الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لازال للإستعمار الكلمة العليا .

محمد حسين يونس

2023 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ولدنا في دولة مستعمرة وحاربنا طول حياتنا من أجل أن نصبح أحرارا..دون جدوى .
نحن شعب غير شعوب الأرض .. وفي الغالب ناس غير الناس .. لدينا القدرة علي تحمل بغي الطغاه لألاف السنين دون ضجر أو إحتجاج أو ثورة.. . بل و نهتف بأسمائهم و ندعو لهم .. و نبجلهم رغم أنهم لا يتوقفون عن سرقتنا و نهبنا و إرهابنا و تعويقنا .
لالفين وسبعمائة سنة .. لم ينعم أجداد المصرى بالحرية ، فقد كان هناك دائما طاغية له الكلمة العليا فى تحديد مسارهم ومصيرهم .
لألفى سنة كان الطاغية من الجيران الرعاة ( الهكسوس 150، الليبيون 200 ، الأثيوبيون 80، الأشوريون 100، الفرس 150 ،والعرب و الأتراك 1276 ) وسبعمائة سنة كان أوروبيا ( الاغريق 293 ، روما وبيزنطة 309 ، فرنسا 3، بريطانيا 74 ) ..ولا اريد ان أقول أنه حتي عندما حكم لسبعين سنة مصريون.. لم يكن الحال أفضل .
شعب مصر لم يعرف الحرية أبدا منذ أجيال بعيدة ..وكان هناك دائما من يمسك له سوط السخرة ، يحركه به ليبني القصور و المعابد و الملاهي و الأسوار.. و يشق الطرق و يقيم الكبارى .. أو يستولي علي أمواله وناتج جهده يصادره و يصدره لصالح القوى العظمى المسيطرة على مقدراته سواء كانت فارسية ، او يونانية ، أو رومانية ، أو عربية ، أو عثمانية أوبريطانية ، أو امريكية إسرائيلية خليجية
القوة العظمى المسيطرة هى التى تحدد للمصرى ماذا ينتج ، واسلوب إنتاجه ،وماذا يستهلك و من أى سوق يستورد ، وأى لغة يتكلم وبأى دين يدين. ومن هو الوالي الذى يحكمه ، وكيف يحكم..و متي يزاح و يستبدل
و هكذا إعتاد المصرى – لآلاف السنين – أن يزاول حياته فى ظل جنود البغي ، وجور حكامه وتسلط رجال الأمن وجواسيسهم ، وتجبر رجال الجباية ، وكون لنفسه أساليبا تمكنه من التواؤم و المعايشة مع الاحتلال العسكرى والنهب الاقتصادى .
و مع غياب الاستقلال والارادة ، إنزوت الحرية وفقد الشعب الانتماء ، ولم يعد المصرى يحب بلده ، إلا فى الأغانى والأناشيد و عندما يرى سوط البغاة
المصرى منذ زمن الزراعة ، وحتى زمن اللا إنتاج والاعتماد على ريع السياحة وعبور قناة السويس وتصدير العمالة الرخيصة ، يعرف ان عائد عمله ، يصب دائما فى الخزائن الغريبة ، ولهذا تحولت مزرعة ( روما ) الى مستورد رئيسى للطعام تشتريه أو تستجديه كإعانات ومنح وقروض
كيف حدث هذا.. كيف إستعبد شعب حتي تحولت جيناته لتقبل الظلم و الإستبداد دون مقاومة .
المصرى في زمن سابق كان قادرا على استيعاب الآخر ودمجه وتطويعه لآليات الحياة المصرية ، إلا فى حالات ثلاث .
الأولى مع الاستعمار الاستيطانى اليونانى ، وفى ذلك الزمن ، توارى آمون ورع وأوزوريس ، لصالح سيرابيس وزيوس وأبولو، وبنيت الاسكندرية لتزدهر ، ساحبة الضوء عن هليوبوليس وطيبة ، وفقد المصرى حروف لغته المكتوبة ، ليستخدم الحروف اليونانية ، وبمرور الوقت ، نسى الهيروغليفية والديموطيقية ، وأصبحت كتابات المعابد وورق البردى ، طلسمات غير مفهومة ، وأصبح العالم يستمد معرفته عن مصر ، من خلال تراهات هيرودوت وديدور الصقلى واسترابيون ، لتتوارى الحضارة المصرية تماما وينعزل صانعها فى غياهب النسيان .
الحالة الثانية مع غزو عمرو بن العاص لمصر باثنى عشر ألف مقاتل مكنوا قبائل العرب المهاجرة ، أن تحيط بالتجمعات السكانية والمزارع فى استعمار استيطانى ، تال لليطالسة اليونان جعل ولاة العرب الاثنان وسبعون أمير ، الذين حكموا مصر ، لا يجمعهم الا حب المال وجمعه ونزحه ، سواء للمدينة او دمشق او بغداد ، وفقدت مصر للمرة الثانية لغتها وعلمها و حكمتها..
الحالة الثالثة ، عاصرتها بنفسي فى الزمن الحديث، عندما سلمت مصر طوعا ( فى زمن حول سبعينيات القرن الماضى ) أمرها الى قوى استعمارية ثلاث إحتلوها جميعا فى آن واحد فى سابقة لم تحدث من قبل ،
لقد أصبحت مصر مستعمرة وهابية ، إستولى على عقل وأسلوب حياة وتوجهات شعبها ، مشايخ البترودولار ، وأعادوا صياغته فى أطر متشددة.
وقامت السلطات الأمريكية بالسيطرة على الحكومات المصرية المتعاقبة ، تسيرها بواسطة المعونات و القروض واحتكار السلاح ، وفقا لمصالحها.
وفرضت إسرائيل وصايتها على سيناء، صاغت الحياة فيها طبقا لخططها، يتحرك فيها مواطنيها بحرية ، لا تتاح لمصرى يرتدى زيه الرسمى ، فارضة توريدات غاز وبترول وتسهيلات سياحية و صناعية بأسعار إحتكارية سرية لا تعلم عنها الكثير
المصرى اليوم تخلف عن الركب العالمى بعشرات إن لم يكن مئات السنين ، فالعالم يجرى ويلهث ونحن نحتاس ببلوانا نرقب ونجادل ونصارع ، حول بديهيات خاصة بحقوق الانسان ، واستحقاق المصرى لدستور وبرلمان عصرى وحرية المرأة وعدالة الانتخاب وتحديد دور القوات المسلحة والحد من سلطات الأمن.
فى مصر أصبح هناك اكثر من مجتمع ، والعديد من التجمعات السكانية ، التي تحميها من الخارج أسوار وأجهزة امن خاصة وتصاريح انتقال وكلاب مدربة ،
والفارق واسع بين العشوائيات المتناثرة في كل مكان ، والتجمعات ( الذكية ) التى تلجأ الى الصحراء ، هربا من انتفاضة تحركها المعدة الخاوية
نحن نتصور أن الديموقراطية ..و حقوق الإنسان .. و التنمية المستدامة و العلمانية في فصل الدين عن الدولة .. خطوات في سبيل تغيير واقع دام لالفين و سبعمائة سنة .. و لكن الواقع أننا أصبحنا شعبا غير شعوب الأرض و ناسا غير الناس .. لا تجدى معنا .. حلول الناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صباح الأنوار
عدلي جندي ( 2023 / 8 / 4 - 09:59 )
أعتقد أستاذ محمد شعوب المنطقة بكاملها وليس فقط شعب مصر
نعم حضرتك مصري وتهتم بشعبها وفكره وعقيدته وخلاصه من حال البؤس الذي عاشه ويعيشون وسيعيشه ما دام خاضع خانع تحت أقدام الكاب ساجد يتوسل تحت عمة الفقيه ولكن لن يجدي مجرد تغيير في خصائص وخنوع وخضوع شعب مالم تتغير عقليات وخصائص الشعوب التي بحوله تسير مثله نحو هاوية التخلف والظلامية
بقعة للأسف مأساوية برغم أن التاريخ يخبرنا أن أغلب شعوب مرت بفترات إضمحلال العبودية وتنوع وتخلف ولكنها إستطاعت بفضل أنوار منظريها وعلمائها من النجاة
شئ ما يجعلنا رهينة ثقافة عقيدة فكر ثوابت جينات ...ألخ
تحياتي


2 - ليس بإمكاننا أن نفعل أكثر مما فعلناه
ليندا كبرييل ( 2023 / 8 / 4 - 10:45 )
الأستاذ القدير محمد حسين يونس
تحية طيبة

مع الأحداث التي مرت على عموم البلاد العربية في السنوات الماضية(حروب داعش كورونا)وصل الحال بنا إلى منعطف جديد وطريق اللاعودة، نحن الآن في عصر جديد لا نألف مفرداته
ليس المهم تطبيق الديمرقراطية وحقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة، فكل هذه الأفكار المستوردة ستتعرّض للقولبة حال التفكير في تطبيقها،لن يُكتب لها الحياة في مناخ مصاب بمرض التأليه
الوعي والنضج ما نفتقده لفهم العلمانية وتطبيق الديموقراطية
انهار العقل العربي وأسسه بالأصل ضعيفة ومزعزعة وستبوء كل الجهود التنويرية بالفشل وعلينا أن نتقبّل الظروف الجديدة التي تقودها شريحة ليست منا ولسنا منها
فلكل عصر رجاله كما يبدو
اليأس والإحباط مرض الكثيرين أستاذي
قلبنا على الوطن بالتأكيد، ولكن علينا أن نعترف أنه ليس بإمكاننا أن نفعل أكثر مما فعلنا

مع المحبة والتقدير


3 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2023 / 8 / 4 - 13:57 )
أشكر مرور حضرتك و إضافتك الهامة .. نعم شعوب المنطقة من الخليج للمحيط .. أصاب جيناتها الخضوع و الإستسلام للذل .. و لكن مصر لها وضع خاص .. مقصود من كل من إحتلها .. وهو أن تنسي الإهرامات و الكرنك .. و أبوسمبل ..و تتذكر أى شيء أخر .. حتي لوكانت شوية مباني عفشة في العلمينو العاصمة الجديدة ..
مشكلة المصرى هو الجهل .. سواء عدم معرفة القراءة و الكتابة .. أو عدم التعرف علي حضارات الأخرين .. أو إلا إستسلام للدعاية و الإعلام و الوعظ الديني .. البابا النهاردة بيقول ..(( ياما مرت علينا سنين تمتعنا فيها بالكهربا .. ميجراش حاجة لما السنة دى تتقطع كام ساعة كل يوم .. لازم نستحمل )) .. تحياتي


4 - الصديقة العزيزة الأستاذة ليندا كبرييل
محمد حسين يونس ( 2023 / 8 / 4 - 14:02 )
أشكر مرور حضرتك ..نعم لقد شهدنا لحظة التغير النوعي .. الذى أصبحنا يعدها لا نخجل من كوننا عبيدا .. و كل ما نطالب به هو المعاملة الحسنة و الرفق ..أنا فعلا أعاني من يأس عميق ..و رغبة لا تتوقف أن أهرب من هذا المأزق .. و أغادر حتي لو كان للقبر .. تحياتي .


5 - لايوجد امل
على سالم ( 2023 / 8 / 4 - 20:08 )
انا متوافق معك تماما على ان جينات المصريين اصبحت فاسده ولايوجد اى امل فى اصلاح هذا الشعب التعيس , المصريين عموما فى داخل مصر وخارجها حالهم مزرى وبائس ومحزن , انا اعيش خارج مصر وهذا لايمنع من دراسه المصريين عن كثب , انطباعى انه يجب ان تبتعد عن المصريين والسبب بصراحه انهم ناس يعانوا من امراض نفسيه واخلاق متدنيه واحقاد وغل والنيه فى ايذاء اى مصرى بينهم , حدث اخيرا حدث مروع فى ايطاليا جعل الاعلام الايطالى كله مذهول , تم قتل مصرى على ايدى اصحاب العمل وهم من المصريين ايضا ؟ القتيل كان مصرى يعمل حلاق فى صالون اصحابه اثنيين مصريين قتله فى مدينه جنوه , سبب القتل ان هذا الحلاق اراد ان يترك عمله بسبب المرتب الهذيل الذى كان يحصل عليه وهو نجح فى ايجاد عمل مع طلاينه والمرتب ثلاث اضعاف الذى كان يتحصل عليه , حاول المصريين اثناؤه عن ترك عمله ولكنه كان مصمم مما دفعهم الى قتله وفصل رأسه عن جسده وايضا تشويه وجهه تماما حتى تضيع معالم الجريمه والقوه فى البحر , لكن الطلاينه عثروا على الرأس المفصوله وبدأوا عمليه بحث معقده طويله الى ان نجحوا فى تشخيص القتيل وايضا نجحوا فى القاء القبض على المجرمين المصريين


6 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2023 / 8 / 5 - 07:28 )
أشكر مرور حضرتك و إضافتك ..
تحول الدين إلي مجموعة من الطقوس ..و التعليمات الفقهية التي ترسم للمؤمنين إسلوب الصلاح .. و غفران أى من الذنوب مهما كبرت بمجرد أداء فريضة الحج ..
كون لنا ( كمصريين ) نوع خاص من الضمائر التي تبعد بنا عن ضمائر الناس في دول أخرى .. و تسمح للشخص العادى أن يرتكب مثل هذه الجرائم التي تفضلت بذكرها ..
ليس معني هذا أنه لا يوجد إيطالي أو أمريكي أو الماني يرتكب مثل هذه الجرائم .. يوجد و لكنه مريض لدية خلل عقلي ..في الغالب .. فهل هذا الخلل أصبح ظاهرة في بلادنا ... تحياتي

اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا