الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمعة الحزين

البتول المحجوب

2006 / 11 / 6
الادب والفن



في تلك الساعة المبكرة من فجر الجمعة، يخفق قلبها بشدة عند سماع دقات عنيفة..تنهض مسرعة نحو الباب..ظنا منها انه زائر قادم من البادية للتسوق في مدينتها الصغيرة..تعودت ألام قدومهم في ساعة مبكرة..تلك فطرة أهل البادية.
لم تكد تفتح الباب الخشبي المهترئ، حتى صوب أحدهم سلاحه نحوها..يقتحم البيت..اثنان..ثلاث بل أكثر من ذلك.
سمع الأب ضجة في البيت..قام من مكانه متسائلا:
-فاطمه..ماذا..من هناك..؟ أجابه أحدهم بدفعة قوية، أحمر وجه الأب غضبا.قلب البيت المتواضع رأسا على عقب.. يردد الأب:
لماذا كل هذا التفتيش؟
تقتحم غرف النوم،صراخ الأطفال يتردد صداه في بهو البيت المكشوف. يرمي أحدهم بالجدة الهرمة جانبا،كأنه يبحث عن شئ مفقود قد تخبيه الجدة تحت فراشها البسيط ،تتألم المسكينة لايبالي لأنينها. يزمجر اكثر من مرة لاشئ.يصوب فوهة مسدسه نحو رأس الأب..يدفع به أمام أعين أطفاله الدامعة..تعصب عيناه، عينان بنيتان،مشعتان بدفء يسع قلوب صغاره.
يكبل وأعين الصغار تنظر بخوف .تتشبث صغيرته بطرف ثوبه وصراخها يشق جدار البيت، يصفعها أحدهم تسقط أرضا، تنظر لأبيها مستغيثة.
تنهض والخوف يجتاحها تستند على حائط منزل دامع العينبن، تنظر من بعيد إليه. تحس أثرا الصفعة على خدها الصغير..معصوبة عيناه..مكبلة يداه.تعي أنها فقدت نور عينيها المشع فجر ذاك اليوم العاصف. تتذكرك ألان يافجر الجمعة الحزين بحرقة في القلب،غصة في الحلق ودمعة تحجرت في الماقئ.
..محرك السيارة السوداء يدور..تتوارى تلك اللعينة عن الأنظار بعد أن أخذتك..محاصرا بين أربعة رجال من بوليس الفجر الموجع .تتبعك أعين باكية حتى تتوارى عن الأنظار..لم يبق غيرك أيها الجمعة الحزين.
سنوات وسنوات مضت على غيابك ،ستة عشر سنة وخمسة أشهر. يهاجمها الفجر الجريح كل جمعة فجرها يئن من صراخها المستغيث،صغيرة،مدللة، كانت لاتغفو إلا على ساعدك القوي..تحتمي بك من غدر الزمان،ترتمي في أحضان السكينة بوجودك. اليوم ..؟لن تتكئ على ساعد بعدك،لاساعد يحمل دفء ساعدك. فالدفء بعدك مفتقد والبسمة دمعة.
..تغمض جفنيها علّها تنسى لكن كيف..؟
أتنسى عيناك البنيتان..؟شعلة حنان كنت،دفء نظراتك وأنت تشد على يديها الصغيرتين بقوة، تراك كنت تعي لحظة الوداع الأخير….؟
تشبثت بثوبك،برقة تفك أصابعها منك.صغيرتك تقبع الان في زاوية منسية من العالم تعيش على ذكراك، ذكرى الجمعة الحزين..ذكرى قلعة الجحيم ، خفافيش الليل وزوار فجر حزين؟
قلت وداعا وأنت الذي تكره الوداع.أرغموك أن لاتعود لصغيرتك،أرغموك أن تلفظ أنفاسك الطاهرة وحيدا دون جرعة ماء في زنزانة باردة موحشة، بعيدا عن أنظار من انتظرتك طويلا وعمرها مر متساقطا كأوراق خريف كئيب.ذابلة تلك السنين الماضية من دونك.
تنزوي ألان في زاوية تحمل ذكراك تتمعن في صورتك اليتيمة تقرأ تقاسيم وجه غاب عنها فجر جمعة حزين. وجه انتظرته و لم تمل انتظاره..فهل تأت لتربت على شعرها… حتى تغفو على ساعدك من جديد..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل