الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


: الحرب والارهاب وممارسته من قبل اميركا

نجم الدليمي

2023 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ان الحرب والارهاب هما وجهان لعملة واحدة، اي ان الحرب غير العادلة هي شكل من أشكال الإرهاب، وان الارهاب وبكل اشكاله يعد ايضاً حرباً غير عادلة وغير شرعية وغير قانونية تتم ممارسته ضد الشعوب وبالتالي فإن الحرب غير العادلة لها ارتباط وثيق بالإرهاب من حيث النتائج الكارثية التي تقع على الشعوب.
معروف هناك نوعان من الحروب، حروب عادلة تخوضها الشعوب من اجل تحقيق التحرر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتحقيق الاستقلال الوطني والتخلص من الاستعمار والتبعية له....، الحروب غير العادلة تهدف إلى تعزيز الهيمنة والاستحواذ على ثروات الشعب وتصريف جزء من ازمة نظامهم المازوم بنيويا، وهذه الحروب غير العادلة مرتبطة اساساً بالمجتمع الطبقي.

ان الحرب ليست ظاهرة ملازمة وحتمية للمجتمع البشري، بل ظهرت بظهور الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، اي بظهور المجتمعات الطبقية واخذت هذه الحروب غير العادلة تحمل طابعاً عدوانيا وشرسا واجراميا وتميزت المجتمعات الطبقية ومنها العبودية والاقطاعية والراسمالية بذلك تطورت الحرب غير العادلة مع تطور شكل ومضمون الملكية الخاصة لوسائل الانتاج.

ان الحروب غير العادلة هي وليدة للتناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... في المجتمع الطبقي وان الطبقة الحاكمة في المجتمع الطبقي هي من تقوم بالحرب، بالارهاب، وفقاً لمصلحتها الخاصة وكذلك بهدف بسط هيمنتها ونفوذها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والايدولوجي والعسكري على الشعوب، بدليل ان السلام لم يسد من اصل 3421 سنة من تاريخ المجتمع البشري سوى 268 سنة فقط اما بقية السنوات فهي حروب غير عادلة. ( 1).

ان لكل حرب غير عادلة لها مضمون سياسي واقتصادي وايديولوجي...، ولا يمكن ان تكون هذه الحروب خارج هذه المحددات الأساسية، بدليل كان جوهر حرب هتلر النازي هو القضاء على الاتحاد السوفيتي وهيمنة المانيا النازية على اوربا وكذلك الاستحواذ على ثروات الشعوب وتشكيل امبراطورية عالمية، وهي الامبراطورية الألمانية والنتيجة معروفة هو ان الجيش الاحمر والشعب السوفيتي بقيادة ستالين قد تم دحر المانيا النازية وفي عقر دارها وأنقذ المجتمع البشري من هذا الطاعون الاصفر، الا وهو النازية الالمانيه اللقيط والوريث الشرعي للنظام الامبريالي العالمي.

لقد كان ثمن هذا الانتصار على النازية - الفاشية الالمانيه مكلفا على الشعب السوفيتي بشريا وماديا وتشير الاحصائيات الاخيرة ان الشعب السوفيتي قدم نحو 39،3 مليون شهيداً من المدنيين والعسكريين وكانت حصة الأسد من هذه التضحيات هي من الروس اذ قدم الشعب الروسي نحو 19،8 مليون شهيد من المدنيين والعسكريين، وكانت الخسائر المادية للشعب السوفيتي في حربه الوطنية العظمى والعادلة للمدة 1941-1945، نحو 26 ترليون دولار أمريكي. في حين بلغت الكلفة المادية لما يسمى بالحرب الباردة للمدة 1946-1991 ما بين 13--15 ترليون دولار أمريكي وحصة الاسد تعود للامبريالية الاميركية. فالحرب العالمية الثانية، وما يسمى بالحرب الباردة قد اشعلها المجتمع الطبقي البرجوازي، اي الراسمالية وفي مرحلتها المتقدمة الامبريالية. (2). واليوم اشعلت الامبريالية الاميركية وحلفائها حرباً خطيرة ضد شعب الدونباس والشعب الروسي منذ عام 2014 ولغاية اليوم ويهدفون تكرار ما حلم به هتلر النازي - الارهابي ضد الاتحاد السوفيتي وهم اليوم ضد الشعب الروسي والدونباسي وستكون النتيجة النهائية لصالح الشعبين الروسي والدونباسي والاوكرايني في آن واحد، وسوف يتم تقويض النظام البنديري - الارهابي في اوكرانيا والمدعوم من قبل واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل.

ان تحديد مفهوم الارهاب لغاية الان لم يتم الاتفاق عليه وان الارهاب له اشكال عديدة ومنها الارهاب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والايدولوجي والعسكري والمالي والدبلوماسي والثقافي.... وهو ايضاً نابع من شكل ومضمون الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج، اي من المجتمع الراسمالي، و من الراسمالية كتشكيلة اجتماعية واقتصادية متقدمة على الاقطاعية والعبودية، وان شكل ومضمون الارهاب مرتبط ايضاً بتطور شكل ومضمون النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والايدولوجي القائم في المجتمع الطبقي، اي المجتمع الراسمالي.

اميركا والارهاب :: الدليل والبرهان

يشير المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي (( ان الشعب الاميركي يكاد يكون الشعب الوحيد الذي قفز من مرحلة التخلف الى مرحلة الانحطاط دون ان يمر بمرحلة الحضارة))، وتعبير الانحطاط هنا يدل على انحطاط الاخلاق واتسام المجتمع بالنزعات الفردية وشيوع اعمال العنف وسلوكات الانحراف وفقدان التوازن الاجتماعي. ان (( قصة الولايات المتحدة مع العنف والارهاب ليست قصة حديثة، انها متاصلة في الضمير الاميركي ومعشعشة في المجتمع الاميركي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري. فمنذ قدوم اول المغامرين الى هذه الأرض للبحث عن الذهب بدا الإرهاب الداخلي في اميركا بالنمو، حتى اصبح ظاهرة طبيعة مالوفة)).

ان ((عروش الغرب التي قامت على الجماجم والدم تهتز ويعصف بها الهلع،وتلجأ على الفور إلى ترسانتها العسكرية والايديولوجية والاعلامية وتطلق صواريخها المدمرة كل غازات تزيد الوعي)). ويشير جورج شولز وزير خارجية الولايات المتحدة السابق الى (( ان ما تعلمناه عن الإرهاب، قبل كل شيئ، هو انه عنف غير عشوائي، وانه موجه وله هدف)). وكما يلاحظ يتم توجيه (( اتهام للحكومات او القادة السياسيين المعارضين لا اميركا بالشيوعية يشمل الدول التي تدافع عن حريتها واستقلالها والايدولوجي تقدم على تاميم الاحتكارات الاميركية لصالح شعوبها، فالحكومات الوطنية في نظر الولايات المتحدة بنادق للشيوعية، والمناضلون التقدميون جواسيس لدول شيوعية)). ويشير والت روستو كمنظر للسياسة الارهابية الاميركية على ان(( الشيوعية شيطان كبير، يترصد الامم المتخلفة التي تمر بفترة صعبة)) فالشيوعيون في نظره ((ذباب او حشرات هذا التحديث وهذه العصرنة)) ويقول (( الولايات المتحدة كمسؤولة عن العالم الحر مضطرة لتعبئة ليس طاقاتها ومواردها الخاصة، بل كل طاقات وموارد العالم الحر بهدف محاربة هذا الطاعون العالمي المتمثل (( بالشيوعية)).( 3 ).

ان جميع السيناريوهات السوداء والهدامة والتي تضم اعدادها من قبل قوى الثالوث العالمي وحلفائهم ومنها ما يسمى بسيناريو الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية والعلنية وغيرها من الخزعبلات الاخرى وكذلك سيناريو ما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية السيئة الصيت في شكلها ومضمونها للمدة 1985-1991 وما يسمى بالاصلاح الاقتصادي وسيناريو ما يسمى بنهاية التاريخ وصراع الحضارات والعولمة المتوحشة والطفيلية وكذلك مايسمى بالربيع اللاعربي ومنظمات المجتمع المدني ومكافحة الإرهاب الدولي وشن الحروب غير العادلة ضد الشعوب والقيام بالإنقلابات العسكرية ذات الطابع الفاشي في بلدان اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية واخرها وليس لها اخر هو الانقلاب الفاشي عام 2014 في اوكرانيا والذي شكل النواة الرئيسية لاعلان الحرب غير العادلة ضد شعب الدونباس والشعب الروسيوالتي تشكل هذه الحرب الاميركية الاوكرانية ضد جمهوريتي لوغانسك ودوينتسك وروسيا الاتحادية خطراً جدياً على مستقبل البشرية جمعاء اضافة الى ذلك القيام بالاغتيالات الشيخ ضد رؤساء دول والقادة السياسين في دول الاطراف وبنفس الوقت في دول المركز ايضاً.

ان ما تم ذكره وغيره قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وبالضد من مصالح الشعوب وهذه الأعمال اللاشرعية واللاقانونية واللاانسانية والمخالفة للقانون الدولي وهي اشعال الحروب وممارسة الارهاب الدولي والذي شمل جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والمالية والعسكرية والدبلوماسية.... بدليل تم فرض حصار غير عادل وغير شرعي على الشعب الروسي بنحو 15 الف نوع من الحصار الظالم وهذا النهج من قبل الادارة الامريكية وحلفائها مستمر.

ان الارهاب والحروب الغير عادلة مصدرها الرئيس المجتمع الطبقي، وخاصة المجتمع البرجوازي، اي الراسمالية وان سبب ذلك يعود إلى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية.. في المجتمع الراسمالي ويعتقد منظروا الامبريالية الاميركية وحلفائها ان هذه الاساليب، السيناريوهات تهدف الى انقاذ نظامهم المازوم بنيويا. نعتقد، ان هذه التقديرات خاطئة اصلاً لان هذه الأساليب والسيناريوهات الهدامة والتخريبية لن ولم تنقذ النظام الراسمالي الطفيلي قد تعطيه جرعة زمنية محددة ولكن ليست علاجات جذرية للراسمالية.

ان الراسمالية اصبحت تشكيلة اجتماعية واقتصادية معرقلة للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع البشري وقد استنفذت معظم طاقاتها ودورها ومكانتها في المجتمع البشري، وان جميع الاجراءات والمعالجات لهذا الجسم المصاب (( بمرض السرطان)) قد تمت وتتم الان لانقاذ الراسمالية فهي على حساب الشعوب ونهب ثرواتهم الطبيعية والبشرية، لان تطور الراسمالية وبقائها قد قام بالأساس على استغلال شعوب العالم كافة وخاصة شعوب بلدان اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ورابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفيتي) ولكن هذا الاسلوب اللاشرعي واللاقانوني لا يمكن أن يستمر طويلا ونهضة الشعوب ستكون نهاية النظام الراسمالي الطفيلي وهو في مرحلته المتقدمة الامبريالية. لا مستقبل للراسمالية الطفيلة والعدوانية.
لقد فشلت الراسمالية وفي مرحلتها المتقدمة الامبريالية في وضع الحلول والمعالجات للخروج من الأزمة العامة التي تعيشها الامبريالية الاميركية وحلفائها ويعود السبب الرئيس في ذلك، ان المشكلة في وجود وتنامي المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية... يكمن في الاساس الاقتصادي والاجتماعي لهذا النظام الطفيلي واللصوصي، اي السبب الرئيسي يكمن في الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج، والراسمالية كتشكيلة اجتماعية واقتصادية متقدمة لن ولم تختلف عن المجتمعات الطبقية الاستغلالية التي سبقتها ومنها العبودية والاقطاعية. وبهذا الخصوص يشير البروفيسور المجري توماس سانتوس الى ان الراسمالية كانت نتيجة مرحلة هامة من العملية التاريخية الموضوعية، وان نشؤها مثل انحطاطها وسقوطها لن يكون مصادفة تاريخية بل ضرورة موضوعية مشتقة من الاتجاهات العامة للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع البشري
.
نعتقد، ما دامت الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج موجودة في المجتمع الطبقي، المجتمع البرجوازي، المجتمع الراسمالي، فان الحروب غير العادلة ونهج الارهاب ضد شعوب العالم سوف يستمر ان الحل الوحيد والجذري لذلك هو العمل على اضعاف ثم انهاء الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الانتاج وهذا ان تحقق سوف يتم القضاء على الإرهاب والحروب غير العادلة وهذا ما تريده الغالبية العظمى من شعوب العالم المحبة للسلام والتواقة للتعايش السلمي.

ان مستقبل البشرية جمعاء هو بناء المجتمع اللاطبقي المجتمع الاشتراكي كمرحلة انتقالية نحو المجتمع الشيوعي ولا مستقبل للراسمالية الطفيلة والعدوانية.

المصادر ::
1- د.نجم الدليمي، الاشتراكية الامتحان الصعب والانتصار الكبير بمناسبة الذكرى ال 70 للحرب الوطنية العظمى 1941-1945 والانتصار على الفاشية، بغداد، دار الاداب للطباعة والنشر، السنة، 2015.

2- المصدر السابق، جريدة البرافدا، في 24-6- 2023 باللغة الروسية.
3- انظر مجلة الوحدة، العدد، 67، ابريل، السنة 1990.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : هل طويت صفحة الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. هل يستنسخ حزب الله تجربة الحوثي في البحر المتوسط؟ | #التاسعة




.. العد العكسي لسقوط خاركيف... هجوم روسي شرس يعلن بداية النهاية


.. أمير دولة الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور




.. الحرب في غزة تحول مهرجان موسيقي إلى ساحة سياسية | #منصات