الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن . . مصيدة الغرور النفطي / الجزء ( 2 ) ثانيا : الورطة المرتدة عن اجندة الوهم النفطي

أمين أحمد ثابت

2023 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


التورط فعل مؤصل سعوديا في اليمن
الفصل 2 من التاريخ الحديث

منتصف ثمانينات القرن العشرين مثل ذروة تراكمات الصراع التصفوي القديم المرحل على الحكم وتعقده – جنوبا وشمالا – ما جعل الواقع مطبوعا بالقابلية للتفجر الى حروب لا متناهية بعد شيوع حالة الاضطراب والفوضى بديلة عن شكلية الاستقرار للحكم والمجتمع في الشطرين – وهو عكس معلن الخطابين السياسي والإعلامي لكلا النظامين - وذلك تحت وهم انفراد القبضة البوليسية المطلقة على الحكم ، الحزب الاشتراكي في الجنوب وسلطة الرئيس الفرد المطلق في الشمال ، فحرب التصفية المرحلة لدورتين على صعيد الجنوب جرت ( بين رفاق الجبهة القومي والحزب الاشتراكي ) على خلفية الاستئثار المطلق على القرار بين رموز فردية متصارعة وعلى أساس محمول مناطقي – وإن اطلقت عليها زيفا معرفات الاختلاف الأيديولوجي الضيق ، الأولى عن احداث على 1974م. وتصفية سالم ربيع على والمتحالفين معه – الذين وصفوا ب ( اليمين الرجعي الماوي ) – ليجتر جوهر الصراع ذاته وبوصوله الى درجة الاحتقان بين الرموز المتنازعة بمحمول مناطقي وفصائلي مجددا وذلك على قوة القرار الحزبي القابض على نظام الحكم ، وهو احتقان أوصل الواقع المجتمعي أن يصبح مسدودا ولا مخرجا عن ذلك إلا بتفجر حرب اقتتال غير معقلن بين الرفاق عام 1986م. – المعروفة بأحداث يناير المشؤوم في الجنوب - والذي اتخذ طابعا توسعيا تجاوز حدود عضوية الحزب . . الى جهاز الدولة الوظيفي بتنسيب الأشخاص بين طرفي النزاع ، ولتمتد التصفية مجتمعيا على أساس مناطقي التنسيب – وكعادة تغييب حقائق الصراع على الحكم بتوضيعه بموصف أيديولوجي ( زائف جوهرا ) ، اطلقت مسميات التوصيف طرفي الاحتراب – احدهما ب ( الطغمة ) وهي جماعة التحالف المنتصرة بينما الاخر ب ( الزمرة ) . . التي خسرت حرب المواجهة التصفوية منسحبة الى اليمن الشمالي وجزء الى السعودية ، وهي الاحداث الدموية التي ورثت شرخا في المجتمع وشللا في النظام وارتخاء للدولة وذهانيه التوجه الى جانب نشوء خلل في الاخلاق وفقدان الثقة بالمستقبل ، وما يغيب في فهمنا حول جوهر الحقيقة الذي قاد الى تفجر احداث يناير1986م. يعود الى مؤشرات التصدع المتسارع للمركز القطبي العالمي ( الاشتراكي ) – الاتحاد السوفيتي – في انشغاله بواقعه الداخلي المتخلخل – بانفراط النهج الجديد التجريبي بمسمى ( البروسترايكا ) ، وبمتبوعية مماثلة في بلدان المنظومة الاشتراكية الأوروبية ، ما افقد وجود الحامية العالمية المركزية لنظام الحكم الجنوبي بتوجهه وتجربته ( الأيديولوجية ) ، فكان لارتخاء دور السند المركزي العالمي السوفيتي الواقي أن يجعل الجنوب السياسي عاريا سهل الاختراق الأمريكي- الأوروبي وأيضا عبر النظام السعودي-الخليجي المغذي لتفجر حرب المواجهة الدموية – بين رفاق الحزب الواحد الحاكم – حربا تقود الى فشل تجربة الحكم ذات التوجه الاشتراكي ، وتمزق المجتمع الى ثارات مناطقية وفصائلية سياسية ، بينما على صعيد اليمن الشمالي ، كانت فترة تصفية الأحزاب بأجنحتها المسلحة وانتهاء العمل السري الجبهوي المسلح المعارض بموجب اتفاقية 1980م. بين نظامي حكم اليمن الشمالي والجنوبي ، وذلك بديلا عن اندلاع الحرب بين شطري اليمن – التي كانت وشيكة الحدوث – فكان النصف الأول من الثمانينيات ( بالنسبة للشمال ) معلما بتمزيق الأحزاب المدنية وإعادة انتاجها بمفرخات انتهازية متعددة تابعة لسلطة الحاكم وبمسمى أيديولوجي اشتقاقي عن ذلك الحزب القديم ، وادخلت الكثير من العناصر القيادية من تلك الأحزاب المهشمة في دولة الحكم في مناصب واثراء مقابل الولاء المطلق للحاكم الفرد العسكري ، ومن ثم للإنهاء ( التذرعي ) بتحريم الحزبية ، كان للسلطة الحاكمة أن تقتني ظلا حزبيا للحكم بمسمى ( حزب المؤتمر الشعبي العام ) ، بكونه يضم فيه وجود مختلف معبرات الأحزاب المختلفة ، تحديدا تلك التي كانت محسوبة عبر تاريخها الماضي كقوى معارضة لنظام الحكم في الشمال ، فلا يكون هناك مبررا بعدها وجود أحزاب وقوى سياسية معارضة مستقلة خارج جسد ( حزب الحاكم ) .
فترة الثمانينيات في نزعة ترسيخ سلطة نظام الفرد المطلق طبعت اثارها على الدولة بالشخصانية ، لتكون مؤسسيتها الهيكلية البدائية ومنتج عملها مهيأة مضمونا – بما هو غير معلن – أن تكون نظاما ما فويا عضوي الترابط بين سلاسله المتحكمة بملكية الدولة وعائداتها الريعية وثروات البلد – وهو ما انتج تسيد الجهوية والعائلية والانتهازية الطفيلية أن تدير البلد وشؤونه ومصالحه للإثراء الشخصي والتسلط التبجحي على انسان المجتمع ب . . تغييب مطلق للدستور والقانون ، فكان الفساد المنظم جوهر بناء الدولة وعملها – والذي عمم طابعه ليكون بعدها المجتمع وبنى علاقاته مطبوعا بقيم الفساد ذاتها . . .
وبالحصيلة ، فشطري اليمن اجتمعا بعد 1986م. بمؤكد سقوط النظامين الحاكمين فيهما في السنوات القريبة القادمة ، جنوبا بتهدد بقاء الاشتراكي كحاكم مطلق على الجنوب ، وشمالا باقتراب سقوط نظام صالح المشبع بالفساد والشعبوية في بناء الدولة ونظامية وجودها وعملها – وهو ما وسم نظام الشمال دوليا ب ( الدولة الفاشلة ) – حتى في تقارير الشفافية الدولية تحتل اليمن مصاف الدرجة المتقدمة على بلدان العالم ب الأكثر فسادا والاشد فشلا في إدارة نظام الحكم .
هذه الحقائق المرحلة عن أخطاء السابق وعودة تمظهرها بتعقيدات اشد وبموصفات اجد . . اعادت واقع الانسداد لنظامي حكم شطري اليمن للمواجهة الاحترابية مجددا – كنوع من الفشل بالهروب الى حرب خارجية تدار بين البلدين – والتي تضخمت مؤشراتها في عام 1989م. – هنا تحققت ظرفية اللحظة الحاسمة المهيئة لتنفيذ سيناريو الاجندة الامريكية بتحالفها الغربي – البريطاني تحديدا – تحت انقاذ انزلاق شطري اليمن الى حرب نظامية وبمتحولة الى حرب أهلية لا متناهية ، ومن جانب اخر ما يعني انهاء خطر الاحتمال لتمدد تلك الحرب لتطال مركز الثروة العالمية بقيمتها المطلقة بالنسبة للإمبريالية الغربية بمتحكمها الامريكي كل من السعودية وبلدان الخليج بمدخلها الممثل بعمان – فكان المعلن الانقاذي عن ذلك السيناريو المخفي بدور عربي متقدم فيه السعودية ومجلس التعاون الخليجي بتخليق منحى تفاوضيا وسن وثيقة توحيد للشطرين ودور مبارك للأمم المتحدة – وهنا كانت اللعبة ( بخداعيتها العاطفية ) أن يغرق الشعب اليمني بعامته ونخبه بأحلام توحد اليمن بما ينسيهم حقيقة واقعيهما المنهارين لكلا النظامين – حيث مثلت الوحدة مدخلا هروبيا الى الامام لنظامي الحكم ، حيث يتحقق لهما الوجود المتشارك في الحكم في الفترة الانتقالية – التي حقيقة لا يعرف محدد بقائها الزمني واقعا ، بغض النظر عن محددها الورقي في الاتفاقية – وهنا مثلت ( الوحدة الايهامية ) مخرجا هروبيا نفعيا بطابعها الشكلي الهش في تحويل النظامين الفاشلين برمزيتهما الحاكمة الاستبدادية والفاسدة الى كونهما ( قيادة حكيمة ووطنية ) تمثل سابقة في التاريخ اليمني ، حيث كانت الوحدة اليمنية ليست سوى حلما شعبيا يستحيل تحققه – وهو هروبا لكلا سلطة نظامي الحكم الى الامام بأفضلية البقاء والاستمرار في الحكم مقارنة عن الهروب الى صناعة الحرب او سقوطهما في البلدين إن لم تندلع الاشتباكات تحت ضغوط دولية حاكمة .
وقد يسأل السائل العربي – وحتى اليمني المتصنم بموهماته العاطفية ، الذي يسيطر عليه العقل العاطفي بنظرته لمسألة الوحدة بصورة ايمانية المعتقد كالدين ، فلا يقبل حديث او قول ناقد او معارض او مشكك في حقيقة وجودها الموضوعي – اين السيناريو الأمريكي – الغربي المشترك ، وأين الدور الوكالي للبلدان الطفرة النفطية العربية ، بتحديد السعودية منها ؟
والحقيقة الثابتة مع عام 1990م. بتهاوي تجربة النظام الاشتراكي العالمي وتفتت منظومته القطبية ، كان لزاما على القطب الامبريالي الغربي تحت المظلة الامريكية أن يتم اجتثاث التوجه الاشتراكي واليساري في البلدان النامية من العالم لتصبح مطلقة تابعة للغرب ومتحكم بها بالتوالي بعد تفتيت الشرق الأوروبي واحتوائه من قبل الغرب الامبريالي – خصوصا مع تهديد صعود الصين كقطب اقتصادي موازي لأمريكا ومتجاوزا للقطبيات الأوروبية – ويمثل انتهاء حكم الأيديولوجية الماركسية في جنوب اليمن كدولة نظام ، الى جانب تراجع ايديولوجيات اليسار في عموم اليمن يعد امرا استراتيجيا في الاجندة الامريكية وقتها ، لكون بقائهما بقوتهما ( السلطوية والعسكرية والفكرية الاجتماعية المعتقدية ) يشكلان خطرا مهددا لمصالحها المؤسسة على مركز الثروة العالمية التابعة لها ، بينما المتحقق مضمونا للسعودية من وراء الوحدة من خلال المخطط السري باحتواء النظام الشمالي – المملوك بقبضتها - بعدده السكاني ب 8 اضعاف لعدد سكان الجنوب ، وبموهم قبول وطنية وعصرية الاشتراكي واليسار بتخلياهما عن النزعة الثورية وتطبعهما بالديمقراطية والمدنية في صراع الاختلاف وحله سلميا عبر الحوار والتفاوض . . يضمن عبر المراقب الدولي ( الغربي ) تلاشي خاصية الندية عند الاختلاف ، حيث يطلق تغول سلطة حاكم الشمال بنظامه البوليسي المتمدد وعنجهيته الاستبدادية بالإبقاء على طابع الولاء المطلق له من الجيش والقوات المسلحة والامن والقبائل ومرتزقة النخب المتزايدة ، في مقابل فقدان المقابل جناحه المسلح وترهيبه بخطاب الثورية بكونه سيضعه عالميا في خانة القوى غير الديمقراطية المعيقة للتطور والسلام المجتمعي – وهنا تمثل الوحدة وفق مخططها السري واقعا متحركا لابتلاع السعودية كامل اليمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام