الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفايا النص واضاءات المجتهد في الطعن بطريق إعادة المحاكمة

سالم روضان الموسوي

2023 / 8 / 2
دراسات وابحاث قانونية


كلما افرغ من قراءة قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، واظن اني قد شارفت على الاطلاع على خفاياه، ينهض مجتهد من بين فرسان العدالة ليقول انك لم تصل الى النهاية، ويلفت الأنظار الى نقطة تكاد تكون غير مرئية لقارئ النص، وقبل أيام اضاء المحامي الاستاذ كميت الطائي في صفحته على موقع الفيسبوك موضوع إعادة المحاكمة وجاء فيها الاتي (عليك أن تفهم من إن الدعوى إذا كانت تنظر بدرجة أولى فلا تضع نفسك بحرج إمام المحكمة وتطلب أعادة المحاكمة لأن مصيرها حرى بالرد)، وهذا ما عليه التطبيق القضائي، لكن توجد حالات يجوز ان تقدم فيها طلب إعادة المحاكمة الى محكمة البداءة التي نظرت الدعوى بدرجة أولى، وليس بخافٍ على المختص معنى الدرجة الأولى بانها الدعاوى التي تنظرها محكمة البداءة بدرجة أولى وهي التي يجوز الطعن فيها بكافة طرق الطعن وعلى وفق ما ورد في المادة(32) من قانون المرافعات المدنية[1]، وهذه الصورة تتمثل في نص المادة (197) مرافعات التي جاء فيها الاتي (لا يقبل الطعن بطريق اعادة المحاكمة في الاحكام الصادرة من محاكم البداءة بدرجة أولى ما دام الطعن فيها بطريق الاستئناف جائزا)، وفي هذا النص نجد ان الطعن لا يقبل اذا لم يطعن بطريق الاستئناف، وهذا ما يؤدي بكثير من الطعن بإعادة المحاكمة الى الرد شكلا لان الحكم ما زال امامه طريق الاستئناف، وعلى وفق ما ورد في المادة (187/2) مرافعات التي جاء فيها الاتي (إذا صدر حكم البداءة بناء على غش وقع من الخصم أو بناء على ورقة مزورة أو شهادة زور أو بسبب اخفاء الخصم ورقة قاطعة في الدعوى فلا تبدأ مدة الاستئناف إلا من اليوم التالي لعلم المحكوم عليه أو الاقرار الكتابي بالتزوير من فاعله أو الحكم بثبوت التزوير أو شهادة الزور أو ظهور الورقة المخفاة)، لكن توجد فرضية أخرى قد يكون الطعن فيها بإعادة المحاكمة دون الطعن بالاستئناف، وعلى وفق الاتي :
1. اذا صدر حكم من محكمة البداءة في دعوى تنظرها بدرجة أولى، الا ان الخصوم قاموا بتمييز الحكم مباشرةً دون الطعن بالاستئناف، حيث ان القانون يجيز لهم وعلى وفق ما ورد في المادة (205) مرافعات التي جاء في فقريتها (3و 4) الاتي ( 3- اذا تعلق الطعن بحكم ذاتي صادر بدرجة اولى يجب على الطاعن ان يرفق بعريضته التمييزية استشهادا من محكمة الاستئناف يفيد عدم تقديم استئناف عن حكم البداءة المذكور في مدته القانونية .4 - اذا لم يرفق الاستشهاد المشار اليه في الفقرة السابقة بالعريضة التمييزية فعلى محكمة التمييز ان تقرر اعتبار الطعن المقدم اليها مستأخرا حتى يقدم لها هذا الاستشهاد)، وبعد ان يقدم هذا الاستشهاد او التأكد من عدم وجود طعن استئنافي، وما جرى عليه العمل ان محكمة البداءة لا ترسل اضبارة الدعوى حتى تنتهي مدد الطعن بالاستئناف والبالغة (15) خمسة عشر يوماً، ومن ثم تتولى محكمة التمييز التدقيق في الطعن والحكم وتصدر قراراها اما بنقض الحكم وإعادة الدعوى الى محكمتها على وفق احكام المادة (214) مرافعات[2]، او انها تصدق الحكم البدائي.
2. من خلال الفرضية أعلاه، فإننا امام حالة خاصة تتمثل في تنازل الطاعن عن حقه في الطعن الاستئنافي، وذهب بشكل مباشر الى الطعن تمييزاً، ويقول المرحوم عبدالرحمن العلام بهذا الصدد، قد تكون افضل وسيلة للتنازل عن طرق الطعن وابسطها ان يهمل المحكوم عليه مباشرة هذه الطرق خلال مواعيد الطعن الواردة في القانون[3].
3. السؤال الذي يظهر لنا، فيما اذا توفر سبب من أسباب إعادة المحاكمة هل يجوز تقديم الطعن امام محكمة البداءة، ام يجب ان يستأنف الحكم على اعتبار ان الحكم لم يطعن به استئنافاً؟
4. الإجابة على ذلك السؤال، تكون على فرضين وعلى وفق الاتي
‌أ) الفرض الأول: يجوز لها ذلك باعتبار ان المحكوم الطاعن قد تنازل عن حقه في الطعن الاستئنافي، وذهب الى طريق اخر وهو التمييز، وبهذا المعنى ان الطعن اصلاً غير جائز لانه هو من تنازل عنه بإرادته واسقط حقه في ذلك الطعن، والقاعدة الفقهية والقانونية بان الساقط لا يعود، مما يعني ان الاستئناف في ذلك الحكم غير جائز بسبب هذا التنازل, وبذلك فان إمكانية بإعادة المحاكمة امام محكمة البداءة ممكنة مع ان الحكم محل الطعن قد صدر عنها بدرجة أولى.
‌ب) الفرض الثاني: لا يجوز لان مطلق النص واضح بعدم جواز الطعن لان الاستئناف ممكن على اعتبار انه حالة خاصة اشارت لها المادة (187/2) مرافعات وممكن الطعن استئنافاً، اذا ما توفر سبب من الأسباب الواردة في نص المادة أعلاه.
الرأي: أرى ان اسقاط الحق بالطعن الاستئنافي يمنع العودة اليه تحت أي مسمى، لأنه تنازل بإرادة المحكوم والساقط لا يعود، والمادة (187/2) مرافعات هي من مفردات الطعن الاستئنافي عندما يجوز الطعن بموجبه، اما اذا تم التنازل عنه فانه تنازل عن كل صور الاستئناف، بما فيها ما ورد في المادة أعلاه.
الخلاصة: ان هذه الإغفالة التشريعية التي تشكل زاوية معتمة، بحاجة الى تأمل من المختصين، وكذلك الوقوف على استقرار القضاء العراقي تجاه هذه الحالة التي هي صورة من صور إعادة المحاكمة، وانا لم اجد توضيح او تفسير او اضاءة لها من شراح قانون المرافعات الذين اطلعت على شروحاتهم، وعلى من كتب في فقه المرافعات بما فيهم كاتب هذه السطور، حيث اني لم التفت اليها في حينه عند كتابة كتابي الموسوم (دور قانون المرافعات المدنية والأعراف القضائية في إدارة الدعوى المدنية)، أتمنى تحظى هذه الصورة بالبحث والتحقيق.

سالم روضان الموسوي

قاضٍ متقاعد

الهوامش======================
[1] نص المادة (32) من قانون المرافعات المدنية (تختص محكمة البداءة بالنظر فيما يأتي: 1- الدعاوى كافة التي تزيد قيمتها على مليون دينار ، و الدعاوى التابعة لرسم مقطوع ، و الدعاوى غير المقدرة القيمة و الدعاوى كافة التي لا تختص بها محكمة البداءة بدرجة أخيرة أو محكمة الأحوال الشخصية و يكون حكمها بدرجة أولى قابلا للاستئناف بموجب أحكام المادة (185) من هذا القانون ، و فيما عدا ذلك يكون بدرجة أخيرة قابلا للتمييز مع مراعاة أحكام القوانين الأخرى 2- دعاوى الإفلاس و ما ينشا عن التفليسة وفق الأحكام المقررة في قانون التجارة 3- دعاوى تصفية الشركات و ما ينشا عن التصفية وفق الأحكام المقررة في قانون الشركات)

[2] نص المادة (214) مرافعات (اذا رات محكمة التمييز نقض الحكم المميز لمخالفته للقانون او للخطأ في تطبيقه وكان الموضوع صالحا للفصل فيه وجب عليها ان تفصل فيه، ولها في هذه الحالة دعوة الطرفين وسماع اقوالهما ان وجدت ضرورة لذلك، ويكون قرارها قابلا للطعن فيه بطريق تصحيح القرار في مدته القانونية لدى الهيئة العامة)

[3] القاضي المرحوم عبدالرحمن العلام ـ شرح قانون المرافعات المدنية ـ ج3ـ منشورات المكتبة القانونية طبعة عام 2008 ـ ص294








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار