الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجه لا يشبه صاحبه!

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2023 / 8 / 1
الادب والفن


تخيل لو أن حياة الفنان؛ بعشوائيتها وإرباكاتها تصبح ممتدة أثناء التصوير وأيضا، بعده؟!
تخيل الممثل، بتحولاته النفسية والجسدية من كيان لكيان، ومن حياة لحياة أخرى متناقضة تماما مع سابقتها؛
"أفراحه، أحزانه، زيجاته، انفصالاته، شروره، قيمه العايا وأخلاقياته " تتجسد فجأة على أرض الواقع ..لا فقط شاشات العرض!!
قام الفنان العظيم نور الشريف بتجسيد هذه الحالة فى فيلم(لا شئ يهم)
لعب دور (..) شاب يعشق مهنة التمثيل. يقع فى حب فتاة ويتفق معها  على الهروب بسبب رفض والدها ارتباطهما!
ثم نفاجأ كمشاهدين؛ أن كل ذلك لم يكن سوى محض خيال، لا علاقة له بواقع الشخصية، وأن هذه الفتاة هى زميلته فى التمثيل، ووالدها متوفى!!
لكنه لا يريد أن يتزوجها إلا بافتعال مشاكل وظروف صعبة فينتشى اثرها بمعجزة تحقيق المستحيل "المتوهم"،
مستمتعا بلحظات الترقب والخطر!
تأسف على حالها قائلة:
"بحاول ارضيه واعيش فى خياله..بمثل معاه..يلبسنى برنيطة..عقال..ملاية..بقبل أى حاجة عشان بحبه.."
فهو يريد أن يخوض أكثر من تجربة وأكثر من حالة، لا يريد الاستسلام لفكرة نمطية أو حياة مملة روتينية، ولكنه
يرضخ أخيرا فيتزوجها، وبعد أن يقضيا معا ليلتهما الأولى، يتركها ليبيت فى منزل أهله وكأن شيئا لم يكن!
وذلك فقط لإثبات أنه لازال حرا!
ثم يندب حظه متساءلا بتهكم :
"هو احنا اتجوزنا؟! يعنى عملنا زى كل الناس ما بيعملوا ؟! يعنى أنا دلوقتى اسمى زوج.. بعل ..وانتى بقى اسمك الجماعة؟! مرات البعل؟!"
لحظات من الصمت، ثم تتحول فجأة نبرة صوته  لتصبح نبرة رجل همجى، يمارس ساديته ووحشيته أثناء تمهيده للعلاقة الجنسية معها،
ترتعب منه وتبكى، فلا يتوقف عن اندماجه فى الدور !
يريد أن يتعامل مع زوجته بشخصيات مختلفة حتى أثناء العلاقة الجنسية، اعتقادا منه ان ذلك سيجعل حبهما دائما متوهجا، مليئا بالشغف، ومتعة المغامرة.
تخبره بحملها بعد فترة، فيترك المنزل ويرحل!
وكأنه لم يتزوج ولم تكن له حبيبة قط!!

ستشعر وأنت تشاهد هذا الفيلم أن هذه الشخصية غير متزنة، متطرفة أو مجنونة!!
إلا أننا  نشبهها  بشأن "ازدواجيتها" فى الكثير من المواقف
الحياتية
فعلى سبيل المثال؛ نربى الطفل على أهمية الدراسة والتفوق، وأن مشاهدة الأفلام لعب ولهو، لا فائدة ترجى منها
وفى ذات الوقت؛ نمتدح ونصفق  لطفل موهوب يطل خلف شاشات السينما ويصبح نجما صغيرا!
نلعن الفنانين والفنانات نهارا وليلا على امتهانهم التمثيل، ونسب ونلعن فى مستوى أخلاقهم المتدنى!!
وفى المقابل؛ لا نتوقف عن مشاهدة التلفاز وارتياد السينمات، بل واستوقافهم لأخذ صور تذكارية معهم، والتفاخر بين الناس بمعرفتهم!!
يحضنا الأهل على ضرورة الزواج والإنجاب مبكرا وفى الوقت نفسه هم أكثر الناس شكوى من الزواج والإنجاب، بل وأكثرهم معاناة!!
وكما قال ليو تولستوى:
"أنها العائلة؛ إما تصنع إنسانا أو كومة عقد"
نحن نمارس ازدواجيتنا بامتياز؛
نتعلم منذ الصغر وبشكل احترافى كيفية تحقيق" عكس"
ما نتمنى تماما!!
وفى النهاية تجدنا؛  نتنبنى المبدأ وعكسه!!
نقاوم رغباتنا الحقيقية الأصيلة، كى نبدو بمظهر جذاب أمام الآخرين، ونلقى القبول الذى نشتهيه، فبدلا عن محاولة الوصول لهدف نبتغيه، نسبه ونلعنه، كى نستر على تحرقنا الشديد ورغبتنا المسعورة فى امتلاكه!
كمن ينتقم من فتاة أحبها، بعد طول رفض وانتظار،
نخطو كل خطوة فى طريق أحلام الآخرين!
فى الاتجاه المعاكس تماما لاحلامنا..
نتجه شطر الاهداف بناء على رغبة" الجماهير" لا شغفنا الخاص والأوحد!!
لا لأجل إرضاءهم كما نزعم، بل لأجل إرضاء صورتنا الذاتية فى أعينهم!
لأجل نواقصنا التى لن تكتمل إلا بتصفيق الآخر ومدحه  واشاداته!!
لا نتحمل فى المقابل  الرفض أو النقد، لأجل تحقيق ما يسعد حقا ذواتنا، يشبعها، يغنيها، فيقيها شر التكرار والانسحاق!!
نادر من يتحمل الهزيمة عدة مرات، كى ينجو بنفسه وينتصر فى النهاية!
نادرا جدا؛ ان تجد من يقاوم إغراءات الحياة المريحة، السهلة، لأجل الوصول لهدف مشبع نفسيا قبل أن يكون جسديا ماديا،
ولا اقصد بالحياة المريحة هنا (رفاهية العيش أو الثراء المادى )؛ بل تسطيح الفكر والحياة دائما فى قالب واحد ثابت لا يتغير، يرضى المجتمع على حساب الفرد وخصوصيته!!
وكما قال احسان عبد القدوس فى احدى قصصه:
"اليد التى تصفق ..تستطيع أن تصفع ..فاحذريها!
من يمدحك اليوم قد يلعنك غدا بسبب رأى أو موقف،  لا يتمشاى مع رغباته ومصالحه، أو حتى هواه الدينى "المزيف" !!
الأسهل دائما؛ هو الركون لأفكار ومبادئ معلبة ومحفوظة فى ثلاجات الموتى منذ قديم الازل!
الأسهل هو استلقاءك على الفراش مستمتعا بموسيقاك المفضلة.
  الاستسلام بتكاسل، لازدواجية يعيشها أغلبنا، فتصبح طوعا واختيارا خيط من نسيجها!
ولكن تذكر؛ اذا كان هذا قرارك فى النهاية،
فستظل دائما وأبدا جزءا من "أثاث بيتك" ينقله صاحبه  من موضع لآخر على حسب هواه!!
ستظل مرتاحا محمولا آمنا،
ولكنك فى النهاية؛
مجرد
"شئ"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل