودهم المواطن الأردني أبو مصعب الزرقاوي , وأصبحت المدينة منطلقا للسيارات المفخخة التي يرسلوها الى بغداد ومدن أخرى. واضطر الجنرال ريكاردو سانشير الذي كان قائدا للقوات العسكرية الامريكية في العراق الى القول " بدون شك أصبحت الفلوجة اليوم مكانا امنا للإرهابيين . في الوقت ما سيصبح من الضروري مواجهة هذا الوضع ".
وعليه فان وضع الفلوجة وضع القوات الامريكية والحكومة العراقية في حرج شديد. مثل بلاع الموس على قول المثل العراقي , حيث ان دخلت القوات العراقية والأمريكية المدينة وتخليصها من المسلحين تكون القوات الامريكية قد خالفت اتفاقية 19 نيسان والتي تحرم عليهم دخولها ,ومن المحتمل سقوط المئات من اهل المدينة بين قتل وجريح و ستقف الفضيات العربية الموجودة في المنطقة الى " الهاب مشاعر العراقيين" ضد القوات الامريكية , فيما ان ترك المدينة والسكوت عن ما يجري فيها لا يؤدي الا الى المزيد من سقوط ضحايا في مدن عراقية واستفحال امر الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي والذي تجمع من حوله كل المجاميع المسلحة تقريبا , والذي اصدر للتو تصريحا قال فيه انه يريد قتل رئيس الوزراء اياد علاوي.
ومن اجل معرفة الدرجة التي بلغها انفلات السيطرة على مدينة الفلوجة من خلال حادثة وقعت لأبو كريم بريس محافظ الأنبار التي تقع الفلوجة ضمن سلطتها الإدارية. كان بريس يسوق عبر الفلوجة للالتقاء ببريمر في قاعدة أميركية حينما وقع موكبه في كمين. وقال بريس لبريمر "ليس هناك أي وجود للحكومة هنا. إنه مجلس شورى المجاهدين الذي يسيطر على تلك المدينة"، وهذه إشارة إلى الناشطين الأصوليين الذين أصبحوا أعضاء المجلس البلدي. وقال بريس إن كل إدارته التي يقع مركز عملها بالقرب من الرمادي قد تم التسرب إليها من خلال وكلاء يتعاونون مع المتمردين. وقال بريس "نحن لا نعرف من هم الأصدقاء من الأعداء. وأي نقاش يدور معهم يتم نقله إلى المجاهدين". بعد ذلك وحينما تهيأ بريس لمغادرة المكان طُلب منه أن يصف الوضع في الفلوجة. قال مختصرا: «إنه بكل بساطة وكر للإرهابيين". هذه الامور هي التي قادت حرب الفلوجة الثانية في شهر تشرين الثاني 2004.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي