الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران من تصدير الثورة الى بناء الدولة ( 3 )

آدم الحسن

2023 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


مع بداية مرِحلة ضعف الهيمنة الأمريكية و انتقال العالم من عالم يحكمه قطب امريكي اوحد الى عالم متعدد الأقطاب , تغير نهج إيران و اصبح داعما لأسس هذا النظام العالمي الجديد لغرض حصولها على مكانة مميزة في الخارطة الجيوسياسية الجديدة و المتجددة للعالم حيث تطلب ذلك ابتعادها عن الطروحات الثورية التي لا تخدم بناء الدولة الإيرانية اقتصاديا و سياسيا .
لقد اعطت الحرب الروسية الأوكرانية ايران فرصة تاريخية كبيرة لتكون لها كلمة مسموعة في تحديد مستقبل الشرق الأوسط و خاصة في منطقة الخليج العربي .
في المرحلة الحالية و بسبب الظروف التي افرزتها المواجهة بين روسيا و حلف الناتو على الأراضي الأوكرانية أدركت امريكا جيدا أن اندلاع حرب بين إيران و دول الخليج العربية أو بين ايران و امريكا قد تتسبب في حرق المنشئات النفطية في عموم منطقة الخليج و ستغلق إيران مضيق هرمز لذلك قللت امريكا من دعمها لدول الخليج العربية و جعلته بمستوى لا يستفز ايران حيث سحبت منظومة صواريخ الباتريوت من السعودية و نقلتها الى منطقة بحر الصين الجنوبي باعتبار أن هذه المنطقة هي أكثر اهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية .
لا تستطيع أمريكا و معها حلفائها من الدول الغربية تحمل التبعات الكارثية على اقتصادهم و على الاقتصاد العالمي الذي سيسببها غلق مضيق هرمز و انقطاع امدادات النفط و الغاز المار عبر هذا المضيق , من الصعب تصور حالة الاقتصاد العالمي اذا توقف امداد السوق العالمية بالنفط من العراق و الكويت و البحرين و قطر و جزء مهم من نفط السعودية بالإضافة الى الغاز القطري .
للتصدي لإيران و فتح مضيق هرمز فأن ذلك يتطلب تدخل عسكري مباشر و واسع النطاق من قبل أمريكا و حلفائها , السؤال الأهم :
هل امريكا مستعدة لجلب مئات الألاف من جنودها للسيطرة على ضفتي مضيق هرمز , أي احتلال جزء من الأراضي الإيرانية لغرض فتح مضيق هرمز ...؟
إن تورط امريكا و حلفائها في حرب واسعة النطاق مع ايران في هذه الظروف التي تشكلت بعد انتهاء عصر القطب الأمريكي الأوحد و دخول العالم في حرب باردة جديدة بين امريكا و روسيا هو أمر ليس شبه مستحيل بل هو المستحيل , فروسيا ستكون مستعدة لدعم مقاومة ايران للاحتلال الأمريكي بكل ما تحتاجه من اسلحة لجعل منطقة مضيق هرمز مقبرة كبيرة لقوات أمريكا و حلفائها .
لقد كان العالم يسمع يوميا اخبار عن الملف النووي الإيراني و عن التهديدات الأمريكية و الإسرائيلية لضرب المنشئات النووية الإيرانية , أما الان فقد اختفت تصريحات امريكا الخشنة تجاه ايران كي لا تنزعج القيادة الإيرانية بالإضافة الى أن امريكا اخذت تغض النظر عن صادرات ايران النفطية , لقد اهملت امريكا موضوع فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط الايراني لعدة اسباب منها :
السبب الأول : حاجة سوق النفط العالمية الى مزيد من المعروض من النفط بعد فرض عقوبات غربية على النفط الروسي و بعد رفض السعودية و الأمارات زيادة انتاجها من النفط للتعويض عن النقص في امدادات النفط الروسي .
السبب الثاني : أن ايران لم تعد في قائمة اعداء امريكا الخطرين , فالعدو الأول لأمريكا في هذه المرحلة هي روسيا و العدو الثاني هي الصين , و ليس من مصلحة امريكا زيادة اعدائها و تشتيت جهودها مما يضعف تصديها لروسيا .
السبب الثالث : انضمام إيران لمنظمة شنغهاي للتعاون , ففي هذه المنظمة اصدقاء لأمريكا هم الهند و باكستان و لا تريد امريكا ضرب مصالحهما , فإيران تبيع النفط الخام و المشتقات النفطية لهاتين الدولتين بأسعار مخفضة .
بحكم الظرف الدولي الحالي الذي شكلته الحرب الروسية الأوكرانية , صارت إيران هي التي تفرض شروطها و تضع خطوطها الحمر على أمريكا كي تعود الى التزاماتها ضمن الاتفاق النووي بينها و بين مجموعة 5 + 1 .
شروط إيران الجديدة للعودة لتنفيذ بنود الاتفاق النووي السابق هي :
أولا : رفع كافة العقوبات الأمريكية عليها ، تلك العقوبات ذات العلاقة بالاتفاق النووي أو العقوبات التي لا علاقة لها بهذا الاتفاق .
ثانيا : استعادة إيران لكل أموالها المحجوزة لدى امريكا و حلفائها أو لدى الدول التي لازالت خاضعة للهيمنة الأمريكية كالعراق مثلا .
ثالثا : حصول إيران على ضمانات بعدم إلغاء الاتفاق الجديد مستقبلا عند تولي رئيس جديد لأمريكا .
رابعا : عدم التزام إيران بأي عقوبات تفرض امريكا على روسيا أو على أي دولة أخرى .
خامسا : شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للإرهاب .
بسبب الموقف الأمريكي الضعيف امام إيران , اخذت إسرائيل تناشد الإدارة الأمريكية بعدم الخضوع للشروط الإيرانية و خصوصا تلك التي تعتبرها إسرائيل تهديد وجودي لها منها اخراج فيلق القدس الإيراني من القائمة الأمريكية للإرهاب .
إن شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للإرهاب ستكون له تأثيرات سلبية كبيرة على ثقة حلفاء امريكا بقوتها و نفوذها , و قد يصبح النفوذ الأمريكي في العراق و سوريا من الماضي .
من المؤكد أن خللا في ميزان القوى قد حصل لصالح روسيا و إيران في منطقة الشرق الأوسط على حساب النفوذ الأمريكي و حلفائها في الناتو .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه