الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول نظرية الدولة في الفكر الماركسي (الجزء الأول) / ترجمة مرتضى العبيدي

مرتضى العبيدي

2023 / 8 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



1 ـ مبادئ عامّة
إن إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها النظرية الماركسية اللينينية هي تلك المتعلقة بمعنى ودور الدولة. وتعتمد العناصر الأساسية للسياسة الثورية واستراتيجية الطبقة العاملة لتحقيق تحررها على المفهوم الذي تمتلكه عنها.
إذ ينتشر على نطاق واسع المفهوم البرجوازي للدولة، الذي يربطها برقعة من تراب أو يعرّفها على أنها أعلى شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي لتلبية احتياجات جميع أعضائها. لكن بالنسبة للماركسية اللينينية، تشكل الدولة أداة للهيمنة، لذلك فهي ذات طابع طبقي وتعمل على حماية وتطوير المصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأولئك الذين يسيطرون عليها في كل مرحلة من مراحل التطور التاريخي للإنسانية.
يوصي لينين، في كراس صغير الحجم - لكن عميق - بعنوان "حول الدولة" ، في سياق الإجابة على هذا السؤال بطريقة علمية، بضرورة إلقاء نظرة تاريخية موجزة على ظهور وتطور الدولة، لأنه في مسائل العلوم الاجتماعية، سيكون من الضروري "اكتساب عادة التعامل مع هذه المسألة بطريقة صحيحة دون الضياع في تراكم التفاهات أو بين الوفرة الهائلة للمفاهيم المتنافسة". إن أهم شيء للتمكن من تناول هذه المسألة من وجهة نظر علمية هو عدم نسيان التسلسل التاريخي الأساسي، والنظر إليها من وجهة نظر كيفية نشوء الظاهرة التاريخية المعينة، وما هي المراحل الرئيسية التي مرت بها في تطورها، ومن وجهة النظر هذه، النظر إلى ما أصبحت عليه في الوقت الحاضر.
قبل كل شيء، يجب ألا يغيب عن الأذهان أن الدولة لم تكن موجودة دائمًا، فهي تظهر "في المكان والزمان اللذين يحدث فيهما انقسام المجتمع إلى طبقات، حيث يظهر المستغلون والمستغلون". قبل ذلك، كان للمجتمع البشري خصائص مشابهة للشيوعية البدائية. لم يكن هناك "فئة خاصة من الرجال الذين يختصون بالتحكم في الآخرين، ويمتلكون بشكل منهجي ودائم بعض أجهزة الإكراه والعنف، مثل تلك التي نراها اليوم، أي مفارز للقوات المسلحة والسجون وغيرها من الوسائل لإخضاع إرادة الآخرين للعنف، أي تحديد ما يشكل جوهر الدولة. [...] "عندما تظهر مثل هذه المجموعة، عندها يمكن القول بظهور الدولة". (لينين).
إن ظهور انقسام المجتمع إلى طبقات ترك وراءه المجتمع البدائي وفسح المجال لظهور العبودية، وبعدها نشأ الإقطاع ثم الرأسمالية. وتميّز كل من هذه المجتمعات من خلال الطبقات الاجتماعية الخاصة الموجودة في كل منها والسمات التي اكتسبتها القوى المنتجة. فالدولة، في كل منها، كانت وما زالت "آلة للحفاظ على هيمنة طبقة على أخرى"، لكن الطريقة التي ينتظم بها مجال هذه الطبقة الأقلية لها خصائصها في كل مرحلة تاريخية. علاوة على ذلك، فمع ترسخ انقسام المجتمع إلى طبقات، تترسخ الدولة.
ماذا نعني بالقول إن طرق ممارسة الحكم يمكن أن يكون لها أشكالا مختلفة؟ فدولة العبودية، على سبيل المثال، ظهرت في أماكن معينة وفي أوقات معينة كملكية، كجمهورية أرستقراطية أو كجمهورية ديمقراطية. ولكن في جميع هذه الحالات، لم يتمتع العبيد بالحقوق وكانت الدولة دائمًا تمثل مصالح ملاّك العبيد. يمكن للدولة الرأسمالية، من جانبها، أن تتخذ شكل نظام رئاسي، جمهورية برلمانية، دكتاتورية مدنية، دكتاتورية عسكرية، ملكية برلمانية، ملكية دستورية.
أما الدولة الإقطاعية فكان يتربع على رأسها ملاّك الأراضي وكبار رجال الدين. فأصحاب الأرض فقط هم من يملكون كل الحقوق وليس الفلاحون. لكن على عكس النظام العبودي، لم يكن هؤلاء يُعتبرون ملكية مباشرة للمالك، لكنهم كانوا مرتبطين بالأرض وخاضعين لها، مع بعض التغيير. إذ كان بإمكانهم العمل لعدد معين من الأيام لأنفسهم على الأرض التي خصصها لهم الإقطاعي، وفي سائر الأيام، يعمل الفلاح القن لـ "سيده". وكانت القوانين والمؤسسات التي أنشأتها الدولة الإقطاعية تهدف إلى ضمان سيطرة اللوردات الإقطاعيين على الفلاحين الأقنان.
وعندما نمت القوة الاقتصادية للبرجوازية، وعندما انتصرت على السلطة القائمة وتراجعت قوة طبقة الملاك، تغير تكوين المجتمع. لقد خلق المجتمع البورجوازي الناشئ وهم إقامة المساواة الاجتماعية، مع زوال التقسيم القديم إلى ملاك العبيد والعبيد، والإقطاعيين، والفلاحين الأقنان. فتم الإعلان أن الجميع متساوون أمام القانون مهما كانت ثرواتهم، لكن العنصر المحدّد لتنظيم الدولة كان، منذ البداية، حماية الملكية الخاصة للأثرياء، ضد فعل الجماهير الفقيرة. بشكل عام، اعترفت الدولة الجديدة بحقوق الملكية للتجار، والحرفيين، والصناعيين ... وهكذا، انبثق مجتمع "يقوم على الملكية الخاصة، على سلطة رأس المال، على القهر الكامل للعمال المحرومين والجماهير الكادحة من الفلاحين" (لينين).
أعلنت الرأسمالية الحرية لجميع الناس، وهو نظام تقرر فيه "الإرادة الشعبية" مصير البلد، وبهذه الطريقة، تمكنت البرجوازية من إخفاء الطابع الطبقي للدولة، الذي كان واضحًا للعيان في المجتمعات السابقة. ومع ذلك، فإن الدولة لم تتوقف عن أن تكون آلة، في هذه الحالة، في خدمة الرأسماليين، لإبقاء الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والطبقات الكادحة خاضعة "، حتى لو كانوا في مظهرهم الخارجي أحرارًا. (لينين).
En Marcha ، عدد 1988 ، من 02 إلى 8 فبراير 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية