الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والدولة والديمقراطية والمجتمع المدني

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يقول أهل العلم والمعرفة أن الوجود تكون أولاً من الكون الذي يعتبر من مادة سديمية كانت تحلق في الفضاء ونتيجة العواصف والتغيرات المناخية انشطر الكون واستقر النظام الشمسي على شكله الحالي منذ 5,4 مليار سنة فتشكلت الأرض عندما سحبت الجاذبية الغاز والغبار الملتف إلى الداخل لتصبح الأرض الكوكب الثالث بعيداً عن الشمس وباقي الكواكب والأرض تعتبر نواة مركزية وغطاء صخري وقشرة صلبة ثم تكون الإنسان حيث كان يعيش من أدغال ويأكل من صيد الحيوانات ويسكن المغاور ويتكلم بنبرات صوتية تشبه أصوات الحيوانات ثم دفعته الحاجة إلى الاشتراك مع أبناء جنسه لإشباع رغباته وغرائزه وشهواته ثم دفعه إدراكه الفطري باعتباره لا يستطيع أن ينال ما يشبع فيه هذه الشهوات والرغبات إلا إذا سعى للحصول عليها فجعلت تنمو من جراء ذلك الإدراك تلافيف دماغية أكثر فأكثر حتى أصبح يمتاز عن أعلى الأنواع الحية بميزته الإدراكية التي تسمى (العقل) حيث كانت تلك التلافيف على شكل مستقيم ثم أصبحت على شكل تلافيف حلزونية .. كما تركز نشاط الإنسان بالبحث عن السعادة والسعي وراءها وكان هذا الهدف يأتي من خلال نشاط الإنسان التي تتجسد في تصرفاته وسلوكه والغايات التي تتم من وعي الإنسان وإدراكه وإرادته وبالرغم من ذلك فإن الإنسان لا زال يتراوح تفكيره وخياله وتشغل باله البحث عن الحياة التي يعيش فيها بأمن وسلام وقد حاول المفكرون والعلماء لفترة طويلة الوصول إلى التركيبة السحرية التي ستمكن الإنسان من البقاء على قيد الحياة في أمن وسلام واستقرار واطمئنان فمنهم من ادعى أن الحل يتمثل في الخضوع إلى الغريزة واتباع أهوائها واعتقد آخرون أن العقل والعقلانية واعتبروا العقل نبراساً إنسانياً يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات الحية واعتقد آخرون بأن الحل في المعتقد على اختلاف شكله ومصدره إلا أن الحل الأخير هو القانون (الدولة) هي التي تخلق الأمن والاستقرار والعيش الرغيد والسلام للإنسان فهي وحدها الكفيل ببناء حبل الثقة والتعاون بين البشر وضمان حياة هنيئة وآمنة للجميع على اختلاف معتقداتهم المذهبية والقومية لأن الدولة من خلال القوانين تفصل بين البشر وتنظم حياتهم دون مراعاة لأصولهم الدينية والقومية أو أهوائهم ومعلوم أن الدولة هي محض فكرة لا تجسيد واقعي لها لأنها تتحقق من خلال نظام سياسي معين كما أنه ليس هناك من قيمة تضاهي في قوتها الأمن والاستقرار والطمأنينة والعيش الرغيد لدى الإنسان والحرية التي يضمنها الدستور للإنسان وواجب الدولة هي التي تحدد معايير احترام الدستور وعدم التجاوز عليه ومن خلال ذلك فإن الدولة هي الكفيلة بضمان أمن واستقرار الإنسان وسلامته وتصبح الحرية هي الواجهة السياسية للإنسان وبذلك تكون الديمقراطية تشكل أسس التعاقد القائم بين الإنسان والدولة وتحدد حقوق وحدود كل طرف منهما لهذا كان لزاماً عليهما معاً أن يسعيا إلى إنشاء تنظيمات مستقلة يمكن أن تطلق عليها مؤسسة المجتمع المدني تكون وظيفتها هي مراقبة الدولة للحيلولة دون ارتكاب أي شطط في مسيرتها ومن خلال ذلك تطورت المؤسسات الديمقراطية العريقة في مختلف أرجاء المعمورة من خلال الموازنة بين الواجب والحق فتطورت البلدان المتقدمة وازدهر عيش مواطنيها نتيجة ذلك تمكن الإنسان المتعطش للأمن والاستقرار والحرية والطمأنينة والعيش الرغيد.
وهنالك دول من شأنها أن تصبح جهازاً قمعياً ومضطهداً لجماهير الشعب ومثل تلك الدول المستبدة تكون معزولة عن جماهير الشعب ويمكن لهذا أن يحدث إذا لم يتم تطوير منظمات ثانوية تتوسط بين الشعب والدولة وتكون راعية لمبادئ الدستور ودرء الصراعات بين الكتل والجماعات المختلفة غير أن بعض الدول بدلاً أن تسير وتنمو في الطريق الصحيح الذي يوطد العلاقة بين الدولة وجماهير الشعب وتنمي قيمة المواطن والشعور بالحرية والمسؤولية من خلال الانخراط في هيئات المجتمع المدني فإنها تسير عكس ذلك في محاولة إخراس وقمع الأصوات التي تتعالى لرفع الوصاية التي تقوم بها الدولة في خلق أحزاب وجمعيات كرتونية لا تمثل سوى نفسها من الطامعين في المصالح الأنانية وتدمر جهود الغيورين المخلصين للوطن والشعب وإن مثل هذه الدول الفاشلة تعتقد أنها تصون حكمها وهيبتها وتحفظ سلطتها ولكنها لا تدري أنها في الحقيقة من خلال سن القوانين الجائرة والقمعية المكممة للأفواه وتزوير الانتخابات وحمايتها للأشخاص الفاسدين تساهم في تعميق الفجوة بين الدولة وجماهير الشعب وترفع درجة التأزم والاحتقان في صدور الشعب وعوضاً أن تفسح لهم الحرية في النقد الهادف والبناء وحرية التعبير عن أفكاره ومشاعره بالشكل الذي يسمح به القانون والنظام وتجعل الإنسان مطمئن ومستقر ومتطور. لأن حرية الإنسان وشعوره وإحساسه شبيه بجدول الماء الذي يسير بحرية ويشق طريقه لنفسه المجرى الذي يسير به بحرية وإذا لم يجد الطريق والمجرى الذي يسلكه ويسير به صنع لنفسه طرق ملتوية غير رسمية غامضة ومجهولة التي تؤدي إلى تدمير الإنسان والنظام معاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة