الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سبيل إصلاح النظام النقدي المتبع في العراق ...؟ (1)

آدم الحسن

2023 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مرة اخرى تفشل الحكومة العراقية و البنك المركزي العراقي في ضبط سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الموازية المحلية للعملة الأجنبية .
لقد ارتفع السعر الغير رسمي لصرف الدولار مقابل الدينار العراقي حوالي 15% خلال بضعة ايام و لا يُعرفْ لحد الآن السقف الذي سيتوقف عنده صعود هذا السعر .
قد يبقى سعر صرف الدولار في السوق الموازي في ارتفاع مستمر مالم يضخ البنك المركزي العراقي كمية من الدولارات في السوق العراقية لإعادة التوازن بين العرض و الطلب على الدولار .
يبدو أن الحكومة العراقية الحالية , حكومة محمد شياع السوداني , لا تعرف بأن الظرف الدولي في هذه المرحلة ليس في صالح امريكا و ليس بإمكان امريكا فرض شروط قاسية على العراق .
إن ما تخشاه الحكومة العراقية من ردة فعل امريكية قاسية عند اتخاذها إجراءات تعزز السيادة العراقية على قراراتها الاقتصادية و الإصلاحات في نظامها النقدي هي التالية :
اولا : قيام امريكا دون وجه حق و دون وجود أي مبرر قانوني بحجز الاحتياط النقدي العراقي المودع لدى البنك الفدرالي الأمريكي .
هذا الإجراء القاسي و الغير عادل سيغضب الشارع العراقي و سيصل هذا الغضب لدرجة الغليان و سيؤدي بضغط من الشارع العراقي الى طرد بقايا الوجود الأمريكي في العراق و الى قطع العراق لعلاقاته الدبلوماسية مع امريكا أو تعليقها لحين استعادة العراق لأمواله , ليس من السهل على امريكا اتخاذ مثل هذا الإجراء لأنه سيحكم على وجودها ليس في العراق فحسب بل في سوريا ايضا .
ثانيا : عدم تجديد الحماية للأموال العراقية في امريكا أو رفعها بقرار من الرئيس الأمريكي .
هذه الحماية التي تجدد بمصادقة سنوية من الرئيس الأمريكي و التي تستخدمها امريكا ورقة ضغط على أي حكومة عراقية تتجرأ بعدم الخضوع الكامل للهيمنة الأمريكية إذ بدون هذه الحماية ستتعرض أموال البنك المركزي العراقي المودعة في امريكا للحجز بموجب دعاوى ترفعها جهات متعددة لدى المحاكم الأمريكية بحجة وجود ديون على نظام صدام حسين و اغلبها تم خلال الحرب العراقية الإيرانية .
لقد اقترض نظام صدام حسين اموال بعشرات المليارات من السعودية و الكويت لتمويل حربه مع ايران .
رغم أن ديون العراق للسعودية و الكويت توصف بالديون السوداء أو بالديون الرديئة و القذرة لأن الشعب العراقي لم يستفد منها بل كانت وقود لإدامة الحرب العراقية الإيرانية التي كان يعتبرها النظام السابق حماية للبوابة الشرقية للوطن العربي و حماية للأنظمة في السعودية و الكويت من تمدد النفوذ و الهيمنة الإيرانية .
ليس من السهل على الإدارة الامريكية الغاء حمايتها للأموال العراقية المودعة لديها لأن الغاء هذه الحماية سيكون احد المسامير الأخيرة في نعش العلاقة الأمريكية العراقية إذ ليس من حق المحاكم الأمريكية الفصل في نزاع مالي بين العراق و دول أخرى كالسعودية أو الكويت أو غيرها , لذا فأن خوف الحكومة العراقية المستمر من رفع الحماية يصب في مصلحة امريكا و يجعل العراق مكبل بقيود امريكية لزمن غير محدود , إن مواجهة العراق لهذا الخطر افضل من انتظاره , و يمكن للحكومة العراقية فتح حوار صريح مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي من المؤكد أنه سيتخذ موقف عقلاني يخدم مستقبل العلاقة بين السعودية و العراق , بالإضافة الى أن السعودية و الكويت تعلم أن هذه الديون لا تشكل سوى ايرادات للنفط العراقي لبضعة اشهر و حجزها أو حتى مصادرتها لا تقضي على مستقبل العراق بل ستضعه على السكة الصحيحة للانطلاق نحو الحصول على السيادة الكاملة على قرارته الاقتصادية و تصحيح نظامه النقدي و إقامة علاقات اقتصادية و تجارية بشكل مستقل غير خاضع للإملاءات الأمريكية .
ثالثا : فرض عقوبات اقتصادية على العراق صادرة من مجلس الأمن .
العراق قد خرج من طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة و لا يمكن فرض عقوبات اقتصادية عليه بموجب قرار جديد من مجلس الأمن الدولي , فحصول مثل هذا القرار على اغلبية اعضاء مجلس الأمن الدولي امرا مستبعدا جدا و حتى لو حصل على الأغلبية بضغوط من امريكا فهنالك الفيتو الروسي و الفيتو الصيني الذي سيمنع صدور مثل هذا القرار الظالم .
رابعا : فرض عقوبات امريكية أو وضع عراقيل و عقبات على تصدير النفط العراقي .
لا يتحمل سوق النفط العالمي في هذا الظرف الصعب الذي افرزته الحرب الروسية الأوكرانية نقص بالمعروض من النفط الخام بمقدار اكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم , ودون أي سبب معقول , إن مثل هذه العقوبات او القيود الغير مبررة سترفض على نطاق واسع و من حلفاء امريكا قبل خصومها .
لم تعد امريكا القطب الأوحد في العالم , فزمن لعب امريكا لدور الشرطي على العالم قد انتهى .
اذا توفرت لدى القيادة العراقية الإرادة السياسية و الشجاعة دون الخوف من البعبع الأمريكي الذي اصبح في اضعف حالته فسيتمكن العراق من بيع نفطه الذي هو الان المورد الرئيسي لجلب العملة الأجنبية الى الداخل العراقي و انه سيتمكن من اتخاذ الإجراءات لإنعاش اقتصاده و تحجيم الفساد المستشري الناتج عن سوء النظام النقدي المتبع حاليا في العراق و تحقيق استقرار نسبي في قيمة الدينار العراقي أمام العملات الرئيسية " الدولار الأمريكي و اليورو و اليوان الصيني " .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف