الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الجوع والغضب التشرينية عام/ 2019 وأثرها في بث الوعي الفكري لدى الشعب

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


يُعرّف أهل العلم والمعرفة الوعي الفكري هو تحرير العقل من تأثير كابوس الوصايا والتغييرات التي تجثم على الذات الإنسانية التي يخلفها ويجلبها الإنسان لنفسه مما تجعله عاجزاً وفاشلاً عن قدرته من استخدام عقله والسيطرة عليه بتأثير وتوجيه من قبل الآخرين مما تفرض هذه الحالة من أجل التخلص منها الشجاعة والإرادة والاستقلالية ... كما أن دماغ الإنسان لا يمكن أن ينتج وعياً فكرياً خلاقاً دون الاعتماد على الواقع الملموس والتجربة التي تجعل الإنسان واعياً ومدركاً الذي يعيش فيه إلا من خلال وعي الواقع وتغييره. ويمتلك الاستقلالية والتصرف والقرار.
إن ثورة الجوع والغضب التشرينية عام/ 2019 انفجرت في المدن الوسطى والجنوبية ذات الأكثرية الشيعية ثم امتدت إلى العاصمة بغداد ومدن أخرى بتأثير الجوع والفقر والبطالة وتأثير شعاراتها المحفزة والواعية التي خلقت جذوة من الوعي الفكري لدى جماهير واسعة من الشعب العراقي مثل (نازل آخذ حقي) و (أريد وطن) و (الفساد الإداري أتخم البطون وجوّع الشعب) وغيرها مما أصبحت يقظة وعي وجذب ومشاركة الملايين من أبناء الشعب العراقي وديمومتها واستمراريتها سنة ونصف وقدمت من الشهداء ثمانمائة ألف مناضل وخمسة وعشرون ألف جريح ومعوق ونالت الإعجاب والفخر من العالم قاطبة.
أما التأثيرات الإيجابية التي أفرزتها هذه الثورة العملاقة إفشال الأحزاب والكتل السياسية في الانتخابات المبكرة التي جرت في 1/10/2019 حيث فاز التيار الصدري الذي انشق وابتعد عن الأحزاب والكتل السياسية وخاض الانتخابات مستقلاً رافعاً راية الإصلاح والتغيير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للشعب العراقي واستطاع الحصول على أكثرية الأصوات في المدن الوسطى والجنوبية والعاصمة بغداد والمدن الأخرى التي كانت الأحزاب والكتل السياسية تعتمد على أصواتها الانتخابية وتحقق الفوز بها لأن الأحزاب والكتل السياسية خذلت الشعب وسببت له الفقر والجوع والبطالة وانفلات السلاح وتفشي المخدرات والمحاصصة الطائفية والفساد الإداري واقتصاد ريعي وشعب استهلاكي وغير منتج وجهاز وظيفي ضخم تفشت فيه البطالة المقنعة والفضائيين وأصبح تعداده حوالي أربعة ملايين ونصف بعد أن كان تعداده ثمانمائة ألف موظف ومستخدم وأصبح معدل ما ينتجه الموظف نصف ساعة من أصل ثمان ساعات دوام رسمي وتسلل إليهم الفساد الإداري أيضاً.
إن الشعب العراقي أدرك واقعه المؤلم والمأساوي نتيجة اليقظة والإدراك والوعي الفكري التي أفرزتها ثورة الجوع والغضب التشرينية وأصبح (مفتّح باللّبن) بعد أن زال عن فكره ووعيه وعيونه الغمامة والمتاجرة بالطائفية الرخيصة وتحضرني الآن قصة ظريفة تقول : أن أحد الخلفاء العباسيين منع ترتيل القرآن الكريم وقراءته والاحتفاظ به واستدعى مدير الشرطة لجمعه من الجوامع والمساجد وبيوت المواطنين فقام مدير الشرطة مع قلة من الشرطة وجمعوا القرآن ومضت الأيام وحينما يتجول الخليفة بشوارع ودروب المدينة يسمع أصوات ترتيل وقراءة القرآن الكريم فاستدعى مدير الشرطة وطلب منه مداهمة المساجد والبيوت التي تصدر منها أصوات الترتيل للقرآن الكريم ففعل مدير الشرطة فكان يتجول قرب المساجد والجوامع وفي درابين المدينة وحينما يسمع صوت القرآن الكريم من مسجد أو جامع يداهمه وحينما يفتش عن القرآن لم يجده ويعثر عليه وكذلك البيوت في الدرابين مما يعني أن الناس يرتلون القرآن بعد حفظه عن طريق ظاهر القلب فذهب مدير الشرطة إلى الخليفة وقال له : سيدي فتشت في كل مكان لم أجد كتاب القرآن الكريم والناس أصبحوا يرتلونه لأنهم حفظوه على ظهر قلوبهم .. فلطم الخليفة على وجهه وأغمى عليه.
وهنالك موضوع مهم جداً من حيث وجود الاختلافات وتناقضات بين الجماهير المشتركة في عمل التغيير بالرغم من أن جماهير الشعب هي التي تصنع التاريخ ومن واجب القوى الحية الواعية أن تنصهر مع جماهير الشعب وتتعلم منها ومن خلال ذلك فإن الإنسان مهما بلغ من الوعي والفكر لا يمكن ولا يستطيع أن يفهم جميع زوايا الحياة وكل شيء فيها ولا يقدر على معالجتها إلا من خلال الحوار والنقاش والصراع نتوصل إلى فهمها ومعرفة كيف نعالجها والوصول إلى الحقيقة والصائب والصحيح بين وجهات النظر المتباينة والتناقضات من حيث طبيعتها نوعان مختلفان فالخط الأول بين أعداء الشعب وبين جماهير الشعب التي تناضل من أجل الإصلاح والتغيير يجب رسم خط فاصل بيننا وبينهم أما النوع الثاني فهو يتعلق بمسألة التمييز بين الحق والباطل وجميع ذلك يجري وفق قاعدة وعي الواقع وتغييره من خلال الجدل المادي من خلال المتناقضات والتراكم الكمي الذي يفضي إلى تغيير نوعي من خلال نفي النفي والوصول إلى معرفة القوى المتباينة والمختلفة المناضلة من أجل الإصلاح والتغيير في المجتمع أما السبيل الوحيد لحل جميع المسائل بين ذات الصفة الفكرية وجميع المسائل المختلف عليها داخل صفوف الجماهير المتقاربة والمتوافقة فكرياً هو استخدام الأساليب الديمقراطية أي استخدام أساليب المناقشة الشفافة والنقد الهادف والبناء والإقناع والتثقيف وليس أساليب الإكراه والضغط والعنف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل