الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقمة عيش... الجزء2

عبد الغني سهاد

2023 / 8 / 5
الادب والفن


(لقمة عيش...) الجزء 2
البهجة قالوا ماااات...!!!!!
لم يكن يعرف ماحدث لاعز اصحابه في المدرسة لوقت طويل مابعد حصوله على المعاش.. كان صديقا حميما يشتغل معي في آخر مؤسسة عمل بها .. مرت السنوات تجري امامه بسرعة.. وكان صديقه البهجة اخر من عانقه وودعه ووعده بزيارته في المؤسسة.. او على الاقل على مشارف بابها.. كونه كره ولا زال يكره العودة الي تلك المؤسسة اللعينة... كان كلما مر بباب مكتبه للحراسة العامة يسمع ترتيل القرآن ينبعث من الكومبيوتر.. ويطل عليه برأسه العريض.. و يقول ( استاذ.. شكون اللي مات عندنا اليوم..؟؟؟) ويضحك في وجهه ولا يجيب.. كان يفكر انه لابد ان ياتي يوم ما سيموت احدهما.. لابد ان يموت هو او البهجة..او هما معا.. وكان الصمت يسود لفترة طويلة من الوقت لايكسره من حين لاخر سوى هدير الحمام البري (كورة) الذي تحلق في الاعالي وتنتقل من شجرة لاخرى في سماء المدرسة..كلما غادر التلاميذ المدرسة الي منازلهم...!! كان البهجة يحرس ابواب المدرسة.. ولا يبخل بالقيام ببعض الخدمات الاضافية لادارتها واساتذتها وتلاميذتها... خارج وداخلها.. وكان محبوبا عند الجميع... هو عبار عن باس بارتو.. في المؤسسة. يتطوع باعداد الشاي في اوقات الاستراحة للادارة وللأساتذة.. او يعد لاطة (طبق) السردين في ايام الامتحانات الموحدة.. و عند الانتهاء من تلك الواجبات يتمدد في قاعة الاساتذة ليستريح.. وكثيرا ما كان يحكي شجونه وهمومه الاسرية لنا. مشاكله مع الزوجة التي ترفض الالتحاق به في المنزل الذي اشتراه في احد الدواوير البعيدة خارح المدينة.. و كانت تشكك في خيانته لها.. وحاجيات بناته المقبلات علي دخول المدرسة.. وهم الراتب الذي لايغني ولا يسمن من جوع.. وينهي البهجة كل حديث بنكثة او طريفة يبدعها بخياله و من تلقاء تجاربه اليومية مع التلاميذ او مع الاساتذة والاستاذات..واباء واولياء التلاميذ !!
كنت في الايام الخيرة بعد انصرام جائحة كورونا كلما طلبته في هاتفه لا يرد.. لا يرد عاي هاتفه. ( ان الرقم الذي تطلبونه غير مشغل.. الرجاء الاتصال لاحقا..!!)..ظننت ان الجائحة حصدت روحه الطيبة.. بحتث عن رقم صديقه... وصديقنا معا... (ف)
(الو... كيف هو حالك وحال البهجة... هل هو قريب منك.. طابته في هاتفه ... ولا يرد...؟ ؟؟...
اجابني (ف)... :(لا.. ابدا لن يرد عليك... البهجة مات.. مات بازمة قلبية فاجأته وهو في السوق...؟ ؟؟ انا لله وانا اليه راجعون...) تصدعت كان كومة من الاحجار سفطت على الرأس.. لم أصدق ما سمعت... عادت بي الذاكرة بسرعة الي اخر لقاء لي مع البهجة في سوق الجوطية ذات صباح.. حين منحته هاتف ذكي من نوع نوكيا.. وحكي لي عن اخر اخباره.. حيث عجز عن تأدية نفقة البنات... لمدة طويلة.. واودع السجن لثلاثة اشهر كاملة.. (ف) صديقه في حراسة باب المدرسة الذي اخبرني بموته المباغث.. لم يحدثني بكل تفاصيل الموت... قال عنه انه يتصرف ويعامل الناس بالغريزة كالحيوان.. بل صرح لي هكذا (البهجة حمار لا يحتسب للامور عواقبها..خصوصا اموره الشخصية. كان سطحي التفكير و يعاني من ارتفاع مخزون السكر... ولم يكن يحترم حمية مرض السكري اي الرجيم.. يلتهم كل ما يقدم له من طعام وفواكه.. حياته طافحة بالمغامرات.. والمآسي والاحزان.. تزوج لمرة ثانية وانجب بنتين.. وحاصرته مصاريف الاسرة وواجبات النفقة.. وراتبه لا يكفيه.. لتغطية كل تلك المصاريف.. و عليه كان ان يجد فرص اخري لكسل الرزق..في بداية كل موسم دراسي كان يعاون نفسه ببيع مطبوعات الالتزام للتلاميذ.. وتزويدهم بالاظرفة والطوابع البريدية التي ينتزعها من الاظرفة القديمة المتراكمة في مكاتب الادارة منذ الموسم المنصرمة.. ويحقق بها مدخولا مهما الي ينضاف راتبه.. يزيد عليه مساعدات ماليةللادارة التي لا يتهاون في تقديم خدماته لها في فترات الامتحانات الموحدة واكراميات التلاميذ واوليائهم في فترة الدخول المدرسي حين يتوسط في التسجيل واداء الرسوم او في الانتقال من فصل لاخر يناسبهم.. المهم انه يجد حينها فرص ناذرة... للزيادة من مداخله اليومية... هذه المغامرات الغريبة يسميها (لقمة عيش...).. كان يشتري بالقرض دراجة نارية ثم يبيعها ليقتصر في تنقلاته الي بيته خارج المدينة على دراجة هوائية متقادمة.. ويردد.. (نكافح لاجل لقمة عيش...).. كان الحصول علي لقمة عيش امر شاق على كاهل البهجة.. وكان صامدا.. قانعا بمصيره المرير..!!!. الاساتذة والاستاذات.. وجمعية اباء واولياء التلاميذ.. لا يبخلَون عليه في الدعم وتقديم المساعدات كلما كان في حاجة لها....!!!..
لا استطيع ان انسي قولته التي يكررها خلال عمله.. او في وقت استراحته في قاعة الاساتذة... (المومن.. وما وجد..) ويعني بها ان يقبل المرء كل ما يقدم له... سواء كان قليلا او كثيرا... (المومن وما وجد..!!)..
يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا