الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتطف من مقرر كونفرانس هيئة تحرير -بروليتاري- الموسعة

فلاديمير لينين
(Vladimir Lenin)

2009 / 3 / 17
الارشيف الماركسي


1- الانسحابية والانذارية

إن شعار مقاطعة دوما بوليغين ودوما الدولة الاول، الذي رفعه الجناح الثوري لحزبنا، قد قام في وقته بدور ثوري كبير، وقاد خلفه كل الفئات الاكثر نشاطا والاكثر ثورية من الطبقة العاملة. وقد اعقبت النضال الثوري المباشر لجماهير واسعة حقبة شاقة من الثورة المضادة، وكانت الاشتراكية الديمقراطية مجبرة على تطبيق تكتيكها الثوري على هذا الوضع السياسي الجديد، وكان بالتالي احدى اعظم المهام اهمية استعمال المنبر العمومي للدوما لمساعدة التحريض والتنظيم الاشتراكي الديمقراطي.

لكن قسما من العمال الذين شاركوا في النضال الثوري المباشر لم يتمكن خلال هذا الانعطاف السريع من الانتقال فورا الى تطبيق تكتيك اشتراكي ديمقراطي ثوري في الشروط الجديدة المضادة للثورة، واقتصر على مجرد تكرار شعارات كانت ثورية إبان الحرب الاهلية المفتوحة، لكن من شأن الاكتفاء باستعادتها كما هي ان يكبح عملية تجميع البروليتاريا في شروط النضال الجديدة.

ومن جهة اخرى، ظهر في قسم من الطبقة العاملة، بفعل هذا الانعطاف الشاق، في سياق تراجع النضال الثوري، والخمول و البلبلة اللذين مسا حتى بعض العمال، وتفكيك المنظمات العمالية التي لم تملك القوة اللازمة لمواجهة التاثيرات المفككة، موقف لامبالاة بالنضال السياسي بوجه عام وبالعمل البرلماني للاشتراكية الديمقراطية بوجه خاص.

يمكن في هكذا شروط ان يلقى ما يسمى الانسحابية والانذارية نجاحا مؤقتا بين شرائح البروليتاريا تلك.

" ان عمل مجلس الدوما الثالث، الذي يسخر صراحة من حاجات العمال، يعزز الحالة الذهنية الانسحابية بين تلك الفئات العمالية، التي مازالت عاجزة، بالنظر الى نقص تربيتها الاشتراكية الديمقراطية، عن ادراك أن نشاط الدوما الثالث هذا ذاته يعطي الاشتراكيين الديمقراطيين امكانية استعمال ثوري لمؤسسة تمثيل الطبقات المستغلة هذه ليكشفوا لفئات واسعة من السكان الوجه الحقيقي للاوتوقراطية ولكل القوى المضادة للثورة بقصد جعلها تشعر بضرورة النضال الثوري.

كما أن الحالة الذهنية الانسحابية السائدة بين هذا القسم من العمال لقيت حفزا من الاخطاء بالغة الفداحة التي ارتكبتها المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية، لا سيما في سنة نشاطها الاولى.

ان التكتل البلشفي، اذ يقر بان هذه الحالة الذهنية الانسحابية تتعارض مع التربية الاشتراكية والثورية للطبقة العاملة، يرى انه لا غنى عما يلي:
أ- القيام، فيما يخص فئات العمال تلك، بعمل تربية وتنظيم اشتراكي ديمقراطي متابر، وتفسير منهجي وملح للعقم السياسي الكلي للانسحابية و الانذارية، والدلالة الحقيقية للبرلمانية الاشتراكية الديمقراطية ودور منبر الدوما بالنسبة للاشتراكية الديمقراطية في حقبة الثورة المضادة هذه.
ب- يجب، فيما يخص المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية والعمل البرلماني بوجه عام ، اقامة اوثق الصلات بين المجموعة البرلمانية والعمال الطليعيين، ومدها بالمساعدة الاكثر تنوعا واخضاعها من جانب الحزب بكامله لضغط ورقابة منظمة، تضم، ضمن امور اخرى، تحليل كل اخطائها امام الملأ ووضعها عمليا تحت اشراف الحزب، بما هي هيئة تابعة له، باختصار تطبيق البلاشفة قرارات كونفرانس الحزب الاخير بهذا الصدد، لأن انتباها مستمرا من جانب الاوساط العمالية ازاء نشاط المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية والمشاركة المنظمة لتلك الاوساط العمالية في النشاط البرلماني للاشتراكية الديمقراطية قادران على تقويم حقيقي لتكتيك مجموعتنا البرلمانية.
ج – يجب، فيما يخص جناح حزبنا اليميني الذي يجر المجموعة البرلمانية على طريق مضاد للحزب، ويعزلها بذلك عن الطليعة العمالية، شن نضال منهجي لا يرحم وفضح الطابع المضر بحزبنا للتكتيك المطبق من الجناح اليميني.

***

شهد حزبنا خلال الثورة الديمقراطية البرجوازية التحاق عناصر لم يجذبها برنامجنا البروليتاري خالص، بل استمالها بوجه الدقة نضاله الدؤوب والحازم من اجل الديمقراطية، و تبنت شعارات الحزب البروليتاري الديمقراطية الثورية خارج أي صلة بمجموع نضال البروليتاريا الاشتراكية.

كما تجلى وجود هكذا عناصر، المكتسبة الى منظور بروليتاري على نحو ضعيفٍ، في تكتلنا البلشفي. وتبدي هذه العناصر، في حقبة الركود هذه، نقص نضجها الاشتراكي الديمقراطي على نحو مطرد، متعارضة اكثر فاكثر مع قواعد التكتيك الثوري الاشتراكي الديمقراطي، و تسير منذ مدة الى خلق اتجاه يسعى الى بلورة نظرية للانسحابية والانذارية، لكنه في الواقع يكتفي برفع تصورات خاطئة عن البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية وعن عمل الاشتراكية الديمقراطية بالدوما الى مقام مبدأ ومفاقمتها.

تؤدي هذه المحاولات لخلق نظام سياسي انسحابي كامل من حالة ذهنية انسحابية الى نظرية جوهرها ايديولوجية لامبالاة سياسية من جهة وترددات فوضوية من جهة اخرى. ان نظرية الانسحابية والانذارية، رغم جملتها الثورية، لا تمثل في الواقع وبقدر كبير غير الوجه الاخر للاوهام الدستورية المتصلة بامل إمكان تلبية دوما الدولة لوحدها هذا المطلب الشعبي الحيوي او ذاك، انها تستبدل في الجوهر الايديولوجيا البروليتارية بميولات برجوازية صغيرة.

لم يكن ما يسمى بالانذارية اقل إضرارا بعمل الاشتراكية الديمقراطية. (يتعلق الامر باتجاه يرفض مبدئيا استعمال منبر الدوما الثالث، او يسعى باعتبارات عملية، الى تبرير تملصه من هذا الواجب، ويسعى الى سحب المجموعة البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية، ويريد استبدال عمل هذه المجموعة التربوي والتصحيحي المديد بانذار يتعين توجيهه اليها دون تأخير). لا تختلف الانذارية حاليا من الناحية السياسية باي وجه عن الانسحابية، ولا تفعل باخفاء طابعها الانسحابي غير زيادة اللبس والفوضى. وليست محاولات الانذارية الظهور على انها مرتبطة مباشرة بالمقاطعة، التي مارسها تكتلنا في لحظة معينة من الثورة، غير تشويه المعنى والطابع الفعلي لمقاطعة دوما بوليغين والدوما الاول التي مارسهتها عن حق اغلبية حزبنا. ان الانذارية والانسحابية، إذ تحاولان انطلاقا من حالات بعينها من مقاطعة مؤسسات تمثيلية في هذه اللحظة او تلك من الثورة ان تجعلا من المقاطعة الطابع المميز للتكتيك البلشفي، حتى في زمن الثورة المضادة، انما تبرهنان انهما ليستا غير الوجه الآخر للمنشفية التي تدعو الى المشاركة باي ثمن في جميع المؤسسات التمثيلية دون مراعاة مرحلة تطور الثورة ودون اعتبار وجود اندفاع ثوري او غيابه.

ان كل ما قامت به الانسجابية والانذارية من محاولات لحد الآن بقصد ارساء قاعدة لنظريتهما يقودهما حتما الى انكار أسس الماركسية الثورية. ويؤدي حتما ما يقترحان من تكتيك الى قطع تام مع تكتيك الجناح اليساري للاشتراكية الديمقراطية العالمية المطبق على شروط روسيا الحالية، ويؤدي الى انحرافات فوضوية.

لقد بات التحريض الانسحابي والانذاري يسبب ضررا لا جدال فيه للحركة العمالية وللعمل الاشتراكي الديمقراطي. وسيصبح في حال تواصله خطرا على وحدة الحزب لانه ادى الى فظاعات من قبيل اتحاد انسحابيين مع اشتراكيين ثوريين (في سان بطرسبورغ) للدفاع عن رفض كل دعم للتمثيل البرلماني لحزبنا، أو تناول الكلمة علانية امام العمال الى جانب "نقابيين" مشهورين.

اعتبارا لهذا كله تعلن هيئة تحرير بروليتاري الموسعة أن البلشفية، بصفتها تيارا معينا داخل حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، لا يجمعها شيء بالانسحابية والانذارية، وانه يجب على التكتل البلشفي شن نضال لا يرحم ضد هذه الانحرافات عن الطريق الماركسي الثوري.

الملحق 16 للعدد 46 من بروليتاري – 3(16) يوليو 1909.

لينين، الاعمال الكاملة بالفرنسية- دار التقدم موسكو . طبعة 1975، الجزء 15 ، صفحات 473 الى 477











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ