الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين يكمن الخلل في مسيرة اليسار العربي ؟

سعيد مضيه

2023 / 7 / 31
القضية الفلسطينية


أ
حول الحوار داخل الحزب الشيوعي الأردني الشقيق


ينطلق الرفيق سعود قبيلات ، أمين عام الحزب الشيوعي الأردني الشقيق ، من تنشيط الممارسة العملية للنضال في محاولته لتفعيل جدلية التنظيم والوعي. لا يكتفي بالبرنامجين السياسي والثقافي لتصليب وحدة الشيوعيين؛ إنما يرى أن "نجاح الوحدة ليس مسألةً سهلة، أو ميكانيكيَّة، بل تحتاج إلى تضافر إرادة الشُّيوعيّين، وحشد جهودهم جميعاً، أو حتَّى غالبيَّتهم على الأقلّ" ؛ والغاية تخليص الجماهير من الهدر الدهري للعقل والإرادة وتبخيس الذات، الثغرتين اللتين تنفذ عبرهما ثقافة الليبرالية الجديدة المستنزفة للطاقة الثورية للجماهير. الوسسلة تسييس الثقافة من خلال ربطها بحركة المجتمع، وتثقيف السياسة ، أي تنويرها برؤية علمية لقضايا الإنسان والمجتمع . تؤكد دور الحزب الثوري في ترقية وعي المناضلين الى " وعي للذات " وتعظيم التأثير في الجماهير وكسبها الى جانب النهج السياسي والارتفاع بها الى "مستوى الوجودِ الفاعلِ والرَّدِّ الجدّيِّ الملموسِ على هذه المظالمِ." رسالة الحزب الثوري نقل الوعي الى الجمهور؛ فالحزب يناضل بالجماهير ولمصلحة الجماهير، لكن لا ينوب عنها .
لذا وردت كالنشاز عبارة في سؤال وجه الى الرفق الأمين العام "يؤخذ على الشيوعيين العرب أنهم وقفوا على الضد من توجه الشعوب العربية ونبضها، في مراحل تاريخية مفصلية ... أيدوا قرار تقسيم فلسطين سنة ١٩٤٧، في وقت رفضته الشعوب العربية، ووقفوا ضد الوحدة بين مصر وسوريا زمن عبد الناصر، وأخيراً وقفوا ضد ما يعرف بـ «الربيع العربي».
رد الرفيق الأمين العام " لا أحبُّ أنْ أُقاربَ هذه المسألة على هذا النَّحو الاتِّهاميّ الحاسم. هذه الأحزاب لم تقف على الضِّدّ مِنْ توجُّه الشُّعوب العربيَّة ونبضها..." . فالحقيقة التاريخية الأوسع والأعمق في بطن التاريخ تؤكد ان أزمة الشيوعيين في البلدان المرتبطة بتخلف العصر الوسيط ، ومنها البلدان العربية، ترجع الى تركة التخلف الثقيلة، أشار لينين الى ضرورة اجتثاثها أولا، حيث اوضح خطر الاغتراب عن الواقع، محذرا ممثلي كادحي الشرق في مؤتمرهم الثاني عام 1919، " ....عليكم ان تتمكنوا من تطبيق نظرية وممارسة الاشتراكية في ظروف يشكل المزارعون أغلبية السكان، حيث تتمثل المهمة في شن النضال ضد بقايا العصور الوسطى وليس ضد الرأسمالية. ومثل هذه المشاكل لن تجدوا لها حلولا في اي كتاب شيوعي، إنما في النضال الذي شرعته روسيا" . الماركسية تعالج مشاكل الرأسمالية، بينما بلدان الشرق تعيش مرحلة ما قبل الرأسمالية.
تم إهمال مشورة لينين نظرا لتجميد الديالكتيك المادي بالشروط الصارمة للانضمام الى الأممية الشيوعية. ظلت الأزمة مبهمة ومغْفلة الى منتصف القرن الماضي، حيث شرع باحثون عرب تفكيك عناصر التخلف الاجتماعي للشعوب العربية في مختلف جوانبها ، وطرحوا الحلول العلمية لتصفية التخلف. والماركسية تغتني بمنجزات العلوم ؛ اما الماركسيون العرب فنادرا ما تحفل اأكثريتهم بمخرجات العلوم ، والعلوم الإنسانية على وجه التحديد. ظهر مفكرون ملتزمون بالمنهجية العلمية، ويبنون أبحاثهم على منهج المادية الجدلية مثل مصطفى حجازي أستاذ علم النفس الاجتماعي، وأخرون في مجالات أخرى. وبرز علاّمة في علم الاجتماع هو هشام شرابي، نفذت الماركسية الى أعماق تفكيره وحفزته للتطهر الذاتي من الأفكار البرجوازية، حيث طرح مؤلفه الهام "مقدمات لدراسة المجتمع العربي" عام 1974،اتبعه بمؤلف شامل عام 1988 "البنية الأبوية ..إشكاليات تقدم المجتمع العربي". الى جانبهما برز باحثون كثر في معالم التخلف الاجتماعي ما زالت مؤلفاتهم تنتظر الماركسيين يحاورونها ويتفاعلون معها، ويبنون عليها فكرا تنويريا ثوريا يرشد الجهود للخلاص من بوتقة التخلف.
أظهرت الأبحاث في العلوم الإنسانية ان أزمة المجتمعات العربية- وكثيرا ما أشير الى مجتمع عربي موحد الخصائص والقيم الموروثة – هي أعمق وأبعد في التاريخ، وهي شاملة ومركبة زادها تعقيدا تجميد الديالكتيك المادي بقرارات فوقية: " بدلا من ان تكون النظرية وسيلة تحرير للمجتمع من الاغتراب، فضلا عن تجديده وتطويره افضت الى مضاعفة اغترابه وسجنه في نسق نظري مغلق وتجميد حركته"، كما رصد الآفة الرفيق الراحل محمود امين العالم .
نؤجل الإفاضة في تفاصيل الخلل المرصود، لنمضي مع السؤال المتعلق بإخفاقات حركة التحرر والتقدم في العالم العربي، ومنها إخفاقات المقاومة الفلسطينية .
قد تسبق الجماهير الحزب في الإحساس بمنغصات الاستغلال الاقتصادي، وقد يحدث السبق أيضا في مجال التصدي للقهر الامبريالي والاحتلالي. لكن وعي الجماهير التلقائي لا يتعمق الى الجوهر، ليغدو وعيا علميا ويقظة دائمة تفشل مكائد الخصوم ومطباتهمء بدون ترشيد حزب ثوري. الإحساس التلقائي والعفوي دور الشيوعيين يتمثل في التربية الفكرية والسياسية للجماهير كي لا تنجرف بعفوية مع الانفعالية الذاتية التي قد تتساوق مع المخططات المعادية، وتحقق مراميها ؛ في الوقت الراهن نجد محاولات دؤوبة تحرف الانتباه عن سلب الأراضي وتوسيع الاستيطان بالضفة؛ عملية مضت لأكثر من نصف قرن دون ان تجد المصد المانع.
تكرر مرارا في المجتمعات العربية، أسفرت عن أخطاء بل خطايا في إطار حركات التحررالوطني العربية، تداعت نتيجة انجراف الجماهير مع الانفعالية والعفوية، طواها النسيان؛ منها محاولات الوحدة العربية .
الشيوعيون يشهد لهم تاريخهم بالتمسك بالبعد القومي للنضال الوطني ؛ طالبوا بالوحدة القومية وما يزالون يشترطون الوطنية الحقة ويقرنونها بالدعوة الى التضامن القومي وتنسيق الكفاح القومي المشترك، والتعاون في إنجاز التنمية المستدامة المشتركة.
انتقد الشيوعيون الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا ، ولم يعارضوها؛ فقد أغفلت التباين بين الأقطار العربية؛ وتجاهلت أو جهلت حينئذ، ان الوحدة القومية العصية على الكسر هي حصيلة التحديث الثقافي والفكري ، بحيث يتم التخلص من التخلف والتشرذم والعشائرية والطائفية، وتفكك قيود الاستبداد السلطوي . وبعد الفشل المؤسي للتجربة اعترف عبد الناصر بما حذر منه الشيوعيون دون ان يعتذر او ينتقد الهجمات الظالمة ضد الشيوعيين في ذلك الحين، الى جانب الاعتقالات وأعمال التعذيب التي راح ضحيتها عدد من الشيوعيين.
ومع المقاومة الفلسطينية، حيث يغيب النقد الذاتي والمراجعة النقدية والتفكير النقدي والاستراتيجي، تكرر مرارا الانجراف مع الانفعالية، بعواقبه الكارثية، جرى إثر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين يوم 29 تشرين ثاني /نوفمبر 1947 بما يناقض القانون الدولي . تمت برمجة التقسيم خصيصا لكي يُرفَض وتنطلق الجماهير عفويا مدفوعة بالانفعالات الى الصدام المسلح. وكتب المؤرخ اليهودي، إيلان بابه، في مؤلفه "التطهير العرقي في فلسطين" ان الصهاينة انتابهم قلق إثر صدور قرار التقسيم، إذ ساد في البداية هدوء في الوسط العربي؛ خشي الصهاينة من احتمال قبول عرب فلسطين القرار وتفويت فرصة المجازر والتهجير . خطة بن غوروين تقررت في نهاية ثلاثينات القرن الماضي وحفزت موجات الاغتيالات و"العنف الوحشي"، التي بدأت في حيفا في زمن مبكر – عام 1938. وكتب بن غوريون في مذكراته ان الدولة اليهودية الليبرالية على النمط الغربي لا تتم بدون " عنف وعنف وحشي" كما اورد إيلان بابه.
قادة عصبة التحرر، وتحولوا الى شيوعيين في مجريات النضال ، لم ينتقدوا عدولهم عن رفض قرار التقسيم ، بل يعتزون به لأنه عبّر عن بعد نظر وإخلاص لقضية الجماهير، أدركوا قبل غيرهم المؤامرة الامبريالية –الصهيونية – الرجعية العربية لحرمان شعب فلسطين من دولته وتشريده في أصقاع المعمورة؛ ولذلك رفعوا صوت التحذير ، واقترحوا الوسيلة.
هي وقفة نوعية فريدة استشرفت جريمة بحق الشعب الفلسطيني وأرادت إفشالها ، حماية لشعب فلسطين فوق أرض وطنه؛ حيث يمكنه حينئذ تدبير اموره وتدارك المؤامرات.
بعد أقل من شهر على صدور قرار التقسيم[18 كانون أول 1947] حدثت مجزرة في قرية الخصاص. دخلت مفرزة عسكرية بقيادة ييغئال آلون وشرعت تنسف البيوت على النيام . هذه وتلك أوصلت قيادة عصبة التحرر- ولم يكونوا شيوعيين منتمين الى الأممية الشيوعية – الى ضرورة تجنب الصدام المسلح، إذ بات المخطط مكشوفا . يخدم المخطط وجود جيش مجهز سلفا ومدرب في معارك الحرب العالمية الثانية في إطار الجيش البريطاني ، والذي يفوق من حيث العدد مجموع الجيوش العربية المتدخلة. تدبير المجازر وسيلة لنشر الرعب بين الجماهير العربيية وحملها على النزوح عن الديار. وهذا ما صرح به مناحيم بيغن متباهيا وهو يستعرض "بطولات" عصابته [الأرغون] في دير ياسين ّ!
غير ان يقظة قيادة عصبة التحرر الوطني، وعت خطة بن غوريون ورأت ان التقسيم أخف ضررا من التطهير العرقي؛ حشدت ، من ثم، لإفشال الخطة التي تشكل جريمة حرب؛ باتت قميص عثمان والخطيئة التي لا يمحوها التقادم؛ علما بأن النظرة الموضوعية والنزاهة السياسية تقتضي الأخذ بالاعتبار الخراب الذي حذر منه الشيوعيون ، علاوة على حقائق مبدئية باتت معروفة في سلوك الشيوعيين ومواقفهم الصلبة . بات معروفا عن الشيوعيين من خلال تصرفاتهم، عبر عقود من التضحيات الجسام، في مختلف المواقع والظروف، ومن طروحاتهم الفكرية المواقف المبدئية التالية:
اولا، اعتزاز الشيوعيين بمواقفهم وطروحاتهم المبدئية وتمسكهم بها حيال مختلف الضغوطات في ظروف الاعتقال والتحقيق والمحاكمة ، في ظروف السجن وتحت التعذيب، وحتى حيال التهديد بالتصفية الجسدية؛ والأمثلة عديدة.
وثانيا ، تمسك الشيوعيين بالنقد والنقد الذاتي. يمارسونهما علانية امام الجمهور، ويجرون دوما مراجعة نقدية هي احدى معايير الصدق السياسي واحترام الجمهور والولاء للتحرر الاجتماعي والوطني، يدرك كل شيوعي ان التلاعب والخداع أو إخفاء الحقائق هي بمثابة الانحدار الى دراك السياسة البرجوازية .
وثالثا ، خصوم الشيوعية لا يعارضون بنزاهة واستقامة، بل يعتمدون الاختلاقات والفبركات. ولذا يتعين على من يترصد مواقف الشيوعيين بإخلاص ان يدقق ويتحرى ويقارن. من الضرورة لكل شيوعي ان يتسلح بالحس النقدي والثقافة النقدية والفكر النقدي، وإلا فأنه يطب في مصائد مفغلين ينصبها أعداء التقدم. يقدم الشيوعيون التعليم النقدي بديلا للتعليم التلقيني، كي تتسلح الأجيال بالتفكير اللنقدي.

بسرعة أدركت جماهير الجليل ا عبثية الهروب أما العصابات الصهيونية؛ وقررت الصمود والتصدي. شهدت الناصرة وبلدات الجليل نضالات واعتصامات جلوس لمنع انطلاق الشاحنات تحمل الرجال المراد تهجيرهم . المقاومة الشعبية التي قامت بها عصبة التحرر لمنع التهجير أبقت المواطنين في بلداتهم شوكة في خاصرة الدولة الوليدة، يشهرون بنظام الأبارتهايد . وهذه المأثرة يتم نسيانها.

هكذا لم يأت العدول عن رفض التقسيم انصياعا لموقف سوفييتي؛ رفضت عصبة التحرر الوطني قرار التقسيم واستنكرته في بداية الأمر كما نشرت جريدتها ، الاتحاد، وكانت تصدر علانية. لكن خصوم الشيوعية لفقوا صيغا متنوعة سداها إظهار الشيوعيين –في أحسن الأحوال - ببغاوات تكرر ما يقال في الاتحاد السوفييتي.
من هذه التلفيقات ما ورد في مذكرات منير شفيق" من جمر الى جمر" ؛ فرغم الثناء على الشيوعيين إلا أنه لفق واقعة تبديل الموقف من قرار التقسيم، ولفق على لسان فؤاد نصار قولا لا يصدر عنه. زعم انه التقى به بالجفر. ولم يكن ذلك متيسر لغيره. والمثير للاهتمام ان التلفيقة اخذ بها السيد الدكتور عبد الحسين شعبان، الأكاديمي والمفكر. كتبْتُ حول هذا التواطؤ مقالة نشرت بتاريخ 22 /4/ 2022 تحت الرابط
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753304
كتب عبد الحسين شعبان: "تحضرني هنا مفارقة نقلها منير شفيق في مذكّراته الموسومة "من جمر إلى جمر"، ومفادها أن فائق ورّاد (أبو خالد) كان ينام في مطبعة الحزب، وفي الساعة الرابعة صباحاً جاء مصفّف الحروف وقال له استيقظ يا رفيق فقد أيّد المندوب السوفيتي قرار التقسيم، فنهض كمن لسعته حيّة، فطلب منه التقاط محطّة راديو موسكو للتأكّد من الخبر، وبعد أن اطمئن(هكذا وردت) إلى أن الخبر صحيح، قام بسحب المقالة التي كتبها للتنديد بقرار التقسيم والدعوة إلى دولة ديمقراطية موحّدة، واستبدلها بمقالة أخرى كتبها أعرب فيها عن تأييده لقرار التقسيم كما أشاد فيها بالموقف السوفيتي، وكان حينها مسؤولاً عن الجريدة وعضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وهو ما سارت عليه غالبية الأحزاب الشيوعية العربية."
كم من تلفيقات مثيلة، من حيث التفاهة والابتذال، وردت ضد الشيوعيين ويعرف العقلاء تهافتها الداخلي !
هذه التلفيقة المضحكة تدحضها حقائق اولها ان جريدة الحزب كانت تصدر علنا ، ولم يكن فائق وراد آنذاك رئيس الحزب ولم يكن ينام في مطبعة الحزب. أما كنية "أبوخالد" فهي لصيقة بالرفيق فؤاد نصار، وساما على بلائه أثناء ثورة الثلاثينات. وحين صدر قرار التقسيم كان ينام في بيت الأسرة بالناصرة.
يقول الرفيق الراحل اميل توما " في اليوم الذي اتخذ فيه قرار التقسيم سافرت الى القدس برفقة الرفيق توفيق طوبي لاجتماع سكرتاريا العصبة. كان رأي فؤاد نصار ان التقسيم واقع، وأن العرب لن يقاتلوا... عقدت اللجنة المركزية للعصبة اجتماعها مباشرة إثر صدور قرار التقسيم في مدينة الناصرة؛ وبعد نقاش طويل صوتت أغلبية اللجنة المركزية ضد قبول قرار التقسيم، وكان راي الأغلبية ان الاتحاد السوفييتي قد أخطأ بالموافقة على التقسيم. اقتُرِح في الاجتماع ان يتم الاتصال بالأحزاب الشيوعية العربية ، وتوجيه رسالة باسم الشيوعيين العرب جميعهم الى ستالين تطالبه بتغيير موقفه. صدرت جريدة العصبة ( الاتحاد) تحمل معارضة العصبة للتقسيم، بعدها ، ومع تتالي الدلائل على نوايا بن غوريون، اتخذ قرار بعقد الكونفرنس لمناقشة الأمر من جديد".
يضيف اميل توما الذي احتفظ بمعارضة قرار التقسيم لكن مع احترام رأي الأكثرية، "عندما اعود بالذاكرة الى تلك الأيام أرى الآن بوضوح ان بداية الحرب الباردة بين المعسكرين الراسمالي والاشتراكي لم تكن ظاهرة بعد، ومن المفيد التأمل في انه لو تأجل الانفجار في فلسطين سنة او سنتين لكانت النتيجة مختلفة ."
عقد كونفرنس العصبة بمدينة الناصرة في اواخر كانون أول / ديسمبر1947، ويقول البعض انه عقد بداية كانون ثاني / يناير 1948. وفي الكونفرنس صوتت الأغلبية لصالح الموافقة على قبول التقسيم للحيلولة دون وقوع الكارثة .
يجدر أيضا التأمل ان الاتحاد السوفييتي كان تحت تهديد خطر الضرب بقنبلة نووية بعد هيروشيما وناغازاكي، اللتين كانتا بمثابة إنذار للاتحاد السوفييتي؛ حثت القوى التقدمية في الولايات المتحدة واوروبا للحفاظ على بلد أكتوبر والقوة المحطمة للنازية ، حتى ان جهودا حثيثة بذلت للتعرف على أسرار القتبلة النووية ونقلها الى الاتحاد السوفييتي؛ بالفعل وجه الاتهام بهذا الصدد لزوجين تقدميين، اميركيي الجتسية، يهوديي الديانة، وعقدت لهما محاكمة ونفذ حكم الإعدام بهما.
اعتبر الرفيق سعود قبيلات، موقف الشيوعيين الأردنيين مشاركة في حمل المسئولية وليس مجرد تضامن مع اشقاء. حقا ، كم هو ملح ان يدرك الشيوعيون العرب أن دورهم في التصدي للصهيونية ودولة إسرائيل يتجاوز البيانات في أعقاب اللقاءات او المناسبات. الصهيونية خطر يهدد مجمل حركات التحرر العربية وتوجهها الديمقراطي، ولم يقتصر عدوانها على شعب فلسطين فقط. رؤية الماركسين للقضية الفلسطينية يجب أن تلتحم عضويا مع مجمل النضال التحرري ضد الامبريالية التي تشكل الصهيونية جزءًا عضويا من منظومتها. وهذا ما جرى التعبير عنه إثر وقوع الكارثة، إذ بات شعار الشيوعيين العرب "حل القضية الفلسطينية بمعزل عن نفوذ الامبريالية"، وبالنتيجة، دمج النضال المناهض للصهيونية وإسرائيل بالنضال الوطني التحرري الديمقراطي. ثم تضاءل دور الشيوعيين بعد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل اشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
الحلول السياسية للمشاكل تأخذ بنظر الاعتبار توازن القوى المشاركة في المواجهة. بصدد القضية الفلسطينية لا يدور صراع ؛ إنما عدوان متواصل من قبل دولة إسرائيل يسندها قوى الامبريالية في دول الغرب. وكل جهود اقيادة المقاومة لتوسيط الامبريالية كي تضغط على إسرائيل باءت بالفشل.
اما الثقافة فتتعامل بالمطلق والجوهري الإنساني الدافع للحركة الدائبة للتغيير. لن تنتهي مشكلة فلسطين والشرق الأوسط إلا بتصفية الحركة الصهيونية المندمجة بالامبريالية العالمية ؛ حينئذ تتهيأ الظروف لتقبل سكان فلسطين العيش المشترك بدون أبارتهايد او تمييز ديني أوعرقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع