الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكاة الواقع في رواية -خنجر سليمان- صبحي فحماوي

رائد الحواري

2023 / 8 / 5
الادب والفن


لا شك أن الرواية التاريخية صعبة وتحتاج إلى مجهود استثنائي، حيث يحتاج الكاتب إلى الجمع بين مادة تاريخية وأخرى أدبية، بمعنى تقديم مادة جافة باسلوب أدبي معاصر، كنا قد ناقشنا في دار الفاروق روايتين ضمن الروايات التاريخية "قصة عشق كنعانية، وهاني بعل" وقد توافق المتحدثون على قدرة الكاتب على صياغة التاريخ بشكل روائي، فالطريقة السرد عند "صبحي فحماوي" تجعل من أحداث ماضية رواية حديثة سهلة التناول، وبهذا يُوصل التاريخ للقارئ بشكل روائي معاصر.
إذن نحن أمام رواية تاريخية تحدث عن السوري "سليمان الحلبي" الذي قام بقتل القائد الفرنسي "كليبر" في مصر، وهذا له أبعاد قومية، فهناك سوري يأتي إلى مصر ويقدم على قتل الحاكم الفرنسي في مصر، رغم أنه جاءها لطلب العلم وليس للقتال أو للتمرد، وهذا له أبعاد تتجاوز الحدث، حيث تأخذنا إلى دور الشباب وتحديد الطلاب منهم في إحداث التغيير والقيام بما هو صعب وحتى مستحيل، وإذا ما تتبعنا الجغرافيا التي تناولها الرواية سنجدها تضمن بلاد الشام ومصر، وهذا يؤكد أن السارد أراد أخذ القارئ إلى البعد القومي وأهميته في حسم الصراع مع الأعداء، وبما أنه ذكر صلاح الدين الأيوبي في أكثر من موضع، فهذا يعطي القارئ إشارات على أن الرواية تتجاوز الحدث، (مقتل كليبر) وانها تحمل بين ثناياها أهمية البعد القومي في الصراع مع الغرب المعادي.
المشروع القومي الفرنسي
حملة نابليون على مصر كانت تهدف إلى أحداث تغييرات في المنطقة العربية تخدم مصالح فرنسا تحديدا، لتكون المتنفذة في حوض المتوسط والقادرة على حسم أي صراع مع منافستها الغربيين، يقتبس السارد شيئا من خطبة نابليون لقادة جيشه: "انتصرنا على روما التي استعبدتنا لدهر طويل، وهنا نحن نتقدم نحو الشرق.. لقد حولنا وجه التاريخ الذي صار حاضرا، واستبدلنا تاريخ روما بتاريخ فرنسا، ولهذا علينا أن نقوم بسيطرة عالمية أكبر بكثير من سيطرة الرومان، لتكون كل الطرق تؤدي إلى باريس،.. يجب أن يعترف العالم كله بحقيقة وجودنا كأمة فرنسية مسيطرة على العالم كله" ص114و115، إذن البعد القومي يتم الإشارة إليه بأكثر من شكل، وبما أن الدافع الأساسي لحملة نابليون على المنطقة هو خدمه مصالح فرنسا القومية، فإن هذا سيجعل القاري يتخذ موقفا قوميا عربيا، يستطيع من خلاله مواجهة المشروع الفرنسي.
وبما أن الصراع يعني القضاء التام على الخصم، فقد جاء نابليون على المنطقة ليدمر كل إنجازاتها الحضارية والثقافية ونهب ثرواتها وقتل من فيها، فالمشروع القومي الفرنسي أسس ليقوم على أنقاض الآخرين بعد أن يتم القضاء عليهم أو استعبادهم وتطويعهم حسب ما تمليه المصالح الفرنسية، يقول نابليون بهذا الصدد: "أيها الجنود، شاهدوا قمم الأهرام.. كبرياء مصر.. نريدكم أن تدخلوها وأن تنهبوا كنوزها لكم.. لفرنسا، الأولى بها من هذا الشعب المنشغل بالصلاة والصوم والحج، وغير قادر على المواجهة" ص122و123، بهذا يكون نابليون قد كشف حقيقة مشروعه التدمير في مصر والمنطق العربية، وهذا ما سنجده في الجرائم التي فعلها في مصر والشام.
جرائم نابليون ووحشية الفرنسيين
غالبية الغزاة الذي جاؤوا إلى المنطقة العربية أحدثوا فيها خرابا وعاثوا فيها فاسدا، من التتار والصليبين إلى الاستعمار الحديث، إلى الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، ووصولا إلى الاحتلال الأمريكي لبغداد، ثم جلب الدواعش أداة الغرب التخريبية والتدميرية إلى سورية وليبيا واليمن الذين فعلوا فعلتهم النكراء باسم الدين والإيمان.
نابليون لم يختلف عن هؤلاء الغزاة بشيء، فهو يحمل الحقد على أي مظاهر من مظاهر الحضارة والثقافة في المنطقة العربية، ويريدها خرابا عمرانيا وسكانيا، يقول لجندوه مخاطبا: "أيها الأبطال، هنا على شواطئ الإسكندرية نزلت الجيوش الرومانية ليوليوس قيصر وأنطونيوس وبومبي، وكان أول فعل لها ه حرق مكتبة الإسكندرية ثلاث مرات، تلك المكتبة التي لم يكن مثلها في تاريخ العالم كله، والتي كانت تضم معظم كتب المعرفة المصرية والكنعانية والبابلية والإغريقية والفارسية، ...فصارت الكتب كتب هي كتب روما، والثقافة هي ثقافة روما" ص114، هذه القول يعني أن الغرب إن لم يحرق الكتب والمكتبات والمظاهر العمرانية والثقافية، فإنه يسرقها وينسبها لنفسه، هذا ما فعلة المحتلين الغربيين منذ أن قدموا إلى منطقتنا، وما حرق مكتبة بغداد ونهب المتحف الوطني العراقي إلا تأكيد لنهج المحتلين المعادي لكل ما عربي إسلامي ومسيحي أيضا.
هذا على مستوى الثقافة والعلم والأدب، أما على مستوى البشر فإن هناك وحشية عند الغرب لم نجد لها مثيلا في التاريخ، فهم يقتلون لمجرد القتل، ودون مراعاة لحرمة أماكن العبادة: "وقتها أمر نابليون بفتح النار على المسجد الأزهر فانهالت عليه القنابل، وتم دكه بالمدافع الهدامة، ثم حطم الفرنسيون البوابات، واقتحموا المبنى، وذبحوا الثوار في الداخل، ولحقوا بهم في المناطق المحيطة بالمسجد في الغورية والفحامين" ص131، صورة تتكرر عبر كل الاحتلالات التي جاءت إلى المنطقة العربية، فالقتل بالجملة، وهدم البيوت والمساجد والكنائس على من فيها كان وما زال حتى كتابة هذا الأسطر، ولا أدل على ذلك من مشاهدة ما يفعله جيش الاحتلال في فلسطين.
هذا ما فعله نابليون في القاهرة، أما في يافا فكانت جرائمه بهذا الشكل: "فاستباح الفرنسيون يافا، وتلى سقوطها يومان وليلتان من المجازر، تم خلالهما إطلاق النار على جميع أفراد الحامية الذين وصلت أعدادهم إلى خمسة آلاف، ..وبعد تصفية جنود الحامية، دخلوا المدينة، فقتلوا كل من واجههم هناك، ولم يبقوا أيا من رجالها، حتى المسالمين منهم" ص141، هذا ما فعله نابليون في يافا، وعندما أبقى بعض السكان أحياء أراد بهم أن يكونوا أداة له لبثوا الرعب والهلع في الأماكن الأخرى: "وأمام هذا الدمار في الأرواح والبيوت والممتلكات، هرب بقايا سكان أطراف يافا الشرقية الذين لم يقتلوا، فتركهم نابليون يغادرونها من دون قتل، سعيا وراء نشر بشاعة أحداث هذه المذابح إلى بقية المدن، ولبث الرعب بين سكان فلسطين، وزرع الخوف في قلوبهم" ص196، إذن حتى من تركوا أحياء من المناطق المحتلة، هم رصاص وقنابل فرنسية أطلق للتخريب والتدمير، وليس حبا بهم أو رحمه، وإنما لأنهم سيمهدون الطريق أمام المحتل للدخول إلى مناطق جديدة دون معاناة أو مقاومة.
من هنا يمكننا نسب ما فعله الصهاينة في دير ياسين وصبرا وشاتيلا ومخيم جنين إلى معرفتهم التاريخية باسلوب نابليون الدموي في المنطقة، فجاؤوا لتكراره واستنساخه من جديد.
هذا على مستوى التعامل مع السكان في المناطق المحتلة، أما طريقة تعاملهم مع الثائر "سليمان الحلبي" فكان وحشية: "ولكنهم كانوا يريحونه خلالها على ريقة القيم الفرنسية، وذلك بتعذيبه أشد العذاب" ص246، وما طريقة إعدامه والتنكيل به إلا تأكيدا لوحشية الغربية: "أحضر عسكري آخر سطل قار ساخن، وغمس بداخله يد المناضل، ثم أخرجها سوداء تقطر دما، ثم أشعل النار تحتها، فأخذت تلتهب من أسفل إلي المطلية بالقار الأسود، وبعد حرق يده، أحضروا له عمودا من خشب الزان الأملس بقطر خمسية سنتيمترات مدبب الرأس الإبري، وبطول مترين، ...ودفعه في مؤخرة سليمان الحلبي...حمل جندي متخصص بالإعدامات مهدة وزنها حوالي 2 كليوغرام، وأخذ يدق الخازوق الخشبي في مؤخرة المناضل" ص266-268، المشهد قاسي ومؤلم حتى أن الكاتب لم يستطع تكملة المشهد، فخرج عن مسار السرد الروائي وأبدى سخطه من هذا التعذيب الهمجي: "أعتذر لارتباكي بهول المشهد" ص266، وهو فعلا من أقسى المشاهد في الرواية، حتى أن القارئ يجد صعوبة في متابعته، بهذه الصورة جاءت نابليون يحمل (الرفاهية والعلم والتقدم للمنطقة العربية في مصر والشام/ فيا له من تقدم وازدهار!.
وسائل نابليون الخبيثة
لكل مستعمر لغته ووسائله للهيمنة على الشعوب المحتلة، ونابليون كان يعي أثر الدين على السكان، من هنا جاء رافعا ومرتديا ثياب رجل الدين المؤمن: "بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، ولهذا أطلب إليكم أن لا تتعاضوا معهم، وأن تمثلوا عليهم أنكم مسلمون ومؤمنون بديمهم، ومقتدون بمحمد، بصفته رسول الله...قولوا في مثل هذه المناسبات: (الصلاة والسلام على محمد رسول الله). تمسكنوا حتى تتمكنوا ومن ثم تستطيعون أن تفرضوا عليهم ما شئتم من الأوامر" ص115و116 إذن الدين وسيلة استخدمها الغزاة على مر الزمن لتحقيق أهدافهم في ترويض وتطويع السكان وإخضاع المنطقة لنفوذهم، وما فعله الاحتلال الأمريكي في العراق عندما ستجلب رجال دين ليقوموا بتخدير الناس وجعلهم يقبلون المحتل إلا تأكيدا أن الغرب يعي كيفية التعامل مع السكان، وعلى دور الدين في إخضاعهم والسيطرة عليهم.
لهذا يمكن أن يُستخدم الدين كأداة لتخدير للناس، ويمكن أن يُتخذ من أحداث ماضيه حدثت للرسول وللمسلمين في بدايات انتشار الإسلام للادعاء أنها حصلت وتحصل الآن للمؤمنين المعاصرين، نابليون بث مجموعة أفكار حول هذا الأمر: "القائد الأسطوري الذي لا يسير على الأرض، وإنما ينزل إلى المعارك من السماء، فيتساقط رصاص العدو من حوله، بينما لا تمسه طلقة واحدة" ص147و148، هذا الخداع والدجل مارسه الإخوان المسلمين في أفغانستان حينما نشروا كتاب "آيات الرحمن في جهاد الأفغان" لعبد عزام، حيث وزع ونشر بصورة واسعة جدا، لدفع الشباب (للجهاد في أفغانستان) بينما كانت الحقيقة تكمن في أبعادهم عن مواجهة عدوهم الحقيقي الذي كان يستبيح لبنان واحتل بيروت في عام 1982.
من هنا أعتمد نابليون رجال الدين واستخدمهم كأداة لتطويع الناس وإخضاعهم: "لا بد من جمع أئمة المساجد وتدريسهم حسب القيم الفرنسية، وإعطائهم رواتب شخصية من دولتنا المانحة، غي تلك التي يقضبونها من حكومتهم، وذلك لنتمكن من خلال ديمهم بخلق (صناعة أعلام الموافقة ـ إعلام آمين)" ص216و217، تركيز نابليون على الدين يؤكد أن الغرب يعي ويدرس كيفية الهيمنة على شعوب المنطقة، ما نجاح الغرب في المنطقة العربية وإبقائها ضعيفة مفسخة إلى دول تحكمها عائلات، إلا دليلا على نجاح المشروع الغربي المعادي.


رجال الدين
السارد يقدم بعض رجال الدين بصورة سلبية، حيث تعاونوا مع المحتل وقدموا له كل ما يريد، من مظاهر التعاون مع المحتل: "تطوع الأزهر بتسليم ثلاثة من طلبة الأزهر، من أصدقاء الحلبي للفرنسيين لكي يتم إعدامهم حفاظا على أمن وسلامة البلاد من المخربين" ص241، إذن كان بعض رجال الأزهر متعاونين مع المحتل وينفذون مطالبه تحت حجج وتبريرات واهية، "أمن البلاد وسلامته" من هنا ما أن يتم القبض على سليمان الحلبي حتى يبدأ الأزهر بالهرولة في تسليم كل من تطاله شبهة التمرد على الفرنسيين: "كشف شيوخ (التنسيق الأمني الأزهري) عن ستة من مناضلي شيوخ الأزهر الشرفاء، فحكم الاحتلال الفرنسي عليهم بالإعدام الفوري" ص246، وما البيان الذي أصدره الأزهر بعد حكم الإعدام بحق سليمان وبقية الطلبة إلا تأكيدا أن رجال الدين يقومون بخدمة المحتل ودون مراعاة لمصالح البلد الوطنية أو القومية: "فقد اعتمدت الرأي الشرعي في تأييد قتل سليمان الحلبي مستشهدة بالآية الكريمة "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير" وأضاف الأزهر في بيانه:
"إن الله مانح الملك قد منح الملك لنابليون والكليبر والجنرال عبد الله جاك منو وإن الأفاك الغريب المتشرد سليمان الحلبي وكل من يقف في وجه هذا الملك، إنما يقف بوجه مشيئته سبحانه وتعالى" ص270، هذا الكلام لم يبتعد كثيرا عما قاله رجال الدين عن الفدائيين الفلسطينيين حينما كانوا يخضون وحدهم مواجه العدو في فلسطين المحتلة وفي بيروت وما بعدها، فقد كانوا بنظر رجال الدين كفرة يتبنون أفكارا غير إسلامية وما موتهم في سبيل الأرض إلا تأكيدا أنهم خارج الملة ولا ينتمون للإسلام بصلة، فقتلهم حلال ويثاب عليه من يقوم به!
لكن ليس كل رجال الدين خاضعين ويمكن تطويعهم، من هنا نجد السارد يقدم الصورة الإيجابية لمن قاوم وواجهة المحتلين الفرنسيين، فهناك "الشيخ عبد الله الشرقاوي" وزملائه المدرسين في الأزهر، إذ كانوا في كل محاضرة ودرس يذكرون الاحتلال الفرنسي الغاشم وما يفعله من تخيب وسلب وقتل في مصر والشام، وإذا أضفنا "سليمان الحلبي" طالب الأزهر نتأكد أن هناك رجال دين يعرفون الحق ويتبعونه.
اليهودي
يتناول السارد اليهود في أكثر من موضع في الرواية، حيث تعاونوا مع الغزاة وقدموا لهم خدماتهم كحال رجال الدين: "وبسبب ثورة القاهرة الأولى غضب نابليون غضبا شديدا، وأمر مدفعية القلعة بأن تسدد نيرانها إلى الأزهر وما حوله من أحياء، أعتبرها مركز الثورة، وشارك اليهود الذين كانوا في خدمة جيش الاحتلال بنهب الكثير من بيوتها" ص133، وهذا يشير إلى أن هؤلاء يميلون مع القوي، متجاهلين دور ومكانة المجتمع الذي يعيشون، ناسين حياتهم الاجتماعية والمدنية التي جمعتهم معا.
السرد الروائي
يبدأ سرد الرواية وكأنه تقرير تاريخي عما كانت عليه أحول مصر عند إصدار حكم الإعدام عل سليمان الحلبي، فنجد من صفحة 9 وحتى صفحة 13 إدانة للجبرتي الذي كتب عند تلك الحادثة: "لا أعرف كيف أرخ الجبرتي لهذا الموضوع، فوصف سليمان الحلبي بالقاتل الذي غدر بالجنرال كليبر وكأن القتيل كليبر جاء يريد الخير لمصر، وكيف أشاد بنزاهة المحكمة التي حكمت "القاتل" ..."وحكمت المحكمة عليهم بالموت" وكما وصف المجاهدين الوطنيين المصريين والعرب الذين قاتلوا الغزاة الفرنسيين، وقاموا بثورة القاهرة الأولى والثانية بأنهم "أوباش العساكر الذين يدعون الإسلام ويزعمون أنهم مجاهدون" ص12، دائما عندما يتم تقديم محاكاة للتاريخ فهذا يأخذنا إلى الواقع المعاصر، من هنا، هذا الكلام لا يبتعد عما قاله رجال الدين عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، وكيف أُتهموا من قبل رجال الدين بأنهم لا يقاتلون الاحتلال حبا في لله أو لنشر الإسلام، وإنما من أجل الأرض، لهذا هم كفار وقتل (عادي) ولا يجوز الترحم عليهم أو الدعاء لهم، ولم يكتفوا بهذا، فنسبوا قتالهم للاحتلال (لغسل شرفهم الملوث) فما فعلته "دلال المغربي وسناء محيدلي وابتسام حرب" ما هو إلا لغسل شرفهن الذي انتهك بسبب فجورهن!!
إذن هناك موقف متخاذل ومتآمر من قبل بعض رجال الدين كان وما زال يخدم الأعداء وحقق مصالحهم في كسب رضا الحكام للحصول على متاع الدنيا.
وفي خاتمة الرواية نجد طريقة السرد ذاتها حيث يبتعد السارد عن السرد الروائي المعاصر ويستخدم النص التاريخي: "جمع أفراد من الشعب السوري والمصري التوقيعات الشعبية مطالبين الحكومة الفرنسية بعودة رفات الشهيد سليمان الحلبي التي حملتها القوات الفرنسية معها إلى باريس، ...ولكن السلطات الفرنسية ما تزال على حالها، غير راغبة بأن تخلي عن إرثها الإجرامي بحق شعوب العالم" ص281، طبعا استخدام السارد هذا الشكل من السرد أراد به تأكيد إحياء الحدث التاريخي والعبر منه، فهناك دائما من يعملون لحساب الأعداء المحتلين، كما يوجد من يقاوم ويستشهد في سبيل تحرير الوطن، ولا يجوز أن نكون مع الأعداء أو من يقومون بخدمتهم.
هذا على صعيد فاتحة الرواية وخاتمتها، أمام متن الرواية المتعلق بالأحداث فقط استطاع السارد أن ينقلنا بسلاسة من أحداث اجتماعية (عادية) إلى احتلال مصر وغزو فلسطين وما واكب ذلك من بطش بالأهالي وظهور المقاومة التي استطاعت أن تقتل "كليبر" القائد العام في مصر وتقتص للمصريين والشاميين من أعدائهم.
عنوان الرواية
خنجر سليمان له بعد قومي حيث أن المجاهد هو (سوري حلبي) والخنجر (سوري غزي) حيث كانت غزة تصنع خناجر متميزة، والعدو محتل فرنسي جاء واحتل مصر، فأول ذكر للعنوان جاء بهذا : "ولكن ماذا تعتقد أنه الحل لهكذا احتلال؟" فقال علي مؤكدا رأيه الجازم، وهو يمد يده القابضة إلى الأمام، وكأنها تطعن أحدا بخنجر:
"الحل مانع قاطع.. (اخلع السن واخلع وجعه)
"نحن الغزيين يا صديقي نصنع السيوف والسكاكين والخناجر لنذكي روح المقاومة ضد المحتلين" ص210و211، بعدها يأخذ "الخنجر" يتضح أكثر: "إذن ستعود بخنجر سيسميه القوم لاحقا (خنجر سليمان)" ص212، لتبدأ الأحداث متعلقة بالخنجر وبصاحبه سليمان، وبهذا يكون متن الرواية متعلق بالعنوان.
هفوات في الراوية
هناك هفوات وقع بها السارد عندما تحدث عن عملية مقتل "كليبر" حيث تحدث عن وجود سيارات وزامير: "بينما انطلقت سيارات الإسعاف بزواميرها المدوية تتقدم من مكان الحادث، لتجد نفسها تحمله جثة هامدة" ص238و239، ففي ذلك الزمن لم تكن سيارات الإسعاف ولا أي سيارات. وربما كان يقصد جماعة سيارة، أو عربات خيول سيارات، وما الزوامير والمزامير فكانت موجودة منذ العصر الأكادي والبابلي.
كما أن محاكمة سليمان الحلبي في صفحات 248 -251، تكررت في صفحات 254و255.
مع هذا تبقى الرواية متميزة بطرحها حدثا تاريخا وبشكل روائي يأخذ القارئ إلى محاكة الواقع الآن.
الرواية من منشورات دار الأهلية للطباعة والتوزيع، عمان ـ بيروت، الطبعة 2023.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب