الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمرّد فاغنر ، تحدّيات ومخاطر.

نزار فجر بعريني

2023 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


" تمرّد فاغنر " ؛ تحدّيات ومخاطر !!
في حيثيات الغزو الروسي لأوكرانيا في ٢٤ شباط ٢٠٢٢ ، ولما يواجهه من مقاومة أوكرانية فعّالة ، بدعم وتحشيد أمريكي " أطلسي "، ثمّة لحظة فارقة في حاضر ومستقبل العلاقات الروسية الخارجية ، كما وعلى صعيد القيادة ، حيث فاقمت نتائجه الكارثية بشكل غير مسبوق الصراع الداخلي بين المجموعات العسكرية / الإقتصادية التي "يُدير مصالحها وعلاقاتها الرئيس، وقد مثّل تمرّد "قوّات فاغنر" الخاصّة أكبر تحدّيات سلطته الداخلية ، وأخطرها على جهود استمرار الحرب المصيرية في أوكرانيا .
في توصيفه لأحداث التمرّد العسكري الذي قامت به " مجموعة فاغنر " ، ردّا على ما اعتبره قائدها قيام جنود روس تابعين "لوزارة الدفاع الروسية" بقصف مواقع مجموعته عشية الثالث والعشرين من حزيران ٢٠٢٣، يقول" السفير الإسرائيلي " السابق لدى روسيا ، " إركادي ميل - مان " :
" في الأمس، شهدنا عرضًا مثيرًا ودراماتيكيًا للغاية في السياسة الروسية الداخلية. لم يكن هذا حربًا أهلية أو انقلابًا، بل كان اصطدامًا بين مجموعتين من الروس:
فرقة "يغفيني بريغوزين" وجنود " وزارة الدفاع الروسية". ولم يكن هذا الاصطدام ضد الرئيس فلاديمير بوتين. الهدف الرئيسي لبريغوزين، كان إرسال إشارة قوية جدًا للرئيس بوتين لتغيير وتعديل أعلى مستويات وزارة الدفاع وترشيح رئيس جديد لوزارة الدفاع. الأسباب وراء ذلك هي سياسية واقتصادية، وهي صراع بين مجموعتين اقتصاديتين وأصحاب أعمال، ولم يبدأ هذا الصراع بالأمس بل كان عملية طويلة. أعتقد أن حدث الأمس لم يكن النهاية، بل كان بداية النهاية لنظام الرئيس بوتين".
بغضّ النظر عن دقّة قراءة وتوقّعات السيد السفير ،
يظهر تسلسل الأحداث ارتباط الصراع بعوامل داخلية، ذات صلة واضحة بما تركته الحرب المستمرّة من خسائر ،وما نتج عنها من فشل في القيادة اللوجستية للكرملين ، ووزارة الدفاع .
لندع تسلسل الأحداث يتحدث عن نفسه:
لوّح الجنود الروس لطوابير" فاجنر" المتقدّمة إلى موسكو ، واستقبلهم المدنيون الفضوليون في الشارع بالوجبات الخفيفة ؛ولم يجد الرئيس في هذا المشهد إلّا تأكيدا على "وحدة المجتمع الروسي" !! من جانبه، توارى وزير الدفاع "سيرجي شويغو" عن الأنظار ، بينما كان مرؤوسوه يتجاذبون أطراف الحديث مع السيد بريغوزين ، ليظهر بعد أيام ، مقدّما الثّناء لولاء ضباطه ! في نفس المشهد ، تم تصوير "سيرجي سوروفيكين" ، أحد الجنرالات الأكثر خبرة في روسيا ، في غرفة " متواضعة " يطلب من فاجنر التنحي ، دون أن يراه أحد منذ ذلك الحين ! الأكثر غرابة، أن السيد بريغوزين - مهندس كل ذلك - يختار عدم التواصل مع السيد بوتين ، في محاولة للتخفيف من الخلافات في الرأي!!
على أيّة حال، مهما كان مصيره بعد فشل التمرد ، فإن انتقادات "بريغوزين" للحرب لا تزال خطيرة - لأنها صحيحة. لقد أشار مرارًا وتكرارًا ، بلغة غاضبة إلى كيفية سوء إدارة الحرب على أعلى المستويات من قبل بيروقراطيين منفصلين عن الواقع ، مما أدى إلى العديد من المشكلات اللوجستية ونقص الذخيرة. لقد انتقد السيد شويغو والجنرال جيراسيموف لتقليلهما من شأن الأخبار السيئة وتضليل السيد بوتين، وأشار إلى كيفيّة تجنّب أبناء النخبة الروسية الخدمة العسكرية ،بينما يعود الفقراء إلى ديارهم في توابيت!!
من جانب آخر، رغم استمرار حالة " عدم التوازن " على صعيد القيادة خلال فترة التمرّد القصيرة ، حافظ المجهود الحربي الروسي على مستوياته السابقة، واستمرت العمليات كما هو مخطط لها ، وصمدت سلسلة القيادة:
لم تظهر علامات على رفض جماعي أو هروب أو تمرّد. في الوقت الحالي ، لا تزال المواقع الدفاعية الروسية - الممتدة من "بيلغورود" في الشرق إلى شبه جزيرة القرم في الجنوب – مستقرّة .
لكن إلى متى؟ من المرجح أن تتفاقم المشاكل المتوطّنة في الحملة الروسية على أوكرانيا.
في ظلّ هكذا أنظمة ، ليس غريبا أن تستبعد" الحلقة الضيقة من" المخلصين للرئيس" حقيقة المشاكل، وتقدّم بدلاً من ذلك وجهة نظر بديلة، تضلل الرئيس، وتصنّع رأياً عاماً منفصلاً عن الوقائع .
هكذا تحدّث " دميتري ميدفيديف "، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ، عن انضمام 185 ألف رجل إلى الجيش الروسي في عام 2023 وحده، كما زعمت وزارة الدفاع أنها دمّرت أكثر من ضعف عدد شاحنات HIMARS التي تم تسليمها إلى أوكرانيا !!
"كل شيء يسير وفقًا للخطة"، كما يقول " شويغو ؛ ولا شيء من هذا صحيح!!
في نفس الإطار، اختفاء الجنرال سوروفيكين، وانتشار شائعات حول اعتقال خليفته ، الجنرال جيراسيموف ، كعقوبة لعلاقاته الطويلة مع السيد بريغوزين ومعرفته المحتملة بالتمرد، يدلّل على طريقة الكرملين في تنظيف" قيادة الجيش " ،واختياره لنهج يُعزّز أجواء الشك وعدم اليقين ؛ بما يدفع كبار القادة إلى أسلوب "الحماية الذاتية " عبر إخفاء أو" فلترة "الأخبار السيئة من ساحة المعركة للحفاظ على ثقة الرئيس ؛ وهو ما من شأنه أن يقوّض إدراك الكرملين للحالة الحقيقية للحرب في وقت حرج من الصراع ، ويعمّق أسباب الفشل !!
على الخطوط الأمامية الروسية، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت قوات فاغنر ستنسحب بالكامل من أوكرانيا. إذا غادروا ، ستتحمل الوحدات العسكرية النظامية خسائر أكبر في الوقت الذي لا يمكنهم فيه تحمل المزيد من الخسائر. الجيش الروسي ، وفقًا لقائد القوات المسلحة البريطانية ، فقد بالفعل نصف فعاليته القتالية وقد لا يكون لديه القوة الكافية للصمود أمام الهجمات المضادة!
الضربات الأوكرانية المنتظمة على مستودعات الذخيرة والعقد اللوجستية ومراكز القيادة تجعل كل شيء أكثر صعوبة.
كل هذا يمكن أن يخلق فرصة للقوات الأوكرانية لاستغلالها إذا كانت لديها الإمكانيات. لكنهم يواجهون صعوبات أيضًا. وهم يتعرضون لضربات مدفعية متواصلة وبدون دعم جوي كافٍ ، ويكافحون من أجل اختراق حقول الألغام الروسية الكثيفة.
في الختام ، يبدو لي انّه رغم استمرار صمود الخطوط الأمامية الروسية حتى الآن ، فإنّ الضغط التراكمي للخيارات السيئة، قد يؤدّي إلى تصدّع الخطوط الأمامية الروسية بالطريقة التي كتب بها همنغواي ذات مرة عن الإفلاس: "تدريجيًا ، ثم فجأة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز