الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فريدمان لص -سارق للأفكار-! لقد بنى نظريته -النيوليبرالية الاقتصادية- بالسطو على نظريتين، الاولى، طبية ثبت فشلها بشكل قاطع، والثانية، ماركسية ولكن في الاتجاه المعاكس.

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2023 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


سنعتصركم ونفرغكم، ثم سنملأكم من انفسنا.
جورج اوريل، "1984".



السرقة الاولى:
ميلتون فريدمان مؤسس نظرية النيوليبرالية الاقتصادية التي تكتوي بها كل شعوب الارض منذ سبعينيات القرن الماضي، كان استاذاً بجامعة شيكاغو، وقد بنى الفكرة الاساسية لنظريته بالسطو على نظرية في علم طب المخ والاعصاب، والتي مؤداها انه يمكن علاج مريض الصرع بواسطة شحنات كهربائية مكثفة لمحو نسق عقل المريض، لأعادة بناؤه من الصفر (وهى النظرية التي فشلت فشلاً ذريعاً واضطرت الحكومة الامريكية الى دفع تعويضات قررتها المحاكم لعدد محدود جداً من المرضى الكثيرين التي اجريت عليهم تجارب هذه النظرية ودمرت حياتهم، فلم يعد صرع فقط بل عدم قدرتهم على الحياة بالأعتماد على أنفسهم، اطلاقاً)، لقد سطى فريدمان على هذه النظرية رغم فشلها ليطبقها على الدول!.

لم يستطع فريدمان ان يطبق نظريته في بلد المنشأ، الولايات المتحدة، ولا في اقرب حلفائها، المملكة المتحد، بسبب وجود مجتمع مدني قوي في كلاهما، "الديمقراطية"، ولم يتم تطبيقها في امريكا الا في حكم ريجان، وفي بريطانيا "تاتشر" من خلال حرب الفوكلاند، ومن خلال الفرصة التي ولدتها احداث 11 سبتمر، لم تعد الولايات المتحدة في حاجة ان تسأل الدول اذا ما كانت تريد تطبيق العلاج بالصدمة ام لا، فقد وفرا كلا الحديثين الكبيران، 11 سبتمبر، وحرب الفوكلاند، قد شكلا "الصدمة الاولى"، الصدمة الامنية الكبرى، الشرط المسبق اللازم لتنفيذ "الصدمة الثانية"، الصدمة الاقتصادية، النيوليبرالية الاقتصادية، بهدم أقتصاد الدول لأعادة بناؤها من الصفر.

وهو يماثل ما تم في مصر بواسطة القبضة الامنية الحديدية التي اعقبت 30 يوليو 2013، مروراً بالفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير، الصدمة الامنية الكبرى الاولى، الشرط المسبق اللازم لتنفيذ الصدمة الثانية، الصدمة الاقتصادية، النيوليبرالية الاقتصادية، الجاري تنفيذها في مصر حالياً بمعدلات غير مسبوقة، شديدة القسوة، بعد ان فشل السادات في تنفيذها في يناير 77، لانه لم تسبقها الصدمة الاولى الامنية الكبرى، اللازمة لتنفيذ الصدمة الثانية، فنفذ السادات هذه السياسات النيوليبرالية (الخصخصة، رفع يد الدولة عن التخطيط والاسعار والعمالة والتعليم والصحة والاسكان، الخ)، نفذها بعد فشله في تنفيذها بشكل صدمة، نفذها بشكل تدريجي وليس على شكل صدمة.

أدرك فريدمان انه لن يستطيع، في البداية على الاقل، ان ينفذ مشروعه الاجرامي في مجتمع يتمتع بالديمقراطية ولديه مجتمع مدني واعي ومنظم قوي قادر على مقاومة مشروعه الشيطاني، أدرك انه يحتاج الى نظام قمعي يحقق الصدمة الاولى الامنية الكبرى، لذا توجه الى الارجنتين، في فترة السبعينيات، وشكل "الاختفاء" المفاجئ على يد الطغمة العسكرية، لثلاثين الف شخص، كان معظمهم من الناشطين اليساريين، من المعارضين لهذه السياسات الأقتصادية النيوليبرالية، وترك جثثهم في الشوارع حتى يراهم السكان في الصباح عند ذهابهم لأعمالهم، فتصيبهم بالرعب والهلع، فلا يستطيعوا مقاومة هذه السياسات الاقتصادية المجرمة، وقد كان ..

كان جزءاً لا يتجزأ من فرض سياسات "العلاج بالصدمة الاقتصادية" على البلد، تماماً كما اعمال الرعب التي لازمت النوع نفسه من التحول الاقتصادي في التشيلي (1983)، وفي الصين في عام 1989، كانت الصدمة الناتجة عن مجزرة ساحة تيانامين وما تلاها من توقيفات بحق عشرات الالاف من الناس، هما اللذين حررا يدي الحزب الشيوعي كي يقوم بتحويل معظم البلاد الى منطقة تصدير واسعة النطاق اكتظت بالعمال الذين غلبهم الرعب الشديد، فمنعهم من المطالبة بحقوقهم. وفي روسيا عام 1993، كان قرار بوريس يلتسن ارسال دبابات لقصف مبنى البرلمان وحجز قادة المعارضة، هو الذي مهد الطريق امام الخصخصة الجنونية، التي انتجت طبقة "الاوليغارشيا"، الذائعة الصيت.

اصبح الامر واضحاً، ان هناك طريقتان لتنفيذ الصدمة الاولى، الصدمة الامنية الكبرى، الطريقة الاولى، عن طريق نظام قمعي، يشرع بعد تنفيذه للصدمة الاولى الامنية الكبرى، حتى يمكن ان يشرع في تنفيذ الصدمة الثانية، الصدمة الأقتصادية بأسم "أعادة هيكلة" الاقتصاد، ودوامة القروض، اللازمة لتغطية تكلفة عملية الهدم، ومن ثم اضطرابات بسبب الغذاء والماء والطاقة والبطالة، ومن ثم الفوضى، أي الصدمة الامنية الاولى، وهو ما يسمح بتنفيذ الصدمة الثانية، الصدمة الاقتصادية دون مقاومة تذكر، واما الطريقة الثانية، التى يمكن ان يتم بها تحقيق الصدمة الاولى الامنية الكبرى، فهى عن طريق حرب داخلية اوخارجية بأسم "الحرب العالمية على الارهاب"، حتى تأتي على تدمير البلد المعني، لصبح على الصفر، ويصبح من السهل، رغم كل اشكال العذاب والمعاناة لشعوب، يصبح من السهل تنفيذ الصدمة الثانية، الصدمة الاقتصادية، وتنفيذ السياسات النيوليبرالية الاقتصادية المجرمة، أي هدم الدول لأعادة بنائها من الصفر "فرضاً"، وفي العمليتان، الهدم وأعادة البناء، تتحقق الارباح بكميات هائلة.

لقد أحتاج فريدمان الي ثلاثون عاماً منذ ان بدء تطبيقه لهذه السياسات في تشيلي (1983)، ليصل بها الى العراق، قبل وبعد ان طبقت في كل دول العالم، شماله وجنوبه، شرقه وغربه، بمن فيها روسيا والصين، احدث واكبر مستعمرتان رأسماليتان.

العراق التى تمتلك ثلث احتياطى النفط العالمى. والتى لم تكن صدفة ان كانت حملة تدميرها تحت اسم "الصدمة والرعب"، طبعاً ليست صدفة!. بحجم هجوم لم يشاهده او يفكر فيه احد من قبل، اذ تعتمد على عدد هائل من الاسلحة، وبذلك يكون لها التأثير المتزامن خلال دقائق، لشل المدينة بالكامل، ليستنفذ العراقيين خلال ايام قليلة شعورهم بالكامل، جسدياً ونفسياً وشعورياً، وخلال الليلة الاولى من القصف عانى المواطنون فى بغداد نسخة من "الحرمان من الحواس"، ليصبحوا فى حالة "صدمة".



السرقة الثانية:
لكي تكتمل نظرية فريدمان وتصل الى مبتغاها، كانت تحتاج الى النصف الثاني من الخطة، الهدف من الخطة، خطة هدم الدول لأعادة بناؤها من الصفر "فرضاً"، لذا كان لابد من النصف الثاني من النظرية الذي يضمن ان تصل الاموال الهائلة الناجمة عن أرباح عقود المقاولات للمشروعات الهائلة لـ"هدم الدول" و "أعادة بناؤها"، على طريقة الرأسمالية المتوحشة، كان يجب ان تصل هذه الارباح الهائلة الى خزائن الشركات الكبرى الاحتكارية، التي تمتلكها على المستوى العالمي حفنة من الآسر شديدة الثراء، النافذة، ولا تذهب هذه الارباح الى الخزينة العامة للدول الكبرى، "شريك الجريمة"، لتنفقها على الخدمات التي تقدمها للمواطنين، تعليم، صحة، غذاء، اسكان، مواصلات عامة، معاشات، الخ، اي ان تقوم الدولة بدورها الاجتماعي.

عندها سطى فريدمان على احدى الافكار الرئيسية للفكر الماركسي الذي نادى بأن جل الميزانية العامة للدول تذهب لجيشين، الجيش الاول، جيش الموظفين، وخاصة الامتيازات والمكافاءات والبدلات، الخ، لكبار موظفي الدولة ونوابها، اما الجيش الثاني، يتمثل في الجيش العسكري والامني، فقد رأت ان "أعمال الحكومة سهلة جدٍّا لا تتخطى الأعمال الكتابية والحسابية والمراقبة، وهذه كلها أعمال من الميسور على كل فرد من الأهالي ملم بالقراءة والكتابة أن يؤديها مقابل أجر بسيط يعادل أجر أي عامل عادي، وعلى ذلك يمكن بل يجب اختفاء آثار المميزات والدرجات والرتب والألقاب."، وكذا الامر بالنسبة للجيش العسكري والامني، فأن لم تكن للدولة مستعمرات فلا حاجة لجيش نظامي ثابت ودائم، فيكفي تدريب الشعب على السلاح، واستدعاؤه حال وجود خطر يهدد الدولة، كذلك بالنسبة للجيش الامني، لا حاجة له، اذا ما كانت الهيئة الاجتماعية هى التي ستدير الانتاج، بالديمقراطية المباشرة، اليومية، فلا حاجة لجيش أمني ثابت ومستمر وظيفته الحقيقية اخضاع باقي الطبقات المستغلة للطبقة المسيطرة المستغلة.

سطى فريدمان على هذ الرؤية الماركسية لدور الدولة، ليدعو الى حكومة رخيصة "محدودة"، كما وردت في الرؤيا الماركسية، ولكن ليس لرفع مستوى معيشة الشعب والغاء الاستغلال الطبقي المحمي بالقمع، بل على العكس من ذلك تماماً، حكومة رخيصة "محدودة" حتى يتخلص الرأسماليين من مساهمتهم في الدور الاجتماعي للدولة، لتزداد أرباحهم، (سُئل ميلتون فريدمان عن ذلك ، وأعطى إجابة ، في برنامج Donahue في عام 1979. إليك رابط المقطع ، الذي يبدأ عند النقطة الصحيحة ، 33:10.). ليس هذا وفقط، ولكن الوجه الاخر لتصغير الحكومة، هو احالة معظم وظائف الحكومة الى شركات القطاع الخاص، من النظافة الى النقل الى الامن الى التأمين بالاضافة للسلاح والطاقة والسكن والغذاء والصحة والتعليم، حتى الى القوات المسلحة، لتشكل هذه الاحالة مورد جديد من الارباح لنفس حفنة الاثرياء المسيطرون على السوق، ومجدداً، بدلً من ان تذهب هذه الاموال الى الميزانية الفيدرالية لتغطية نفقات الدور الاجتماعي للدولة. ومما يسبب القهر لأي متابع شريف، ان جزء هائل من الميزانية الفيدرالية "اموال المواطنيين دافعي الضرائب" تنفق على البنية الاساسية اللازمة لعمل شركات هؤلاء الاثرياء، من طرق وكباري وشبكات عامة للمياه والكهرباء والصرف الصحي، وموظفين وشرطة وجيش، الخ، كلها من أموال الشعب.


الحروب والكوارث، فرص رائعة لتحقيق الربح!
تضاعف الانفاق العسكرى الامريكى منذ 2001 ليصل الى 700 مليار دولار، ومن ثم اصبحت كارثة العراق فرصة رائعة لتحقيق الربح، لتصبح الحرب فى العراق هى الحرب الاكثر خصخصة فى التاريخ الحديث، فبعد ان كان هناك مقاول خاص لكل 100 جندى، وصل ان اصبح عدد مقاولى القطاع الخاص اكبر من عدد الجنود!، واصبحت المنطقة الخضراء فى بغداد هى النسخة الاكثر افراطاً على مستوى العالم، تمتلك الشركات المخصخصة بداخلها عالم محمى من الفوضى التى فى الخارج، فى حين انه فى 2007 كان هناك 4 ملايين عراقى قد هجروا العراق وقتل مئات الالاف ودمرت العراق وترك هناك وسط عنف دموى وصراعات طائفية واطماع اقليمية ودولية!.

الهدف الجوهرى للخصخصة النيوليبرالية، ليس الاستحواذ على هذا المصنع او ذاك، أو تحويله لاستثمار عقارى، او عمولات السمسرة، وكلها بالملايين او بالمليارات، الهدف الجوهري، هو القضاء على أى استقلالية للاقتصاد الوطنى ودمجه قسرا، كتابع مرتبط عضويا بالسوق العالمية، او ما يسمى تضليلاً بالاسم الكودي "اعادة الهيكلة"!، وهو ما يعني بالضرورة التبعية السياسية.

"من الامور الاساسية بالنسبة للدولة التى تحولت لـ"مشروع تجاري"، وجود مؤسسات اعلامية عملاقة، تستحوذ على نفوذ غير مسبوق، بامتلاكها للصحف، والتلفزيون، ونشر الكتب، وانتاج الافلام، وقواعد المعلومات. فالسياسة بواسطة الميديا، والحروب بواسطة الميديا، حتى المشاعر الانسانية بواسطة الميديا .. والاقتصاد الكوني العالمي، "العولمة" وأعلى مراحلها "النيوليبرالية" الاقتصادية، هو اهم المشروعات المطلوب الترويج لها، وهو على السطح يتمثل فى التجارة عبر الانترنت، والهواتف الذكية، وماكدونالز، وستاربكس، والعطلات المحجوة عبر الانترنت. واسفل هذه القشرة البراقة، عالم يعيش غالبية البشر فيه على اقل من دولارين فى اليوم، ويموت فيه ستة الاف شخص يومياً من الاسهال، نظراً لان لا تصل اليهم المياه النقية".
حكام العالم الجدد
جون بيلجر


"ان العولمة النيوليبرالية لاتعني اصابة الدولة بالعقم، ولكنها تعني تخلي الدولة عن القيام بوظائفها الاجتماعية لكي تتولى وظائف قمعية بديلة، ولكي تتولى القضاء على الحريات الديمقراطية."
بوريس كاجارلتسكي
اقتصادي روسي منشق.

وكان ميلتون فريدمان مؤسس "مدرسة شيكاغو"، النيوليبرالية الأقتصادية، قد افصح فى احدى اكثر كتاباته بلاغة، عن جوهر الخطة التكتيكية الشافية والمريبة للرأسمالية المعاصرة المتطرفة، وقد قال فريدمان فى هذا الاطار:

"وحدها الازمة، سواء كانت الواقعة ام المنظورة، هى التى تحدث التغيير الحقيقى. فعند حدوث الازمة، تكون الاجراءات المتخذة منوطة بالافكار السائدة. وهنا تأتى على حد اعتقادى، وظيفتنا الاساسية: وهى ان نطور بدائل للسياسات الموجودة، وان نبقيها حية ومتوفرة الى حين يصبح المستحيل فى السياسة حتمية سياسية". اى انه بينما يكدس بعض الاشخاص الاغذية المعلبة والماء تحسباً لوقوع ازمات كبرى، يكدس اتباع فريدمان افكار السوق الحرة.".

وبينما يحصل مؤسس مدرسة "النيوليبرالية الاقتصادية" ميلتون فريدمان، على جائزة نوبل للاقتصاد، فأنه فى السنة التالية تحصل منظمة العفو الدولية على جائزة نوبل للسلام عن كشفها للانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان فى تشيلى والارجنتين عند تطبيق نظرية "فريدمان"!. كما كتب "لتولييه" بسخرية متقطرة: "كأن شكلا الصدمة منفصلان كلياً"!.



نقد النقد التجريدي
الى حزب "انه فشل، وسوء ادارة، وخلل في الاوليات"!:
ليس فشل او سوء ادارة، او خلل في الاولويات،
انه مستهدف ومخطط له،
انه صراع المصالح الطبقية المتناقضة،
المحلية والاجنبية.
هذه هى السياسة.


هام جداً
الاصدقاء الاعزاء
نود ان نبلغ جميع الاصدقاء، ان التفاعل على الفيسبوك، انتقل من صفحة saeid allam "سعيد علام"، واصبح حصراً عبر جروب "حوار بدون رقابة"، الرجاء الانتقال الى الجروب، تفاعلكم يهمنا جداً، برجاء التكرم بالتفاعل عبر جروب "حوار بدون رقابه"، حيث ان الحوار على صفحة saeid allam "سعيد علام"، قد توقف وانتقل الى الجروب، تحياتى.
لينك جروب "حوار بدون رقابه"
https://www.facebook.com/groups/1253804171445824








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد